“المتلقي المذعن” لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة النص
حسين جلعاديستوقفك كتاب "المتلقي المذعن.. محاورات في النقد الأدبي" بمجرد أن تقع عيناك على العنوان، فهو يقلب المعادلة التقليدية التي جعلت من القارئ شريكا في المعنى، ليضعه في موقع الضعيف، المستسلم أمام سلطة النص أو المؤلف أو الخطاب النقدي المستورد. بهذا المعنى، يتخذ الكتاب منذ عتبته الأولى موقفا فلسفيا قبل أن يكون نقديا، إنه بحث في حرية الوعي داخل أفق الثقافة.في هذا الكتاب الفائز بجائزة جامعة فيلادلفيا الأردنية لأحسن كتاب مؤلَّف، والصادر عن دار "الآن ناشرون وموزعون" في عمّان، يقرأ المؤلف الدكتور زياد الزعبي فعل القراءة ذاته، أي العلاقة بين النص والمتلقي، وبين القول والتأويل، وكذلك بين الفكر والانفعال. مساءلة الإذعان ينطلق الزعبي من فكرة محورية مفادها أن التلقي -كما فهمه ابن سينا والفارابي وحازم القرطاجني- غالبا ما تأسس على انفعال غير مفكّر فيه؛ أي انفعال يقود إلى إذعان جمالي أو فكري، حيث يستسلم القارئ لصورة أو خيال دون مساءلة. من هنا، يرى المؤلف أن الإذعان ليس سلوكا فرديا فحسب، بل هو بنية ثقافية تتكرر في الفكر العربي حين يتعامل مع المناهج الوافدة أو مع التراث ذاته بعين الإعجاب أو الاتباع.في قراءاته المتعددة -من الجرجاني إلى ابن خلدون، ومن البنيوية إلى السيميائيات- لا يكتفي الزعبي بعرض الآراء، بل يحاورها ضمن ما يسميه "المساءلة النقدية". فهو يعيد النظر في المسلّمات الكبرى التي...

