صالح حمدوني
بعد ثلاث روايات: وهن العظم مني، من زاوية أنثى، إحدى عشر دجاجة؛ يُغامر الصيدلاني والروائي الأردني محمد حسن العمري بإصدار رواية جديدة حملت عنوان “أولاد عشائر”، والتي يعاين فيها خلال مسيرة شخوصها جانباً من التغيّرات الاجتماعية والسياسية التي طالت المجتمع الأردني خلال خمسين عاما هي زمن الرواية الممتدّ الذي تناوله العمري، فيما كان الزمن المركزي للحدث لا يتجاوز الثلاث سنوات قبل صدور الرواية هذا العام .
في مقدمته للرواية ينبّه الروائي محمد حسن العمري إلى أنه كان حذرا في كتابته وفي وصف الأحداث وبناء الشخصيات، معتمدًا على القارئ في أن يساعد نفسه بتتبع الحقيقة واستكشاف المدلولات خلف ما يُوصف. ويؤكد العمري على دوره كروائي في استخدام مخيّلته في صياغة الأحداث وربطها ببعضها، وهنا يُحيل المسؤولية على السارد الذي يتكئ في سرديته على مجموعة من الاعترافات المكتوبة والرسائل الصوتية التي يرسلها عبر الواتساب إلى الصحفية نيفين دواس؛ اعترافات تتصاعد وتيرتها لتقترب من البوح للموظف صقر الريحان الذي كان ينتظر أن يصير وزيرا، وتنتقد الرواية من قناة الامتيازات. وعبر سرديته واعترافاته، تتقاطع مصائر عدد من الشخصيات التي تنتهي نهاية مأساوية متتالية لتبدو مترابطة.
تُدين الرواية ما آلت إليه الأحوال وما يتم تناقله عن الواسطة والمحسوبية، كما تؤكد الرواية على أهمية تطبيق مفهوم الدولة المدنية التي تضمن العدالة بين مواطنيها، وإجراء الإصلاح الحقيقي الذي يكفل محاربة الفساد ويمنع الاستيلاء على حقوق الناس.
الرواية تزخر بالأصوات السردية وبالتقاطعات بين الواقع والخيال، وينطبق ذلك على السرد نفسه، فأحيانا لا يعود القارئ على التمييز بين ما هو اعتراف للسارد وبين ما يرويه الراوي، وهذا ما دفع الراوي لتنبيه القارئ في غير موضع بجمل تقترب من تقنية “كسر الإيهام” التي يعمد إليها المسرحيون حين ينغمس الجمهور في أجواء الحكاية ويتماهى معها.