“ليل طويل حياة قصيرة” لمجدي دعيبس.. رؤى متعددة في واقع الإنسان الراهن

“ليل طويل حياة قصيرة” لمجدي دعيبس.. رؤى متعددة في واقع الإنسان الراهن


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    يقدم الكاتب الأردني مجدي دعيبس في مجموعته “ليل طويل حياة قصيرة” عددًا من القصص التي تعرض لطائفةٍ من القضايا الإنسانية والاجتماعية؛ كالحروب وتبعاتها، ومشكلة اللاجئين، والفقر، وسائر ما قد يتعرض له الإنسان في حياته الراهنة.
    وتَراوح أسلوب الكاتب في المجموعة الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بين الواقعية والرمزية، وعُنيت كل قصة بتقصّي تفاصيلَ بعينها، ما جعلها أقرب إلى العرض السينمائي في تقديم الأحداث وتصوير الأبطال والشخوص.
    واتسمت لغة القص بالاقتصاد والوضوح، فقدم دعيبس التفاصيل الاجتماعية التي شكلت خلفية الأحداث، والأحوال النفسية الداخلية التي تميز كل بطل من أبطاله، بشكل بسيط بعيد عن التكلف. كما تمزج القصص بين ما هو معاصر وتاريخي، لتتعدد بذلك الرؤى التي سلكها الكاتب في تقديم أفكار قصصه.
    ومن النصوص التي تتجلى فيها القدرة التصويرية للكاتب: “الريح تزمجر بين الخيم المتناثرة هنا وهناك. تصارع حتى تبقى واقفة ليوم أو ساعة أخرى. القطط تموء متوجعة وتبحث عن أي حضن أو زاوية تقيها هذا المدّ الكانونيّ الكاسح، لكن لا شيء في تلك البقعة المنبسطة سوى الانجماد والبرد والألم وخِيَم مكتوب عليها (UNHCR). حبال مترهّلة وأوتاد مترنّحة من السهل اقتلاعها من قِبَل أطفال كانوا يلعبون هنا ذات صيف، ويقفزون بفرح على الرغم من الحرارة والغبار الذي تكدّس على الخيم البيضاء وأحالها إلى لون ترابي باهت”.
    ومن النصوص التي يبرز فيها أسلوب دعيبس في تقديم التفاصيل النفسية لأبطاله: “بعد أن ينهي عمله يمر بالمركز التجاري ويظل يدور فيه حتى تؤلمه قدماه. يراقب الناس ويدقّق في وجوههم وكأنّه يبحث عن أحدهم. يفتش عن وجه يشبه وجهه وعن بدلة تشبه بدلته. يريد أن يثبت لنفسه أنه ما زال داخل الزمن ولم يتحوّل إلى مستحاثّة عمرها آلاف السنين. يتجوّل داخل المركز التجاري حتى يهدّه التعب ليعود إلى المنزل وينام بعمق مثل طفل صغير”.
    يذكر أن دعيبس أصدر منذ عام 2018 تسعة أعمال في الرواية والقصة والمسرح، وفازت روايته الأولى “الوزر المالح” بجائزة كتارا للرواية العربية عام 2019.