“حقائب خفيفة للراحلين” لمحمود الرحبي.. الكتابة عن الراحلين.. كتابة مناسبات، أم مناسبة للكتابة؟

“حقائب خفيفة للراحلين” لمحمود الرحبي.. الكتابة عن الراحلين.. كتابة مناسبات، أم مناسبة للكتابة؟


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    يكتب محمود الرحبي في “حقائب خفيفة للراحلين” عن اثنين وثلاثين مبدعا راحلا في استفسار طرحه في مقدمة الكتاب فيما كانت الكتابة عن الراحلين هل هي كتابة مناسبات، أم أن الرحيل مناسبة الكتابة، وباعث الرثاء الأكثر عراقة في الوجود.
    وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، في (112) صفحة من القطع المتوسط، وضم مقالات عن (32) شخصية مبدعة، هم: عبدالله الحارثي، عبدالله الوهيبي، حسن بوس، محمد نظام، مبارك العامري، علي المعمري، محمد الحارثي، عبدالعزيز الفارسي، ثاني السويدي، شاكر عبدالحميد، صباح فخري، حسن الفارسي، أمجد ناصر، إدريس الخوري، صالح شويرد، موسى عمر، غسَّان كنفاني، فتحي عبدالله، أحمد المجاطي، مارادونا وماركيز وأبو بكر سالم، عبدالله الطائي، فريد رمضان، سركون بولص، نجيب محفوظ، سعود الدرمكي، بهاء الدين الطود، إلياس فركوح، بهاء طاهر، ميلان كونديرا، ماركيز. جميعهم يشتركون في حال الغياب، غياب يقترن بحضور وحياة الرحبي ومدى علاقته بهم مباشرة أو قراءة أو ذكرى. جميعهم رحلوا بحقائب خفيفة، هي أوراق أو مواقف تتبادلها ذواكر من عاصروهم قراءة وحياة.

    يقول الرحبي في مقدمة كتابه: إن طرق الرثاء تنوَّعت وتلوَّنت وأخذت أشكالًا غير شعرية في عصرنا، وإن كان وصف المناقب يكون في صلبها، إلا أنها تمزجه بالعطاء، إذًا، الراحل صاحب نتاج ثقافي أو أدبي أو فني، أو يكون انطباعًا نتج عن أثر تركه في ذهن وذاكرة كاتبه. أحد أشكال هذا الرثاء مقالة انبثقت من لحظة فراق، أو أتت على هيئة رواية طويلة تستكنه تفاصيل الشخصية الراحلة، وتذهب إلى تخيُّل الاحتمالات والممكنات”.

    ويتساءل الرحبي عن أن الرواية هل يمكن أن تكون في أحد جوانبها وثيقة رثاء. ويرى أنه يمكن ذلك فيقول: “حين تبذر في ساحة موضوعها شخوصًا تركوا أثرهم في دنيانا قبل أن يغادرونا، بل إن حتى أولئك المهمشين في روايات متخيَّلة عن أشخاص متخيَّلين محتمَلين، لا بد أنهم ذوات حلَّت في آخرين استثمرهم الكاتب لصالح مشروعه السردي، وأنهم بالتالي شخص قد صار شخصًا مرارًا (مع الاعتذار لأبي العلاء المعري). رحيل من كانوا معنا يعني أننا فقدنا أمل احتمالية أن نلتقيهم في أي صدفة مقبلة، أو فقدنا فسحة ذلك الأمل. هكذا يجيب الموت عادةً: “كانوا هنا والآن قد رحلوا”، ولكن حين كانوا بين ظهرانينا، هل كنا منشغلين بهم إلى الحد الذي يفجعنا رحيلهم؟ هذا سؤال آخر، ولكنه سؤال قاسٍ قد يتبادر إلى الذهن بسهولة. الأمر في هذه الحالة لا يتعلق فقط بغياب مقابل حضور، إنما بالأمل، فمع الراحلين تُرك كل بصيص أمل وراءنا وإلى غير رجعة، على الأقل في الحياة التي نعيش”.

    ويضيف الرحبي: “عائلتنا الإنسانية الممتدة عبر جهات الأرض تجمعنا ببعضهم علاقات فيزيقية مباشرة، وبالبعض الآخر علاقات أثيرية من خلال ما نقرأ لهم إن كانوا كتَّابًا، أو ما نتذكره من فواصل في لقاءاتنا بهم سواء تلك الحميمية أم العابرة، تتجلَّى دفعة واحدة يوم رحيلهم، على هيئة صور أو كلمات أو أحلام أو رموز أو معانٍ. هذا أصفى ما يفعله الرحيل في نفوسنا، حين تتلاشى الحدود وتتصاهر المسافات ويعود كل شيء إلى حالته الصفرية”.

    ومن الجدير ذكره أن محمود الرحبي روائي وقاص عماني حاصل على شهادة الماجستير في الأدب العربي من جامعة الملك محمد الخامس، كما حصل على شهادة ماجستير أخرى في الإعلام من تونس. له العديد من الروايات والمجموعات القصصية. حصل على عدد من الجوائز الأدبية منها جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتها الأولى لعام 2012 عن مجموعته القصصية «ساعة زوال». كما حازت مجموعته القصصية «أرجوحة فوق زمنين» على المركز الأول في جائزة دبي الثقافية في عام 2009. كما وصلت «لم يكن ضحكاً فحسب» إلى القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية القصيرة بالكويت في 2017. ووصلت «صرخة مونش» للقائمة القصية لنفس الجائزة في عام 2019.