دراسة للعجمي عن الحياة العلمية في عُمان خلال القرنين الـ 15والـ16 الميلاديين

دراسة للعجمي عن الحياة العلمية في عُمان خلال القرنين الـ 15والـ16 الميلاديين


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “وكالة الأنباء العمانية”

    يتناول كتاب “الحياة العلمية في عُمَان خلال القرنين 9-10هـ/15-16م” للباحث د.خليل بن عبدالله بن سليمان العجمي، التطورات العلمية التي شهدتها عُمان خلال الفترة المدروسة، مركزًا على عدد من العلماء الذين أثّروا في الحياة الثقافية وتركوا تراثًا فكريًّا وحضاريًّا مكتوبًا، وظهرت في عصرهم مؤسسات ثقافية ودُور علم أفرزت العلماء والفقهاء والأدباء والأسر العلمية، كما ازدهرت في زمنهم حركة التأليف والنسخ. ويرى المؤلف أن ذلك كان من نتاج الأوضاع السياسية في تلك الحقبة، إذ تم إحياء الإمامة الخامسة في عُمان تزامنت مع نهاية دولة النباهنة الأولى والمملكة الهرمزية.

    ويسلط العجمي في كتابه الصادر عن الجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون” في عمّان، الضوء على النظام التعليمي آنذاك، ممثلًا في مراحل التعليم، ومناهجه، وأماكنه، وطرقه، وأحوال المُعلمين والتلاميذ، والعلوم التي يتلقونها. وتناول أيضًا الإنتاج الفكري والعلمي للعلماء وإسهاماتهم في المجتمع.

    ويشير الباحث إلى أن عُمان وقعت في تلك الفترة تحت سلطة النباهنة الذين توالى على دولتهم ملوك كثر، وكان أول ظهور لهم في الظاهرة ثم في بُهلا ونزوى، وفي المقابل حرص العلماء على إحياء نظام الإمامة عبر فترات متقطعة من الزمن بدءًا من القرن الخامس عشر الميلادي وتخلل ذلك فترات من التنصيب والبقاء في الحكم لمدة طويلة أو العزل أو الاعتزال، وكان لنظام الإمامة هيكل تنظيمي يترأسه الإمام، ويضم مستشاريه من الفقهاء والعلماء الذين يتولون شؤون القضاء، فضلًا عن الولاة.

    ويركز الباحث على إطارين زماني ومكاني محددين بغية التوصل إلى الأهداف المرجوة من بحثه، إذ يتحدد الإطار الزماني ابتداء من سنة 809هـ/1406م، وهو العام الذي نجح فيه علماء الإباضية في إحياء الإمامة الخامسة في عُمان، أما نهاية ذلك الإطار الزماني فتم تحديده بانتهاء الإمامة الخامسة (964هـ/1557م)، وانقسام البلاد إلى زعامات قبلية. ويوضح العجمي أن اشتداد التنافس والصراع في بعض الفترات حول الزعامة لم يمنع من تطور الحياة العلمية بين الناس والعلماء تبعًا لظروف ذلك العصر.

    أما الإطار المكاني، فينحصر في المراكز العلمية في مدن عُمان الداخلية، كنزوى، والرستاق، وبُهلا، ومنح، وإزكي؛ لكونها احتضنت العدد الأكبر من علماء عُمان عبر العصور، مع تشابه التعليم الأولي في غالبية مناطق عُمَان الأخرى، أما الساحل العُمَاني فقد كان خاضعًا لسيطرة مملكة هرمز. ويؤكد العجمي في بحثه على دَور الأسر العلمية في ازدهار الحياة العلمية، إذ نبغ في تلك الفترة علماء، وفقهاء، وقضاة، وأطباء، ومنهم من اشتغل بالسياسة، وكان لهم دور مؤثر في الأحداث داخل عُمان، مبرزًا ما حظي به العلم من اهتمام من قبل بعض سلاطين النباهنة والأمراء، إذ كان بعضهم يهتم بطلبة العلم خلال المجالس التي يتم فيها الاهتمام بالشعراء والأدباء، واستقبال أهل العلم.

    ويوضح الباحث أن المراكز العلمية في المدن مثلت حاضنة أسهمت باستقطاب العلماء، فمنهم من استقرّ بها ومنهم من ذهب للتعلم فيها ثم عاد لموطنه، فخرّجت العلماء والفقهاء الذين تنوعت مصنفاتهم، واتسمت المدن بتوفر المكتبات التي ارتبط بعضها بالأسر، كما كان للوقف التعليمي دورٌ في الإنفاق على التعليم، وكان النصيب الأكبر منه وقف العلماء، كوقف الكتب على المساجد والمدارس، ليتعلم منها طلبة العلم. ويشير الباحث إلى تنوع المؤسسات التعليمية، بداية من الكتاتيب التي كان هدفها محو الأمية، وكانت تقام تحت الأشجار أو عند أطراف الحارة، مرورًا بالمساجد التي كان يتم فيها تعلم الدين واللغة، والمدارس المخصصة لتعليم الناشئة القراءة والكتابة والأدب والقرآن الكريم والخط، وانتهاء بتعلم العُلماء، وهو تعليم متقدم وغالبًا ما يتم في بيوت العلماء (مجالسهم)، أو في بعض المساجد بين العلماء أنفسهم أو مع تلامذتهم.

    ومما يعزز أهمية هذا البحث اعتماده على عدد من المصادر التاريخية والفقهية والأدبية ذات الصلة بموضوعه، لا سيما المصادر الفقهية التي ما يزال أغلبها مخطوطًا في المكتبات الخاصة والمؤسسات الحكومية.