صدر حديثاً كتاب بعنوان “مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر”، للباحث والأكاديمي الأردني د.محمد عبد القادر ربابعة. وهو من البحوث الفائزة بجائزة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لأفضل بحث علمي عام (2014).
يقدّم المؤلف مقاربة تحليلية نقدية لمفهومَي شرعيّة السُّلطة ومشروعيتها، وما يتصل بهما من قضايا وإشكاليّات، كما برزت في أعمال ثلاثة من مفكري النُّخَب القومية العربية: زكي الأرسوزي، وقسطنطين زريق، ومنيف الرزّاز، في إعادة تذكير واحتفاء بما قدّمه هؤلاء المفكرون من إسهامات جليلة في خدمة الفكر القومي، وتعميق الوعي بما تواجهه الأمة من تحديات مصيرية.
جاء الكتاب في مقدمة وأربعة فصول وخاتمة. تناول المؤلف في الفصل الأول «السلطة في الفكر الغربي الفلسفي المعاصر»، وبحث فيه مفهوم السلطة وطبيعتها وحدودها ومشروعيتها من خلال ما ورد في المصادر والموسوعات وكتابات فلاسفة الغرب ومفكريه، والإشكاليات المتعلقة بمصادر البحث في مشروعية السلطة.
أمّا الفصل الثاني، فجاء تحت عنوان «الدولة والسُّلطة في الفكر العربي المعاصر»، واحتوى على جزأين، تناول المؤلف في الأول إشكالية الدولة العربية الحديثة، من خلال المشكلات الفكرية الرئيسة، كمسألة الأصالة والمعاصرة، وملامح الدولة العربية المعاصرة. بينما تناول في الجزء الثاني الدولة والسلطة وأزمة المشروعية في الفكر العربي المعاصر، من خلال بحث الدولة العربية بين الفرد والمجتمع، والدولة العربية بين ضعف الشرعية وغياب المشروعية.
وجاء الفصل الثالث تطبيقًا نظريًّا لقضايا مشروعية السلطة في الفكر القومي العربي المعاصر، وقد عرضها المؤلف في ثلاثة مباحث، درس في الأول منها: الحكم الديمقراطي ومعالم الحياة العربية الجديدة. وفي الثاني: الحقوق والحريات في مطالب المستقبل العربي. وبحث في الثالث: المجتمع المدني ومؤسساته في الدولة العربية المنشودة.
أمّا الفصل الرابع من الكتاب، فحمل عنوان: «مقاربة نقدية لمشروعية السلطة في الفكر العربي القومي المعاصر»، وجعله المؤلف في أربعة مباحث: أوّلها: رؤية لمشروعية السلطة في الفكر العربي المعاصر وفق طروحات كلٍّ منَ الرزّاز والأرسوزي وزريق. والثاني: حول المشروعية وفاعلية السلطة. والثالث تمّ التركيز فيه على المشروعية ومأزق التطبيق الديمقراطي. بينما ركّز المبحث الأخير على المشروعية: الضرورات والتحديات.
طرح المؤلف في كتابه الذي اختيرت لغلافه لوحة لمؤنس الرزاز، جملة من الأسئلة المحورية المهمة حول طبيعة الدولة العربية المعاصرة وهويتها وعلاقاتها وآليات عملها، ومدى شرعيتها ومشروعيتها من خلال المُحَدِّدات والمرجعيات التي تستند إليها هذه الشرعية وتلك المشروعية، ليخلص إلى أنّ هذه الدولة ما زالت تعاني، منذ ولادتها، أزمتَي الشّرعية والمشروعية، بدليل غياب دور الفرد (المواطن) وهو الطرف الأساسي في معادلة العقد الاجتماعي، وضعف جوهر الممارسات الدستورية والقانونية، وتهميش حضور المجتمع المدني وقواه وهيئاته، ما أدّى إلى انحسار الرضا الشعبي، وغياب التأييد العام للسلطة العربية وممارساتها.
ولئن بدت الصورة التي قدّمها المؤلف لواقع السلطة العربية وعلاقتها بمواطنيها قاتمة مُخَيِّبة، فإنّ تشخيص المشكلة موضوعيًّا -وهو إحدى فضائل هذا الكتاب- يبقى الخطوة الأولى اللازمة في طريق مواجهتها وتلمس الحلول المناسبة لها.
يُذكَر أنّ ربابعة متخصص في الفلسفة السياسية والفكر العربي، ومحاضر غير متفرغ في الجامعة الأردنية وعدة جامعات أردنية خاصّة، ومهتم بعدد من المجالات البحثية مثل: بيئة صنع القرار، والتحولات في النظام الإقليمي العربي، والمعضلة الأمنية عربيًّا وإقليميًّا. وشغل عدة مناصب تنفيذية منها: المدير المؤسِّس لمركز البشر للدراسات والتطوير الإداري، والمدير التنفيذي للجمعية الهاشمية لذوي الاحتياجات الخاصة من العسكريين، إضافة إلى مجموعة من المسؤوليات الإدارية والتعليمية والإعلامية والإنسانية في هيئات عربية وإقليمية. وله أبحاث أكاديمية عدّة منشورة باللغتين العربية والإنجليزية.
class="inline-block portfolio-desc">portfolio
text