“دراسات عن الشعر العُماني”.. كتاب للناقد الجزائري بوحجام

“دراسات عن الشعر العُماني”.. كتاب للناقد الجزائري بوحجام


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “البوابة الإعلامية” – سلطنة عُمان

    يؤكد كتاب “دراسات في الشعر العماني”، للأكاديمي والناقد الجزائري د. محمد بن قاسم بوحجام أنّ ثمة قراءات للمؤلف للعديد من الشّعراء العمانيين، ومصاحبته الكثير منهم، وحضوره جلسات شعريّة في ربوع سلطنة عُمان، ومشاركاته وشهوده بعض النّدوات والملتقيات التي خُصّصت لدراسة الأدب العُماني عامّة، واطّلاعه على عدد من الدّراسات التي قُدّمت عن هذا الشّعر في عصوره المختلفة.

    اشتمل الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن بالتعاون مع الجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء، على مجموعة من الدراسات والقراءات والتأملات، أولها “الإيقاع في ديوان (وصايا قيد الأرض) لسعيد الصّقلاوي”، حيث أكد الناقد أنّ مضامين هذا الديوان توزّعت بين البوح ببعض الأشجان الخاصّة، وتناول الجانب الحضاري لسلطنة عُمان، وعرض بعض القضايا الرّاهنة، التي عالجها الشّاعر برؤى خاصّة، كما تضمّن موضوعات أخرى.

    وأشار بوحجام إلى ما تميزت به قصائد الصقلاوي من توفّرها العناصر المطلوبة في كتابة الشّعر، من التّصوير والرّمزيّة، والموسيقى المتنوّعة (الجرْس والوزن والإيقاع) وغيرها، ممّا جعل الدّيوان “تحفة أدبيّة، تُضاف إلى بقيّة الدّواوين التي نشرها الشّاعر”. ورأى أن في “وصايا قيد الأرض” أبعادًا رمزية بداية من عنوانه الذي يحمل من الذّاكرة العُمانية دلالات كثيرة، ترجع به إلى الإمام سيف بن سلطان بن سيف اليَعربي، الذي لُقِّب بـ”قيد الأرض” لعدله وتقييده البلاد وضبطه الممالك.. كما أنّ كثيرًا من عناوين قصائد الدّيوان تحمل دلالاتٍ عميقةً ورمزيّةً عاليةً. فضلًا عن أن لغة القصائد تتميز، بحسب الباحث، بمميّزات أعطت الكتابة الشّعريّة عند الصّقلاوي قيمة خاصّة، موضحًا أن ما يلفت النّظر في الدّيوان هو بناء القصيدة بمختلف أشكالها وأنواعها في إبداع الشّاعر.

    وفي دراسته حول “الحسّ الوجداني في شعر الشّيخ سالم الحارثيّ”، أكد بوحجام أن قصائد الحارثي تتسم بامتلاكها الحسّ الوجداني، على الرغم من أنّ ديوانه يتناول التّاريخ والفقه وموضوعات أخرى قد لا تُوفِّر الحسّ الوُجداني في الكتابة. وعدّد بوحجام بعض عناوين قصائد ديوان الحارثي التي تشي وتوحي بالنّفحات الوجدانية، من مثل: “وطني عُمان”، “عتاب”، “يا إلهي قدْ طال بُعدُ سميري”، “ولذكرُ الله أكبر”، “ذكرى بنوّة لأُبوّة”، “ضاق صدري”، موضحًا أن مجالات كتابات الحارثي الشّعريّة محدّدة بما هو مؤهّلٌ له، وبما هو متناسبٌ مع رسالته في الحياة.

    وحول “خصائص شعر أحمد بن منصور البوسعيدي”، أكد المؤلف أن الشّيخ البوسعيدي شاعرٌ له مكانته ومكانه الكبيران في المنظومة الشّعريّة العُمانية الحديثة، بما نَظم من قصائد عديدةٍ في مختلف الموضوعات، وبما تميزّ به شعره من خصائص وما قاله عنه بعض المهتمّين بشعره. ووضح أن الشّاعر كان ينطلق من خصوصيّاتٍ في كتابته الشّعريّة، بعضها يتعلّق برسالته الخاصّة في نظم الشّعر، وأخرى تخصّ شخصيّته، وغيرها ممّا له صلة بوطنه عُمان وموطنه مَنَح، وفكره.

