تمثّل مجموعة “أطفال آليون” للقاص محمد إبراهيم نوايا، تجربة سردية تخرج في موضوعاتها المطروقة عن السائد، وتحاول أن تطلق رؤية تقوم على عنصري الفانتازيا والخيال العلمي.
وتقع أحداث قصص المجموعة الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون”، في الفضاء وكواكب المجموعة الشمسية حيناً، أو في عوالم متخيلة ذات صلة بالتطورات التقنية التي تعيشها البشرية في عصرنا الحاضر، حيناً آخر.
وتتضمن قصص نوايا رؤى إنسانية تتصل بما يعانيه إنسان القرن الحادي والعشرين من ظلم وقلة حيلة أمام القوى التي تتناهب وجوده. مثل ما نقرأه في قصة تصف جوانيّة إحدى شخصياتها: “تَتجه بِنظركَ نَحوَ الشمس، ما زالتْ في كَبدِ السماء، تَشكُ للحظة؛ إنّها الإمبريالية العالمية، فَجرَت قُنبلة للتّخلصِ من السكان الأصليين في موطنك، تستبعد الفكرة سريعاً، تبحثُ عن أي إنسان طائر مِثلك؛ لكنَّ جميع مَن كانوا حولكَ تبعثروا بعيداً، يزدادُ قلقك كثيراً وأنتَ تقترب من مغادرة الغلافَ الجوي، تَنظرُ للمرّة الأخيرة فتُشاهد الجبال والأشجار والأبنية لم تُحلِّق مَعك، تَلومُ نفسكَ بشدّة، وتَتمنى لو كانت لك جذور ضارِبة أكثر في الأرض”.
وتعاين قصة أخرى حال البطل الذي يصل إلى كوكب زحل مهاجراً من كوكب الأرض: “أخَذَ يَتأملُ ما حوله مُنبهراً وَيُطلقُ خَيالَهُ في تَفاصيل المحطة، تراءت أمامه ناطحات السحاب والأبراج العالية الفَخمة رائعة التصميم، والطقس المعتدل واللون الأخضر الذي أصبحَ مؤخراً يَحنُّ له كثيراً، تذكر أول مطارٍ دولي أرادَ العبورَ مِنهُ إلى دولة مجاورة وشقيقة طلباً للرزق، كانت القيود والإجراءات معقّدة لأنَّ اسمه الثلاثي تطابقَ مع اسمٍ لشخص مطلوب”.
ويواصل القاص سرده: “شريطٌ كامل من ذاكرته غير الرقمية تدافعَ في لحظتها إلى أنْ قاطعه الرجلُ الآلِيّ المَسؤول طالباً أوراقه الثبوتية، على الفور، أعطاهُ جَوازَ سفرِه وَبطاقة هَويته، تمعن بهما فتَغير اللونُ الظاهر في عينيه وأطلق صافِرة مُدوّية فاجتمعَ رِجالٌ آلِيّونَ آخرون، تَفحّصوا أوراقه وَطلبوا مِنه أن يصحبهم إلى غرفة جانبية”.
اتسمت لغة القص بالسلاسة، وبقدرتها على إبراز التقنيات والمواضيع العلمية التي تطرق إليها الكاتب، وتنوعت عناوين القصص بين عناوين كُتبت باللغة العربية، وأخرى باللغة الإنجليزية، لتحقيق الدقة فيما تناولته من مواضيع.
يُذكر أن محمد إبراهيم نوايا يُقيم في السودان، وقد صدرت له منذ عام 2017 خمس مجموعات قصصية، وتُرجمت بعض أعماله إلى اللغتين الإنجليزية والإيطالية.
class="inline-block portfolio-desc">portfolio
text