“عتبات الروح” لهاشم الشامسي.. شذراتٌ بلُغة أدبية مكثّفة

“عتبات الروح” لهاشم الشامسي.. شذراتٌ بلُغة أدبية مكثّفة


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “وكالة الأنباء العُمانية”

    يتضمن كتاب “عتبات الروح” للكاتب العُماني هاشم الشامسي أكثر من خمسين عنوانًا لموضوعاتٍ يندرج تحت كلٍّ منها مجموعة من الشذرات التي تتأمل في الطبيعة والنفس والحياة والعلاقات الاجتماعية.
    وتتّسم نصوص الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بالتعاون مع الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، بلُغةٍ مكثفة تحمل دلالاتٍ منفتحة على التأويل، وتعبّر عما يفكر به الكاتب وما يهجس به بما قلّ ودلّ.
    في سعيه للإجابة عن سؤال: لماذا أكتب؟ يقول الشامسي في شذرة ضمن فصلٍ خُصص لموضوع الكتابة:
    “لا أكتبُ لأنَّني متفائلٌ أو متشائمٌ
    أكتبُ لأغْسِل أوجاعي
    وأجعلَ لصمتي جمالًا”.
    وفي شذرة أخرى يقول:
    “أكتبُ لأشاركَ الطّبيعة فرحَها وألَمها”.
    ونقرأ في السياق نفسه للشامسي :
    “نكتب لنجدّد في أرواحنا
    ألق المحبة والسعادة
    لنراها في وجوه الناس وألق الطبيعة
    في صوت غناء الطيور
    في صوت خرير المياه
    عبر سواقي الأفلاج
    الممتدّة في أعماق أرواحنا”.
    استخدم الشامسي في نصوصه أسلوب الرّمز والتّلميح أحيانًا، مع التركيز على المفردات الشاعرية والصيغ ذات الإيقاع الرقيق والمؤثر على السمع وفي الوجدان، وحرص على أن تكون العبارات مختزلة لكن فياضةً بالمعنى.
    ويمكن ملاحظة ذلك منذ العنوان الدالّ الذي اختاره الكاتب لإصداره: “عتبات الروح”، ويقول في ذلك:
    “تطل علينا بردائها الملائكي
    هي السحب تطوف حول الأرض
    وحديثها للإنسان نبع من الكرم
    وحين ترحل
    تصاحبها الريح وصفاء الروح
    ترى الأرض باسمة
    والعروة الوثقى
    فيض محبة يحملها الإنسان”.
    وفي شذرة أخرى نقرأ له:
    “الحياة هي النبض الذي يعيش عليه الموت
    وحين تُسلَب الروح من الحياة
    يرتبك الموت
    وكلاهما، الحياة والموت،
    يعيشان على الاستكانة في الروح”.
    تتنوع شذرات الشامسي التي تمثل نصوصًا تعبيريةً قويةً، تنطوي على أفكار وخواطر ذاتية تأملية، وفي عددٍ غير قليل منها يجعل الكاتب الأشياء إنسانًا تحمل المشاعر وتعبّر عن ذلك بحركاتها وسكناتها، ومثال ذلك:
    “اخترت دربي
    وحين اقتربت من نهايته
    كان الجبل يلوّح لي بيده”.
    ومن ذلك أيضًا وصف المؤلف لطيبة الإنسان وجمال روحه كما لو أنّه يحمل بداخله نهرًا من المحبة والعطاء:
    “أجملُ نهرٍ شفاف يوجد بداخلي
    نداؤه يأخذني بعيدًا
    صمته يغنّي في داخلي
    قلبي يلقي قصيدة
    لا تكن إلا مثل طائر يرف بجناحيه”.
    وتغدو الطبيعة بما فيها من مكونات ومفردات مصدر إلهام للإنسان، ومما يكتبه الشامسي في هذا السياق:
    “عندما تبحث عن موسيقى الكون
    ستجدها في نجمةٍ لامعة
    أو في زهرة وحيدة
    أو في صلاة صامتة
    أو فوق شاهدة قبر
    أو فوق ذرى الجبل
    لن تجد أجمل من موسيقى الصمت”.
    إلى جانب ذلك، يوظّف الكاتب كل مشاهد الطبيعة ويستقي منها الصور الشعرية والحكمة العميقة، وقد اعتمد أحيانًا أسلوبَ الحوار الذاتي الذي جاء بشكل ممتع ولطيف، مع تكثيف واختزال يسهّل عملية التلقي ويواكب تطورات العصر الذي يتسم بسرعة إيقاعه.