    وفي دراسته المعنونة بـ “الجانب الأدبيّ في منظومات سعيد الرّاشدي”، ركز المؤلف في التّحليل والتّفصيل والنّقد على عنصرَيْ التّأثّر بالقرآن والإيقاع، لأنّهما الأكثر بروزًا في منظومات الرّاشدي، وذكر بقيّة العناصر في بنائه الأدبيّ باختصارٍ وبتعليقاتٍ قليلةٍ. كما استعمل بوحجام كلمة “ناظم” بدل “شاعر”، على الرغم من أنّ الدّراسة التي قام بها هي دراسةٌ أدبيّةٌ، تتّجه بنا نحو الشّعر لا النّظم، إلّا أنّه برّر ذلك أن أغلب ما كتبه الرّاشدي كان نظمًا، لكنّه ببراعته في التّحرير والتّعبير والتّصوير، ونتيجة تكوّنه الأدبي وحبّه للأدب، ورغبته في تقديم علمه وآرائه ونظراته ونظريّاته بأسلوب يُشبع رغبته، ويسهم في جذب المتلقّي لآثاره، فقد صبغ بعض نظمه بالصّبغة الأدبيّة، فعمد إلى بعض الأساليب التي تحقّق له ذلك من مثل الارتكاز على استلهام القرآن الكريم وتوظيفه في صياغته، والارتكاز على الإيقاع الذي تفنّن في إيجاده في نظمه ليبلّغ المعاني والأفكار إلى أذهان المتلقّين.

    وفي دراسته “تأمّلات في ديوان (ما تبقّى من صحف الوجد) لسعيد الصقلاوي”، رأى بوحجام أن هذا الديوان يمثّل محطّةً متقدّمةً مهمّةً في شعريّة سعيد الصّقلاوي، وينطوي على ظواهر ومظاهر عديدة، وعلى عناصر مختلفةٌ في بناء العمليّة الشّعريّة وأساليب متنوّعة في صياغة أسطر قصائد الدّيوان، ووضوح الجانب الموسيقي فيه، وبخاصة الإيقاع والمعجم الشّعري الذي يحمل دلالاتٍ خاصّة. وتناول الباحث دلالة عنوان الدّيوان واللّغة والصّورة والموسيقى والرّمز والطّبيعة، ووقف عند بعض القصائد لتسجيل بعض التّعليقات التي تسهم في التّعريف بشعريّة الصّقلاوي، وذلك بتحليل بعض القصائد، وإجراء مقارنةٍ بين قصيدة للصّقلاوي وأخرى لعلي محمود طه، نموذجًا للشّعر الوجداني، الذي لم يخلُ منه ديوان “ما تبقّى من صحف الوجد”. كما عمد إلى بعض المقاربات بين أشعار الصّقلاوي ونماذج من أشعار الشّعراء الوجدانيّين للوقوف على ما توفّر في شعره من خصائص الاتّجاه الوجداني.

    وفي ملاحظاته حول كتاب “اللّوّاح الخروصي سالم بن غسّان.. حياته وشعره” لراشد بن حمد الحسيني، عدّد بوحجام إيجابيّات هذه الدراسة، وتناول المعجم الشّعري عند اللّوّاح الخروصي، والتّصوير والموسيقى، والرّثاء.. وثمّن تركيز الكتاب على القيمة التاريخية لشعر اللّوّاح الخروصي الذي وثّق عددًا من الأحداث والمواقف والمشاهد والمناظر والمواقع والشّخصيّات والمَعالم والمراكز والمحطّات، وفي كثير من هذه التّسجيلات والإثباتات تعويض وملء الفراغ والثّغرات التي عُرِفت في التّاريخ العُماني بسبب الإهمال أو قصد التّغييب والإبعاد، موضحًا أن الحسيني وُفّق في استثمار النّصوص الشّعريّة للكشف عن هذا التّاريخ. وفي قراءته لكتاب “أثر الفكر الإباضيّ في الشّعر العمانيّ” لمحمود بن مبارك السّليمي، سلط بوحجام الضوء على محاولة السليمي التّأكيد على خصوصيّة الفكر الإباضي من حيث انتماؤه إلى بيئة محدّدة، وصدوره عن أفكار قد تبدو متميّزة أحيانًا عن بقيّة ما عُرِف عند غير الإباضيّة. وأكد أن هذا الفكر -ولو كان متميّزًا، بسبب الظّروف التي أوجدته، والأحداث التي مرّت عليه، والنّظرة التي كان ينظر بها إليه الآخرون أو بعضهم- فإنّه ليس مبتورًا من الفكر الإسلامي، ولا بعيدًا عن منطلقاته وأصوله، إنّما هناك جوانب ينفرد بها.

    وفي تقديمه لديوان “فيض من حنايا ضميري” لهلال البريدي، قال بوحجام إن هذا الديوان حمل الدّلالة الشّعريّة للكلمة، ونقل التّجربة الشّعوريّة. وعرض المؤلف للموضوعات التي اشتمل عليها الديوان، وقد توزعت بين الغزل الذي يصف الوجد واللّوعة نحو من تعلّق قلب الشّاعر بها، والغزل السّياسي، المتمثّل في حبّ وطنه عُمان، ووصف الطّبيعة والمرابع، التي سجّل فيها ذكريات ومواجد، وقضايا الأمّة الإسلاميّة، وهموم المجتمع العربي وغيرها. وأشار بوحجام إلى أن القراءة الأولى للديوان تكشف أنّ الشّاعر النّاشئ يمتلك استعدادًا للذّهاب في مضمار الشّعر بعيدًا؛ بَعد أنْ يعمل على تطوير أدواته الفنيّة وصقل قدراته، وتنمية تجربته الشّعريّة.