تقدّم رواية “فراري” للكاتبة السورية ريم بدر الدين بزال مجموعة من المصائر المتباينة لشخصيات كُتب عليها أن تلتقي في سياقات مكانية وزمانية متقاطعة.
وجاءت الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في 184 صفحة، وتقع معظم أحداثها في مناطق ريفية بعيدة عن المدن، لكن المدينة تبقى حاضرة في أكثر من مرحلة بوصفها مهربًا تلجأ إليه الشخصيات حين تعجز عن مواجهة الواقع المفروض عليها. وتبدو الطبيعة البكر الهادئة في ظاهرها حبلى دائمًا بالمفاجآت، وتفرض الظروف الصعبة والقاسية على الجميع حالةً من الترقّب لما يمكن أن تتمخض عنه الأيام المقبلة.
أما زمن الأحداث في الرواية فيشير إلى آخر أيام الدولة العثمانية، وما اكتنف تلك الأيام من ظلم وتسلط على العباد؛ الأمر الذي يضفي حالة من الغموض على كثير من التفاصيل والوقائع، ويشير إلى حالة من الغليان والرغبة في الخروج إلى واقع جديد.
وتظهر المرأة بوصفها عنصرًا محوريًّا في الرواية، سواء بما يقع عليها من ظلم في المجتمع، أو بما تتعرض له من أطماع واعتداءات. وتبرز كذلك بوصفها الحبيبة، والزوجة المخلصة، والأمّ الحنون، وهي تتردد بين حالين؛ فهي حينًا عنصر ضعيف لا يملك هامشًا كبيرًا للحركة، وحينًا آخر عنصر مؤثر وقادر على تغيير مسار الأحداث.
وتصف الكاتبة ضعف المرأة على لسان إحدى بطلات الرواية بقولها: “الهمس سرى في القرية كلها، كانوا يقولون إنني ممسوسة، ورغم أن أغلب شباب القرية تهافتوا لينالوا مني كلمة ترضيهم قبل وفاة أمي، إلا أنهم تجاهلوني بعدها كأنني لم أكن. باعني أبي بثمن بخس للرجل الذي احتاج إلى أن يتمم أثاث بيته بامرأة صغيرة وجميلة”.
وتنتهي الرواية نهاية درامية يتخللها جانب إنساني تلتقي فيه الأم بابنها بعد أن فقدته سنوات طويلة؛ ما يفتح الأفق لمستقبل تنتقل فيه الشخصيات إلى مصير أفضل.
يُذكر أن المؤلفة ناشطة ثقافية في عدد من الهيئات والمواقع الإلكترونية، وهي حاصلة على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة دمشق، عملت في التدريس والترجمة والصحافة، وفي إدارة موقع “منابر ثقافية” الإلكتروني. صدر لها سابقًا: “ذاكرة ميت”، و”وطن في حقيبة القلب”، و”في رحاب الرواية”.