“السعادة صناعة ذاتية”.. حين تواجه العالم بالحب تشعر بالقوة

“السعادة صناعة ذاتية”.. حين تواجه العالم بالحب تشعر بالقوة


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “أيتها الحياة.. أنا تلميذك الدائم” هكذا تبدأ الكاتبة فيحاء القضاة كتابها الذي تركز فيه على ذاتها، وتدعو كل آخر إلى التركيز على ذاته، والمقارنة بين مراحله هو نفسه، وليس بينه وبين الآخرين، معلنة أن السعادة في أن تهتم بذاتك وشؤونك، وتدع الحياة لمدبرها ومالك أمورها.
    وسوف تجد عزيزي القارئ على صفحات هذا الكتاب الصادر حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 378 صفحة من ‏القطع المتوسط، محاورات دائمة للكاتبة وذاتها، حول الحب، والحياة، والموسيقى، والكون من حولها.. فهي حينًا تحاور حبيبها البعيد العنيد، وحينًا آخر تحاور نظارتيها اللتين تخلعهما حين تقرر أن تنهي الحديث، منسحبة بهدوء بوضعهما على الطاولة، وحينًا ثالثًا تحاور هواياتها المفضَّلة؛ المشي والتأمل، وتستمر بالحوار مع كل ما تلتقيه في طريقها، حتى الشجر وضحكات الأطفال والحمامات التي تنقر شباكها ليل نهار.
    تتناول فيحاء القضاة من خلال كتابها أحداثها اليومية، وعلاقاتها الأسرية والاجتماعية، بعبارات رشيقة قصيرة، حاسمة، فهي تقول مثلًا حول علاقتها بابنتها: “تغمرني.. تركض إليَّ، وتحتضنني بقوة. تأتي إليَّ طلبًا للحنان والطمأنينة.. تظنُّ ابنتي أنها مَن تحتاج إليَّ، ولكن ماذا عنِّي أنا؟ هل درت أنَّ احتياجي إلى الحبِّ الذي تمنحني إياه حين أضمها إليَّ أكبر؟ وكيف لهذه المساحة الضيقة بين هذه الأكف الصغيرة أن تكون أكثر الأماكن أمانًا واتساعًا؟ نحتاج إلى أبنائنا أكثر من حاجتهم إلينا، ولكنهم لا يعلمون!”.
    وهي إذ توثق لقيمة الحب في حياتها تقول: “ربما كل ما يحتاج إليه الإنسان هو قلبٌ واحدٌ صادق يؤمن به ليواجه بعدها الحياة دون أن يخشى شيئًا”.
    وتقدم لك الكاتبة، عزيزي القارئ، خلاصة تجربتها الحياتية، في عبارات تشبه الحكم والأمثال السائرة، فتقول مثلًا: “اصنع سعادتك بما هو متاح لك، ولو ظننت أنه قليل أو غير كافٍ، واعلم أن الوقت المناسب لتبدأ أي شيء تريده، ولتعيش أجمل أيامك هو منذ هذه اللحظة، فالماضي ذهب وأصبح سرابًا، والغد هو مجرد أمل قد لا يأتي، وإن فكرت جيدًا ستجد أن كل ما تملكه هو اليوم”.
    ومنها كذلك: “لا أعرف سوى طريق وحيد للسعادة، ذلك الذي يبدأ من القناعة وينتهي بالرضا!”.
    وهي تقول واصفة ذلك النوع من الحزن الذي وصفته بالأناقة: “عادةً أصحاب الحزن الأنيق هم الأكثر شعورًا ومواساةً لغيرهم، فوحدهم مَن يعرف معنى أن يبتسم الإنسان رغم أن كل ما فيه يبكي ويتألم”.
    إنها دروس في صناعة السعادة، توصلت إليها الكاتبة من خلال احتكاكها بالعالم من حولها، وتختتم نصوصها بنص فيه من جماع الحكم وخلاصة المرحلة التي عاشتها، إذ تقول: ” لا يوجد انتصار لنفسك أكبر من أن تعود ضاحكًا إلى المكان الذي خرجت منه باكيًا ذات يوم..
    يلزمنا الكثير من الوهم لتقبُّل الواقع والكثير من الواقع لنرفض الوهم!
    أولئك البارعون في إخفاء مشاعرهم بشدةٍ، ينهمرون كالمطر حين يبوحون!
    ما أسهل تقديم النصيحة والمشورة، عندما لا تكون المشكلة مشكلتك!
    البعض يولد “كبيرًا” والبعض الآخر يظل “صغيرًا” مهما كبر!”.
    يذكر أن فيحاء القضاة كاتبة أردنية. من مواليد جبل اللويبدة في عمّان الأردن، حاصلة على بكالوريوس علوم الحاسوب من الجامعة الأردنية وتخرجت عام 1997. خبيرة في الأمن السيبراني ومتخصصة في أمن تكنولوجيا المعلومات والشبكات. عملت في عدد من البنوك والمؤسسات الحكومية داخل الأردن وخارجها. متزوجة ولها ابنتان.. بدأت مسيرتها في عالم الكتابة البديع عام 2020 بخاطرة لاقت استحسان المتلقين على وسائل التواصل الاجتماعي، لتحرك فيما بعد نهراً من الأفكار التي تسللت إلى قلمها. صدر لها: “عزف فريد مع الحياة”، نصوص، 2021.