قراءة في رواية (رئيس التحرير) لأحمد فضل شبلول

قراءة في رواية (رئيس التحرير) لأحمد فضل شبلول


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    نازك ضمرة

    لم أكن راغبا في قراءة هذه الرواية في البداية، لكن نشر رواية لكاتب مصري في الأردن استثارني اولاً، مع ان كل كاتب عربي يتمنى او يرغب نشر كتابه في القاهرة او بيروت، ولسوء حظي أنني لم أقرأ لشبلول من قبل، ولم أكن أعرف عن السيد شبلول الكثير، لكن وفي لقاء مبرمج مع السيد جعفر العقيلي، طلب مني قراءة هذه الرواية، فاشتريتها على حسابي من دار (ألان ناشرون وموزعون)، وكان أهم سبب في عدم رغبتي قراءة الرواية، أنها نوفيلا صغيرة، ولا يلزمها اكثر من أربع ساعات إلى خمس لإنهائها، ورواية بهذا الحجم الصغير لا تجد رواجا في الغرب ولا قارئا، كأمريكا واوربا، إلا إذا كان بتكليف أكاديمي أو بحثي، لأن نفَسَ القارئ الغربي طويل، وعاشق القراءة يحب الحكاية الطويلة وبصفحات لا تقل عن 350 صفحة فيقرأ بها في الحافلة وفي استراحة المكتب وفي المرافق الصحية،وقبل النوم، وعلى شاطئ البحر او عند ضفاف بركة السباحة او حين يعرضن أجسادهن لأشعة الشمس طلبا للون البرونزي واهداف صحية اخرى. ولطلب السيد العقيلي حفّزَ مهنة القراءة عندي، ثم لمعرفته انني أكتب مقالا نقديا عن كل رواية أقرؤها ولو بعد حين، ونادرا ما أكسل أو أهمل هذه العادة، ففعلتها، وأول الكشف عرفت أنني كنت مقصراً في عدم قراءتي لإبداع الأديب أحمد فضل شبلول، كنت أعرف أدب شبلول عبر مقتطفات او اخبارآو شعر او سماع او الفيسبوك، لكنني وبعد أن أنجزت قراءة رواية (رئيس التحرير) أحسست برضا عن نفسي لقراءتها.

    في هذه الرواية نتفاجأ اننا امام كاتب عريق عرف فنون السرد وأساليبه، وتجلى في وصف عميق صادق وسرد أدبي راق بأسلوب متحرر، وبلسان عربي فصيح على لسان بطل القصة يوسف عبد العزيز بحميمية وبجرأة لم نعهدها بهذه الجرأة والحرص من رجل عربي في آدابنا العربية. ففي حكاية رئيس التحرير يمتزج الحلم بالواقع، ويصعب عليك فصلهما او تصديق ما يجري وصفه بدقة وأناقة، فيه ثقة بالنفس، وتسلسل بالوصول لما يجول في عقل البطل بإنسانية وعاطفة صادقة من أنسان فتح عينيه على الأدب والكتابة منذ طفولته، حالما بأنه سيصبح رئيس تحرير لمجلة او صحيفة ما. وقد بدأ يمارس هذه الهواية منذ المرحلة الثانوية ثم وفي الجامعة بتعهده مجلة الحائط، يقوم بكل متطلباتها من كتابة وجمع وتأليف وترتيب وإخراج وتدقيق وتعليقها على حائط المدرسة او الكلية. وعرف شبلول بعدها شاعرا عاطفيا رومانسيا بحداثة ثورية هادئة، ومن خلال شعره ومقالاته ووطنيته بدأت الطرق تتفتح امامه، نحو الحلم الذي ظل يداعب عقله منذ صباه، أي الوصول إلى وظيفة رئيس التحرير.

