“ربطة عنق” لبراءة الأيوبي.. رواية عن فقدان الأمان النفسي

“ربطة عنق” لبراءة الأيوبي.. رواية عن فقدان الأمان النفسي


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    تتناول رواية “ربطة عنق” للكاتبة اللبنانية براءة أيوبي، حكاية شخصٍ خسر أمانَه النفسيّ واستقرارَه المكانيّ، بسبب سوء معاملة الآخرين له وسخريتهم من تشوّهاته، ليعثر على نفسه بعد ذلك وقد سلك قسرًا طريقًا معتمًا للروح.
    ووفقا لأحداث الرواية، عجز الفتى المشوّه عن التآلف مع محيطه الذي استهدفه بشتى أنواع الاعتداءات النفسيّة وأحيانًا الجسديّة، ودفعه للانعزال لتلافي أيّ شكلٍ من أشكال الوجع والألم الداخلي. وبفعل استهجان الآخرين لوجوده، استحال بطل الرواية من فتى مدلّل يعيش في كَنَف أمه مشاعرَ طيّبة وراحةَ بال، إلى كائنٍ هارب منغمس في الشقاء، وفاقدٍ للانتماء لمحيطه.
    وتُظهر أحداث الرواية أنَّ الخوف يصبح هو الحقيقة الوحيدة، وتغدو الوحدة الوسيلةَ المتاحة لإضفاء بعض الحياة على أيّامٍ بنكهة الحرمان، وبين وحدةٍ وغربة وانعزال من جهة، وعدم القدرة على التأقلم مع بشرٍ يجدون في الاختلاف ذريعةً للسخرية والتهكم والاستهزاء من جهةٍ أخرى، تولد رغبةٌ جامحة لدى البطل بالانتقام من الجميع.
    وهكذا، تسير أحداث الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بين دهاليز الخسارات حينًا والشرور حينًا آخر، ليأتي بعدها قرار العودة إلى الجذور كأفضل مكانٍ قادر على الاحتواء.
    وتطرح الرواية، وهي الثالثة لبراءة أيوبي، ظاهرة التنمّر من خلال نموذج فتى نالَت منه التشوّهات الخَلقيّة، وهي لا تقدّم حلولًا لهذه الظاهرة التي ترتبط بتراجع القيم في مجتمعات أصبحت فيها المادّة هدفًا لا وسيلة، وإنَّما تُعنى بتسليط الضوء على المعاناة الاجتماعيّة التي تواجه الفرد ضحية التنمّر، والانعكاسات النفسيّة التي تصيبه عندما تُبتَر علاقته مع المحيط، ويعثر على نفسه وقد أُجبر على اعتزال الحياة والأحلام وحتى المكان؛ هرباً من أرضٍ لم تقدّم له سوى الخيبات والانهزامات النفسيّة.
    وحول اختيار “ربطة عنق” عنوانًا للرواية، تقول أيوبي: “ربطة العنق في الرواية هي أولاً جزءٌ من الملابس الرسميّة التي يرتديها الرجل وتمنحه هيبةً ووقارًا، وهي ثانيًا تعبيرٌ عن القيود التي تنبع من جَهل المحيط وتراجع القيم فيه، فتلتفّ كالرباط حول العنق وتَحول دون قدرة الفرد على الانطلاق وخوض غمار الحياة بحلوها ومرّها؛ خوفًا من ردود الفعل السلبيّة للآخرين”.
    وتضيف: “أخوض في هذه الرواية تجربةً جديدة على صعيد اختياري للبطل، وهو رجل يعاني من تراكمات نفسيّة عميقة، وهذا ما اضطرّني إلى تقمّص ثوبٍ ذكوريٍّ في التفكير والسلوك لأتمكّن من إقناع القارئ بصدق الأحداث وواقعيّتها.. وثانيًا على صعيد الخطّ الزمني للرواية، وكيفيّة نقل الأحداث للقارئ وتتابعها عبر الزمن، فمن يقرأ روايتَي السابقتَين سيشعر بقفزات زمنيّة متشابكة بين الماضي والحاضر، أمّا في (ربطة عنق) فالقفزات الزمنيّة موجودة ولكن في اتجاه أحاديّ.. وهذا لا يمنع من وجود حدث مباغتٍ على هذا الصعيد في نهاية الرواية”.
    وتكشف أيوبي أنَّ الرواية تشغل في الفترة الحاليّة الحيّز الأكبر من اهتمامها، لكن ذلك لا يتعارض مع استمرارها في كتابة النصوص التي تعدّها “الوسيلة الأساسيّة للتعبير عن الذات الساكنة والصاخبة في آن”.. أمّا فيما يتعلّق بكتابة القصص فهي “مشروعٌ مؤجّل إلى حين”.
    يُذكر أن أيوبي أصدرت سابقًا رواية بعنوان “ورد جوري” وأخرى بعنوان “حياة ترف”، كما أصدرت مجموعة قصصيّة بعنوان “المسكونة”.