المُتلقي المذعن: من إخلاء المسؤولية الأخلاقية إلى سطحية الفعل المعرفي
معاذ بني عامريُمثّل كتاب "المُتلقي المُذعن: محاورات في النقد الأدبي"1 للدكتور "زياد الزعبي"2، بيان إدانة للعقل العالِم في العالَم العربي من زاويتين: الزاوية الأولى: أخلاقية. الزاوية الثانية: معرفية. أخلاقية: ففي الوقت الذي يُعيب فيه العقل العالِم على أتباع العقل الشعبي عدم تمثلهم لقيمة الحرية وافتقادهم لمبدأ السيادة الذاتية الذي يخولهم الحقّ في النظر إلى وجودهم في هذا العالَم على أنه وجود غير أصيل أو وجود بالمعيَّة، وما يترتب على ذلك الوجود المُزيّف من خنوع وخضوع لأنواع مختلفة ومتعددة من العبودية؛ فإنَّ هذا العقل، لا سيما من قبل بعض أتباعه المُنخرطين في النقد الأدبي على نحو مخصوص، يخضع هو الآخر لنوع خطير من العبودية الطوعية3 ألا وهي عبودية الإذعان والقبول التام، على المستويين الذهني والتطبيقي، لأنساق ثقافية قائمة وفاعلة في المجال المعرفي العام دون فحص أو تمحيص لمتونها. فالأَوْلَى بالعقل العالِم، بما هو عقل يستخدم أداة العقل التي واجبها المركزي إعمال ذاتها في مادة العالَم، أن لا يقبل أي شيء كما هو إلا بعد فحصه وتدقيقه وتمحيصه وتبيان صلاحيته للبيئة التي يُنقل إليها؛ بل الأصح والأكثر سلامة وإبداعاً أن لا يقبل أي شيء كما هو بالصيغة التي تَرِد، بل يشرع في إعمال عقله فيما يصل إليه من معارف لكي يتحوَّل هذا العقل من صيغة الانفعال بالوجود4 إلى صيغة الفعل فيه. أما قبول الأشياء...