“صهيل الذُّرى” مختارات شعرية للشاعر السوري توفيق أحمد، اختارها وقدَّم لها الكاتب والناقد السوري نذير جعفر، محتكمًا في اختياره إلى ذائقته الشخصية.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، في 184 صفحة من القطع المتوسط، وبدأ بمقدمة لنذير جعفر حول شعر توفيق أحمد ودواوينه السبعة، ثم جاءت المختارات التي تضم ستين قصيدة من مختلف دواوين توفيق أحمد، اختارها من الطبعة الثالثة للأعمال الكاملة للشاعر.
ويرى نذير جعفر أن الشاعر توفيق أحمد لا يكتب الشعر فقط، وإنما يعيشه، بحسب ما جاء في المقدمة التي يقول فيها أيضًا: «شاعر يحار المرء إذا ما خُيِّر أن يختار من جميل شعره في دواوينه السبعة ما يرضيه ويرضي ذائقة القارئ، لأن قصائده في مجملها نفثات روحه، ومِزَق قلبه، وصور حياته، وشهقات آلامه وإيقاعات غبطته عاشقًا مولَّهًا، وحالمًا منكسرًا، عربي الانتماء والمبدأ، إنساني الوجود والهدف، كوني الرؤى والرؤيا، متيَّمًا بتأنيث الطبيعة زهرًا ومطرًا وعشبًا وطيرًا، كما لو أن كلَّ قطرة ماء، وكلَّ وردة، بل وكل عاصفة ليست سوى أنثى عاشقة تثير الشَّجن، وتوقظ المشاعر من غفوتها، والروح من تيهها، والكلمات من سباتها، لتملأ الدنيا حبًّا وشعرًا وغناءً».
كما يضيف نذير جعفر عن علاقة توفيق أحمد بالمرأة في شعره: «انحيازه إلى الأنثى لا يشغله عن عالمه الجوَّاني، في تساؤلاته وغربته وحنينه وتردُّده، وعذاباته المضيئة، وهو في ذلك كله أقرب في شعره إلى البساطة المشعَّة من الصنعة المتكلَّفة، ومن التمرُّد إلى المجاملة، يتدفَّق على سجيَّته غير آبه بسلطة «التابو»، ولكن في الوقت نفسه بعيدًا عن الصفاقة والتجريح والمباشرة».
وحرص نذير جعفر في تقديمه للمختارات أن يذكر أنها نماذج لشعر توفيق أحمد لكنها لا تمثِّل كل تنويعاته الشعرية، فيقول: «لذلك لا تبدو هذه المختارات من شعره تمثيلًا كليًّا لتجربته مبنًى ومعنًى، لما فيها من جماليات الصور المبتكرة، وسحر المخيِّلة التي تحلِّق في فضاءات غير مسبوقة، ولا لتعدُّد الموضوعات والدلالات والتقنيات والإحالات التي تربط الذاتي بالعام، والحاضر بالماضي، والوطني بالقومي، والقومي بالإنساني، والتراث بالمعاصرة، وتجمع بين الشعر العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر، بل هي قليل من كثير، وفي هذا القليل المختار من شعره ما يشير إلى ذلك كله تلميحًا حينًا وتصريحًا حينًا آخر».
يقول توفيق أحمد في قصيدة “بطاقة مسافر غير عادي”:
إنِّي أراكَ ولم يُجاوزْ عمرُكَ
العشرينَ سنبلةً
تحاصرني بأكثرَ من خَبَرْ..
ويُجيبُ
عمري حدُّهُ الأقصى رصاصُ
وكأن قاضي النفي يحكُمني/ يُحاكمني
ومثلي هل يَليقُ به القصاصُ!
زمنٌ يَمُرُّ
ومُرَّةٌ أيامُهُ
فمتى إذًا يحلو
متى يأتي الخلاصُ؟
ومن الجدير ذكره أن توفيق أحمد شاعر سوري، له سبعة دواوين شعرية جُمعَت في مجلد واحد بعد صدورها منفردة، وهي: “أكسر الوقت وأمشي 1988، لو تعرفين 1998، نشيد لم يكتمل 2001، لا هدنة للماء 2003، جبال الريح 2007، حرير للفضاء العاري 2009، حنين الحبر 2015”.
وأما نذير جعفر فهو كاتب وناقد سوري، وعضو اتحاد الكتاب العرب، وعضو اتحاد الصحفيين.