الربان والبوصلة.. ختيار القضية من الطلقة الأولى حتى التّصفية

الربان والبوصلة.. ختيار القضية من الطلقة الأولى حتى التّصفية


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    مهند طلال الاخرس

    الربّان والبوصلة.. ختيار القضية من الطلقة الأولى حتى التّصفية كتاب للمؤلف د. حسن الصباريني من القطع الكبير، وهو من إصدارات الآن ناشرون وموزعون في عمان/الأردن، وصدر بطبعته الأولى سنة 2025 ويقع الكتاب على متن 288 صفحة.

    يقدّم الدكتور الصباريني في هذا الكتاب دراسة تحليلية وسيرة ذاتية لحياة القائد الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أبو عمار، متتبعًا مسيرته منذ بداية العمل الفدائي “الطلقة الأولى” وحتى وفاته “التصفية”.

    في هذا الكتاب، يقدّم د. حسن الصباريني ما عرفه ومحّصه عن حقبة مفصليّة ارتبطت بالقضيّة الفلسطينيّة، وبشخصية ياسر عرفات الذي ارتبط اسمه بها وشغل الناس على مدى نصف قرن تقريبًا.

    في هذا الكتاب يتتبع الكاتب سيرة حياة ياسر عرفات وأسرته وجذوره الممتدة، ويستعرض كثيرًا من المراجع والشهادات حول عائلته دون أن يغفل عن ذكر أو الإشارة إلى تلك الروايات المغرضة والطافحة بالحقد والكراهية والتي تطرّقت لها بعض المصادر في تجسيد حي لطبيعة التجاذبات التي تعترض مسار القضية الفلسطينية منذ نشأتها وحتى الآن، مع الإشارة إلى أن الكاتب فاته الاستشهاد بأهم كتاب أو وثيقة تعرّضت لنسب أبو عمار وعرضت بالوثائق جذور عائلته الممتدة، وهو كتاب: “عائلة عرفات القدوة في القدس من خلال الوثائق العثمانية والمخطوطات العربية” لمؤلفه الباحث والكاتب محمد هاشم غوشة والصادر سنة 1999.

    ورغم أن الكاتب غاب عنه أهم كتاب يمكن أن يستند إليه في معرفة وتتبع جذور عائلة عرفات القدوة، إلا أن الكاتب نجح في تعويض هذا النقص من خلال كثرة وتعدّد المصادر والمراجع التي استند إليها في هذا الفصل؛ ليس هذا وحسب، بل إن الكتاب تعتبر إحدى ميزاته كثرة وتعدد المصادر والمراجع من كتب لها وزنها، وكتب ليست من ذلك شيء، هذا طبعًا باستثناء ثلاث كتب مطعون في موضوعيتها وصدقيتها أصلاً [دلبح وغنيم وغازي]، فهي كتب لا يلبث المطلع عليها أن يكتشف سريعًا كم الأمراض والأحقاد المتعفنة في ثنايا صفحاتها، ورغم ذلك يتفهّم القارئ الحصيف السبب من إيراد هذه الكتب في قائمة المصادر والمراجع.

    وبتعدد المصادر – وهي كتب متداولة ومعروفة بمجملها – فقد أراحنا الكاتب في كتابه بتجميعه وبتبويبه للمعلومات الواردة فيها بترتيبها وإيرادها في كتابه بمسرد زمني موفق ولغة سهلة وبسيطة وبعيدة عن التكلف والتعقيد، وهو بذلك أسهم في التسهيل على القارئ من عناء البحث في مصادر متعددة ومتّشابهة، إلاّ لمن أراد التمحيص والتوثيق والبحث والاستزادة، فعليه الرجوع إلى مصادر أكثر مرجعية ومزدحمة بالتفاصيل وغنية بالمعلومات والأحداث: ككتاب “عرفات الذي لا يُقهر” لامنون كابليوك، وكتاب “عرفات” لألن هارت، و”سنوات الأمل” لمروان كنفاني، و”سنواتي مع أبو عمار” لحنا عميرة، و”رسائل من قلب الحصار” من أبو عمار للجميع، و”ياسر عرفات متى لم يكن هنا” لنانسي برو، و”عرفات كما عرفته” لمأمون التميمي، وكتاب “ليلة انتخاب الرئيس” وكتاب “البحث عن الدولة” لممدوح نوفل، و”الكفاح المسلح والبحث عن الدولة” ليزيد صايغ، وكتابي أحمد عبدالرحمن “عرفات حياته كما أرادها” و”عشت في زمن ياسر عرفات”، وكتاب “مجلة الكرمل” العدد 82، وكتاب “مجلة صامد” عدد 139/140، والكتاب السنوي لمؤسسة ياسر عرفات 2011، وكتاب “ذكريات ومواقف عن ياسر عرفات” لهاني فحص، وكتاب “مع الرئيس” لعماد الفالوجي، و”مذكرات سليمان الشرفا”، و”منظمة تحت المجهر” لهيلينا كوبان، و”ذكريات مع الشهيد هايل عبد الحميد أبو الهول”، و”بين الثورة والنفط” لسعيد المسحال، و”بين العسكرية والسياسة” لعبدالرزاق اليحيى، وكتاب “جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية” لعبدالله عياش، و”حرب الاستنزاف” لمحمد حمزة، و”حياتي من النكبة للثورة” لنبيل شعث، و”الهواء المقنع” لمحمد القيسي وأبو علي شاهين، وكتابي “ياسر عرفات: المسيرة والميلاد” و”قراءات في الفكر السياسي عند ياسر عرفات” من إصدارات الشبيبة الفتحاوية، و”أطول يوم في حياة الزعيم” لنبيل عمرو، و”تلك الليلة الطويلة” ليحيى يخلف، و”مذكرات فيصل الحوراني”، وكتاب “ورق حرير” لزياد عبدالفتاح، وكتاب “ياسر عرفات: الرقم الصعب” لرشيدة مهران، وكتاب “ياسر عرفات: صورة سيكولوجية وتحليل استراتيجي” لشاؤول كيمحي وآخرون…

