كتاب “الشمولية الرقمية”.. من سيحكم العالم؟

كتاب “الشمولية الرقمية”.. من سيحكم العالم؟


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    يتناول كتاب “الشمولية الرقمية” من تأليف أولغا نيكولايفنا، وترجمة د. باسم إبراهيم الزعبي الصادر حديثًا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن، قضايا كبرى على طريق الرقمنة، لا سيما في التجربة الروسية في التعليم، مبرزا مميزاتها وعيوبها.

    ويأتي الكتاب في 392 صفحة من القطع الكبير، ويضم ثمانية عشر فصلًا وخاتمة، ويعد الفصل الأول من الكتاب بمثابة مقدمة تمهيدية ليتهيَّأ القارئ من خلالها لاستقبال القضايا المثارة في الكتاب.

    تقول الكاتبة في الفصل الأول، الذي ترسي فيه المصطلحات والقواعد التي ستتبعها في باقي فصول الكتاب: “تدَّعي حركة «العصر الجديد» أنها خلقت آخر ديانة اصطناعية في العالم، مصمَّمة لتحلَّ محل المسيحية، كما يشير اسمها نفسه: يعيش العالم نقطة تحول عندما تنتقل الأرض إلى قرن جديد- «عصر الدلو»، إذ ستنشأ حالة جديدة للإنسانية..

    وفي الفصل نفسه تقول تشيتفيريكوفا: “إن السمات الرئيسة التي تجعل من «العصر الجديد» رؤية عالمية حديثة للغاية تتناغم مع متطلبات العصر، هي عالميته التعدُّدية وتفكيره العولمي. التعددية تعني رفض مفهوم الحقيقة بوصفها مقولة مطلقة، وهذا يخلق منظورًا دينيًّا يمكن من خلاله توحيد جميع الأديان والأجناس. والعولمة هي وحدة العالم بوصفه كلًّا حيًّا، ما يتطلَّب إنشاء نظام موحَّد مناسب يجسِّد فكرة «جمعنة» النفس وطمس السمات الفردية.

    ويلاحظ أن الكتاب، يرى أن الرقمية تصل حد اعتبارها دينًا جديدًا، فنقرأ في الفصل الثاني: “لقد أصبح إنشاء دين جديد شامل ممكنًا في سياق الأزمة الروحية والأيديولوجية العميقة التي شهدها المجتمع العالمي. إن الخروج عن نظام القيم التقليدي ورفض التقييمات الرسمية لصالح الفردية الدينية يجعل وعي الشخص عرضة لتأثير الأفكار الغامضة، ومع ذلك، بما أن الإنسان الحديث نشأ على التعددية والتسامح، فإن تأثير هذه الأفكار يحدث بمرونة شديدة، وبأشكال متنوعة، تحت ستار انتشار العديد من الحركات الدينية والطوائف والمذاهب الجديدة التي أصبح نشاطها في العقود الثلاثة الماضية تهديديًّا”.

    وفي الفصل السادس يتحدث الكتاب عن التحول الرقمي العالمي وعن بناء شبكة عالمية موحدة للحكومة الإلكترونية فيقول: “تسير هذه العملية في روسيا بوتيرة متسارعة، أيضًا جنبًا إلى جنب مع المصرفيين وقادة الأعمال في مجال تكنولوجيا المعلومات والمسؤولين الحكوميين، لكن مع خصوصية أن قوة جهاز الدولة الروسية تسمح بتنفيذ مجالات معينة من المشروع الرقمي بشكل فعال أكثر من الغرب، الأمر الذي أعطى مبررًا للباحثين أن يطلقوا على روسيا منصة تجريبية لاختبار أحدث أساليب الإدارة الإلكترونية للمجتمع”.

    وفي الفصل الرابع عشر يناقش الكتاب التغييرات السلبية في تطور الدماغ والنفس فيقول: “يؤدي استخدام الأطفال النشط للتقنيات الرقمية (الهواتف الذكية، الأدوات الذكية، الشاشات، الإنترنت) وانغماسهم العميق في الفضاء الافتراضي إلى تغيرات جدية وخطيرة في نمو الدماغ التي حددها العلماء بالفعل باسم «الخرف الرقمي» «digital dementia»، وهذا التشخيص يعني انتهاك الوظائف المعرفية للدماغ وتلف أجزاء معينة منه”.

