مرآة النقد

“إدراك العالم”.. دراسة بطابع تاريخي وتحليلي في إشكالية الأنا والآخر

عزيزة عليينطلق كتاب "إدراك العالم: الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر"، للباحث الدكتور زهير توفيق، من محاولة قراءة هذه الإشكالية في مداها الزمني الواسع، من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، واستكشاف آليات تشكل صورة "الآخر" في الوعي العربي الإسلامي، كما في الوعي الغربي. ويركز على دور الثقافة، لا سيما في الأدب، والفقه، والجغرافيا، وكتب الفرق والملل والنحل، في بناء هذه الصور وتمريرها وتكريسها، بما جعل من "الآخر" مرآة مشوهة غالبا لـ"الأنا"، ومصدر تهديد دائما لها، بدل أن يكون فرصة لفهم الذات وتوسيع أفقها.يظهر الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون"، أن ثنائية "الأنا والآخر" لم تُحل، بل تتجدد بتجدد الظروف والتوترات السياسية والثقافية. كما تشير إلى أن الخطابات الليبرالية والعقلانية، رغم دعوتها للتسامح والتواصل، ظلت عاجزة عن تفكيك البنية العميقة لهذا الجدل، ما دامت تعاد صياغة الآخر بما يخدم تحولات الذات، سواء في انغلاقها أو انفتاحها.وتعد إشكالية "الأنا والآخر" من أكثر الإشكاليات الفكرية تعقيدا واستمرارية في التاريخ الإنساني، وقد شغلت حيزا واسعا في الخطاب الفلسفي والديني والسياسي عبر العصور. وفي السياق العربي الإسلامي، اتخذ هذا الجدل أبعادا متعددة، ترتبط بالهوية والانتماء والمعرفة والسلطة، إذ لم تكن العلاقة بين الذات العربية الإسلامية والآخر -سواء أكان غربيا أو شرقيا، داخليا أو خارجيا- علاقة محايدة أو متوازنة، بل كانت محكومة غالبا بمنطق المفارقة...

طاقة التأويل في رواية جسر بضفة وحيدة

مصعب محمد رشيد البدورويحدث أحيانا أن تشهد رحلة باتجاه واحد ذهاب بلا عودة، ويحدث أن تجد في هذه الرحلة مفارقات بين الواقع المقيد وانطلاقة الروح مع أحلامها، وبين المادية والروحانية، عندما تُقْلِع رحلتك من محطتها الأولى (الطفولة) إلى اللامستقر في شيء يشبه محطتها القادمة، لأنها رحلة تصاعدية تبدأ بمحطة الذاكرة ولا تمر بعدها بأي محطة، فأنت لا شكّ في رحاب عملّ أدبي من طراز مختلف.هذا ما جسدته هيا صالح في روايتها جسر بضفة وحيدة، لم يكن عجائبيا ولم يكن في اللامعقول  أن تخط هيا صالح هذا الفكر الذي يكرس الفقد كهزيمة للإنسان، ثم يجعل من الذكرى هزيمة أخرى، ومن البقاء على قيد الحياة فشلا ذريعا في الوصول إلى الهدف، فعندما تلحّ إحدى الشخصيات في العمل على الانتحار ولا يستجيب لها الموت فلا شكّ أنها ذاقت الفشل وحرمت لذة الاختيار  وإن كان الاختيار هو الموت، وعندما تنزل الحياة منزلة المعادل الموضوعي للموت، فاعلم أنك في برزخ فقدان شغف الحياة فكيف لأنثى وهي رمز الحياة أن يسكنها الموت، وأن تسلب سوية الحياة من غيرها.عودة إلى العنوان (جسر بضفة وحيدة) يعد العنوان عند النقّاد من عتبات النّص، لكنّا أمام عنوان شكّل بؤرة في بنية النّصوبهذا يبدأ النّص خروجه من الاشتراك مع النصوص  إلى الانفراد،  ويبرز هذا الجانب عند النظر في أثر اختيارات...

