“ثقب ماريانا الأسود” تتبع رحلة الإنسان في حقبة العولمة

“ثقب ماريانا الأسود” تتبع رحلة الإنسان في حقبة العولمة


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “جريدة الجريدة” الكويتية

    صدرت حديثاً رواية «ثقب ماريانا الأسود» للكاتب العُماني حيدر بن علي الكشري عن «الآن ناشرون وموزّعون» بعمّان. وتندرج أحداث هذه الرواية، التي تقع في 18 فصلاً، ضمن أدب الخيال العلمي، وتبرز رغبة الإنسان في حلم الطيران، وتصف توقه لاختراق باطن الأرض وكشف أسرارها.
    “يقف البشر عاجزين عن إدراك خفايا هذا الكون… ما نؤمن بصحّته اليوم، قد لا يكون كذلك غداً.. إن الخيال قد أصبح واقعاً، والواقع ربما لم يكن واقعاً أبداً”.
    بهذه الكلمات يلقي الكاتب العُماني حيدر الكشري الضوء على روايته بعنوان “ثقب ماريانا الأسود”، الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بعمّان، والتي تبحث عن حياة في رحم الأرض.

    الأدب العلمي

    تندرج أحداث هذه الرواية ضمن أدب الخيال العلمي، وهي تعاكس رغبة الإنسان في حلم الطيران، وتصف توقه لاختراق باطن الأرض وكشف أسرارها. وإذا كانت الشخوص خيالية في الرواية، فإن المكان (خندق ماريانا) حقيقي، وهو يقع غرب المحيط الهادي شرق جزر ماريانا، ويبلغ طوله 69 كم، وعمقه نحو 11 كم تحت سطح البحر، ويبلغ الضغط الجوي فيه 109 ميغا باسكل، أي ما يعادل ألف ضعف للضغط القياسي؛ وقد كشفت دراسات علمية مطلع عام 2010 عن وجود نوع من الحياة في أعمق نقطة بخندق ماريانا، “شظايا من أشكال الحياة لعوالق وطحالب بنت بيوتها من مواد السيليكا ومعادن الكوارتز”.

    الحقائق الجغرافية

    تبدأ الرواية التي تقع في 18 فصلا بنهاية الحدث الذي قوّض الحقائق الجغرافية التي كانت معروفة قبل الزلزال الافتراضي الذي تخيّله الراوي، فلم تعد قمة “إفرست” هي أعلى نقطة في الأرض، ولم يعد خندق ماريانا الموجود في المحيط الهادئ أخفض نقطة بالكرة الأرضية.

    تحدّي الظروف

    وبموازاة ذلك، تتجه الرواية لتصوير رحلة الإنسان رمزياً في أعماق نفسه بحقبة العولمة التي غيّرت كل المفاهيم والقيم، ويسرد البطل طفولته وانفصال والديه، وتعرّض والدته للحريق ونجاته هو منه، وإصراره على مواجهة الحياة متحدياً كل الظروف، قبل أن يتم اختياره لخوض الرحلة التي ستغيّر وجه التاريخ.
    ويختار المؤلف أسماء أجنبية لبطلي الرواية “ماركوس” و”ستيفن”، ربما لإضفاء نوع من الواقعية على تلك الرحلة العلمية التي تشغل الغرب الذي استنفد الكشف والسيطرة على الأرض والفضاء، واتجه إلى سبر باطن الأرض وأعماقها.
    وخلال رحلته التي يصف مخاطرها وتجهيزاتها وأجواء المحيط ومخلوقاته، يواجه البطل تحدي موت رفيقه، وتعرض الثقب للانهيار، واكتشاف مخلوقات تعيش تحت ماء المحيط، بعد أن تكيّفت للحياة تحت الماء.

    مؤامرة غامضة

    وفي الأحداث، يتعرض البطل بعد عودته إلى مركز البحوث، مصطحباً واحداً من الكائنات المائية، لمؤامرة غامضة لتحطيم إنجازه، لكنه يصر على مواصلة كفاحه، فيكلَّف بالعودة مرة أخرى بمرافقة الكائن المائي وعدد من الأشخاص بكبسولات جديدة، وخلال الرحلة الثانية تتعرض المركبات لانهيار ثقب ماريانا، لتنتهي الرواية بتصريح مقتضب لمدير المركز البروفيسور إدوارد عن “فقدان إشارة الطاقم بسبب الزلزال وانسداد الثقب”. ثمة رمزية تسقطها الرواية على إنسان العصر من خلال الرحلة الصامتة للبطل بعد موت رفيقه.

    السيطرة والتملّك

    وخلال ذلك يستعيد الكاتب بذكاء مذكرات رفيقه عبر قصتي “الفأر” و”أنت نصفي” اللتين تتناولان طبيعة البشر في صراعاتهم ومسؤوليتهم عن العنف والحروب التي تقع بينهم نتيجة لنزعة السيطرة والتملك التي لا تفارق الإنسان.