يقدم محمد حسن العمري في روايته “أولاد عشائر” صورا من الواقع الاجتماعيِّ المعاصَر في الأردن، مبينًا ملامح العلاقة الجدلية التي يتفاعل فيها طرفا المعادلة السياسيّة القائمة؛ العشيرة والدولة نفسها.
وجاءت الرواية الصادرة عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 182 صفحة من القطع المتوسط، وتشعبت الأحداث خلالها عبر أكثر من خط سردي واحد، ضمن مدى زمني تجاوز الخمسين عاما، بيَّن خلاله المؤلف تطورات الواقع الاجتماعي على صعيد الفرد والعشيرة في آن معا، وآليات دخول الأشخاص وخروجهم من المراكز المهيمنة على عملية صنع القرار داخل الدولة.
وجعل العمري التعيينات في أجهزة الدولة موضوعا مركزيا في أحداث الرواية، مشيرا خلال ذلك إلى التحالفات التي تنشأ داخل البنيان القائم، وعمليات تبادل المصالح التي حكمت هذا النوع من التعيينات في بعض المراحل التاريخية من عمر الدولة.
وقُدمت الشخصيات بطريقة متوازنة، فتجنب الكاتب إدانتها بشكل مطلق، وأظهر بدلا من ذلك جدلية الخير والشر التي تعتمل داخل النفس البشرية، وفصَّل صراعاتها الداخلية ومشاعرها التي تسيطر عليها كلما رُدَّت إلى مخزونها الإنساني.
وجمع العمري بين التخييل الروائي وأحداث واقعية معروفة جرت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمر الرواية؛ أي في تلك الفترة التي شهدت (وباء كوفيد 19) ولعبت خلالها وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في الضغط على الحكومات والمطالبة بالعدالة الاجتماعية التي من أهم بنودها العدالة في التعيينات داخل جهاز الدولة.
وانتهت بعض مفاصل الرواية بأحداث مأساوية، كانتحار إحدى الشخصيات، وجنون شخصية أخرى، وسط ملامح فانتازية ظهرت في مواضع قليلة، لكنها خدمت الفكرة العامة للرواية، ومكنت الكاتب من الولوج إلى دواخل الشخصيات.
ومن أجواء الرواية، ما يرد على لسان شخصية صقر الزفيت البطل المحوري فيها:
“ابن شقيقتي صقر، ليس عندي سواه، هل تعرفون معنى ذلك؟ هل أخرج وأتَّهم واجهات عشائرية تنتمي لأسرة حِجاب بقتله؟ حاشا لله، لا حقيقة إلا ما تثبته المحاكم بأدلة، أسحب خنجر الألم الذي انغرس في خاصرتي هذا الصباح لأكون بمستوى ما يريده الوطن!
ما لي ولذلك كله؟! فأنا أمامكم اليوم في بث مباشر لأمر مختلف جدا، علمت اليوم برغبة دولة الرئيس المكرم بدخولي الوزارة، فضلت أن أخرج بهذا التسجيل على الهواء قبل أن أضع يدي على المصحف
الشريف لتكون الأمور كلها على بينة. الوزارة ليست مسألة هينة، وافقت عليها في مسعاي نحو خدمة هذا الوطن الذي نحب، أرجو منكم خالص الدعاء وأن يوفقني الله في منصبي الجديد، والله ولي التوفيق، وخالص الدعاء لجميع من اختارهم الله إليه”.
ومن الجدير ذكره أن محمد حسن العمري دكتور صيدلي حاصل على شهادة الصيدلة من الجامعة الأردنية، وعمل في أكثر من دولة عربية قبل أن يستقر في الأردن. وصدرت له ثلاثة أعمال روائية قبل هذه الرواية هي: “وهن العظم مني” و”من زاوية أنثى” و”إحدى عشرة دجاجة”.