كتاب “في الزاوية المعتمة” لعبدالله خليفة عبدالله هذا الذعر القادم من الذكريات البعيدة
لو قُيِّضَ لي أن أختار عبارة واحدة تختزل المجموعة القصصية "في الزاوية المعتمة" للقاص العُماني عبدالله خليفة عبدالله لاخترتُ هذه العبارة الواردة في قصة "عين وحيدة": "هذا الذعرُ القادم من الذكريات البعيدة ينهش عقله وجسمه"؛ فما القصص العشر التي تتضمنها هذه المجموعة الصادرة عن الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء بالتعاون مع دار "الآن ناشرون وموزعون" الأردنية عام 2024م، إلا تنويعات على هذا الذعر من "الماضي الذي يرتطم بالحاضر فيختلطان". ذعر يسيطر على ساردٍ شاب في أغلب القصص، تظل "الذكرى تتسع وتبتلعه"، وهو "لا يريد أن يتذكر شيئا"، حتى وإن جلس في إحدى القصص على كرسي أحمر "يراجع حياته". هذه المراجعة للحياة الفائتة تفضي بأبطال "في الزاوية المعتمة" (هل أقول بطلها الوحيد؟) إلى الأخذ بنصيحة الشاعر الأمريكي ديلان جاريتي: "لا يمكنك قتل الوحش قبل أن تستعد لرؤيته في المرآة/ قبل أن تتعرف على شكله في جِلدكَ". لذا؛ فإن المرآة تحضر بكثافة في هذه القصص، سواء ذلك الحضور الفيزيقي المباشر، أو الحضور المعنوي الذي يشكّل فيه الماضي انعكاسًا مرآويًّا للحاضر المعيش. في القصة الأولى "أراه في المرآة للمرة الأخيرة" ينتاب القارئ شعور أن الشخص الواقف خلف بطل القصة ويراقبه في الوقت الراهن حيث ابنته تبكي في الغرفة المجاورة، وفي الماضي حيث يقف على حافة جرف ويطل على الهاوية السحيقة صوب الأسفل، هذا الشخص...