لون آخر للغروب.. أي العوالم كاتب وأيها مكتوب؟

سامر المجاليتفتح رواية "لون آخر للغروب" للأردنية هيا صالح؛ وهي الرواية الفائزة بجائزة كتارا للرواية العربية في العام 2018، المجال أمام قارئها للبحث عن تأويلات محتملة تجمع عناصرها بعضًا ببعض اواكتشاف خيط ناظم لمجمل العمل وعناصره.يبدو الأمر في البداية هيِّنًا؛ فهناك خطان سرديان تجمع بينهما في الظاهر صلة ما. الخط الأول هو خط وفاء؛ السيدة المتزوجة، وموظفة البنك التي تعيش حياة "مستقرة" مع زوجها عماد وولديها: علياء وعبود.. تقع وفاء فجأة، وتحت تأثير صدفة غير متوقعة، في حبّ شاب عربي اسمه "كريم"، فتنجرف وتخوض الشوط معه حتى آخره، كاشفة عن فلسفة تبرر ما تقدم عليه، وروح متمردة، ورغبة حقيقية في الخروج من واقعها العقيم الذي لم يقدم لها شيئا يرضي الأنثى الكامنة في داخلها.. تخرج إلى واقع تمتلئ به روحها التي عانت مرارة اليتم والحرمان، لتشعر بعد حين من الهشاشة بأنها تعيش حياة تليق بها.تصف وفاء حالها تلك بقولها: "كان كل شيء مكتملًا من الخارج وناقصًا من داخلي"، وتؤكد ثورتها بنقد مجتمعها وبيان ما يكتنف علاقة الفرد فيه بالمجموع من غبن قائلة: "لماذا علينا أن نكون مستعارين إلى هذا الحد لنرضي خيبات العائلة في مجتمع لا يتصالح مع نفسه أبدا؟!".تكتمل تلك الدنيا المرغوبة في كريم؛ لقد كان القشة التي أخرجتها إلى الضوء، فهو شاب مبدع، عازف ومسرحي، وذو قدرة...

من أين يأتي الثلج، مجموعة قصصية للأديب الأستاذ طه درويش

هناء عبيدصدرت المجموعة عام ٢٠٢٥ عن دار ناشرون وموزعون في الأردن بإدارة الدكتور باسم الزعبي وتقع في ٩٦  صفحة من الحجم المتوسط.غلاف المجموعة عبارة عن لوحة فنيّة يظهر في جانبها الأيمن غابة من الأشجار مغطاّة بالثلج، وعلى جانبها الأيسر يظهر جزء من كوخ معلق على حائطه الخشبيّ فانوس أو قنديل.توحي اللوحة إلى حزن ما يخيم على المشهد، ويتناسب إيقاعها الشّجي مع عنوان المجموعة “من أين يأتي الثلج”، ربما يوحي نور القنديل المعلق إلى الأمل الّذي يقودنا إلى حياة أفضل تنتظرنا في نهاية النفق.عنوان المجموعة جاذب، يثير العديد من الأسئلة ويحث على  التعمق في تأويلاته، فالثلج كما نعلم يسقط من السماء، فهل هناك مكان آخر يسقط منه؟! أم هو تساؤل تجريدي له دلالته ورمزيته؟!الإهداء جاء إلى كاتيا..نور..رغد..بشر..و نور البشروهم أقمار الأديب طه درويش المضيئة وأفراحه المشرقة كما ذكر.كتب التقديم للمجموعة الأستاذ الدكتور فاضل السعدوني الّذي وصف فيها الأديب طه درويش بأنه “صوفي من زماننا”، وقد أثنى على لغته الّتي عكست صوفيته النقية الرقراقة، فحسب رأيه وهذا ما أتفق معه أن “لغة طه درويش نادرة الوجود في أيام العسف اللغوي هذه، لغة منقاة، بسيطة، متدفقة، يجسم فيها طه ما هو هلامي وضبابي فيحيله إلى تمثال من الصلب بارز الملامح والتفاصيل”.ليس من الغريب أن يخيم الموت على ثيمات القص، فالعالم الّذي نعيشه...

