هل من السهل أن تقف على تفاصيل الذي مضى برواية؟

هل من السهل أن تقف على تفاصيل الذي مضى برواية؟


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    صافي إسماعيل صافي
    هل من السهل أن تقف على تفاصيل الذي مضى برواية؟
    لا طبعا، فرشيد تناول حكاية جده رشيد في أواخر العهد العثماني، حين كان التجنيد إجباريا، حين كان الناس يحفرون الصخر من أجل لقمة عيشهم، حين كانت القرية صغيرة، والناس يعرفون بعضهم تماما، حين كانت العائلة صغيرة مهما كبرت.
    رشيد الجد وحيد أبويه، ورغم ذلك يطلبونه للتجنيد، ويتجاوزون القانون، بأمر السلطان العالي. رشيد يرفض أن يكون فراري، ويختبئ في الجبال والأودية، فيواجه الطلب بشجاعة، ويتكل على الله وعلى نفسه الأبية، ويواجه دموع أمه وأخواته ونظرات أبيه بحزم وبثقة.
    رحلة طويلة من المشي، وركوب عربات تجرها الخيول، وقطار متهالك، من جيبيا إلى القرى المجاورة إلى بيرزيت إلى القدس إلى يافا إلى الشام.
    يواجه رشيد كل ذلك بصبر، وهو الشغوف للتعرف على كل منطقة يمر منها، فكل لها ذكرياتها المحكية والدينية والتاريخية. يواجه حر الصيف ولسعات الناموس والعطش والجوع والغربة، فيقيم علاقات مع الذين حوله، يكسر من خلالها وحدته وتعبه والانغماس في ردود فعله أهله وقلقهم.
    حتى في أصعب الظروف، يعمل رشيد لأن يكون متفوقا، فيصبح مدربا، ويختاره القائد في مهمة سرية، لكن رشيد النبيه، ينتبه لأغراض أخرى في نفس القادة، ويخرج منها بأمان.
    تمر الشهور، فيتم اختياره في مهمة في القدس، وهناك تنتهي الحرب بهزيمة الدولة العثمانية، فيعود إلى أهله.
    أسئلة كثيره تدور في البال، بعيدا عن الحياة الصعبة وقتها:
    لماذا تهتم الدولة بواجبات الرعية، ولا تهتم بحقوقهم؟
    لماذا تطبيق القوانين بمراسيم القادة حتى لو خالفت الدستور؟
    لماذا هزمت الدولة العظمى رغم كل الجهود الفوقية، وأحتلت بلادنا فلسطين؟
    هل هزيمة الدولة من الأعداء هي الطريقة المثلى للعودة إلى البلاد؟
    ما قيمة الإنسان في دولة لا ترى غير مصلحتها الذاتية؟

    .. الخ
    أسئلة عديدة ما زالت تطرح، فنحن، جيلنا، لسنا فقط الذين عانينا من الأزمات المميتة، بل ٱباؤنا وأجدادنا، وأولادنا وأحفادنا.
    لأكن صريحا أخي رشيد، أنني وددت أن أقرأ المزيد عن هذه المرحلة.
    سعدت بقراءة هذه الرواية، وهي الأولى لك، ومتأكد أنك تملك المزيد من المعرفة والقدرات لتناول مراحل لاحقة.
    كل التبريكات والتقدير، وأنت لك بصمتك في القراءة النقدية لعديد الأعمال الثقافية.