تدور أحداث الجزء الأول من رواية “عالم بين السراب” في مدينة مادبا الأردنية، ويبرز خلالها التراث الثريُّ للمدينة الذي يتميز باحتوائها على آثار نادرة ذات أهمية تاريخية استثنائية.
جاءت الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 214 صفحة. وتنتمي كاتبتها بلقيس العجارمة إلى المدينة نفسها؛ وهي من الأصوات الشابة المهتمة بالكتابة السردية الموجهة للبالغين واليافعين.
تبدو بداية الرواية مشوقة إلى حد كبير؛ إذ تنطلق أحداث القصة من قدوم سائحة أجنبية إلى المدينة وطلبها من بطلتي الرواية، الطالبتين في المرحلة الثانوية، ميس وزينة، إرشادها إلى معلم أثري يقع تحت إحدى الكنائس، فتستجيب لها الطالبتان وتقع المفاجأة، إذ تختفي السائحة فور وصولها إلى المكان (النفق)، الأمر الذي تتوالد منه حبكة الرواية. عندها تصر الفتاتان على كشف اللغز المتعلق بذاك النفق.
“كانت ميس ما تزال ترجف وهي تحلف للمرشدة بأنها رأت السائحة تقفز داخل البئر بينما كانت المرشدة تصيح عليها: “من سمح لكما بالنزول إلى البئر؟”، وزينة تفرك عينيها كأنها كانت نائمة لساعات، لم تكن تذكر شيئًا، لكنها كانت تشك بتلك السائحة، فقد ذكرّتها مشيتها الغريبة بالدجاج؛ ساقان رفيعتان من الأسفل، فخذاها عريضتان وخصرها رفيع، كانت تتمايل يمينًا يسارًا ويسارًا يمينًا وهي تمشي، علاوة على أنفها الذي يشبه المنقار”.
وتواجه الطالبتان كثيرًا من العراقيل، فيُوجَّه لهما إنذار من المدرسة بعدم الذهاب إلى المكان، وتواجهان الخوف برباطة جأش، وتُجريان أبحاثًا كثيرة، وتزوران أشخاصًا من أهل المدينة قد يساعدون في حل اللغز. إلى أن تنجلي الرواية عن حلٍّ تتضح فيه معالم الحدث الغريب.
وجاءت طبعة الرواية باللغتين العربية والإنجليزية، فكان النص الأجنبي في كل صفحة مقابلا للنص العربي، وهذا يؤشر إلى أن العمل لم يستهدف القارئ العربي فحسب، وإنما استهدف أيضا القارئ الأجنبي الذي يزور المدينة أو يمر بها.
وتُبرز الرواية كذلك التعدديةَ في مدينة مادبا، وتجاورَ الديانتين الإسلامية والمسيحية فيها.. تصف أحد المقاطع “الحجّة” أم سليمان:
“أمعنت الحَجَّة النظر بعيني زينة لثوان مضت وكأنها دقائق، ثم قالت: “صديقتك هذه مسيحية، صحيح؟”، “نعم، إنها الأعز، في عيد الفصح أساعدهم في صنع خبز العيد، وهي تساعدنا في صنع المعمول في عيد الفطر”، “ذكرتِني يا ابنتي بإفطارات زمان؛ كانت ماعين كلها تتجمع، المسيحية قبل الإسلام على السفرة، وكانت الحَجَّة فيروز دائمًا تُحضر معها صحن اللفيتة، وتجلس بجانبي”.
ومن الجدير ذكره أن بلقيس العجارمة خبيرة في مجال الجودة والتميّز المؤسسي والابتكار، وكانت مؤلِّفة مشارِكة مع مجموعة من الكتاب في رواية “حكايات المقهى العتيق” التي تدور حول تاريخ محافظة مادبا، وصدر لها قبل هذا العمل “سارة جناحها مكسور” وهو إصدارها الأول في مجال أدب الطفل.