رواية “أولاد جلوة” للرّوائيّ قاسم توفيق، جذور ورمال، وحكاية قبيلة عبر الأجيال

صباح بشيريستخدم الأديب قاسم توفيق خيوط سرد محكمة؛ لينسج عالم روايته “أولاد جلوة”، الصّادرة عن “الآن ناشرون وموزّعون”، في مئة وواحدة وثمانين صفحة من القطع المتوسّط.في رحاب هذا المقال، سنبحر معا في أعماق رواية “أولاد جلوة”، محلّلين خباياها ودلالاتها المتشابكة، نتجوّل بين صفحاتها؛ لنستكشف كيف تتجذّر الحكايات في ثرى التّاريخ، وتتجسّد مآسي الأجيال في سطور نابضة، نتأمّل في تقاطعات الأصوات الّتي تشكّل النسيج الرّوائيّ، وتبرز عمق الفكر وسمو القلم في مقاربة القضايا الإنسانيّة.يستهلّ السّارد هذا العمل بنبرة حزينة مؤثّرة، في رسالة خطّها رجل يترقّب الموت قتلا، ثأرا من قبيلته المسمّاة بالهذّاعيّين، وذلك لقتلهم فردا من قبيلة “الجوازيّة” الّتي تسعى للانتقام بإجلائهم عن ديارهم وقتل رجالهم.كان ذلك في الخامس من تمّوز عام ألفين وخمسة، معلنا ذلك الرّجل بوعي حاضر لما يحيط به، وعلى الرّغم من ذلك، لم يعد هاجس الخوف يأسره؛ ليجد نفسه متحرّرا من قيود الهلع وسلطان الفزع، متفكّرا في إنجاز فعل يليق بمقام رجل يودّع الحياة، فكتب في الصّفحة التّاسعة: “َلا سبيل لقتل الوقت لحين أن أقتل سوى الكتابة.. امتطيت مخيّلتي وجبت عوالمي إلى أن وقفت بها عند يومي الأخير”.ينتقل بالحديث إلى صديق افتراضيّ عثر عليه صدفة على “فيسبوك”، مدوّنا في مقدّمة صفحته هذه العبارة (ص7): “الكتابة محاولة لمواجهة العالم، عندما تتهاوى الأرواح في جحيم العبث”.أثارت هذه العبارة...

“أجراس القبار” للروائي الأردني مجدي دعيبس.. رواية تاريخية في تمجيد التضحية ومديح الهوية

د. محمد عبيد اللهيندرج الروائي والكاتب الأردني مجدي دعيبس ضمن أبرز الكتاب العرب في الألفية الثالثة، خصوصا أنه قدم إلى الكتابة وهو يحمل قدرا عاليا من النضج والتجربة والاستعداد والثقافة المعمقة. وقد نشر، منذ عام 2018، عام صدور كتابه الأول، نحو عشرة كتب متميزة تنوعت بين عدة أجناس سردية: الرواية، والقصة القصيرة، والمسرحية، والسيرة.الكاتب دعيبس من مواليد بلدة الحصن، إربد، شمال الأردن، عام 1968م. أنهى الثانوية العامة في بلدته عام 1986، ودرس في جامعة مؤتة (جنوب الأردن) وتخرج منها بشهادة البكالوريوس في هندسة الاتصالات. عمل بعد تخرجه عام 1990 في سلاح الجو الملكي، حتى تقاعده عام 2017. وبعد هذه المرحلة المهنية غير القصيرة، عاد إلى الدراسة وتخصص في مستوى الماجستير في مجال علوم وهندسة النانوتكنولوجيا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية. وتفرغ بعد ذلك للكتابة الأدبية، فنشر مجموعة من المؤلفات الروائية والقصصية البارزة.ففي مجال الرواية، نشر خمس روايات حتى اليوم:الوزر المالح، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت-عمان، 2018. حكايات الدرج، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت-عمان، 2019. أجراس القبار، الآن ناشرون وموزعون، عمان، 2020. قلعة الدروز، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2022. السيح، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2024.وفي مجال القصة القصيرة، نشر أربع مجموعات هي:بيادق الضالين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2019. ليل طويل، حياة قصيرة، الآن ناشرون وموزعون، عمان،...

