منال العبادي تحاور الدكتورة خولة شخاترة
في هذا العدد من صوت الجيل تحاور الكاتبة الشابة منال العبادي في ملتقى الأجيال الدكتورة خولة شخاترة، فتلقي الضوء على تجربتها من خلال عدد من الأسئلة التي تستهدف إنجازاتها، وفي الوقت نفسه تقدم الدكتورة شخاترة رؤيتها لطريق الكتاب الشباب، وما يمكن أن يسعون إليه. الدكتورة خولة شخاترة أكاديمية أردنية وباحثة في السرد القديم والحديث ولها اهتمام بأدب الرحلات وما فيه من تعريف عن الآخر والتفاعل الثقافي بين العرب والشعوب الأخرى.درست بعض الروايات العربية والأردنية خاصة ولها اهتمام بالتراث الشعبي. أما منال العبادي فهي كاتبة شابة لها اهتمامات نقدية، إضافة إلى اهتماماتها في الكتابة الروائية، إذ إن لها رواية في طريقها إلى النشر قريبًا.
حاورتها: منال العبادي
- إذا قلنا إن الأدب هو منظومة لغوية تعبر عن الهوية وإن النقد هو تلك القدرة على تفكيك هذه المنظومة فما هو رأيك بالمنظومة الحالية والطرحالنقدي الحديث الذي يفكك هذه المنظومة هل هناك توافق بين النتاج ونقده؟
تقتضي الموضوعية للإجابة عن هذا السؤال الإطلاع على كل ما صدر من نتاج أدبي،والإحاطة بما تبعه من دراسات نقدية تفكك منظومته إذا جاز التعبير، وهذا الأمر خارج عن قدرتي واستطاعتي، وبالتالي يصعب الحكم عليها، ولكن في حدود اطلاعي إن النتاج الأدبي يسبق المتابعات النقدية (الطرح النقدي ) بأشواط طويلة، غزارة وتنوعا وتعدد اتجاهات، وهذه الغزارة والتنوع تتطلب متابعة نقدية يقظة وذكية، وجادة، في حين ما نراه أقرب إلى المتابعات الصحفية، التي تمر على النص مرور الكرام، ونادرا ما نجد قراءة معمقة للنص، وهذه الندرة موجودة في كل مكان ولا تتسرع في النشر، وتعطي النص حقه، وهناك نتاج أكاديمي أو لنقل يصدر عن مؤسسات أكاديمية سواء في المجلات أو المؤتمرات أو الندوات متخصص. ما يصدر في المجلات المحكمة فإن جزءا منه مغرق في التخصص ولا شك أنه يفيد طلاب الدراسات العليا والباحثين، لكنه يظل داخل أسوار المؤسسة ولا يتجازوها، أما المؤتمرات والندوات فإن المشاركة النقدية في أغلبه مشاركة لأجل المشاركة، وهي أقرب للعلاقات العامة، وكثير من البحوثبعيدة عن المحاور المحددة للمؤتمر وكأن الهدف المشاركة والتصوير والنشر على منصات التواصل الاجتماعي.
- لو قلنا إن النقد له مرجعين الأرشيف الحضاري والثقافي والتأثر بالنقد الغربي بالرغم انه تم بتر النقد من ارشيفه الحضاري وأصبح للنقد منهجية جديدة تعتمد على المسميات الرنانة دون الالتزام الحقيقي بالأصول النقدية؟ فما رأيك بهذه التحولات؟
على الرغم من أهمية الأرشيف الحضاري ولنقل المرجعيات الحضارية أو الفكرية العربية للنقد، الا أن الأرشيف العربي توقف عند مرحلة الإعادة والشرح (والدندنة) حوله،عموما، ولم يتمكن أهله من انتاج منظومة نقدية من رحم المرجعيات النقدية القديمة، وبالتالي لابد من دماء جديدة إذا جاز التعبير، تعيد الحياة إلى هذا النقد، فكانت الحاجة ملحة إلى الاطلاع على النقد الغربي ومدارسه، خاصة أن هذه المدارس هي وليدة مدارس فلسفية قدمت رؤيتها في السياسة والاقتصاد والأديان واستفاد منها النقد في النظر إلى الأدب ودراسته.
