“مصادر الشيخ السّالمي”.. كتاب للباحث د. سليمان الكيومي

“مصادر الشيخ السّالمي”.. كتاب للباحث د. سليمان الكيومي


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    وكالة الأنباء العمانية”

    يتناول كتاب “مصادر الشيخ السالمي ومنهجه في الكتابة التاريخية من خلال كتابه (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان)”، للباحث د. سليمان بن سعيد الكيومي، حياة الشّيخ عبد الله بن حميد السالمي الذي يعدّ من العلماء الذين تركوا أثرًا طيّبًا وفعّالًا في صفحات تاريخ الأمة الإسلامية من خلال مؤلفاته الكثيرة في الأدب والفقه والتّاريخ، فهو علّامة موسوعة يشبه في ذلك علماء المسلمين الأوائل الذين برعوا في العلوم المختلفة، ولم يحصروا أنفسهم في جانب واحد من العلوم. ويتتبع الكتاب الصادر ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء لعام 2022، سيرة الشيخ السالمي كاشفًا عن قوة الصبر والعزيمة التي اتصف بها ووجهها نحو طلب العلم، خاصة أنه فقد بصره وهو لم يتجاوز سن الثانية عشرة من عمره، وهو بهذا يعد قدوة أهل زمانه بحق في الصبر والاجتهاد، إذ استطاع مواصلة حياته بنجاح، بل تفوّق على أصحاء عصره موجّهًا رسالة معنوية لكل من ابتلاه الله بإعاقة، مفادها بأن الصعاب التي تواجه الإنسان قد تكون دافعًا له نحو العمل والتميز.

    ويسلط الكيومي في الفصل الأول من كتابه الضوء على شخصيّة الشّيخ السالمي مؤرّخًا، ودوره في كتابة التّاريخ العُمانيّ من خلال كتابه “تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان” الذي يسرد فيه التّاريخ المحليّ لعُمان منذ فترةِ ما قبل الإسلام وحتّى العصر الحديث. ويؤكد الباحث أن هذا الكتاب من المصادر المهمة في تاريخ عُمان نظرًا لغزارة مادته التاريخية التي اشتمل عليها، وبسبب شح المؤلفات التي تناقش تاريخ عُمان في بعض الحقبات التاريخية.. وأن الهدفين التعليمي والسياسي شجّعا السالمي على الكتابة التاريخية، لذا أيضًا حرص الشيخ في مؤلفه على مناقشة الأحداث الداخلية الخاصة بعُمان منذ ما قبل الإسلام وحتى عام 1910م، دون الخروج عن إطار التاريخ المحلي.

    ويوضح د. سليمان في الفصل الثاني من الكتاب الذي صدر بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون”، المصادر التي اعتمد عليها الشيخ السالمي في جمع مادة كتابه، وقد تنوعت تلك المصادر ما بين محلية وغير محلية، وانقسمت إلى مصادر مكتوبة تمثلت في كتب الحديث وكتب السير والتاريخ، وكتب الفقه والعقيدة، وكتب الأنساب، وكتب الأدب، وبعض الدواوين الشعرية، ومصادر شفوية متمثلة في الروايات التي أخذها السالمي عن بعض الشخصيات التي عاصرها.

    وخُصص الفصل الثالث من الكتاب للوقوف على المنهج التاريخي الذي اتبعه السالمي في كتابه “تحفة الأعيان”، إذ نقل السالمي نقلًا حرفيًّا من بعض المصادر، خاصة تلك الروايات التي نقلها من كتاب “الأنساب” للعوتبي، وكتاب “كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة” للأزكوي، كما أورد السالمي روايات كثيرة من دون أن يصرح بمصدرها، مما يضفي الغموض على مصدر تلك الروايات.

    ووفقًا للكيومي، تميز أسلوب السالمي عند حديثه عن أئمة عُمان، بالمبالغة التاريخية الواضحة التي تمثلت في الحديث عن كرامات الأئمة ومنجزاتهم، بينما أشار باقتضاب إلى الشخصيات الأخرى من غير الأئمة. كما اتبع السالمي المنهج الموضوعي في كتابة التاريخ، من خلال تقسيم مادة كتابه إلى موضوعات مع مراعاة التسلسل التاريخي للأحداث، واستخدم أسلوب المؤرّخ المحلي، حيث أورد مجموعة من المصطلحات المحلية الدارج استخدامها في اللهجة العُمانية، كما استخدم طرقًا كثيرة في نقله من المصادر، ففي بعض المواضع يذكر اسم المؤلف واسم الكتاب، وأحيانًا يذكر اسم المؤلف من دون ذكر الكتاب، أو يذكر اسم الكتاب من دون ذكر اسم مؤلفه، وفي مواضع أخرى لا يذكر المصدر وإنما يشير إليه بعبارات عامة مثل: “ذكرت السير”، “وفي بعض الكتب”. ومما يخلص إليه الكيومي أيضًا، أن السالمي لم يهتم بالإسناد عند نقله للروايات التاريخية، خاصة عند نقله الأحاديث النبوية التي أوردها في كتابه، متّبعًا أسلوب النقد عند تعامله مع بعض الروايات، أو أسلوب الموازنة والترجيح.