مرآة النقد

قراءة نقدية في “لعبة القفز من النافذة” للكاتبة هدى الشماشي

لعبة القفز من النافذة، للكاتبة هدى الشماشي، هو عنوان الكتاب الذي نود أن نتحدث عنه بموضوعية فنشير بداية أن كلمة، قِصص أو قَصص، والتي كتبت تحت العنوان، لتحديد جنس الكتاب وهويته الثقافية، تمهيدا للصلة المحتملة بينه وبين القارئ، إنما أريد بها تمييزه عن نوع الكتب التي تدرج تحت مسمى مجموعة قصص، أو مجموعة قصصية، أو قصص قصيرة، تلك التصنيفات تناسب كتابا يضم نصوصا لا رابط بينها سوى اسم مؤلفها، حتى أنها قد تجمع قصصا لكتاب مختلفين مع أشكال وتقنيات سردية مختلفة. أما بالنسبة لهذا المؤلف، لعبة القفز من النافذة، فإن الدقة تقتضي أن نقول: إنه كتاب قصصي، وذاك أن النصوص التي يضمها، تبدو في الظاهر نصوصا سردية قصيرة متفرقة ومستقلة عن بعضها. يحمل كل نص منها عنوانه الخاص، وهذا ما قد يوهمك به التصفح الأولي للكتاب، لكن بعد أو عند القراءة، سوف تكتشف أنها نصوص من أهم ميزاتها الترابط الفني والموضوعي والشكلي والفلسفي، كما لو يتعلق الأمر برواية متعددة الشخوص وزوايا النظر. ولكي أسهل هذا الأمر، أرسم صورة تقريبية عن علاقة هذه النصوص ببعضها فأقول: الثيمات السردية، الأحداث والشخصيات واللغة في هذا الكتاب، تتضافر لتنجز نوعا من التشكيل السردي، الذي سيجعلك تتصور نفسك، أشبه بمسافر يتنقل بين مدن صغيرة موزعة على خارطة وطن واحد، منفتح على العالم، تربط بين هذه...

“الصراع مع الآخر” فـي رواية الحرب التي أحرقت تولستوي للكاتبة الأردنية زينب السعود

إلى الذين لن تحميهم خوذاتهم من الموت، ولن تشفع لهم كلمة بهذا الإهداء أرسلت الكاتبة الأردنية زينب السعود روايتها إلى القارئ، وبه أبتدئ قراءتي حول الرواية التي صدرت في العام 2023م، وحصلت على الترخيص الدولي عام 2022م، وتناولت الحرب الروسية الأوكرانية، ولعل أول سؤال سيتبادر لذهن القارئ: لماذا الحرب الروسية الأوكرانية، لماذا لم تتناول حكاية جارتها التي تعاني منذ العام 1948م وقبله بكثير من احتلال يتعمّد نهج الإبادة؟ هذا السؤال أطرحه لأني تعودت سماعه بعد كتابتي رواية (فومبي) التي تناولت الاستعمار البلجيكي للكونغو، فسمعت من الكل: لماذا ذهبت هناك؟ لماذا لم تتناولي التاريخ العماني؟ ولكني لن أجيب على السؤال الموجّه لي، بل على السؤال الموجّه لزينب، وبه سيجد القارئ إجابتي ذاتها، وسأجيب عليه من بين أسطر روايتها، وبالأخص في الصفحة 89 حيث قالت على لسان أحد الأوكرانيين: (نحن أوروبيون، نحن لسنا من العالم الثالث، أوكرانيا ليست الشرق الأوسط، كيف يحدث لنا هذا؟) هكذا ببساطة يرى العالم المتمدّن (أوروبا) أن الحروب قدر العالم الثالث (المتخلّف)، هذه الحقيقة ظهرت كثيرًا بعد الحرب الأخيرة على غزة، فوجدنا العالم الذي ينادي بحقوق الإنسان مفصلة بين النساء والأطفال وحتى الشواذ، يستثني أهل غزة باختلاف أجناسهم وأعمارهم، ويرى أن إسرائيل بإبادتها لشعب كامل (أكثر من مليوني إنسان) تدافع عن نفسها، ولم تؤثر بهؤلاء لا دماء الأطباء ولا أشلاء...