    ظل يوسف عبد العزيز وهو الشخصية الأساس في الحكاية يكتب المقالات في المناسبات الوطنية والاجتماعية حتى التقي بصديقته الفنانة منى فارس، والتي تخطته أو أشغلتها الأنوار الساطعة، حين انطلقت في عالم الفن والسينما، وبقي يوسف عبد العزيز يعيش مع ذكرياته وأوقاته التي قضاها في مناسبات عدة مع صديقته الفنانة منى فارس، لكن حلمه بأن يكون في وظيفة رئيس التحرير لم يفارقه، رافضا عملاً آخر حتى حين عرضت عليه حبيبته منى فارس وظيفة غير ما في رأسه، فاعتبر عرضها شفقة عليه وتقليلا لكفاءاته، مدركا أن قصدها كان لكي يكسب دخلا معقولا، وتمر الشهور ويوسف مستمسك بحلمه، حتى اقترب من ذلك، بحصوله على وظيفة محرر في مجلة خليجية مشهورة، بتوصية من صديقته المصرية منى فارس، وبدعم خفي لا يعرف عنه من حسناء عربية خليجية، تهتم بالفن والأدب والتاريخ والجغرافيا، إلى جانب اهتمامها بجماليات الحياة والأناقة والمتع، ولم يأت الكاتب على ذكر إسم المجلة ولا حتى إسم البلد الخليجي، وصف وسرد مكشوف واضح المعالم ليس به عقدة ولا حيلة غريبة او فريدة، أو هكذا ارادها السيد شبلول، حتى انه كتب توضيحا كاشفا عن الرواية أسفل مسماها على الغلاف الأمامي الخارجي جملة (أهواء السيرة الذاتية) وأنا لم تعجبني هذه الإضافة الفاضحة، لكن وراءها ماوراءها من امور وتفسيرات نفسية لا مجال للخوض بها تفصيلا في هذا المقال وقد نشير لها لاحقا.

    لكننا لا ننسى أن ننوه بإن اول علاقة حميمية مع انثى دخلت في حياة يوسف عبد العزيز بطل الرواية، هو تواصله اول حياته وفي سنوات دراسته الجامعية بصداقة حذرة قلقه مع الشابة المصرية درية ابراهيم والتي سماها (خشبة عمود عبد الواقف)ويصفها بقوله (كانت نحيفة جدا، مخلوق ضئيل وصغير، ساقاها نحيلتان كسلك سميك، وقد تلتويان أية لحظة) ص 9 من الرواية. وتألم كثيرا من أول تجربة قادته لها درية ابراهيم، حين فكر بمجاراة الأحرار في (انتفاضة الحرامية)، كما سماها انور السادات وقتها، فيقول، (إن ظهري مازال يؤلمني من ضربة الشوما، وهي عصا غليظة، والشوما بلهجتنا الأردنية نسميها قنوة. ومع حماسه واندفاعه في مشاعره الوطنية، إلا انه كان لماحا يبدأ العلاقات بروح الشك، وحسب المنطوق الفلسفي الذي يقول (أول اليقين هو الشك) فكان يشك بكل أنسان يساعده او يتواصل معه فيقول: (كيف عرفت درية ابراهيم عن المظاهرة التي ستتم غدا؟ او هل هي؟. . . . ولا يكمل، أي يقصد هل هي متصلة بجهات عليا وطنية او حكومية أو مخابراتية؟ أو هل المظاهرات هي حركات للتظاهر واكتشاف الوطنيين غير المعروفين والنائمين أو الحاقدين؟،

    السيد شبلول اسكندراني عريق متعصب حتى العظم لمدينته الاسكندرية، وبها تعرف على درية إبراهيم، ثم تعرف على الحسناء منى فارس وصادقها، والتي يصفها قائلاً (عاشقة السينما والمسرح والموسيقى والفن التشكيلي والشعر النزاري) ص 22 ثم أضاف، (وقبل أن تجلس في مقعدها المفضل، منحتني قبلة على جبيني قائلة، هذا هو ما يخبئه شاوي الذرة لنا) ص 24 إشارة لقصيدة شبلول المعنونة شاوي الذرة، بعدها عرضت عليه محاولة مساعدته ليصبح مسئول الصفحات الثقافية في جريدة حزب إسلامي، ثم جريدة حزب الوفد، لكن الأجواء لم ترق له، فحصلت حبيبته منى فارس وقتها على مركز وكيل لمجلة نسائية خليجية شهيرة، وصارت تسافر إلى أقطار مختلفة، فعرضت عليه منى فارس وظيفة مصور مرافق معها إلى أن تجد له وظيفة تناسبه في الخليج، فسارع لرفض هذا العرض بإباء، لأنه كان يعتقد أنه أعمق ثقافة وعلما من منى فارس نفسها وأكثر أهمية، فهي فقط حبيبة له أو ندٌّ، ولا يرضى لنفسه أن يكون تابعا لها أو ذيلا على اية حال، فيصف الموقف قائلا، (صارت منى فارس نجمة، ما إن تحل في مكان إلا ويستقبلها المكان ومن فيه بترحاب) صفحة 31،

