“حانة فوق التراب” رحلة ابن للبحث عن الحقيقة
رشيد عبد الرحمن النجاب في الحانة رجل مسن يحمل كأسه بيد مرتجفة، يجتر الذكريات قرب نافذة صغيرة لاتفتح، ولا يدرك الناظر إلى وجهه أي تعبير، غير خطوط رسمت تعداد السنين، هذه واحدة من صور عديدة لأعداد لاتنتهي من الحانات؛ بأشكال، وألوان، ومكونات، ورواد مختلفين، حفلت بهم الروايات قديمها وحديثها، ونقلت السينما أصواتها وكادت تنقل رائحة الطعام والشراب والبشر. إلا إن حانة عايد الكهلان مختلفة جدا جدا، محض رجل أو اثنان كحد أقصى، وشجرة، وزجاجة في الهواء الطلق فوق التراب بالمعنى الحرفي للعبارة. كانت هذه الحانة وما دار فيها وما نتج عنها أحد أهم محاور رواية قاسم توفيق الصادرة في طبعتها الثانية عام 2020 عن دار "الان ناشرون وموزعون" في ما يزيد عن 400 صفحة من القطع المتوسط. أحب البدء بالنصوص الموازية قبل الخوض في هذه الرواية، والحديث عن محاورها، ومضامينها، وشخوصها، فقد رأيت في لون الغلاف درجة من درجات ألوان التراب، أما الأوراق المبعثرة، فهي أوراق عايد الكهلان نجم هذه الرواية الأهم، وضمت بعضا من أسرار علاقته مع المصري "أحمد" والتي شرقت الناس وغربت في شأنها في قريته الواقعة شرق النهر، بسذاجة أحيانا كما عمل أطفال القرية وهم يتبعونة ويسومونه شتى أشكال المضايقات من جهة، ومن منطلق مشاعر كره مستديمة نحوه من ابنة عمه وزوجته "ساجدة" من جهة أخرى. وذلك الإهداء إلى...