ذاكرة “الخروبة”.. سردية الجد والحفيد

أ. مهدي نصيرقرأتُ بالأمس نوفيلا " الخرُّوبة" للصديق رشيد النجَّاب عن "الآن ناشرون و موزعون" (2024) ، و هي روايةٌ قصيرةٌ تقع في 112 صفحة و تروي هذه الرواية سيرة عائلة فلسطينية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين و حتى نهاية حكم الدولة العثمانية عام 1918، و هي سيرة جد المؤلف رشيد عبد الرحمن النجاب. الراوي في هذه الرواية هو الراوي الحفيد رشيد و يروي ما تجمع وترسَّب في ذاكرته من سيرة رحلة جده رشيد من قرية جيبيا من قرى رام الله إلى التجنيد العثماني أثناء حرب البلقان و العالمية الأولى، و قصة عودته مع نهاية الدولة العثمانية إلى قريته "جيبيا" ليبدأ بتأسيس أسرته و رعاية أمه و أختيه بعد رحيل والده عبد الرحمن في بلدة العباسية في يافا في هجرتهم الأولى نتيجة القحط والفقر من جيبيا إلى يافا. لغة الرواية لغة رشيقةٌ فصيحةٌ بلا تكلف يمتزج معها اللهجة و الأمثال و الحكايات الفلاحية الفلسطينية في اسلوبٍ بسيطٍ و مشوّق. الرواية كانت في جوهرها رحلة فرع القطار الحديدي الحجازي الفلسطينية و هو الفرع الذي يربط دمشق بفلسطين عبر كل قرى و بلدات فلسطين عبر القدس و رام الله وجنين و سهل مرج ابن عامر و طولكرم و بيسان و العفولة و جسر بنات يعقوب (جسر المجامع الحديدي) الذي يربط مسار...

سُعاد والبيرق وسجين الزرقة… عوالم شريفة التوبي بين الحنين والواقع

نبراء حمد الكيوميةمن حبر الحنين بدأت شريفة التوبي تكتب قلبها قبل الحروف، بدأت الكتابة مبكراً جداً، قبل أن تعرف قراءة الكتب، من خلال رسائل مليئة بالشوق والحنين إلى والدها ، ومن تلك اللحظة أدركت سحر الكلمة المكتوبة وأثرها في نفسها، وكيف تختصر المسافات وتصل إلى من تحب دون لقاء ، دعم والدها وإعجابه بأسلوبها زرع فيها الثقة، فآمنت بقدرتها على الكتابة، وأحبتها كما أحبت الكتب وعالم الكلمات دفعها ذلك إلى حب القراءة والحلم بأن تكتب كما يكتب كبار الكتّاب، فقرأت كثيراً، وتمنّت لو كانت مؤلفة لبعض الكتب التي قرأتها، لتجد في الكتابة ذاتها كما لم تجدها في أي شي آخر .لم تكن فكرة كتابة الرواية حاضرة في البداية، فقد كتبت شريفة التوبي القصيدة والمقال والقصة، بينما ظل حلم الرواية مؤجلاً خوفاً أو حذراً، أو لأن الوقت لم يحن بعد ، وعندما جاء الوقت المناسب تجرأت وكتبت، فكانت روايتها الأولى سجين الزرقة، عملاً أدبياً جريئاً وحساساً يناقش قضية مغيّبة هي قضية اللقطاء، لم تتوقع النجاح الذي حققته الرواية، لتتبعها لاحقاً رواية البيرق في ثلاثة أجزاء، لا تشعر بالندم لعدم الكتابة الروائية المبكرة، فكل ما كتبته سابقاً كان تمريناً للنضج، ومع كل إصدار جديد تواصل التعلم واكتشاف قدرات لم تكن تعرفها، لأن الكتابة تصالحها مع نفسها والحياة ومن حولها.“الكتابة لا تُؤمَر…...