    وأستدرك قبل المزيد من التفصيلات، عن أدب شبلول ولغته وربما علمانيته، وأكثر ما همني في هذه الرواية، هو الوصول إلى فلسفة كاتب الرواية، وما قصد أن يقول لنا عبر هذه الرواية التي نحن بصددها، ولم يكن قصدي تلخيص حكاية الرواية، ولكن لنصل إلى خلاصات الفكر الذي احتوته والنقد المبطن واللاذع أحياناً، حتى نجلو ماوراء النص، ونعطي كاتبه حقه، فرواية (رئيس التحرير) رواية مثيرة للجدل برغم قصرها، فهي حكاية ثورية انقلابية بكل معاني هاتين المفردتين (إنقلابية ثورية)، تحمل دلالات ظاهرة ومخفية كثيرة ومتنوعة، على مستوى حياة العربي، وعلى مدى الوطن العربي من أقصاه إلى أدناه، والفرد والجماعات والإنسان العربي ذكرا أو أنثى هو محور هذه الحكاية، فهي رواية نفسية اجتماعية فلسفية حوارية، تتخذ من الصدق والجرأة والشفافية سبيلا لكشف المستور، ثم للتمرد على التراث المعتق والجامد، ثم والتوثيق إلى حد ما، ولنكتشف أن بطل القصة ظل يحاول الإمساك بحبل حياته وحياة حبيباته إلى حد ما، على الرغم من اضطراره للقطيعة بسبب قوة المقاومة التراثية والجمود الأخلاقي، بشكل مباشر او غير مباشر، ولهذا حين شعر بأن إلحاح الأسئلة سيظل يتابعه ويؤثر على حياته وأعصابه، لجا إلى إنهاء روايته بانقطاع مفاجئ فيه شيء من فجاجة، ودون مبرر، مع ان حياة شخوص القصة ظلت متجددة وبشكل فاعل في عقل القارئ، وذلك نتيجة لنجاح الكاتب شبلول في الإمساك بتلابيب عقل القارئ، بصدقه وأمانته وجرأته في حقه في الحياة دون الإضرار بغيره، وقد نخترع له مبررا لهذا التوقف المفاجئ، عن متابعة حياة وأيام حب جارف فوق مستوى كل الحدود التي نعرفها في أدبياتنا، وكأن السيد شبلول يرسم لمسلسل تلفزيوني طويل لمحاكاة تلك المسلسلات العالمية الأجنبية والتي تدوم حلقاتها لشهور او سنوات، أو مايشبه المسلسلات العالمية التي لا تنتهي، او على الأقل محاكاة المسلسلات التركية التي غزت المحطات الفضائية العربية في العقدين الأخيرين، حين انكمشت الدراما العربية نتيجة الفوضى الخلاقة، كما سمتها السياسية الأمريكية كوندوليسا رايس، وطبقت على مدى اتساع الوطن العربي الكبير، ثم وانكماش الفكر القومي العربي والفني والحداثي، وبروز حركات رجعية عطلت مسيرة الانفتاح على العالم بحداثة وتحرر، ليقربنا من العالم الخارجي الديناميكي، ونتج عن ذلك انحسار الفن العربي، وتنحية الأدباء والكتاب والفنانين إلى الصفوف الخلفية وربما المنسية، لكن وماذا عن قرار السيد شبلول نشر هذه الرواية في الأردن، فنجد أن نجاح الكاتب نفسه في استطلاع صحفي جميل جامع شامل عن البتراء الأردنية، وتشخيص افكار وأحلام الأنباطيات والألهات وغظمة الفكر النبطي وانتشاره ولغته وجماليات هياكلهم ومنحوتاتهم والأبهة التي وصلوا لها، وكل أردني ثم وعربي يعتز بكنوز البتراء، ويعرف الأردنيون البتراء وما تحويه من كنوز اثرية وتاريخية واسرار ضمن الأرض الأردنية، أراد من الأردنيين أن يعرفوا أن هناك ادباء من غير الأردن، يهتمون ببلادهم وتراثهم وآثارهم، هذا من ناحية، ثم ليلفت نظر الأردنيين لإبداع هذا الكاتب المصري العربي القومي الوحدوي، ليكون مقروءا في بلدهم، وليكن الناشر أردنيا، لصعوبة انتقال الكتاب العادي بين الأقاليم العربية، لانشغال الناس بلقمة العيش والصحة والأمن، وأخيرا أشير إلى نقطتين هامتين كاشفتين لشخصية كاتب هذه الرواية، فعدا عن ان هذه الرواية تشكل جزءاً من سيرة الكاتب الذاتيه حسب اعترافه في الجملة التي ألصقها على غلاف الرواية الخارجي، إلا أنه تجلى بها وكأنه حلق بعيدا عن كل رفوف طيور واقعه إلى عالم خاص خلقه بقدراته التي ميزته به حين كان يكتبها، فكان صافيا صريحا شفافا في تعبيره وخاصة في المواقف الحميمة مع الأنثى، وبشكل جريء قل أن نجد مثل ذلك السرد الأدبي الجميل، من أديب رجل، فهي اعترافات فاضحة وملهمة في الوقت نفسه، توصلنا إلى التساؤلات التي أشرنا تلميحا لها، من مثل لماذا الإنسان العربي والمسلم فقط هو الشقي والمضغوط وغير المسموح له بالتحرر؟ وربما ارادها الكاتب درسا وتشجيعا للفكر العربي، محطماً الكثير من الخرافات والتابو والاساطير والتخويفات والتهويمات التي تحد من انطلاق الإنسان على سجيته، وحسب طبيعته التي خلقه الله عليها كما تحدث في ظروف الزمان والمكان، على أمل أن يعيش الإنسان حرا بشرط أن لا يسبب ضرراً لغيره، فلم يلجم التابو شبلول ولا المحرمات عن الصراحة وصدق التعبير، ويجمح خياله أحيانا ليصعب علينا أن نصدق أننا نقرأ لكاتب عربي، كل البشر يحلمون بجنات في الدنيا، لكن الفرق هنا هو في صدق القول وإظهاره او كتمانه بالتخفي وراء مفردات وتعابير رمزية او كنائية، فكان أسلوبه نمطا يعلي من شأن الإنسان والحياة، ويشجع على الايمان والأمانة.