وأنا مع هذا الإطلاع والاستفادة، لكن هذا النقد ليس كاتولوج جاهز نطبقه على كل نص وفي كل وقت، فكل نص له خصوصيته، وهو تجربة جديدة تختلف عن التجارب الأخرى، أما ما نراه من مسميات رنانة فاذا فتشته على رأي ابن قتيبه لم تجد تحته شيئا، فيعود إلى اقتطاع هذه المسميات من سياقاتها، ومحاولةتطبيقها دون التعمق بدراسة النص وهو مبتدأ الدراسة ومنتهاها، مع الإشارة إلى أن أصحابها اكتفوا بالأخذ عن من تأثر بها ونقلوا عنهم، ولم يعودوا إلى النص الأصلي أو إلى ترجمة موثوقة.
- لماذا اخترت دراسة السرد الحكائي في كتاب الحيوان للجاحظ هل كان اختيار مدروس او انه اختيار عشوائي؟ وماهي الرسالة التي تريدين ايصالها من خلال الكتاب وماهي الفائدة للكاتب والناقد من خلال هذا الكتاب؟!
هذا الكتاب في الأساس كان رسالة ماجستير، وبما أنني قارئة للرواية والدكتور نبيل حداد كان يقول عني:جاءت إلى البكالوريوس وقد قرأت نجيب محفوظ، وأغلب روايات حنا مينة، وروايات جبرا إبراهيم حبرا، والطيب صالح، وجبرا وغيرهم، وكانت رغبتي أن كتب في الرواية، ولكن اساتذتي د. عفيف عبدالرحمن رحمه الله ود. يوسف بكار أشارا علي أن أبدا من القديم إلى الحديث، ولكي أجد أرضية مشتركة بين القديم والحديث فكان السرد، ولكن أي سرد؟ وكيف يمكن أن ادرس السرد القديم؟فاتجهت إلى ما كتبه سعيد الغانمي، وعبدالفتاح كيليطو، وعبدالله إبراهيم، ومحسن جاسم الموسوي، وفدوى مالطي دوجلاس، سعيد يقطين، وغيرهم ، إضافة إلى ما كتبه محمد مشبال مع حفظ الألقاب، واقرأ كيف تناولوا السرد القديم أو النص القديم عامة، بحيث يكون النص قديما والمنهج الذي اختاره للدراسة حديثا فكان الحل السحري بالنسبة لي أن أدرس نصا قديماوفق المناهج النقدية الحديثة، بمعنى أطبق ما انتجته مدرسة السرد في دراستها للنصوس السردية التي لا تنظر إلى زمن انتاجه . وكانت مرحلة عسيرة بالنسبة لي ومرحلة الماجستير استغرقت ثلاث سنوات ونصف وقد تطلب مني أن أعيد كتابة مخطط الدراسة وأغيره ، بعد أن أعدت قراءة كتاب الحيوان من جديد، وتوصلت أن الحل يبدأ من محاولة ربط النص السردي بالنص المعرفي سيما أن كتاب الحيوان نص موسوعي فيه مادة معرفية خاصة بالحيوان وكل ما يتصل، وما ورد فيه من شعر ونثر، إضافة إلى المناظرات، والجدل كلامي ،والملح ، والحكايات، والأمثال، ومادة لغوية، ونقد..ألخ، والكتاب محاولة للرد على الشعوبية وبيان أن الشعر عند العرب يوازي العلوم عند الأمم الأخرى فهو علم وفن ( منفعة ومتعة)، وهذا الشعر كان ينقله إلى الأجناس الأخرى من سرد وحكايات وملح..فهو أولا وأخيرا نص موسوعي، ودراسة مثل هذه النصوص الموسوعية قد وجدته عند فدوى مالطي وعند كليطو على سبيل المثال، وغيرهم، فكانت الدراسات وما وجدته في الدراسات النقدية الحديثة هي المفتاح الذي أدخلني فيدراسة النصوص الموسوعية التي كنا نعدها معرفية بالدرجة الأولى، لكن على الرغم من المادة المعرفية التي تقدمها، فإن في طياتها طبقات متعددة ووجوه مختلفة، وتحتمل دراسات جديدة.