نافذة على الهشاشة… قراءة في «لعبة القفز من النافذة» لهدى الشماشي

أ. د. سلطان المعانيليست "لعبة القفز من النافذة" عنوانًا لواحدة من قصص المجموعة، لكنها في الحقيقة العنوان الأعمق الذي تتوارى تحته كل القصص، مثل شرفة ضيقة تطلّ على الألم، أو فتحة لا نهائية للهروب، أو مجاز يحاذي الحافة بين الحياة واللا حياة. لم يكن العنوان اختيارًا عبثيًا، بل إحالة ذكية إلى رؤية سردية وفكرية تتلبّس كامل النصوص، حيث تتكرر حركة القفز من الداخل إلى الخارج، من الذات إلى العالم، أو من عالم ضاغط إلى مجهول لا يقل قسوة. فالقفز هنا ليس موقفًا بطوليًا، هو لعبة عبثية، تُمارس في مساحة محدودة، بحجم نافذة، نافذة لا نعرف علوّها، ولا نعرف إن كانت تطلّ على شوارع، أم على هاويات، أم على فضاءات تتبدّد فيها الذات. هذا القفز المتكرر يلبس لبوسًا وجوديًا، لكنه في الآن ذاته رمز طبقي بامتياز؛ لأن الشخصيات التي تقف عند حافة النافذة، أو تتخيلها، هي دومًا من أولئك الذين تدهسهم عجلات الحياة اليومية. هي شخصيات مسحوقة، مغتربة، مأزومة، تبحث عن خلاص ولو مؤقت، ولو عبر السقوط. ومثلما تنفتح النافذة على احتمالات غير محسوبة، فإن القصص تنفتح بدورها على أسئلة لا تُغلق: من نحن حين لا نمتلك خيارًا سوى الهرب؟ ما معنى النجاة إن كان السقوط هو الطريق الوحيد إليها؟ وهل يُمكن للغة أن تعوّض الفقد؟ الكاتبة، في هذا العمل، لا تنتمي إلى...

“لعنة فردوس” لنور أرناؤوط.. رواية “وعي الانتماء”!

بديعة زيدانعبر شاهد قبر "إبراهيم الألباني" المولود في سورية، وما قبله من حكاية "فردوس" التي تصدّت بطريقتها للاحتلال الفرنسي لسورية، ولعنتها أو لعناتها، وما بعده من مآسي "سمير"، الراوي، في عمّان، وأسئلته التي لا تنتهي، سواء تلك التي يطلقها خارجه، أو يحبسها بينه وبينه، يقف القارئ أمام سردية حول هوية أسلاف صاحبتها المتفرقين في المنطقة، بعد نزوح عتيق جداً من ألبانيا لـ"الأرناؤوطيين".الحديث هنا عن رواية "لعنة فردوس" لنور أرناؤوط، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في العاصمة الأردنية عمّان.ولعل ما أرادت أن تقوله الرواية، سبق وأن عبّرت عنه صاحبتها في إطار تقرير صحافي نشره موقع "رصيف 22" الإلكتروني، حين صرّحت بأن "دماؤنا أرناؤوطية، وانتماؤنا أردني"، مشددة على أن رحلتها في البحث عن ماضٍ يستند إلى حاضر لا يمكن إلغاؤه، رحلة يعوقها نسيان أفراد عائلتها الماضي يقابله انصهار كبير في مجتمع يعيشون فيه، وهو ما دفعها إلى إصدار روايتها الأولى "لعنة فردوس".تنطلق أحداث الرواية، حسب صاحبتها، من سؤال راودها منذ طفولتها ووصفته بـ"وعي الانتماء"، إذ كانت تواجه أسئلة كثيرة حول اسم عائلتها وغرابته، حتى أنها لم تستطع الإجابة حينذاك، مشددة على أنهم في الأردن مواطنون، لكن لم يتم إبراز هويتهم، وفي ألبانيا هويتهم معروفة بمجرد ذكر اسم العائلة، ما منحها الثقة بأن أصولها واضحة، ودفعها للعمل من أجل إبراز هويتها وثقافتها...

