“العربي الجديد”
لعقود طويلة، مثّل الفنان التشكيلي عمر كلشي، الذي رحل عن عالمنا اليوم، صوت الثقافة الألبانية في العالم، حيث أن المفردات البصرية التي اقترحتها لوحاته، من وجوه ومعمار وحكايات، كانت تدلّ على ارتباط وثيق مع بيئة تركها في شبابه مهاجراً نحو فرنسا. وُلد كلشي عام 1932 في قرية قرب كيتشفو/ كرتشوفا، في مقدونيا الغربية ذات الأغلبية الألبانية، في عائلة ذات تقاليد ثقافية إسلامية معروفة في العهد العثماني؛ إذ كان والده، الشيخُ أحمد، وجدّه، الشيخُ حسن، من العلماء المعروفين في المنطقة، أمّا أخوه الأكبر حسن كلشي (1921 – 1976) فهو من حفّاظ القرآن، قبل أن يصبح أحد أعلام الدراسات الشرقية في يوغسلافيا السابقة. أكمل عمر كلشي تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه، ولكن الظروف السياسية أرغمت أسرته، مثل كثير غيرها، على الهجرة إلى تركيا عام 1956، فتابع دراساته في “جامعة اسطنبول” بقسم الرسم في كلية الفنون، وسرعان ما بدأ يشتهر، وقد أقام معرضه الأول في 1963. كان عام 1965 منعطفاً في مسيرة كلشي، فقد لمع اسمه بشكل خاص، حيث أقيمت له معارض متتالية في أنقرة وبلغراد وسكوبيه (عاصمة بلده الأم)، وفي تلك السنة هاجر إلى فرنسا واستقر بها، وفيها أقام أول معرض له عام 1967. وخلال السنوات اللاحقة، أقام العديد من المعارض في عواصم أوربية واشتهر بلقب “حافظ الرؤوس” بسبب تركيزه على إبداع الرؤوس الإنسانية في تجلياتها المختلفة المعبّرة عن حالة أصحابها ومحيطهم. وفي ما يتعلق بالعالم العربي، فقد وصل كلشي متأخراً، وذلك من خلال النسخة العربية من رواية صديقه الكاتب الألباني بسنيك مصطفاي؛ “ملحمة صغيرة عن السجن”، والتي صدرت في عمّان عام 2020 بترجمة إبراهيم فضل الله؛ حيثُ ضمّ غلافُها واحدةً من لوحاته.