    أما النقطة الثانية الأخيرة فهي مرآة عاكسة لشخصية الكاتب وتوضيح لها، فنصوصه تقترب كثيرا من التباهي بإظهار طاقات متميزة ومثيرة في شخصيته، ليظهر لنا أنه لا يقوى على مثلها احد سواه، وفي أكثر من موقف إذ أبان لنا اكتشافات مسبقة عن أحداث او نوايا من الغير، وكأن لديه راداراً أو وحياً إلهيا يكشف المجهول، كاكتشاف رسالة رجل مغربي ادعى انه امرأة ناقدة صفحة 55، وهناك مواقف اخرى كثيرة تظهر نرجسية يوسف عبد العزيز بطل الحكاية، وليس في ذلك عيب، بل هي جرأة في الطرح وثقة زائدة بالنفس ربما، أما انفتاح البطلة الخليجية والتي وصلت منصب الرئيس الأول، فتصرفاتها تعكس تفجر المشاعر المكبوتة، والرغبة في التمرد للتنعم بالحياة والنعمة حين تجد أجواء مناسبة تسمو بها إلى عالم لا نتوقعه في أرض عربية، وغير مألوف مثلها في بيئتها الخليجية، وبالتالي العربية، والتي عرضها شبلول بسرد تجريبي مندفع يكاد يفيض عما نسمعه عن المرأة الغربية المتحررة، وحتى لو كانت تلك المواقف خيالا يلوب في عقل بطل الحكاية، وقد يكون معظم ما قرأنا في هذه النوفيلا خيالا أي أنها لم تجر فعلا على أرض الواقع، لكنها ستظل نبراسا للعقل البشري وملاذا لمشاعر المتعبين والمحرومين، وخاصة حين تجتمع الثروة والشفافية والجمال والحرية في عالم بلا حدود، أو حيث يستطيع أمثال هؤلاء الناس أن يخلقوا عالمهم الخاص بهم، مع ان العالم اصبح قرية محدودة المساحات، يستطيع الشخص القادر ان يخترقها من بدايتها حتى نهايتها كل يوم، يقول يوسف(ابتعدت عني قليلا، وهي تغني بصوت حنون كله شبق وفتون، “هذه ليلتي وحلم حياتي” ثم اقتربت مني وقد أسكرها خمر اللوحة وعطرها، همست في أذني، سأمنحك سري وجمالي وشفرتي الخاصة كتالوج جسدي وخريطة عشقي وملذاتي) صفحة 87 تلك المرأة التي تملك ارصدة في بنوك الخليج وسويسرا ونادي في لندن، وفيلا فخمة في منطقة الرحاب في القاهرة، وقصر زوجها الهائل في الدولة الخليجية الذي ورثته عن زوجها الراحل، فهي تقول (إنا أعشق السفر بجنون، وأعشق الجنس الحنون، الذي يغيبني في غابات، ويرفعني إلى أعلى عليين، تعال يايوسف) ص 87، وفي آخر الصفحة التالية يصف يوسف عبد العزيز ساعات صفائهما قائلا (صعدنا معا وهبطنا، رقصنا وسافرنا وحضرنا، سكرنا ورجعنا وافقنا “ليت انا لا نفيق” ص 88 وفي صفحة 98 يجيبها، (وأنا ارقص رقصة التنورة، أحس انني ادور حولك وأنك مركز الكون بالنسبة لي، فأنت مولاتي، فتجيبه إذن فلنرقصها معا الليلة) ص 98، ولا يفوتنا ان صاحبنا يوسف عبد العزيز لا تفوته فرصة إلا ويغتنمها، فهو صاحب مزاجية جنسية هائلة حتى أنه استجاب لشبق الشغالة الهندية، فيصف ما حدث، (تمددت على السرير وهي تشدني فوقها، فلم استطع المقاومة) ص 120

