“جفرا نيوز”
وقع الروائي والشاعر د. بسام أبو غزالة روايته “عبر الشريعة”، الصادرة عن دار الآن ناشرون وموزعون في عمّان٬ في منتدى الرواد الكبار اول من امس. شارك في الحفل الذي ادارته المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، د. عماد الضمور، المترجم والشاعر نزار سرطاوي، وبحضور مديرة المنتدى هيفاء البشير، اشارت الى ان الرواية تحمل في طياتها احداثاً حملتها الذاكرة من الوجع الفلسطيني وألم الشتات الذي تذوقه الإنسان الفلسطيني في بقاع الأرض، وكما تبرز الرواية الجانب الإنساني وتنحاز للضعفاء والمسحوقين. ورات البشير ان أي عمل أدبي مغمس حبره بالهم الفلسطيني هو إضافة إلى لوحة الفسيفساء التي رسمها كتّاب فلسطنيون من غسان كنفاني وحتى محمود درويش وغيره. راى المشاركون في الحفل ان الرواية التي تدور احداثها في ثلاثة مدن عربية هي بيروت، دمشق، عمّان وصولاً إلى بلدة “الطنطورة” الفلسطينية التي طالما اشتد حنين لها، كما انها تحمل ملامح فكرية وسياسية واجتماعية ونفسية، تشتبك بعض بعضها. د. عماد الضمور رأى انه رواية “عبر الشريعة” عندما يتحدث عن تجليات الهزيمة سوأ أكانت نكبة أم نكسة فتظهر ملامح تجربة اغترابية واضحة، وهذا أفرز أدباً مقاوماً يصور المعاناة، ويدعو إلى الثأر من المحتلّ، فما من شعب في العالم تعرض في العصر الحديث لاضطهاد المحتلّ، وقسوة الحياة مثل الشعب الفلسطيني، وهذا ما إبرازه بطل الرواية “طاهر”، الذي درس الهندسة في الجامعة الأمريكية في بيروت. وتابع الضمور تنتقل احداث الرواية ما بين “بيروت، دمشق، عمّان وصولاً إلى الطنطورة بلدته الفلسطينية التي طالما اشتد حنينه إليها، أما أهله فهم لاجئون في طولكرم، مع أن أصولهم تعود إلى “الطنطورة”، إحدى بلدات حيفا الجميلة، والتي شهدت مجزرة رهيبة أثناء نكبة 1948م”. وبين الضمور أن الأدب الفلسطيني شعراً ونثراً، خضع للأحداث التاريخية وتعالقاتها السياسية، فالنكبة الفلسطينية أفرزت هذا الأدب، حتى وإن تحدث عن هموم وجدانية، أو اجتماعية، فإنّ فلسطين بقامتها الشامخة، وعمقها الحضاري، وموروثها الشعبي الخصب، وقداسة أرضها، تقف محركاً مهماً لكلّ تفصيلات البناء الفني، ومضموناً خالداً في الأعمال الإبداعية. ورأى الضمور أن ما من كاتب فلسطيني إلا وعاش آثار المعاناة الفلسطينية المعاصرة، ولعلّ هذه خصوصية تميّز هذا الأدب عن بقية الإبداع الفني في الوطن العربي، وإن كانت فلسطين حاضرة فيه، لكن ليس بكثافة حضورها في الإبداع الفلسطيني، وبخاصة في ذاكرة من عاش تجربة اللجوء، والبعد عن الوطن المحتلّ. وأشار الى بعض الروايات حملت هذه القضية مثل روايات غسان كنفاني، ويحيى يخلف، ورشاد أبو شاور، وغيرهم ممّن بشروا بأدب العودة، وتمسكوا بأحلامهم، وأسسوا لتيار إبداعي جارف في الإبداع الفلسطيني بخاصة، والعربي بعامة. واعتبر الضمور إنّ الأحداث السياسية المتسارعة، والفاجعة في الوقت نفسه، فرضت عبئاً ثقيلاً على المبدع الفلسطيني، فهي ما تفرض عليه الكتابة التزاماً بقضية مصيريّة؛ فالتجربة الفلسطينية قاسية لا ترحم، والتشرّد عن الوطن أليم، تغلغلت آثاره في كلّ مناحي الحياة الفلسطينية، تجربة لا يمكن نسيانها أو تجاوزها؛ لذلك جاء سردها أليماً، والبوح بتفصيلاتها قاتلاً. فالمكان الفلسطيني هو دائماً الضحية، وهو دائماً مكان مقاوم، يرتبط الفلسطينيون “شخوص الروايات”، به ارتباطاً روحيّاً عميقا. فيما تحدث المترجم والشاعر نزار سرطاوي عن الملامح الفكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية التي تتناولها الرواية وتتشابك معا بشكل عضوي يجعل من الصعب فصل بعضها عن البعض الاخر، وهي تظهر في اشكال متعددة من ابرزها :الحوارات الطويلة التي تدور بين ابطال الرواية وتشارك فيها احيانا الشخصيات الثانوية والاصدقاء والمعارف. اما الحدث الكبرى الذي تتحدث عنه الرواية بحسب سرطاوي فهو :حرب حزيران بمقدماتها ومجرياتها ونتائجها وما احدثته من ثورة في الوعي الفلسطيني، وكذلك العلاقات الاجتماعية في اطار الحياة الجامعية والعلاقات بين مختلف الاسر والناس بصورة عامة وما تتكئ عليه من عادات وتقاليد واعراف وقيم وما يرتبط بها من ظواهر وممارسات. فالرواية كما قال سرطاوي تتناول حياة شاب فلسطيني يدرس الهندسة في الجامعة الاميريكة في لبنان “طاهر”، وعلاقته مع صحافية لبنانية هي “دنيا”، ذات الميول الماركسية، وبالوقت نفسه يقع في حب “كندة”، الطالبة الفلسطينية التي تدرس معه في الجامعه نفسها. واشار سرطاوي الى ان الاحدث تدور في ثلاثة امكنة هي “بيروت، عمان، فلسطين”، فبعد ان يتخرج طاهر من الجامعة تقع حرب حزيران فيسافر هو وكندة الى عمان ثم يعبرون نهر الاردن “الشريعة- الى الضفة الغربية” حيث يتعرض طاهر الى الاعتقال بتهمة مقاومة الاحتلال فيخرج ليتابع عمله في بلدية نابلس، بينما تسافر كندة الى بيروت وتنتهي الحكاية بزواج كندة وطاهر. ويذكر ان رواية “عبر الشريعة”، تدور أحداثها قبيل هزيمة يونيو 1967، وتمتد حتى منتصف سبعينات القرن الماضي، ما بين لبنان والأردن وفلسطين، تُغطّي أحداثًا مهمة في تلك المرحلة، وعلى رأسها هزيمة الدول العربية في حربها الثانية مع إسرائيل، ونشوء المقاومة الفلسطينية السلمية والمسلحة رفضًا للاحتلال، من خلال قصة حبٍّ تدور بين شاب وفتاة من فلسطين يدرسان في بيروت، يصادف أن تقع الحرب أثناء عودتهما إلى وطنهما، فيضطرّان للقيام برحلة صعبة عبر “الشريعة” (نهر الأردن)، والتسلل إلى وطنهما. والدكتور بسام أبو غزالة شاعر وروائي اردني ولد في مدينة نابلس عام 1940، ودرس في مدارسها، ثم درس الصيدلة في الجامعة الأميركية في بيروت، وتخصص في الصيدلة السريرية، التي مارسها ردحا من الزمن، قبل أن يتفرغ للكتابة والترجمة.