قراءة في رواية “زبيبة (الجدة ماكدّا)”

قراءة في رواية “زبيبة (الجدة ماكدّا)”


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    د. عادل الأسطة

    الأكاديمي والشاعر روائياً: خالد الجبر في “زبيبة (الجدة ماكدا)” عن “الآن ناشرون وموزعون” صدر للأكاديمي والشاعر خالد الجبر عمله الروائي الأول “زبيبة (الجدة ماكدا)” (2025) ويقع في 170 صفحة من الحجم المتوسط موزعة على فاتحة وستين مقطعا لكل واحد منها عنوان فرعي.
    الأكاديمي والشاعر روائياً عنوانان كتب فيهما، في الرواية الفلسطينية، عمر القزق رسالتين علميتين في جامعة النجاح الوطنية؛ الماجستير والدكتوراة، ومن المؤكد أنه سيهتم برواية ابن قسمه في الجامعة، وقد درسا في عقدين متتاليين وأظن أنهما تعارفا في تسعينيات القرن العشرين حين كان عمر طالبا في قسم اللغة العربية وخالد معيدا فيه.
    يتساءل المهتمون بكتابة الأكاديمي الرواية وكتابة الشاعر الرواية عن أسباب التحولات، وقد أثارها عمر في أطروحتيه.
    كاتب الرواية هو خالد الجبر، ولكن هناك كاتباً آخر هو الدكتور إحسان عباس الذي حصل على مخطوط فقرأه ونشره وكتب له “فاتحة” حكى لنا فيها قصته مع المخطوط الذي احتار، وهو المتخصص في تأليف الكتب النظرية للأجناس الأدبية، أين يصنفه. هكذا تبدأ الرواية:
    ” هذه حكاية “زبيبة” أو “الجدة ماكدا”. أثبتها كما قرأتها، ونسختها. إن شئت، فسمها سيرة، أو مذكرات، أو شئت، فاجعلها رواية. ليس مهما ما تطلقه عليها من تصنيفات الأدب”.
    حكاية. سيرة. مذكرات. رواية. وهذا يذكرنا برواية إلياس خوري “أولاد الغيتو: اسمي آدم” بأجزائها الثلاثة، وقد كتبت عن حيرة إلياس ومؤلفه الضمني آدم بخصوص التصنيف مطولا. ولا أعرف إن كان خالد الجبر قرأ ثلاثية إلياس أو قرأ ما كتبته عنها في هذا الجانب “أولاد الغيتو وإشكالية التجنيس”.
    يكتب إحسان عباس عن قصته مع المخطوط كما كتب إلياس عن قصته مع دفاتر آدم، وما قاما به بخصوص المخطوط، ومثل إلياس الكاتب الجزائري واسيني الأعرج Waciny Laredj في روايته “مي. ليالي ايزيس كوبيا”، وقد كتبت عنها أيضا بالتفصيل.
    في العام 2018 قدمت دراسة في مؤتمر “الما بعد” في الجامعة الأردنية تتبعت فيه لعبة الشكل في الرواية العربية وأتيت على روايات الروائيين العرب الذين لجأوا إلى اللعب الفني، فكتبوا الرواية من خلال عثورهم على مخطوط نشروه وكتبوا له مقدمة. (ينظر كتاب المؤتمر / الجامعة الأردنية / قسم اللغة العربية 2018).
    ” شهد القاريء الكريم أنني التزمت نص الحكاية كما وجدته، ولم أتدخل فيه إلا في بضعة مواضع، حيث اضطرني الايضاح أو المقارنة. وقد بينتها في الهوامش دون أن أمد يدي إلى نسيج السرد”. وهذا صار “كليشيه” معروفة لروايات المخطوط أو الدفاتر.
    في الفاتحة نقرأ عن زبيبة التي يعرف إحسان عباس اثنتين بهذا الاسم “قلت: لم يمر بي هذا الاسم إلا في موضعين: زبيبة زوجة عثمان الصبري، جارنا في عين غزال، ووالدة عنترة بن شداد. التفتت (ريحانة) إلي ضاحكة وقالت: أنت بالتأكيد لا تظن أن زبيبة زوجة جاركم عثمان دفنت هنا” أي في الحبشة التي زارها إحسان في بداية خمسينيات القرن العشرين حين عمل في الخرطوم وأخذ يعد رسالة الدكتوراه في جامعة القاهرة.
    والمخطوط / الرواية تنتهي بالملاحظة الآتية “كتبت هذه السيرة سنة 1892 من ميلاد المسيح، كما أخبرتني ماكدا الصغرى، وهي يومها في الرابعة والستين” وهذه الملاحظة وردت أيضا في فاتحة إحسان عباس “على هامش الصفحة الأخيرة، بخط أصغر وأضعف، قرأت: “كتبت هذه السيرة سنة 1892 من ميلاد المسبح كما أخبرتني ماكدا الصغرى، وهي يومها في الرابعة والستين”.
    جد والد ريحانة (زخرياس) التي اصطحبت إحسان في جولة في الحبشة، وكان زخرياس من رجال الكنيسة، هو من كتب المخطوط الذي روته زبيبة نفسها. “قال: أخاف أن تضيع الحكاية ويطويها النسيان. أكتبها كما روتها لي زوجتي” ماكدا الصغرى، حفيدة الجدة ماكدا الكبرى، كما روتها لها أمها عن أمها عن جداتها عن زبيبة نفسها “.
    في الشكل الروائي قد لا يقرأ قاريء الرواية العربية جديدا، ولكن لا أظن أن خالد الجبر أراد أن يكتب رواية وحسب. وأرجح أنه أراد أن يقول شيئا وشيئا مهما، وهذا ما سيتوصل إليه القاريء.
    على الغلاف الأخير يكتب خالد:
    ” لكنني عدت.
    أجل عدت ومعي ريحانة، وظل عنترة والغصين وحكايات عن الرحيل والأسى والفرح والميلاد والذبول والموت… وحب عارم مازال يسكتني أنا العجوز ماكدا… الجدة زبيبة”.
    14/8/2025