“مؤسسة عبد الحميد شومان” الأردنية
استضافت مكتبة مؤسسة عبد الحميد شومان العامة، الأسبوع الماضي، حفل إشهار وتوقيع رواية “رصد” للكاتبة علا عليوات، وذلك ضمن برنامج قراءات في المكتبة. وشهد حفل الاشهار، على مناقشات بين الحضور، وتوقيع الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون”. وتحكي الرواية قصة الشاب يوسف، الرقيق، المهتم بجمع الحشرات ودراستها، الذي يلجأ للالتحاق بمجموعة من صائدي الكنوز، مضطرًا إلى ذلك تحت وطأة البطالة التي يعاني منها، وهو يحلم، كما بقية البشر، بلحظة حب تلقي فيها حبيبته برأسها على كتفه. وعن الرواية، قالت المؤلفة: “فبعد عامين من البحث عن عمل بلا جدوى، ينضم يوسف إلى مجموعة من الباحثين عن الذهب مكونة من عناد، ابن جيرانه ضخم الجثة بسيط العقل، ورجلين غريبين: الشيخ عودة الذي تبدو عليه هيئة التصوف، ورجل غامض يسمونه الأستاذ، يتولى قيادة المجموعة. يحمل يوسف معه في هذه الرحلة حبيبته ليلى التي تسكن مخيلته فقط، ويهرب إليها كلما شعر بتكاثف الضغوط عليه أو بضيق في نفسه”. وتابعت: “الأشخاص الذين يرتبط بهم يوسف لا يجمعهم شيء، كل منهم له هدف: ما الذي قد يجمع هذا الأستاذ بنظارته السميكة وشاربيه المقوسين ولحيته الكثة- التي تبدو وليدة الإهمال واللامبالاة أكثر منها محاولة لإثبات موقف- بذلك الشيخ ذي اللحية القصيرة المشذبة والدشداشة والعمامة الصوفية”.
ورغم أن الرواية لا تشير بشكل مباشر إلى فشل المحاولات، وتترك النهاية خارج مساحة الجزم، مفتوحة على التأويل، إلا أن نتائج سلوك يوسف وفعله يقودانه إلى الفشل، فشل بالعثور على الكنز، والخرج من أزمته. ويبقى السؤال: لماذا كرّر يوسف ذات العمل رغم قناعته بفشله وتهافته؟ وتسير الرواية في خطين متوازيين: رواية إليانا الرومانية، التي تخفي كنزا في الصخر إلى جوار قبر أبيها، هو كل ما ورثته الفتاة من أبيها المتوفى، وحرصا منها ألا يسلبه أحد، وبالأخص كاسيوس الذي كان يتقرب منها طمعا بالمال، وأوردت الكاتبة هذه القصة حتى توحي بأن فكرة الكنوز المدفونة والعلامات فوقها التي تسمى رصدا، إن هي إلا حقيقة، لكن في المقابل، نجد القصة الأخرى الموازية ليوسف ومجموعته لا تملك سوى أن تبحث عن تلك الكنوز الضائعة بوسائل غير واقعية، فتؤول النتيجة إلى فشل متكرر، فيوسف الذي يفشل في المحاولة الأولى، ويكتشف حقيقة خزعبلات البحث عن الكنوز، ويقرر التوقف عن ذلك، لكنه يعود لهذا العمل بعد سنوات تحت ضغط الحاجة، ليفشل من جديد. الرواية التي جاءت قصيرة، فهي بحدود 115 صفحة من القطع المتوسط، ضمت قصتين سارتا بشكل متواز، جاءت فصولهما قصيرة، متلاحقة، متوترة، توتر الحدث نفسه، فمشاهد البحث عن الكنز ليلا، وفي أماكن موحشة، لا شك أنه لا يترك من يقوم بذلك العمل في حالة من الترقب، والخوف، بل وينقل ذلك الترقب والتوتر والخوف إلى وجدان القارئ. وهذا إنجاز استطاعت الكاتبة أن تحققه بتميز، إذ أبقت أنفاس القارئ متلاحقة حتى نهاية الرواية.
وكانت الكاتبة مقتصدة باللغة، والأحداث، ويبدو أن لديها خبرات سابقة بكتابة القصة القصيرة انعكست على أسلوب كتابة هذه الرواية. يشار إلى أن عليوات كاتبة أردنية من مواليد مدينة عمّان سنة 1984. تخرجت من الجامعة الأردنية تخصص لغات، متخصصة باللغتين الإسبانية والإنجليزية العام 2006، وتعمل منذ تخرجها في مجال الترجمة. بدأت تنشر القصص القصيرة والمقالات على مدونتها في العام 2005. صدرت لها رواية بعنوان “قبل السفر” عام 2012، ومجموعة قصصية باللغة الإنجليزية سنة 2013، على شكل كتاب إلكتروني. شاركت في عدد من المؤتمرات وورشات العمل للمدونين.