قراءة في  ثلاثية “البيرق” لشريفة التوبي

آية السيابي/ كاتبة وروائية عُمانية ثلاثية "البيرق" عمل أدبي عظيم. يجمع بين السرد التاريخي والدرامي، ويوثق تحولات هامة في عمان بطرح موضوعي وواقعي. استطاعت شريفة التوبي أن تقدم عملًا غنيًا بالتفاصيل والأبعاد السياسية والاجتماعية، مما يجعل الرواية مرجعًا أدبيًا مهمًا لفهم التحولات التي مرت بها عمان خلال مرحلة التخلص من حكم الامامة التقليدي إلى الحكم الحداثوي للسلطنة.تُعد رواية "ثلاثية البيرق" للكاتبة شريفة التوبي عملًا أدبيًا بارزًا يوثق مراحل حاسمة من تاريخ عمان الحديث. تتكون الثلاثية من ثلاثة أجزاء: "حارة الوادي"، "سراة الجبل"، و"هبوب الريح"، حيث تقدم الكاتبة رؤية شمولية حول التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد خلال القرن العشرين. وتعتمد الرواية على أحداث تاريخية محورية، أبرزها حرب الجبل ضد الإنجليز، وسقوط الإمامة، والنزعة الشيوعية في ظفار.اعتمدت شريفة التوبي في ثلاثيتها على السرد التاريخي المتقاطع مع السرد الأدبي، ما يجعل الرواية تجمع بين التأريخ والتخييل الفني. واستخدمت الكاتبة الأسلوب السردي المشبع بالتفاصيل الواقعية، مع توظيف مكثف للوصف الدقيق للحياة الاجتماعية والبيئة. التي كانت لبنة أساسية في بناء الرواية بأجزائها الثلاث. فقد وصفت شريفة التوبي الأماكن بتفاصيل دقيقة، مما يخلق لدى القارئ شعورًا بالانغماس في العالم الذي تتشكل فيه الأحداث وتتواجد فيه الشخصيات كفيلم مصوّر. وقد استخدمت الكاتبة الزمن بذكاء عال. وحبكة رائعة فانسدلت الأحداث تباعا بترابط غير شاذ. ما أثار دهشتي...

عن رواية “الخروبة” للكاتب رشيد النجاب

المحامي حسن عباديالتقيت بالأديب رشيد النجّاب الذي أهداني نسخة من كتابه "الخَرُّوبة" (رواية قصيرة، 111 صفحة، صورة الغلاف: بطل الرواية رشيد النجّاب/جد المؤلف، تصميم الغلاف: م. سجود العناسوة، صادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن). الخَرّوب شجرة أصيلة ممتدّة الظلال ودائمة الخضرة، معمّرة، ومنها يُحضَّر رُبّ ودبس الخروب ويضاف للعصيدة؛ وجاء ذكر الخرُّوبة للمرّة الأولى في صفحة 21، وكانت معلم وإشارة، فلم تكن أسماء للطرقات، واعتاد الناس الإشارة لعلامة واضحة مميّزة تكون نقطة فارقة متعارفاً عليها، تماماً، بلا تشبيه، كالسيّارة الخربانة التي أشار لي شاعر صديق في إحدى مدن الضفّة الغربيّة واصفاً لي مكان سكناه. إنها خروبة قديمة قدم الزمان/ "خرُّوبة النحلة" القديمة التي "استقرَّت بين أغصانها نحلة وجعلت لها فيها مقرًّا" وصارت معلماً مشهوراً ممّا أغاظ الاحتلال واغتالها (ص 56)، تماماً كما اغتال السجّان ريحانة صديقي الأسير محمد مرداوي في سجن النقب الصحراوي، ووردة صديقي المرحوم زهير لبادة الحمراء التي صادرها السجّان وأعدمها. باتت الخروبة مقرّاً ومقاماً، منها تم اقتياد رشيد للجنديّة، "وحتّى الذين علموا بوفاة عبد الرحمن، جاءوا إلى القرية مُعزّين باتت الخرّوبة وجهتهم"، صارت صومعة الوالدة ومعبدها وموئلها اليومي، المرصد وخروبة الانتظار، وتعدّ نفسها لمراسم الاستقبال الموعودة في ظلّها. جاء في الإهداء: "إلى أرواح عانقت الطبيعة الجميلة في جيبيا… جدتي وجدّي...أمي وأبي"، ولفتت انتباهي "جيبْيا" (بلدة آبائه وأجداده، قرية...

