مدخل إلى الأدب الرَّمزي الخيميائيّ في استخلاص النَّماذج العليا عند سيف الرحبي

مدخل إلى الأدب الرَّمزي الخيميائيّ في استخلاص النَّماذج العليا عند سيف الرحبي


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    صدر عن دار الآن ناشرون كتاب نقدي جديد يتناول كتابات الشَّاعر سيف الرَّحبي بعنوان «مدخل إلى الأدب الرَّمزي الخيميائيّ: في استخلاص النَّماذج العليا عند سيف الرحبي»، ففي طرح منهجيَّة نقديَّة جديدةٍ للشِّعر العربي المعاصر، قام الدكتور الهواري غزالي وهو أستاذ محاضرٌ بقسم الدِّراسات العربيَّة بجامعة باريس بتقديم تحليلٍ نفسانيٍّ لكتابات الشَّاعر العماني سيف الرحبي. يعتمد هذا التَّحليل بالأساس على النَّظر في النَّماذج العليا التي يشترك فيها اللَّاوعي الجماعي للإنسانية وهي النَّماذج التي طرحها كارل يونج انطلاقًا من اختباره للكيمياء اللاتينيَّة والآسيوية.
    ويعتبر كارل يونج وهو تلميذ سيجموند فرويد مؤسِّسًا للاوعي الجماعي الذي يفيد بأنَّ الأحلام هي ميراثٌ إنسانيٌّ، عكس فرويد الذي يعتمد على اللاوعي الفردي حيث يرى أن الأحلام هي لاوعيٌ فردي.
    في هذا التَّحليل، يعتمد الدكتور الهواري غزالي على تغليب اللاوعي الجماعي على اللاوعي الفردي وهو ما يتناسب مع روح الثَّقافة العربيَّة الإسلامية، فكتاب تفسير الأحلام لابن سيرين يكاد يكون مرجعًا أساسيًّا للجميع، مما يفسِّر المشترك في اللَّاوعي الجماعي عند العرب.
    كما أنَّ شعر سيف الرَّحبي، في تناوله للأحلام المستيقظة، يصبح للكائنات مثل محمولات رمزيَّة تفيد بحالة كونيَّة لديها دلالات ما فوق بلاغية. فإذا كان البحر يمثِّل بالنِّسبة للكيميائيِّين اللَّاوعي، فإن الحوت، يمثِّلُ رمزًا للذَّات. وهو ما سينطبق على حوت سيف الرحبي نفسه الذي يتحوَّل في بحر عمان إلى صخرة الفحل وهي جزيرة صخرية جرداء تقع قبالة مسقط، سيرمز غوص الحوت في البحر إلى اللَّاوعي، حيث سيتواجه هو وسيف الرَّحبي معًا، محاولةً منهما للتَّخلُّصِ من ماضٍ جماعيٍّ قديم.
    وإذا كان اعتماد الدكتور الهواري غزالي على كارل يونج وسيطا نظريًّا بين الكيمياء العربيَّة القديمة التي يقوم حاليًا بتحقيق دواوين شعرائها القدامى وبين دراسته لسيف الرَّحبي كجزء من الشعراء المعاصرين، بحثا عما يمكن أن يفيد أساسًا المشترك الجماعي بين التَّراث والحداثة، فإنَّه يقدِّم حقًّا قاعدة جديدة تسمح للنُّقاد بإعادة النَّظر في الشِّعر العربي الذي فقد حضوره القويَّ أمام الرِّواية وغيرها من الأجناس الأدبيَّة الأخرى، فليس الشِّعر هو الذي يتحمَّل مسؤوليَّة ذلك بقدر ما يتحمَّلها النُّقاد.

    نُشر في (عُمان)