اقطفني مرتين

اقطفني مرتين


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    محمود ابو عواد”

    هذا ديوان شعر للصديقة باسمة غنيم صدر بعمّان عن دار الآن ناشرون وموزعون عام 2019 ولعلي لا أُخفيكم ان قُلت:
    أني أكتب لأول مرة عن ديوان شعر “نثري” وهي تجربة آمل أن أخوضها بنجاح.
    بداية شعرتُ بالراحة من “فلسفة العنوان” اقطفني مرتين فهي زهرة قد حان قطافها واستشعرت النرجسية بهذا القطف ورَجَت عاشقها أن يكرر الفعل.
    نعود للديوان
    نقرأ من “ثوب”:
    أنا السَّاكنةُ في ثوبِ أمي
    أبيعُ للظلامِ كلَّ يومٍ اسْمِي
    أعلّقُ على الريحِ صوتاً مُرتعِشاً
    يُشعلُ بَياضكِ فيَّ
    ويَنسَلُّ مِني..
    ذكّرني هذا العنوان بمسلسل تلفزيوني أنا لن أعيش في جلباب أبي
    فكأنّ الشاعرة “غُنيم” ترفض اسمها وموقعها وتبيع للظلام اسمها علّها تستبدل به بياض أُمّها
    لكنّ جمال أمّها ينسَّلُّ منها كالماء خانته فروج الأصابع
    موقفها الشعري واضح الملامح وموسيقاها هادئة وايقاعها ذو نغم حزين
    نقرأ من “أنا”
    أنا المَدعوّةُ شَاعِرة..
    أُقشِّرُ ما تبقّى من ذاكرة منسيّة
    من ضحكاتٍ مبتلّة بصوت لا يشبهك
    يَنسدلُ من ظِلالي عَطشٌ لأناك..
    وأسقطُ في دَهشَة
    فيكَ تُغوينِي..!
    الحُبُّ والشّعرُ والغواية مُفردات لها ظلال تُغطّي على الصّوت والعاطفة والخيال لكنّ شاعرتنا نبا سيفُها عندما استخدمت كلمة “تُقشّر”
    هي تبحثُ في ذاتها عنه وتسقط مندهشة في الغواية
    ولا أدري كيف انتابتها مشاعر السّقوط
    لكنّ هذا الأمر عزّز آمال المُحبّين في كل تجارب الحب
    ننتقل الى “سَحاب”:
    لأنني امرأةٌ اسْتثنائِيَّة
    تُجيدُ نُطقكَ ببلاغة
    لنْ أطلُبَ من شَيطانِنا
    أنْ يَتوارى
    كلما اغْتسلَ سَحابُنا الأبيض!
    نُبادر للقول أنّ هذا النّص استثنائي بمعناه وظلاله فهي تريد أن تدرك سحائب الصيف البيضاء ولا وقت للتأجيل فهي تُجيد الفصاحة
    اذ كيف ينقلب الملاك الأبيض الى شيطان الشعر فعليه كما قال الشاعر جورج جرداق:
    هذه ليلتي فقف يا زماني.
    وباسمة غنيم تُريد أن يتوقف بها و معها الشيطان ولا يُبارح.

    أما في “تلاعُب”:
    ما يُعجبُني في اللغة
    أنها غاويةٌ في الحُب
    تَتلاعبُ بنا!
    تَردعُنا وتُثنِينا..!
    وتلينُ حُروفُها حِينا..
    فقد لا نتفق مع شاعرتنا في مُخرجات اللغة.
    فالكلمة حروفٌ وظلال
    نحن نطبّعها بما نُريد من قول أو فعل أو تخيّل.
    أمّا ادخال “أنّها غاوية في الحب تتلاعب بنا” فذاك أمرٌ ننكره لأنه غاب عن شاعرتنا جيش المشاعر التي تُهاجمنا عندما نُحب.
    نترككم مع مقطّعتين من جماليات النّصوص الشعرية لباسمة غنيم:

    مَدد
    أمطِري
    لتُغادر الأرض سَقَمها
    ويكون الخَلاصُ كما الصَّهيل
    يسأل العاشقينَ به مَددا
    و
    عُيون
    عَيناك
    الذَّابلتانِ بِلا دُموع
    الرَّاكِعتانِ بوَداعةِ طِفل
    النَّابِضَتانِ بي
    قدْ كَفرَتا بالوَداع!

    كلمة أخيرة
    أمتعتني الفواصل الموسيقية والنبرة الحانية للكلمات والموقف الشعوري للنصوص المُختارة
    ويبدو أنّ شاعرتنا تبحث عن موقع متقدم لدى شُعراء “النّثر”.