“صديقة الأمل” لوداد الإسطنبولي.. قصص تحتفي بالصناعات التراثية

“صديقة الأمل” لوداد الإسطنبولي.. قصص تحتفي بالصناعات التراثية


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

     إذا كان من بطلٍ في مجموعة “صديقة الأمل” للكاتبة العُمانية وداد الإسطنبولي، فهو الصناعات الحرفية والتراثية التي تؤدي دورًا مهمًا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للنّاس في المناطق التي تنتشر فيها.
    تستعرض الكاتبة في نصوصها الأجواء المرتبطة بممارسة تلك الصناعات، والشغف بها والحرص على توارثها، كما في قصة “صانع سفن”، من خلال حديث الطفل “صالح” عن تمسكه بمساعدة أبيه في مهنته ومهنة أجداده، حيث يصنعون المراكب يدويًّا، ويزينونها بأيديهم، رغم انتشار المراكب الحديثة والجاهزة.
    ويتكرر ذلك في قصة “صانعة المصافات”، والمصافة هي مخمَّة لأخذ الأوساخ مصنوعة من السعف. ومن خلال تلك القصة تستعرض الكاتبة عددًا من منتجات سعف النخيل، سواء للاستخدام أو للتزيين، وهي إحدى الحرف الموشكة على الانقراض.
    تقول الساردة في إحدى القصص: “هناك ما يسمى القفير، والسمّة، والحصير.. بعضها للزينة وبعضها للاستخدام، وهذا بحدِّ ذاته يستغرق وقتًا. أمعنت النظر إليه فوجدته حائرًا في معاني الكلمات، ضحكت بفتورٍ ومدَّت شفتيها بلا اهتمام وقالت: القفير وعاءٌ لجمع التمرِ والرطب، والسمّة والحصير يتشابهان في الصنع، إلا أنّ السمّة أطول من الحصير، تُفرش لتجلس عليها العائلة سواء أكان بالبيت أم بالنزهات”.
    وتلقي الإسطنبولي في كتابها الصادر حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” الضوء على تاريخ صناعة الحلوى من خلال قصة “صانع حلوى”: “انتبه بعدها لسماع حديث العمِّ الشائق الذي يسرده بإسهابٍ شديد عن إتقانِ كيل المقادير ومواكبةِ حداثة الزمن في أنواع الحلوى، من هيلٍ وزعفران وتمرٍ… إلخ، ومذاقها الخفيف، والثقيل، والمطَّاط، ووضْعها في أوانٍ تُناسب المناسَبة، أمّا قديمًا فبالكاد نجد نوعًا واحدًا أو نوعين، توضع في (ديسوت).. الحمد لله واكبنا هذا وذاك”.
    إلى جانب ذلك، تصنع الإسطنبولي مزيجًا من اللقطات الإنسانية، وتهتم بالقضايا الاجتماعية من خلال عدد من القصص، ففي قصة “أمي ترضع عنزًا”، تجمع عددًا من المشاعر الإنسانية المتناقضة؛ تعاطف امرأة فقيرة ترضع عنزًا وليدة، وغيرة طفلها المدمِّرة من العنز حتى إنه قام بذبحها، وقهر الأم الذي لم يحتمله قلبها فماتت للتو.
    وفي سياق السرد، نجحت الكاتبة في انتزاع دمعة أسى من عين القارئ: “ضحك أخي الصغير ممازحًا: (لقد أصبحت أختَنا في الرَّضاعة). حدَّقت أمِي به بقوةٍ دون أن تتفوَّه ببنت شفةٍ، ثم نظرت إليَّ قائلَةً: (إنني أشفق عليها لفقدها أمها، فلا تجعلوا الزمن ونحن قساةً عليها). قلتُ: (تعاملينها بطريقةٍ مختلفة، فلربما صاحب المزرعة سيأخذها يومًا ما)… انحنت أمي بركبتيها وصرخت صرخةً انشقَّ لها القلب”.
    هذا النص يكشف عن حبكة درامية ولحظة تأثير من خلال لقطة مكثفة تجمع بين ندم الابن وخيبة أمل الأم.
    وفي قصة “صندوق الأسرار”، تتناول الكاتبة قضية الطلاق وآثاره السلبية في الأبناء، لا سيما حين تصبح للأب والأم حياتان مختلفتان.

    نُشر في وكالة الأنباء العُمانية
    15/1/2024