“وكالة الأنباء العمانية”
يضم كتاب “فاكهة الفلّاحي” للكاتب العماني محمود الرحبي، مقالات نُشرت في الأصل ضمن زاويته الأسبوعية بصحيفة “العربي الجديد” اللندنية، ثم جُمعت في هذا الإصدار الذي يقع في 280 صفحة من القطع المتوسط. ولأنّ الحياة “ركضٌ حتى في السكون، وعواصف ورعود لكلّ مَنيطلّ مِن أيّ نافذة على العالم”، كما يقول الرحبي، فقد حاولت هذه المقالات أن تتصادى مع هذا الإيقاع وتصغي له في أضيق حدوده. وهي ترصد في معظم الأحيان مواقف الكاتب وتلخّص انطباعاته عمّا يقرأ في الكتب وفي المشهد العام على السواء.
ولأنها أُعدّت للنشر في زاوية أسبوعية وضمن حيّز محدد ومساحة لا يمكن تجاوزها، فقد حرص الرحبي على التنوع في الموضوعات التي يتناولها فيها. أما ترتيب المقالات في الكتاب الذي أصدرته الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون” (2022)، فخضع بحسب الرحبي لمعايير من أبرزها جاذبية المقال وانفتاحه الزمني وراهنيته.
ويتضمن الكتاب فصلًا عن فلسطين يعاين فيه المؤلف جوانب من قضية العرب الأولى الحاضرة باستمرار رغم كثرة الأحداث في الإقليم والعالم. ويستشهد الرحبي في ذلك بقول الناقد المغربي نجيب العوفي: “الحدث الفلسطيني ليس مجرد حدث عابر سرعان ما تطويه الحِدثان، أو مجرّد مناسبة ظرفية أو عكاظ قومي يتنادى إليه الخطباء والشعراء كلّما اشتد إيقاع الحدث إيجابًا أو سلبًا، ثم يعودون إلى قواعدهم وعوائدهم سالمين غانمين.
الحدث الفلسطيني هو هذا المكتوب التاريخي على الجبين العربي وإن غفلت عنه الأعين. هو الامتحان اليومي للهوية، بين أن تكون أو لا تكون. ولا غرابة من ثَمّ في أن تقاس حرارة الجسم العربي بحرارة النبض الفلسطيني”. ومن المقالات التي يضمها القسم الأول من الكتاب: “صُبحان مسقطيّان”، “تمثال الحرية الأسود”، “مارادونا.. حياة في الكرة”، “بورخيس العرب”، “كنز أميرة زنجبار”، و”الكتاب الورقي أبقى”.
أما القسم الخاص بفلسطين، فمن المقالات التي أُدرجت فيه: “فلسطين في أدبيات عمانية”، “القدس والبيانات المثقفة”، “دينيس أسعد.. شهرزاد الحكاية العربية”، “أسرار فدوى طوقان.. المعلنة”، و”نافذتان على رام الله”.
نقرأ في مقالة “فاكهة أحمد الفلاحي”، العنوان الذي استوحى منه المؤلف عنوان الكتاب: “من يتعرّف على أحمد الفلاحي للمرّة الأولى فلن يفارق ذاكرته بسهولة، وهو ما حدث لنزار قباني حين التقاه في جلسة عشاء في مسقط، حيث استفاض الفلاحي في ذكر تفاصيل أبهرت نزار وأبهرتنا، فقد تدفقت الذاكرة الصافية للشيخ، عارضةً بصفاء كلّ ما كتبه الشاعر الكبير، ومنه قصيدة في رثاء جمال عبد الناصر، وقصائد غنّاها له أكبر نجوم الجيل الذهبي. لذلك حين غادر نزار مسقط، وكان مدعوًّا من النادي الثقافي العُماني، كتب رسالةً إلى الشاعر سيف الرحبي، ومما قاله عن الفلاحي: (كان كتيبة من الشِّعر، والظُّرف، والرواية، والثقافة، بطحتنا جميعًا على الأرض. إنه واحدٌ من الظرفاء العرب الذين سلِموا من هذا العصر الثقافي الحديث الذي لا مثيل لغلاظته)”.
يُذكر أن الرحبي أصدر أعمالا في القصة والرواية منها: “درب المسحورة”، و”ثلاث قصص جبلية”، و”اللون البني”، و”بركة النسيان”، و”مرعى النجوم”، و”حديقة السهو”، و”خريطة الحالم”، و”فراشات الروحاني”، و”أوراق الغريب”. وفاز بجائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب (2012) عن مجموعته القصصية “ساعة زوال”، وجائزة أفضل إصدار قصصي في معرض مسقط للكتاب (2008) عن مجموعته “لماذا لا تمزح معي”، وجائزة دبي الثقافية (2009) عن مجموعته “أرجوحة فوق زمنين”. ووصلت مجموعتاه “لم يكن ضحكًا فحسب” و”صرخة مونش” إلى القائمة القصيرة لجائزة الملتقى للقصة العربية القصيرة (2017 و2019).