“لغة اللافا” لـ لميس أبو تمام.. رواية مفعمة بالمشاعر والأمل

“لغة اللافا” لـ لميس أبو تمام.. رواية مفعمة بالمشاعر والأمل


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    “لا أنتمي إلى هذه الأرض ولا تحتها، أنا عالقة في توابيتهم، أبحث عنهم وما من أحدٍ هنا”، لعل هذه العبارة أكثر ما يصف الشخصية المحورية في رواية “لغة اللافا” للكاتبة لميس نبيل أبو تمام.
    تتسم هذه الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” بكونها مفعمة بالمشاعر والأمل، وبتدفقها السلس الذي ينتمي إلى مدرسة الحداثة في الرواية، فضلاً عن امتزاج الشعر بالسرد بطابع أقرب للمونولوج، واللغة التأمليّة العميقة التي تصِف تخبّط الذات الروائية في حياتها وصراعها المُتجدد للتعافي من الألم والاعتياد على الوحدة.
    نقرأ في مستهل روايتها: “كم تشبهني صناديقي المزدحمة بالكراكيب العثَّة، مُمتلئةً فارغة. تُقهْقهُ الجُدران الرمادية في أذني وهماً كالأزل. لو اجتمعوا في أروقتي قبل أعوامٍ ما وجدوا مساحةً يَستظلُّون بها من ازدحام التفاصيل وغلبة الأحبَّة، لكنِّي أستلقي اليومَ على بلاطي المُغبرّ معتقدةً أن أحداً لا يراني”.
    وتقوم الرواية على مشاعر الأنثى وما تعانيه في اغتراب الحياة، في ظل الوحدة التي تفوق قدرتها على استيعاب أسبابها، فتجد نفسها في منتصف كل شيء، لا تستطيع ذاكرتها نسيان الماضي أو منحها فرصة الاستقرار في الحاضر أو المضي قدماً: “الوحدة التي تتسرب من بين شقوق شرنقتي تكاد تطمس كل ما يحمله لي الغد”، فتُقرر البطلة البحث عن ومضة أمل تتسبب لاحقاً بانفجار بركانٍ من الأسرار.
    ومنحت الكاتبة للشخصيات هويتها الثقافية المعاصرة وطعّمت فصول روايتها بمقاطع شعرية تلتحم بحالة الكتابة ذاتها، وهي تسرد تفاصيل المكان وكأنه مجهول، مثلها تماماً، وتكتفي بالتوصيف الجغرافي البسيط لتكشف بعد ذلك محاولاتها في الانتماء معتمدةً على التسلسل المنطقي للأحداث، ثم تطرح التساؤلات لتُحاكي الوعي لدى المتلقي وتترك له الإجابات، وتعود لتُحيل الأحدث خلال السرد شيئاً فشيئاً إلى الزمان والمكان والأسماء المقصودة.
    فحين تخبرنا البطلة عن نفسها تقول: “طفلة تقرأ قصتها للمرة الأولى دون صوت حنون يُملّس شعرها قبل النوم، وتتساءل.. كيف لاسمها -بصحبة ذئب- نصيب بأن يمرّ على كل بيت عربي يغفو به طفل حالمٌ بغدٍ جميل لا ذئاب فيه”. ونقرأ لها في صف المكان: “من مدينة في قارة على سطح كوكب، أجلس هنا في البقعة الأشهر في محيطها، أتذكر السنوات الماضية ‏وأفكر في القادمة. ثلاثون عاماً على شاطئ البحر الأحمر، مرّ آخر عقد فيها كقيلولة ظهر”.
    وتختتم صفحات الرواية في مُكتسب ينتظره القارئ بلهفة لكنه يتركه في حيرة من أمره في الوقت نفسه، فتعود التساؤلات من جديد: ما حقيقة اللّافا ورمزيتها الشفافة في الرواية؟
    يذكر أن لميس أبو تمام كاتبة فلسطينية-أردنية، حاصلة على جوائز أدبية في القصة القصيرة، صدر لها سابقاً: “واراهم الغياب” (مجموعة قصصية)، و”غيبوبة مدى الاغتراب” (نصوص شعرية).