(التسوية من هنا بدأت.. حرب تشرين والتسوية على المسارين المصري والفلسطيني)
يؤرخ هذا الكتاب بشكل موثق وتحليلي، لجذور التسوية في السياقين المصري والفلسطيني منذ حرب تشرين (أكتوبر) 1973، بعد أن أفرد المؤلف قسماً عن حرب حزيران في السياق المصري، كون حرب تشرين جاءت في إطار الرد على هزيمة حزيران لأبين بالوثائق أن حرب حزيران كانت حرب أمريكا بامتياز، وأن الرئيس جمال عبد الناصر لم يستسلم لنتائجها، من خلال خوض الجيش المصري لحرب الاستنزاف، وإعادة بناء القوات المسلحة بدعم عسكري سوفياتي غير محدود، ووضعه خطة التحرير بالتنسيق مع الخبراء السوفيات، وتعامله مع مشروع روجرز في سياق تكتيكي، من أجل نقل الصواريخ إلى حافة القناة، وحدد موعد حرب التحرير في (7) كانون أول(ديسمبر) 1970.
ويبين الكتاب تراجع السادات عن الخطة التي وضعها الرئيس عبد الناصر بعد وفاته،وارتداده عن مبادئ ثورة 23 يوليو،1952 واستجابته للشروط الأمريكية في السياقين الاقتصادي والتحالفي، وقيامه بطردالخبراء السوفيات عام 1972.
كما يوضح الكتاب بشكل موثق وتحليلي، بداية وتطور موضوع التسوية في السياقين المصري والفلسطيني، مبيناً بالوثائق والشهادات أن السادات خاض حرب تشرين(أكتوبر) من منظور تحريك التسوية، من خلال تواصله مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، وانقلابه على خطة الرئيس عبد الناصر لتحرير كامل سيناء وقطاع غزة، وعلى الخطة المتفق عليها مع الرئيس السوري حافظ الأسد التي تقضي بتحرير سيناء وفطاع غزة وهضبة الجولان السورية، وتحويله النصر المتحقق من قبل الجيش المصري البطل في مرحلة العبور إلى هزيمة سياسية، رغم توفر الإمكانات العسكرية التي وفرها الجسر الجوي والبحري السوفياتي إبان الحرب، ومن خلال إدارته البائسة للحرب، وتوقيعه على اتفاقي سيناء (1) و (سيناء 2) مع العدو الصهيوني، اللتان انطويتا على تنازلات كبرى مست بالسيادة والأمن القومي المصري وبالقضية الفلسطينية.
ويوضح المؤلف بشكل موثق، أن انقلاب الرئيس السادات على الخطة المصرية السورية المشتركة، أدى إلى انقلاب الموقف على الجبهة السورية لصالح العدو الصهيوني، من خلال إرسال معظم قوات الاحتياط الإسرائيلية إلى جبهة الجولان، وذلك بعد الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في الأيام الثلاثة الأولى للحرب، بإسناد ومشاركة من قبل الجيش العراقي والجيش الأردني وجيش التحرير الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية.
كما يبرهن الكتاب بالوثائق والتحليل أن حرب تشرين وما أفرزته من نتائج، شكلت محطة مركزية في توجهات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية نحو التسوية من خلال تصورها الخاطئ أو المقصود، بأن نتائج حرب تشرين تسمح بالحصول على سلطة وطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما أدى إلى انقسام الساحة الفلسطيية في حينه، إلى جبهة ملتزمة ببرنامج النقاط العشر (المرحلي) وجبهة رفض الحلول الاستسلامية، حيث جاءت حقائق الحياة العنيدة لثبت صحة ما ذهيت إليه جبهة الرفض.