- ما الذي وجدته الدكتورة خولة مختلفا عند الجاحظ عن غيره الكتاب؟! وهل إعادة النظر في مؤلفات لكاتب أصيل قديم هي وسيلة لإعادة تسليط الضوء على هذه الأصول لربط الجيل الجديد بأصوله القديمة؟!
كتاب الحيوان هو نتاج فكر معتزلي وينطلق من فكرة معتزلية تهدف إلى بيان فكرة الاستدلال بالخلق على الخالف، وشكّل هذا الهدف بؤرة تتجمع فيها عتاصر الكتاب على اختلافها وتنوعها، وكما أن الكون يتكون من عناصر مختلفة متآلغة أحيانا ومتنافضة أحيانا أخرى، ولكنه يصدر عن أرادة واحدة، فإن كتاب الحيون بشكله الموسوعي- المرن القابل لاستيعاب فنون شتى من القص كالأخبار والملح والنوادر والحكايات- وبما يضم من نصوص متون معرفية، ومناظرات، وأمثال، ومواد لغوية يفضي في النهاية إلى تحقيق الغاية فكرة الاستدلال المذكورة أعلاه. وبالتالي فكان القصد من التأليف كان سابقا على بناء الكتاب.
في السؤال الأول فيه إشارة إلى الأرشيف الحضاري، ربما كان هذا الاختيار و عن غير قصد محاولة إلى ايجاد جسر بين الموروث الحضاري والثقافي والأدبي الآن، وما زال هذا الكتاب يدهش القارئ كلما عاد إليه، ما زال يملك الحيوية والحياة والقدرة على البقاء، وكل دراسة له هي حياة جديدة له.
5.. لماذا في كتابك الخبر عند عبد المحسن التنوخي أطلقت حكما عليه انه ليس مؤرخا وابعد مايكون عن الحولياتمع العلم ان من يقرأ له للوهلة الأولى يعتبره تاريخ؟!
نشركتاب النشوار بعنوان ( جامع التواريخ) المسمى بكتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، قبل أن يحققه عبود الشالجي وهذا العنوان ربما أوحى للكثيرين أنه كتاب تاريخ، ولكن كتابي (الخبر عند المحسن التنوخي)لا يتوقف عند هذا الكتاب وحسب، وإنما يتناول كتاب الفرج بعد الشدة وكتاب المستجاد من فعلات الأجواد، وبناء على هذه الكتب مجتمعة توصلت إلى نتيجة، وهو ليس حكما قاطعا يمكن لأي دراس أن يعارضه بالحجة والمنطق بعد الإطلاع على هذه الكتب مجتمعة.
ارتبط التاريخ الشخصي للمحسن التنوخي بالتحول الذي شهده عصره، فكان مشروعه الكتابي يعبر عن هذا التحول، وكان يتوسل بالتاريخي ليعبر عن الحاضر، فأراد أن يقرأ الحاضر من خلال الموازنة بينه وبين الماضي، وانطلق في مصنفاته من بعد ذاتي وهو تجربة المحنة التي ظهرت جليا في الفرج بعد الشدة، وكانت بذورها حاضرة في النشوار، وله هدف انساني عام وهو تدوين الموروث الإخباري وتخليده؛ خوفا عليه من الضياع، ولاتخاذ العبرة ومجابهة فساد الزمن.
