بمناسبة ديوانه الجديد «أراني أعيد لخيولي بياضها» رامي الجنيدي: تجربتي في القصة القصيرة عززت من نصوصي الشعرية

بمناسبة ديوانه الجديد «أراني أعيد لخيولي بياضها» رامي الجنيدي: تجربتي في القصة القصيرة عززت من نصوصي الشعرية


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    شروق العصفور

    «أنا جُرح الماء المتدفِّق من تلالي اليابسة وكلّما رأيت غيمةً تحن إلى دمعتها يصرُخُ نصفي الغائبُ: كُنْ قويًا وأنت تُحدَّثُني عن مآثرِكَ كي أُعيدكَ إلى سيَرتِكَ الأولى، لعل الماء المتدفق من تلالك يُعلمك كيف تتعلَّم نشيد الرُّعاة، وكن قويًا كُلَّمَا سمعت شيخ الذئاب يغني..».
    بمثل هذه المقطوعات يسير الكاتب رامي الجنيدي في مشروعه الأدبي، وتحديدًا في ديوانه الجديد » أراني أعيد لخيولي بياضها»، إذ ينزعُ عنه وصايا أبيه ويكمِل رحلته مع الذِّئب: أيها الذِّئب القابعُ بين المرايا حطم مراياك واتبع طريدتك، وقل لمِن لا يعرف كيف يزرع الزَّنبق بخاصِرةِ حَوَّاءَ فلَنْ يَتَعلَّم كيفَ يَسُوق خُيُولَهَا المَجْنُونةَ إلى مَشربِهَا. يقول المغني لطفلهِ الصغير: سأخبرُكَ يا صغيري كيف تعرفُ أنك كبرت، حين تشم رائحة القهوةِ مِن أثواب النساء، اعلمْ يا صغيري أن ذئابك ما عادت حنونةً على المرايا….».
    تالياً لقاء مع الكاتب الجنيدي، بمناسبة إصداره ديوانه الجديد، والشكل الذي اتبعه فيه، وتقنياته الأدبية، ورؤيته للمشهد الثقافي في عجلون والهيئات الثقافية في المملكة.

    ما هو الشكل الذي اتَّبعتَّه في كتابة هذا الديوان؟
    انسجمتُ مع الإيقاع الداخلي الذي يعتمد على الصورة الشعرية المتناغمة مع الحدث والقول بما يبهر المتلقي من حيث تنوع هذا الإيقاع واستخدام الرموز بشكل لافت ومثير للذائقة الإبداعية.

    لماذا اتجهت إلى النثر في الشعر؟…وهل لذلك علاقة بكتابة السرد؟
    في بداياتي كتبت وما زلت أحمل الوفاء لشعر النثر، ولا أُنكر أن تجربتي في القصة القصيرة جدًا بالتكثيف والاختزال الاختزال عمَّق تجربتي الشعرية أكثر وبالتأكيد هذا مشروعي الثقافي الذي ما زلت مُنحازًا فيه للتجربة التي أنارت طريقُ البدايات. ولا ننسى أن العديد مِن الأدباء قد يكون كاتبا شاعرا ومشتبكا مع الرواية ومشتبكا مع الناقد أو قاصاً ومشتبكا مع المسرح، وأنا من وجهة نظري أرى أنها حالة اشتباك، وعلى كل الأحوال أنا لم آتِ إلى الشعر بل عُدت إلى ذاتي كي أُكمل سيرة الاشتباك مع الذات.
    كيف تقيّم المشهد الثقافي في عجلون وإربد والعاصمة، وأنت عضو رابطة الكتاب الأردنيين وفرع الرابطة بعجلون؟
    المشهد الثقافي في عجلون ليس بحجم الطموح بالنسبة لي، ولا شك أن المقارنة بين عجلون وإربد وحتى جرش غير عادلة، في إربد تمّ التأسيس من قبل وزارة الثقافة للمشهد الثقافي منجزًا لعشر سنوات قادمة، وخلق حالة تنافس للنهوض بالمشهد الثقافي، وهذا التنافس كان له تأثير إيجابي على إربد وما حولها.
    وأما بالنسبة للمدُن الثقافية والألوية الثقافة، فهي من أجل إبراز ودعم أدباء ومثقفي الأطراف، ولكن للأسف وبالمختصر المفيد اسم أكبر من حجمه. ولكنّ هناك تهميشا واضحا في هذا المجال.

    هل هنالك تواصل بين النقاد والكتاب في اربد وعجلون وجامعة اليرموك؟
    هناك تواصل مع بعض النقاد في عجلون. وبين الحين والآخر يتم التواصل معهم، وعلى سبيل الذكر الدكتورة فاطمة الزغول والناقد الدكتور محمد غريز والناقد الدكتور علي المومني. إربد مدينة عريقة لا تُغلق أبوابها بل هيَ حاضنة للجميع ورابطة كتاب إربد تفرش سجادها الأحمر حتى مِن خارج إربد وأقلام نقادها دائمًا حاضرة لاستيعاب إبداعنا بشكلٍ لافت وغيور على المشهد الثقافي.

    ما دلالة اللون في ديوانك الجديد «أراني أعيد لخيولي بياضها»؟
    العنوان يحمل دلالات تتعلق بالعودة إلى الذات أو البحث عن التجديد الروحي والإبداعي من خلال الوعي الذاتي والتأملي الداخلي حين يشعر الإنسان أنه فقد قوته التي استعادها في حالة من الصفاء الروحي وبالعودة إلى الأصل والحرية والطهارة، فهي لا شك تعكس صورة الصراع بين الماضي والحاضر، وبين القوة والإبداع في الصراع مع عالم ملوث حينما يحاول أن يسرق منك حتى بياضك.

    ما هي الأفكار العامة والذاتية في هذا الديوان؟
    مِن الصعب الحديث عن المجموعة كاملة، ولكن سأختار كنموذج، فالعنوان يحمل إيقاعًا موسيقيًا بسيطًا، مما يعزز التأمل والتفاعل العاطفي مع النص. وقد يقودك إلى شعور بالانعزال الذهني أو الرغبة في الانفصال عن الواقع المعقد والعودة إلى الأصل أو الجذور. حين يتوازى هذا المعنى مع فكرة البحث عن الخلاص أو الطهارة الذهنية، يفتح ذلك أمام القارئ مساحة واسعة من التأمل مع الذات، أي الذات الإنسانية.
    الإنسان مسكون بكثير مِن الهواجس والأفكار وقد أطلقت الكثير مِن الأسئلة التي كانت بمثابة محور للفخ الإشكالي الصراع بين الخير والشر.
    ذئبٌ خجولٌ
    يرسمُ على جسدِ طريدتهِ الخرساءِ
    حُلمَ الذئابِ
    ويسألُ أُمّهُ على استحياءِ
    هل تمرضُ الذئاب يا أُمِّي
    حين ترى دمعةَ طريدَتِها؟
    هل هنالك نية لإصدارات جديدة لك في السرد والشعر؟
    جُعبة المبدع الحقيقي متخمة بالأفكار والنيّاتِ؛ لذا فجعبتي متخمة بالإبداع والإصرار والطموح بما يليق بساحتنا الأدبية.

    (صحيفة الرأي الأردنية, 14/1/2025)