تأريخ الجغرافيا والموروث الشعبي في رواية فاطمة

منال العبادي تأريخ الجغرافيا والموروث الشعبي في رواية “فاطمة بين البارود والسنابل” للكاتب الأردني الدكتور محمد عبدالكريم الزيود (الصادرة عن دار الآن ناشرون، 2021) تُعدّ عملاً روائياً متميزاً يجمع بين السرد التاريخي والحكاية الإنسانية الشعبية، حيث تنسج خيوطاً درامية بين الماضي والحاضر، وتوثّق تحولات مفصلية في المجتمع الأردني عبر عقود من الزمن، من منتصف الأربعينيات حتى الثمانينيات. الرواية لا تقدم سيرة فردية لبطلة اسمها “فاطمة” فحسب، بل تصبح مرآة عاكسة لتاريخ وطن بأكمله، بكل ما حمله من نكبات وحروب وتضحيات. في عنوان رواية فاطمة البارود والسنابل”، تكمن المفارقة في الجمع بين كلمتين تحملان دلالات متناقضة: البارود الذي يرمز إلى العنف، الحرب، الدمار، والصراع والى الدفاع عن الأرض والعرض ايضا فذات الكلمة تحمل النقيضين حسب طريقة استخدامها . ورغم وجود البارود والسلاح الا أن الوطن في تلك الحقبة لايزال تحت سطوة الاستعمار. والسنابل التي ترمز إلى السلام، الخصوبة، الزراعة، والحياة والعطاء كما أنها تعبر عن الاستغلال من قبل الاقطاعيين . فرغم السنابل ووجودها لكن لازال الفقر موجودا. لعب الكاتب هنا على التضاد الرمزي لكلا المفردتين والجمع بين “البارود” (التفجير والموت) و”السنابل” (النماء والخصوبة) ليُظهر لنا صراعًا بين قوى التدمير وقوى الحياة، مما يخلق تناقضًا دراميًا يجذب القارئ وكانت هذه الجرعة التشويقية والتسويقية الأولى للرواية . وجعل ايضا من الثنائية في الرواية عنوانا للصراع الداخلي أو الخارجي للشخصية الرئيسية (فاطمة) بين...

قراءة انطباعية في المجموعة القصصية “بين بوابات القدس”

د. كايد الركيباتتُقدم المجموعة القصصية "بين بوابات القدس" لصبحي فحماوي، الصادرة عن دار الآن ناشرون، هذا العام 2025، بانوراما سردية غنية تعكس الواقع العربي المعاصر بتحدياته وآماله، لا تُعد القدس في العنوان مجرد موقع جغرافي، بل رمزاً محورياً للهوية، والقضية، والمقدّس، والمنتهك، في حين تمثل "البوابات" عتبات للعبور بين حالات إنسانية ووجودية متنوعة، من الأمل إلى الخذلان، ومن الحياة إلى الفقد، ومن المقاومة إلى الموت البطولي، ومن الغفلة إلى الوعي، العنوان بحد ذاته مفتاح تأويلي يُضيء العديد من القصص في المجموعة، حتى تلك التي لا تقع أحداثها داخل القدس جغرافياً، بل تدور في فلكها الرمزي. تعددت المحاور الموضوعية التي تتناولها المجموعة، وبرزت في صدارتها قضية الاحتلال والتهجير، حيث صوّرت القصص بمرارة معاناة الفلسطينيين من فقدان الوطن والدمار والتضحيات، كما تجلى ذلك في قصص مثل "التوأمان"، و"المُهجر"، و"بين بوابات القدس"، و"حريق آرون بوشنيل"، و"قصة حب راشيل كوري"، مع تركيز واضح على صمود الإنسان ورفضه للظلم، بالإضافة إلى ذلك، قدمت المجموعة نقداً اجتماعياً لاذعاً، كاشفةً جوانب الفساد، واستغلال السلطة، والطمع، كما ظهر في قصص "المختار أبو طامس"، و"مجرد حوالة"، و"الثلاجة الفارغة"، و"الوالد تسهل"، مُسلّطة الضوء على هشاشة المكاسب المادية على حساب القيم الإنسانية. كما عالجت المجموعة القصصية العلاقات الأسرية المعقدة، والتحديات الزوجية، وتأثير التقاليد الاجتماعية القاسية، كما وجدنا ذلك في "أمنا الغولة"، و"لا...