فهو لا يكتب تاريخا بالمعنى التقليدي للتأريخ ، فلا يكتب حوليات ولا يتتبع الأحداث التاريخية، إنما يروى ينتقى من الأخبار -التي قد تتشابه مع الأحداث التاريخية- ما يراه مناسبا للتخليد وبما يتوافق مع سياق الفرج بعد الشدة، أو ما يتوافق والمستجاد من فعلات الأجواد، أو ما يرتبط بتاريخه الشخصي وعلاقته بأحداث عصره، ولا تكتمل دلالة الخبر الا من خلال السياق العام والشامل.
- لماذا جمعتي او ماهو الرابط بين القص والتأريخ في كتاب الخبر عند عبد المحسن التنوخي.
وهل اختيارك للتنوخي من كتاب القرن الرابع الهجريلأنه من أصحاب المصنفات الجامعة العامة؟!
يقتضي أن أعود إلى كتابي عن الجاحظ، بعد أن قطعت شوطا في دراسة الأدب القديم كي اقف على أرضية صلبة وانطلق إلى الرواية، لكن اقترح د. يوسف بكار أن اتعمق بالأدب القديم طالما لدي اطلاع على القديم، وكنت أظن أن دراستي ستتوقف عند كتاب الفرج بعد الشدة وهو خمسة أجزاء، لكن الدكتور رفض وطلب أن أدرس كل انتاج التنوخي: النشوار ثمانية أجزاء، المستجاد جزء، إضافة إلى الفرج وبعد مدة تزيد عن سنة أعدت النظر بالعنوان، وفي الخطة فاخترت العنوان بعد قراءة وتمعن واطلاع، واستبعاد بعذ الأجزاء من النشوار لأسباب ذكرتها في المقدمة، ولا مجال لشرحها الآن.
السرد عنصر مهم يجمع بين الخبر التاريخي والقص ، والخبر له صلة مهمة بالمعارف في ذلك الوقت، وله وشائج تشده إلى التاريخ والأنساب والأدب، والخبر في هذا الكتاب يندرج تحته : الخبر التاريخي أو الإخباري، والحكاية الخرافية، والنادرة ، والمنام، والمناظرات التي وردت في إطار سردي، سواء أكانت تحيل إلى أحداث تاريخية أم متخيلة؛ لما تتضمنه هذه الأخبار من سمات القص ومظاهرة،وهذه الفكرة دافع عنها محمد القاضي، وفرج بن رمضان وغيرهم وقد استفدت منهم.
كثير من الأخبار قد تروي حدثا تاريخيا وقع فعلا ولكن السؤال كيف كان يروى؟ وهل كان يلتزم بروايته كما رواه المؤرخون؟ فكما ذكرنا أعلاه أن دلالة الخبر لا تكتمل إلا من خلال السياق الذي روي فيه الخبر، يضاف إلى كل هذا مشروع المحسن التنوخي الكتابي، والهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، كل هذه الحثيثات مجتمعة تجعل الباحث ينظر إلى الخبر بطريقة جديدة، ويدرسه وفق منطق جديد. ولعل أبرز مثال على هذا أنه يكتب خبرا في كتابه النشوار ثم يرويه بطريق مختلفة في كتابه الفرح بعد الشدة؛ لأن سياق الفرج بعد الشدة والكتاب الذي تحكمه بنية شدة يتبعها فرج تتطلب منه أن يعيد رواية الخبر بتفصيلات جديدة تختلف عن روايته للخبر في كتاب النشوار، يضاف إلى ما سبق فإن التنوخييعزل وينتقي ما يشاء من الأخبار ويعيد ترتيبها فق طرق متعددة مثل التسلسل التنضيد، التوازي أو التجاور، التعاقب السببي، الخلط أو التداخل.
7.كم استغرقت من الوقت وأنت تألفي معجم الكتاب من العصر الجاهلي إلى العصر المملوكي) ولماذا اخترت بداية ونهاية المعجم عند هذا العصور؟!