الهوية السائلة في رواية “كايميرا 19” للروائية الأردنية سميحة خريس

زينب السعودفي كتابه (الحداثة السائلة) يرى زيغمونت باومان أن ما يجتاح العالم اليوم هو نتيجة حداثية وأن التغيير عربة جرّت عجلاتها بلا هوادة وصبغت الحياة بأصباغ جديدة، وقد أطلق (باومان) على حالة انعدام الثبات وتزعزع اليقين التي اجتاحت مفاصل الحياة البشرية بالحداثة السائلة. وإذا كانت الحداثة كمفهوم ظهر بعد سلسلة من الظروف الاجتماعية والسياسية في أوروبا تحديدا ثم ما لبث أن انتشر لتتم محاولة تعميمه على جميع المجالات الحياتية. فإن الأدب هو الأكثر تأثرا بالأفكار الجديدة والأسرع امتصاصا لها. والخطورة تكمن أن يكون سيلان المفاهيم الحداثية قد امتد ليطال أنسنة البشر، تلك الشعورية الفاصلة للإنسان عن بقية الكائنات حيث يجتمع العقل والقلب معا في ذات واحدة تصارع السوء المحدق به، تصرعه حينا ويتغلب عليها حينا آخر. ولكنها تظل في صراع أبدي مع كل شيء رديء حتى يتفوق أحدهما وهنا يكمن الاختبار الحقيقي. في روايتها (كايميرا 19) تصدمنا الروائية الأردنية سميحة خريس منذ أولى عتبات روايتها "الغلاف" أننا امام كائن هجين له رأس اسد وجسد ماعز وذيل كالأفعى، هذا الكائن الذي ارتسم على لوحة غلاف الرواية استعارته الكاتبة من أسطورة يونانية قديمة تتحدث عن (كايميرا) المخلوق الذي لا ينسب لعالم الإنسان ولا عالم الحيوان والوحوش، بل هو خليط بين الأنسنة والتوحش والغرابة ولهذا كانت أسطورة كايميرا ترمز إلى الوهم والسراب والأحلام...

“لن أواري سوأتي”: مجموعة قصصية لـ “آية السيّابية”، إليك قراءة فيها

مكتب أثير في تونس محمد الهادي الجزيري   التركيز على شيء ما، خاصة في الأدب يؤدي العكس، ثمّ إنّ كلّ شيء يُقال، إذا بحثنا جيدا عن المفردات، وهذا ما حدّثتُ نفسي به وأنا أنهي القصة الأولى من هذه المجموعة التي تحمل عنوان “عشّة أبي” ، فلا توجد مواضيع منبوذة ومتروكة، فكلّ أفعال الحياة متاحة للنقد والتمحيص والمراجعة، من قِبل الخيّرين المؤمنين بالإنسان الحرّ، وهذا ما لاحظته في حواري الفائت مع آية السيّابي بمناسبة تتويجها بالمركز الأوّل في مسابقة الإبداع الثقافي للمرأة الخليجية، فهي شابة ذكية وشجاعة وموهوبة، وتكتب بكلّها على عكس العديد من المتطفلات على الأدب، ولكن، أحسّ أحيانا أنّ في عقلها جلاّدا لابدّ من إدانته على كلّ ما اقترفه في المرأة من دونيّة وظلم فادح، علما أنّ الجريمة تقاسمه المرأة نصيبا منه، وذاك حديث يطول…في قصة بعنوان “لطخة” تتبع الساردة امرأة أندونيسية في رحلتها من مكان إقامتها إلى مقرّ عملها الجديد، وهي رحلة شاقة وطويلة، تحدّث فيها المرأة / الخادمة نفسها وطفليها الذيْن خلّفتهما عند أمّها، وتنتهي بها الرحلة في بيت المؤجر وربّة البيت والأسرة التي ستعمل عندها، خلاصة القول أشارت آية السيّابي إلى الظروف الصعبة التي تشتغل فيها الخادمات الأجنبيات والفرز المدروس من قِبل أرباب البيوت، فعلى سبيل المثال ثمّة حادثة ساقتها القاصة في علاقة “لينا” اسم الخادمة وبقية العائلة: التركيز...