مراجعة أدبية لرواية ”أنثى قاحلة“

براء رضوان أبوغنيمالقضية: تُجسد الرواية المعاناة الحاضرة للشعب الفلسطيني في غزة من خلال سرد إنساني مؤلم، حيث تسلط الضوء على التدمير الداخلي والحرمان العاطفي والشتات الأسري الذي يعيشه الأبطال. الرواية ليست فقط حكاية فردية بل ملحمة جماعية، دون فسحة للحزن أو التراخي. بالإضافة إلى إبراز دور المرأة الفلسطينية بصورتها الرمزية العميقة، التي تمثل المقاومة الصامتة عبر الصبر والتضحية وتربية الأجيال، مؤكدة أن النضال ليس فقط بالسلاح بل بالثبات والإيمان والعقل والعلم. عنوان الرواية يثير فضولا داخليا عند قسم كبير من القراء للبحث عن دلالته ومعناه داخل الرواية العميقة في معانيها وتأثيرها، لتجد مفردة (قاحلة) تظهر أولاً مرتبطة بشخصية “الحاجة زهرية”، وهي الأم لبعض شخصيات الرواية وأم القطاع الذي تدور كل الأحداث به وما آلت إليه الأحداث بدءًا من تشرين الأول حتى مثيله من العام التالي، لكن سرعان ما تتشابك دلالة العنوان بالمكان وهو غزة، وكأن غزة كالأم لكن القحل أصابها، ولا تنتفي أي الدلالتين مع العنوان فكلاهما يشتركان أنهما الحضن الأول لكل فلسطيني، والذي يجب الدفاع والاستماتة من أجله والذود عنه، وكل الأحداث والمواقف والتراكيب صيغت وسيقت من الكاتب مصعب البدور لتصبّ في هذا المعنى وصولا إلى الفكرة المركزية لهذه الرواية، ولا تستغرب أن العنوان قد يكون مرتبطا بشخصية “كارولين” الأجنبية، التي كانت أنثى بجنسها، جاءت مع قافلة العطاء والإغاثة، لكنها كانت...

رمزية العنوان في رواية فاطمة: حكاية البارود والسنابل

د. نهال عبد الله غرايبةرواية "فاطمة: حكاية البارود والسنابل" للكاتب الدكتور محمد عبد الكريم الزيود، صدرت عام 2021 عن دار الآن ناشرون في عمّان، وتتألف من 224 صفحة. تُعد الرواية عملاً أدبياً واقعياً تسجيلياً، يرصد حياة فاطمة، امرأة بدوية أردنية، وما مرت به من معاناة وفقدان خلال الفترة من منتصف الأربعينيات إلى الثمانينيات من القرن العشرين. كما تُعد الرواية عملاً أدبياً يتجاوز حدود السرد التقليدي ليصبح وثيقة ثقافية ووطنية تعكس تجربة الأردن وأبنائه.في الإطار التاريخي والاجتماعي: تدور الأحداث في قرى الزرقاء، خاصة ضمن إطار عشائر بني حسن، وتعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الأردن، من حياة التنقل والرعي إلى الزراعة والاستقرار، مع إبراز دور الجيش العربي في دمج الأردنيين في بناء الدولة. تتناول الرواية أحداثاً تاريخية مثل استشهاد الملك عبدالله الأول (1951)، نكسة 1967، وتداعيات النزوح والهجرة.وتعد شخصية فاطمة: رمزًا للمرأة الأردنية التي تكافح في وجه الفقر والخسارة. تجسد قصتها الفقد (مثل وفاة شقيقها حمدان في ليلة زفافه)، الانكسار، والأمل المتجدد. تُصور كشخصية تعكس هوية الوطن وتحمل قيم الكرم والصبر. أما الشخصيات الثانوية فتظهر شخصيات مثل حمدان (شقيق فاطمة)، سلمان الراعي، وعلي الشهيد، لتعزز السرد وتبرز قيم المجتمع الأردني، من إنسانية وإصرارالرمزية: العنوان يحمل دلالات عميقة؛ «البارود» يمثل التناقضات (الحرب والسلم، الموت والحياة)، بينما «السنابل» ترمز للخير والأمل. الرواية تسرد...