استغرق التأليف 5سنوات طويلة لكنها ليست متواصلة، كنت اعمل عليه ثم اتركه حتى يتراكم حول أوراقه الغبار، لأنني كنت انشغل عنه بكتابه بحث أو تدريس أو كتابة مقالة، ثم أعود إليه..حتى اكتمل خاصة أنه أخذ وقتا بالطباعة في وأعدت النظر فيه مرارا ، وكانت عندي مادة متفرقة -جمعتها وأنا احضر رسالة الدركتوراه- كنت أعود إليها استأنس بها ، أو من أجل فهم العصر ورجالاته ولكنني لم أجد لها مكانا في الرسالة فبقيت عندي وضمنتها في المعجم.
لماذا البداية العصر الجاهلي فيه البذور الأولى للنثر العربي القديم، والانتهاء بالعصر المملوكي كان مناسبا حتى لا أدخل بمتاهة العهد العثماني وتفصيلاته.
8.هل كانت اشتغالك على كتاب رحلة ابن فضلان نوع من أنواع التأريخ أم أنه عرض لأدب الرحلات ونقل الإرث الحضاري من خلال الرحلات والتنقل بين الحضارات؟!
عاش ابن فضلان ضمن المرحلة التاريخية التي عالجها التنوخي في كتاباته، وله موقف منها، بكل هذه المرحلة وتعقيداتها والتغيرات التي حدثت في المجتمع العباسي وتقلباته حاضرة في ذهني، ولكن مسلسل سقف العالم هو الذي أثار فضولي للعودة إلى النص التاريخي للرحلة ومحاولة ايجاد الفرق بين النص الدرامي والنص التاريخي، وكنت قد قرأت فصلا حول الرحلة في كتاب المركزية الإسلاميية لعبدالله إبراهيم، وفي ذات الوقت أقيمت مؤتمرات تتناول التفاعل الحضاري ومن بينها دور الرحلة في هذا التفاعل، فكانت البداية لدراسة هذه الرحلة بمنظار مختلف، سيما أن لدي اهتمام بالآخر وكنت قد نشرت بحثا بعنوان (الآخر عند المحسن التنوخي) وقد اطلعت على كتاب تودورف( الآخر فتح أمريكا) الذي فتح لي بابا لإعادة النظر في الرحلة، إضافة إلى أن دراسة النص الرحلي تشبه بطريقة أو بأخرى دراسة المصنفات التي تقدم مادة معرفية ، وفي الوقت ذاته يمكن دراستها دراسة أدبية. أخيرا أهمية رحلة ابن فضلان وقدمها كانت حافزا أيضا، فكانت من أقدم الرحلات إلى بلاد الترك والصقالبة والروس كانت دافعا للدراسة.
9- كتاب نظرات في الرواية والشعر، قراءة في نماذج عربية مختارة؟
هذا الكتاب أسميته نظرات في الرواية والشعر؛ لأنه لا يقدم منهجا محددا لدراسة النصوص، إنما كانت النصوص الروائية والشعرية منطلقي للدراسة والتحليل ثم الاستفادة من المدراس النقدية الحديثة والمناهج وتوظيفها في التحليل والدراسة، والكتاب يدرس أعمال شعراء وكتب أردنيين وعرب. من الأردن: حبيب الزيودي، هاشم غرايبة، زياد محافظة، محمد نايل عبيدات، أحمد الطراونة، مهدي نصير.ومن العرب: عبود الجابري، وربيع جابر، وشوقي بزيع من العرب. وهذه الدراسات في الأغلب بحوث ومقالات نشرت في مجلات ثقافية عربية، و مجلات محكمة عربية وأردنية، وقد جمعتها كي تصبح متاحة كلها في كتاب واحد، لمن أراد الاطلاع والقراءة، وأنوي في القريب أن أنشر البحوث الخاصة بالنصوص السردية التراثية.
وبهذا تكتمل ملامج مشروعي اذا جاز التعبير أن اكتب في تخصصي السرد القديم الذي درسته دراسة حديثة، ثم أعود إلى اهتمامي بالسرد الحديث خاصة بالأدب في الأردن ، مع اهتمامي بالتراث الأردني في الملابس والأكل.
