يُعنى كتاب “الأدب العربي في اللغة الألبانية”، الذي ألفه الأستاذ الدكتور فتحي مهديو وترجمه إلى العربية إبراهيم فصل الله، بالحديث عن الأدب العربي الذي تمت ترجمته إلى اللغة الألبانية خلال مئة عام تبدأ من العام 1921 وتنتهي بالعام 2021، ويخلص إلى اتساع هذا المجال من البحث، وإلى تأثره بعوامل كثيرة من بينها العلاقات السياسية التي جمعت الأنظمة الاشتراكية بالدول العربية خلال الفترة المذكورة.
وجاء الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 198 صفحة من القطع الكبير، وقد صدر بالألبانية للمرة الأولى في برشتينا عام 2008، وفاز بجائزة أحسن كتاب لعام 2009 المقدَّمة من المعهد الألباني للحضارة والفكر الإسلامي.
ويرى المؤلف أن “زيادة عدد الترجمات الألبانية عن اللغة العربية، تشكل نقلة نوعية لحركة ترجمة الأدب العربي، وتقف شاهداً على حصاد نصف قرن من جهود الدارسين للغة العربية، من مؤسسي وخريجي قسم الدراسات الشرقية التابع لكلية اللغات بجامعة برشتينا، الذي أُسس في عام 1973، ويكمل نصف قرن في العام الجاري 2022”.
وأشار إلى أن أهمية الكتاب، الذي سيوقعه ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022، تنبع من قيمته “بالنِّسبة للاستشراق وللثِّقافة الألبانيّة، وكذلك للدِّراسات الشِّرقية بصفة عامَّة”. وبيَّن أنه اتخذ عام 1921 نقطة انطلاق لترجمة الأدب العربيّ إلى اللُّغة الألبانيّة، وهي السنة التي شهدت كذلك تلاقحا ثقافيا بدأ بترجمة ثماني سور من القرآن الكريم.
وأضاف أنه قام بأبحاثه عن الفترة المذكورة “في الصُّحف اليوميَّة والدَّوريّات، وكذلك في الإصدارات الخاصَّة. وقد بذلنا وسعَنا لعدم إغفال أيّ شيء دون استكشاف، ولكنْ تجدر الإشارة إلى أنَّ هناك أسباباً موضوعية حالت دون وصولنا إلى بعض دور النَّشر خلال حقبة تاريخيَّة معيَّنة، هي بالتحديد ما قبل عام 1954م، في جمهورية ألبانيا الاشتراكية الشعبيَّة”.
ورأى د. محمد موفاكو الأرناؤوط أن الكتاب “يعرّف القراء بحالة فريدة من التعارف والتفاعل والتثاقف بين شعبين جمعت بينهما الدولة العثمانية 400 سنة وأكثر. فقد أدى اعتناق معظم الألبان للإسلام إلى تدفقهم إلى المنطقة العربية سواء للدراسة في مراكز العلم (دمشق والقاهرة وبغداد وغيرها) والحج والمجاورة في الأرض المقدسة (مكة والمدينة) والخدمة العسكرية والإدارية كولاة وقضاة، وهو ما ساهم في عودتهم بمعرفة جيدة بالثقافة العربية والمؤلفات التي استفادوا منهم في التدريس والتأليف والترجمة”.
وضم الكتاب ترجمات لأعمال مجموعة من أهم الكتاب العرب، من بينهم: طه حسين، ونجيب محفوظ، ونزار قباني، والطيب صالح، ومحمد ديب، وعبد الحميد بن هدوقة، ورشيد بوجدرة، ومالك حداد، ومحمد العروسي المطوي، وتوفيق الحكيم، ومحمود تيمور، وإحسان عبد القدوس، وعادل أبو شنب، وزكريا تامر، وغادة السمان، وغسان كنفاني، ويوسف إدريس، وألفت الإدلبي، وجورج سالم، ورياض عصمت، ومصطفى خليفة، ووليد إخلاصي، وعبد العزيز آل محمود وغيرهم.
يذكر أن د. فتحي مهديو وُلد عام 1944 في قرية زاياس في جمهورية مكدونيا الشمالية، وتخرج من مدرسة علاء الدين الإسلامية في بريشتينا، حيث درس اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وتابع دراسته الجامعية في قسم الدراسات الشرقية في جامعة بلغراد، حيث ناقش رسالته للماجستير عن “ترجمات القرآن إلى اللغة الصربوكرواتية”.
وبعد تخرّجه عمل في معهد التاريخ في بريشتينا ثم ساهم في تأسيس قسم الدراسات الشرقية في جامعة بريشتينا عام 1973، أستاذا مساعدا للغة العربية، حيث ناقش لاحقا أطروحته للدكتوراة عن “ترجمات الأدب العربي إلى اللغة الألبانية” التي صدرت عام 2008 ونالت جائزة المعهد الألباني للفكر والحضارة الإسلامية عام 2009. تولى د. مهديو رئاسة قسم الدراسات الشرقية وانتخب عضوا مراسلا لمجمع اللغة العربية في دمشق عام 2001 تقديرا لإسهاماته العلمية.
ويعتبر د. مهديو من أبرز الأسماء في الدراسات الشرقية في العالم الألباني ومن أغزرهم إنتاجا ومشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية. وقد جمع د. فتحي في إنتاجه العلمي بين مؤلفاته الرائدة في تعليم اللغة العربية لطلبة الدراسات الشرقية، وبين اهتمامه بترجمة القرآن الكريم إلى لغات البلقان ليتفرغ بنفسه إلى إنجاز أول ترجمة كاملة ومباشرة للقرآن الكريم إلى اللغة الألبانية التي صدرت في 1985، ليفتح الباب بذلك أمام ترجمات أخرى تجاوزت العشرة حتى الآن.
وبالإضافة إلى ذلك فقد اهتم د. مهديو بترجمة الأدب العربي إلى اللغة الألبانية والتعريف بأهم ممثليه من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث. وفي هذا السياق فقد أصدر عام 1983 مختارات “الشعر العربي” التي تضمنت أهم الشعراء من امرىء القيس حتى محمود درويش، بينما أصدر له معهد الدراسات الشرقية في بريشتينا عام 2019 “دراسات عن الأدب العربي” ليكون عونا بذلك لطلبة الدراسات الشرقية.
ويأتي صدور كتابه “الأدب العربي في اللغة الألبانية 1921- 2021” ليتوج عشرات المؤلفات التي نشرها خلال أكثر من نصف قرن من عمله في الدراسات الشرقية.
أما المترجم السوداني الحاصل على الجنسية الكوسوفية إبراهيم فضل الله يجيد اللغة العربية والإنجليزية والروسية والألبانية. صدرت له عدة ترجمات إلى العربية منها: الانتخابات الرئاسية الأميركية لأمير بايروش أحمدي، رواية خارج السكة لإبراهيم قدريو، رواية ملحمة صغيرة عن السجن لبسنيك مصطفاي.
class="inline-block portfolio-desc">portfolio
text