    السرد والوصف تقنيتان فنيتان يتقنهما أحمد شبلول، ولا ننسى شفافيته ورقة مشاعره، وكم كان إنسانيا ومؤثراً حين بكى وابكانا على رحيل رسام المجلة المفاجئ، إيراني الأصل، لبناني الجنسية شيعي المذهب واسمه علي بهادر، ولكن أخيرا وقبل آخرا، يغلب على الرواية التوجه الدعائي للكاتب، مثل إدراج مقاله كاملا عن البتراء، ومقالا آحر عن الأوضاع المزرية في مصر اواخر ايام حكم مبارك، ص 148، لكن وبالمقابل علينا أن لا نغفل نجاح الكاتب في مزج الشعر وأحاسيه في الرواية وهي نقطة هامة تعد لصالحه، فحين تخاطبه الجوهرة قائلة، (حتى تكون على راحتك يا حبيبي) فيجيبها شعرا، (جناح من الشوق طيرا، أحط على ساعديك، حمامة عشق وشوق تغني الليالي، ويسكر فجر الغرام،فتجيبه، تعال إذن يافجر الغرام ولا تتأخر فأنا في شدة الشوق والهيام) صفحة 159 أي أن ماورد من شعر في الرواية لم يكن مقحما، بل مناسبا للمواقف التي ورد بها، وزاد من تأثير المشهد الوصفي في نفس القارئ، وآخر مواقف أجواء الرومانسية التي أبدع الكاتب في تجسيدها ووصفها بالكلمات، نتذكر، لقاء يوسف والجوهرة سابحين في بحر اسكندرية المتوسط، إذ يقول لها، (أنت مع مياه البحر أجمل منك على السرير، أنت أجمل من حوريات البحر) صفحة 164 ويقول، أنا والجوهرة بين يدي الله، نسبح حول العرش المائي العظيم، تأنس لي وآنس لها، تلبسني وألبسها، وأدرك ساعتها معنى الجوهرة، وأدركت هي معنى يوسف) أخر صفحة 165 وأخيرا جدا، لم تعجبني الجملة التي اضافها الكاتب بعد انتهاء السرد، حيث يقول (تمت بحمد الله) مع ان الحكاية لم تنته بنهاية السرد المكتوب، بل هناك تفاعلات وأخبار وحركات ما تزال متفاعلة في ذهن القارئ، باحثا عن نهاية لتلك العلاقة حسب طريقة كل قارئ، ثم ماذا يخبئ المستقبل لوظيفة رئيس التحرير، لأن تلك الأمنية لم تتحقق بشكل مستقر وثابت في مدى سرد الرواية، وشبه الجملة (تمت بحمد الله)، كانت دارجة في كتب التراث العربي القديم، ولم يعد لها وجود في أي أدب حديث، والقارئ ليس ساذجا لنخبره بأن الحكاية تمت او انتهت.