    باقي فصول الكتاب جاءت تتبع مسيرة الثورة الفلسطينية في حلّها وترحالها، ومسيرة منظمة التحرير وتنقلها، ويستعرض أهم المحطات والمنعطفات التي مرت بها مسيرة الثورة الفلسطينية من مرحلة الانطلاقة إلى مرحلة الأغوار والأردن واندلاع حوادث أيلول، مرورًا بالمرحلة البيروتية واندلاع الحرب الأهلية والاجتياح والخروج من بيروت وصولًا إلى حرب المخيمات… ثم المرحلة التونسية وانطلاق قطار العمل السياسي وخطوطه المتشعبة والذي أفضى إلى اتفاق أوسلو وحتى اندلاع الانتفاضة وحصار أبو عمار، ثم تسميمه وتصفيته بحسب الكتاب…

    وقد تناولت فصول الكتاب حسب الفهرس العناوين والموضوعات الفرعية التالية: لا أسئلة شخصية، سر شعبيته، فتح أنا الذي اقترحت الاسم، الشقيري وحموده، الكرامة ستلنجراد الثانية، شبح أيلول، ليلة الهروب من عمان، زعيم دون دولة على منبر الأمم المتحدة، البوسطة الشرارة الأولى، تل الزعتر كأس الماء يساوي كأسًا من الدم، البداية، إن قائدًا في مسدسه طلقة لا يؤخذ أسيرًا، صبرا وشتيلا، لقد ذهبوا بعيدًا، نحن ذاهبون في اتجاه المجهول، العناق التاريخي بين عرفات ومبارك، في عمان 1984 وغلق ملف أيلول، توحيد البندقية ضد حركة أمل، الساق الخشبية، حكاية مظروف رشيدة مهران، هدف جمع ركاب السفينة أكيلي لاورو، بحياة أبو عمار، إعلان الاستقلال الثاني في قصر الصنوبر، غضب الكويت بعد الحب الذي كاد يكون عشقًا لفتح، الإسرائيليون اغتالوا كل البدلاء، خفق قلبي مرتين، من نوادر الختيار، أوسلو، أنا سيد الحدرين، رفض التوقيع، التصفية، السم ثاليوم، الكلمة الأخيرة، والمراجع.

    هذا الكتاب حاول أن يقدّم صورة بانورامية للقضية الفلسطينية من خلال تتبع مسيرة أبو عمار، ومن خلال تتبعه لمسيرة أبو عمار حاول الكاتب أن يرسم صورة نفسية صادقة في جملتها وتفصيلها تستنطق ملامح شخصية “أبو عمار” (أو “الختيار” كما كان يُلقّب بالعادة) في الإطار الإنساني والسياسي، ذلك القيادي الذي حظي بشعبية جارفة ودائرة خصوم واسعة.

    هذا الكتاب جاء ثمرة مطالعات متعددة لمؤلّفات ومذكرات وحوارات ودراسات اطلع عليها المؤلف واستند إليها لاحقًا في إنجاز كتابه الأثير.

    باختصار، يقدّم الكتاب صورة بانورامية شاملة لحقبة مفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية عبر شخصية محورية هي ياسر عرفات.

    (مهند طلال الأخرس، الحوار المتمدن، 6/12/2025)