10.ماهي رؤيتك لمستقبل الادب والنقد الأردني في ظل العولمة والذكاء الاصطناعي والرقمنة الادبية؟!
هناك تحديات حقيقية خاصة للمبدع الحقيقي والكاتب الحقيقي، مع هذا الاستسهال في كثير من الأحيان، استسهال في الكتابة، واستسهال في متابعة ما يكتب، وهذه مشكلة حقيقية. أما عن الذكاء الاصطناعي فأظن أنه لا يغني عن الكاتب الحقيقي، وسيكون مدعاة إلى البحث عن طرائق جديدة للكتابة.
- هل الأدب الحداثوي ومابعد الحداثة أشاع ربما في النصوص السردية مع المحافظة على اصالتها وهل تأثر الأدب الاردني بذلك؟!
بعيدا عن هذه المصطلحات كل كاتب له تجربة مختلفة وهو الذي يحدد بمن تأثر وبأي من الاتجاهات لأسباب كثيرة تتعلق بمرجعياته الثقافية ، وتجربته بالحياة، ووجهة نظره تجاه الكون والإنسان والحياة، أما عن تأثر الكاتب الأردني فهو بلا شك جزء من هذا العالم، وأي كاتب يريد أن يقدم شيئا جديدا لابد من الاطلاع والقراءة، والكتابة انطلاقا من رؤيته الخاصة.
- اين ترين الكاتب الأردني في الساحة الادبية والعربية؟
الكاتب الأردني أثبت وجوده في الثقافة العربية ، وله حضور فيها على الرغم من ضعف الإعلام الرسمي تجاه هذا الأمر : من عرار وأمجد ناصر، ومها العتوم في الشعر إلى غالب هلسا و تيسير سبول في الرواية، إذ وجدت نصوصهم طريقها إلى القارئ العربي وتناول أعمالهم عدد كبير من النقاد والباحثين. حاليا مع وسائل التواصل الاجتماعي صارت الفرصة متاحة أكثر أمام الكاتب الأردني للانتشار والتواصل مع الكتاب العرب وكتاب العالم، وربما كانت الجوائز لها الأثر البالغ في التعريف بالكاتب الأردني أيضا مثل : جوائز البوكر وكتارا والملك فيصل ..ألخ فقد كان الكاتب الأردني حاضرا في هذه الجوائز، بالمشاركة والتحكيم والفوز : سميحة خريس، وجلال برجس، وغيرهم .
- ماهو مستقبل الكاتب ممن ليس له أساس متين مع الادب والسرد القديم؟!
الكاتب كي يقدم على قراءة النص القديم، يحتاج أن يُكّون علاقة ألفة ومحبة مع هذا النص ، وحين تتأسس هذه العلاقة سيقرأ الكاتب هذا الأدب بحب ومعرفة وسيكون له أثرا على أدبه وربما يعمق الأدب الذي يكتبه، خاصة أن علاقة روحية تربطنا بالأدب القديم وهذا المزج بين القديم والحديث، أو لنقل توظيف السرد القديم بالنص السردي الحديث بفهم وحب وحوار، سينتج نصا مغايرا عن السائد والمألوف، وبما أن عماد الأدب اللغة وكي يعمق هذه اللغة هو بحاجة إلى قراءة القديم. أما من أراد البدء من الحديث فقط فعليه مهمة ربما أصعب وعليه أن يخلق شخصيته الكتابية بطريقة مختلفة حتى يقنع القارئ. وهناك تجارب استفادت من ألف ليلة وليلة أو من الرحلات، أو من التصوف..وكانت تجارب حقيقية وفيها من الإبداع والتجديد والإدهاش.
هذا الادب الجيد والجاد أما من أراد الاستسهال والكتابة بأي طريقة، المهم أن يكتب، سيكون كلامي بلاقيمة بالنسبة له.
