تقنية التشويق وأدواتها في “أنا يوسف يا أبي” للروائي د. باسم الزعبي بقلم: أسيد الحوتري
أ. أسيد الحوتريإنّ تنوع تقنيات السرد في العمل الروائي يُعدّ شرطا بنيويّا وجماليّا لنجاحه، إذ إنّ النص الروائي الفقير تقنيّا غالبا ما يتّسم بالسطحية والجمود، مهما كان موضوعه غنيّا أو أفكاره عميقة. فالتقنية ليست مجرّد عنصر شكلي يُضاف إلى البنية الروائية، بل هي إطار عام فاعل ينظّم السرد ويضبط إيقاعه ويتيح للكاتب إعادة تشكيل الزمن والشخصيات والأحداث في إطار فني يمنح العمل حيويته وقدرته على إثارة القارئ. ومن هنا، فإنّ الاقتصار على سرد خطي مباشر لا يوظّف الإمكانات التقنية المتاحة كثيرا ما يفضي إلى رواية فقيرة جماليًّا وغير قادرة على ترسيخ حضورها في المشهد الأدبي.وتتجلّى أهمية تقنيات السرد في تعدّد طرائقها ووظائفها، فـ “الاسترجاع” يمكّن النص من العودة إلى الماضي بوصفه أداة إضاءة للحاضر وتعميقا للأبعاد النفسية والتاريخية للشخصيات، بينما يقوم “الاستباق” بكسر خطية الزمن عبر الإشارة إلى ما لم يقع بعد، الأمر الذي يمنح السرد توترا زمنيا ويضاعف من أفق الترقب. كما أنّ “تعدّد الأصوات” يتيح للرواية غنى دلاليا عبر إدخال وجهات نظر متباينة حول الحدث الواحد، في حين يُمثّل “تيار الوعي” وسيلة فنية لاختراق العالم الداخلي للشخصيات وتقديم خطابها النفسي بما يعكس تعقيدات الذات الإنسانية.ورغم هذا التنوّع تبقى تقنية “التشويق” في مقدّمة التقنيات السردية من حيث الأهمية، نظرا إلى وظيفتها الجوهرية في ضمان تواصل القارئ مع النص...