الهوية السائلة في رواية “كايميرا 19” للروائية الأردنية سميحة خريس
زينب السعودفي كتابه (الحداثة السائلة) يرى زيغمونت باومان أن ما يجتاح العالم اليوم هو نتيجة حداثية وأن التغيير عربة جرّت عجلاتها بلا هوادة وصبغت الحياة بأصباغ جديدة، وقد أطلق (باومان) على حالة انعدام الثبات وتزعزع اليقين التي اجتاحت مفاصل الحياة البشرية بالحداثة السائلة. وإذا كانت الحداثة كمفهوم ظهر بعد سلسلة من الظروف الاجتماعية والسياسية في أوروبا تحديدا ثم ما لبث أن انتشر لتتم محاولة تعميمه على جميع المجالات الحياتية. فإن الأدب هو الأكثر تأثرا بالأفكار الجديدة والأسرع امتصاصا لها. والخطورة تكمن أن يكون سيلان المفاهيم الحداثية قد امتد ليطال أنسنة البشر، تلك الشعورية الفاصلة للإنسان عن بقية الكائنات حيث يجتمع العقل والقلب معا في ذات واحدة تصارع السوء المحدق به، تصرعه حينا ويتغلب عليها حينا آخر. ولكنها تظل في صراع أبدي مع كل شيء رديء حتى يتفوق أحدهما وهنا يكمن الاختبار الحقيقي. في روايتها (كايميرا 19) تصدمنا الروائية الأردنية سميحة خريس منذ أولى عتبات روايتها "الغلاف" أننا امام كائن هجين له رأس اسد وجسد ماعز وذيل كالأفعى، هذا الكائن الذي ارتسم على لوحة غلاف الرواية استعارته الكاتبة من أسطورة يونانية قديمة تتحدث عن (كايميرا) المخلوق الذي لا ينسب لعالم الإنسان ولا عالم الحيوان والوحوش، بل هو خليط بين الأنسنة والتوحش والغرابة ولهذا كانت أسطورة كايميرا ترمز إلى الوهم والسراب والأحلام...