    ويأتي في الفصل نفسه تلخيص لجوهر المشكلة ومحتواها: “يتم العمل الرئيس على تكوين دماغ الطفل قبل سن العشرين، إذ يتطوَّر الدماغ وينمو ويتم بناء الاتصالات العصبية.

    وتأتي الخاتمة لتلخِّص ما تم التوصل إليه بعد تعرض العالم كله لجائحة كورونا وذلك الأثر الذي خلَّفته من اعتماد العالم كله على الرقمنة التي تحولت إلى طوق النجاة في جميع المجالات، وعلى رأسها التعليم: إن أحداث السنوات الأخيرة المتعلقة بما يسمى «الوباء» والوضع الحالي في روسيا، والذي تطور فيما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، قد كشفت بوضوح عن ضعف الدولة الروسية بسبب تبعيتها المالية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية، وكانت هذه التبعية نتيجة لفقدان روسيا لهويتها الحضارية والسنوات العديدة من اندماجها في الاقتصاد العالمي والسياسة العالمية وفقًا للأجندة العالمية التي حددتها المنظمات الدولية والهياكل الكبرى العابرة للحدود الوطنية؛ الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، واليونسكو، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والمنتدى الاقتصادي العالمي.

    والجدير بالذكر أن أولغا تشيتفيريكوفا مؤرّخة وباحثة روسيّة، ولدت في مدينة موسكو بروسيا (الاتحاد السوفييتي سابقًا) في 18 حزيران/ يونيو سنة 1959. تعمل أستاذة مشاركة في قسم التاريخ والسياسة في أوروبّا وأمريكا، بمعهد العَلاقات الدولية الحكومي التابع لوزارة خارجية روسيا الاتحادية؛ تخرَّجت في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية سنة 1983. عملت في معهد العلوم الاجتماعية في قسم الحركة العمّالية الدولية، وهي متخصّصة في التاريخ الاجتماعي والسياسي لأمريكا اللاتينية. لديها مقالات علمية حول مشكلات دراسة خصائص الحركات الدينية السياسية والوعي السياسي والثقافة السياسية لدول أمريكا اللاتينية.

    ومن مؤلفاتها: خيانة في الفاتيكان، أو مؤامرة الباباوات ضدَّ المسيحية، والإنسانوية العابرة في التعليم الروسي. أطفالنا بمثابة السلع، وثقافة ودين الغرب. التقاليد الدينية في أوروبّا. من البدايات إلى يومنا هذا، ودكتاتورية المستنيرين: روح الإنسانوية العابرة وأهدافها، وتدمير المستقبل. مَن وكيفَ يدمّرُ التعليم السياديّ في روسيا،  وذئابٌ ضاريةٌ. مَن يقف وراء الفاتيكان؟.

    أما المترجم الدكتور باسم إبراهيم الزعبي  فهو كاتب ومترجم، عمل في وزارة الثقافة، وشغل فيها مناصب عدة وصولًا إلى وظيفة مستشار وزير ، كما عمل محاضرًا غير متفرغ في عدد من الجامعات الأردنية، ومدربًا في معهد الإدارة العامة الأردني، وأدار عددًا من المشروعات الثقافية التي تنفذها وزارة الثقافة الأردنية.

    وهو عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو مؤسس في الجمعية الفلسفية الأردنية.

    ومن مؤلفاته هي: قيم الحياة عند أبي حيان التوحيدي،  والصحافة الشيوعية في الأردن وفلسطين حتى عام 1982، والخطة الاستراتيجية للثقافة والأمن الوطني. وله عدد من المجموعات القصصية منها: الموت والزيتون،  وورقة واحدة لا تكفي، ودم الكاتب، وتقاسيم المدن المتعبة، وأناملي التي تحترق، وتشرق الشمس غربًا، ورواية الفصول الأربعة، أما في الرواية فله أنا يوسف يا أبي .

    وفي الترجمة، صدر له رواية أبناء غورباتشف، وعدد من المجموعات القصصية منها: ورقصة العاج، وشخصية مشرقة، وذات مساء. قصص، ويتساقط الثلج هادئًا، وسحر الشرق، وقصة حب بسيطة، ومسمار في الحائط، وشجرة الحور الفضية، و كائن ضعيف.

    كما صدر له كتاب دكتاتورية المستنيرين،  روح الإنسانوية العابرة وأهدافها.