- ماهي نصيحتك لناقدة مبتدئة تقدمينها من ناقدة متمرسة متمكنة مطلعة على الجذور الادبية وانتجت دراستها ونحن جيل جاء بين عصرين العصر الورقي ثم الرقمي وبينهما فجوة ثقافة وإدراك؟!
لا أملك وصفة جاهزة، لكن القراءة كفيلة بأن يقف الناقد على أرضية صلبة من الثقافة والمعرفة وسعة الإطلاع، وأن يبدأ من النص، لأن النص يسبق القاعدة، فالنص هو عماد القراءة والفهم، ومنه نجد المفاتيح التي تفك مغاليق النص، وهو الذي يهدينا إلى القراءة النقدية المناسبة له،ثم ينتقل بعدها إلى الكتب النقدية، وليس النقل عنها بالواسطة، مع الإشارة إلى أن النص هو تشكيل لغوي .
- ماهي المراجع التي توصي بها الدكتورة خولة والتي تكون مرجعا حقيقيا للناقد الصاعد ليصقل موهبته النقدية؟
ربما الأفضل أن نقول حقول معرفية، وتتمثل في مجال التاريخ والفلسفة، وعلم الجمال ، وعلم النفس، وربما نستحضر ما ذكره ابن الأثير عن الأطار المعرفي الذي لابد أن يتوافر في الناقد: القرآن الكريم، النحو، الشعر، أيام العرب، ..ألخ ويطالبه بأن يعرف ما تقوله النادبة بين النساء، والماشطة في جلوة العروس، والمنادي في السوق على السلعة، وهذا يذكرني بناقد لا يحضرني اسمه ذكره الباحث المصري معتز سلامة يقول اعن الناقد نه يطالع المجلة العلمية التي تصدرها الجامعة صحيح أنني لا أفهم كما يقول60 بالمية منها، لكنني أحرص على الإطلاع ومعرفة ما يدور في العالم،إضافة إلى الكتب النقدية التي تنطلق من مدارس نقدية لها جذور فلسفية، وربما ذكرت خلال اجاباتي على عدد غير قليل من اسماء الكتاب والنقاد.
- في أي مرحلة يمكن للناقد الصاعد أن ينشر رأيه في نص ما؟
حين يحترم الكاتب القارئ، بعض الزملاء نشروا في مرحلة البكالوريس وشاركوا بندوات نقدية، لأن قراءتهم كانت عميقة وجادة، إن قرأ الناقد الصاعد بشكل جيد وانطلق من النص ثم استفاد ووظف ما له صله بدراسته من كتب النقد فهذا الرأي يستحق النشر، لكن المشكلة كما ذكرت الاستسهال ودون قراءة للنصوص، أو يعتمد على ما كتبه غيره ويلفق ثم ينشر فهذه مصيبة، حضرت ندوة يتحدث فيها فلان ويحسب نفسه شاعرا عن رواية لم يقرأها.
- هل مواقع التواصل خطوة جيدة للناقد الصاعد في نشر مايكتب ام ان هناك ضوابط أولية وخاصة أن هذا النشر لا يملك فيه الناقد حقوق ملكية فكرية؟
مواقع التواصل مفيدة جدا لمن أحسن التعامل معها وهي فرصة مهمة للتعرف على ما ينشره كثير من الكتاب، وأصبح الوصول إلى المعلومة أسرع بكثير من السابق ، يمكن أن ينشر بعض الأراء أو يعلق عند الكُّتاب ويعرض رأيه بعمل من الأعمال نشر ورقيا أو نشر على هذا الموقع أو ذاك، ولكي يحافظ على ملكيته الفكرية لا ينشر كل أفكاره أو إنما أشبه ببرقيات حتى يعرفه القراء والكتاب، وربما تكون بداية لمعرفته وانتشاره، ومن ثم النشر.
(منال العبادي تحاور الدكتورة خولة شخاترة، ملتقى الأجيال، العدد 33، 6/2025)