مرآة النقد

رواية “الخروبة” باكورة الانتاج الأدبي لرشيد النجاب: مشاهدها مستمدة من السيرة الذاتية للجد رشيد

إلياس نصراللهعن دار "الآن ناشرون وموزعون" صدرت في العاصمة الأردنية عمان رواية بعنوان "الخروبة" لمؤلفها رشيد عبدالرحمن النجاب المنتمي لعائلة النجاب الفلسطينية المعروفة من قرية جيبيا القريبة من مدينة بير زيت في الضفة الغربية، والمقيم حالياً في العاصمة الأردنية عمّان، وهو أحد المساهمين في الكتابة لجريدة "الاتحاد". لظروف خاصة، لم أقرأ منذ مدة أي عمل روائي عربي أو أجنبي وأقتصرت قراءاتي على الأبحاث التاريخية والسياسية التي استحوذت على معظم وقتي. فجاءت "الخروبة" لتحيي في نفسي من جديد حب الأعمال الروائية، علاوة على أن خلفية مؤلفها المعروفة لي وتوقعت أن أجد فيها ما يسرّ، وهوما حصل بالفعل ودفعني للكتابة عنها. تميزت "الخروبة" بأسلوب سلس وجذاب يساعد القارئ على التركيز في القراءة والاستمتاع بالنص، مما جعلني أنهي قراءتها بسرعة. فالمؤلف ركز على تصوير الأجواء العائلية والاجتماعية التي نتجت عن عملية تجنيد السلطات العثمانية لرشيد النجاب، جد المؤلف، إبان الحرب العالمية الأولى، علاوة على وصف رحلة التجنيد وما صادفه الجندي رشيد خلالها وحتى نهاية الرحلة وعودته سالماً إلى مقر إقامته مع عائلته في جيبيا. فعلى الأغلب أنه كتب الرواية وفاء لذكرى جده رشيد ووالده عبدالرحمن وعمه سليمان وأفراد عائلتهم، مما يدفع القارئ إلى الاعتقاد بأن "الخروبة" هي شبه سيرة ذاتية لعائلة النجاب خلال القرن العشرين صيغت بأسلوب روائي. ففي تعريفه للرواية الوارد على الغلاف الخلفي...

نظرات في ديوان أراني أعيد لخيولي بياضها لرامي الجنيدي

علي القيسي«أراني أعيد لخيولي بياضها»، عنوان ديوان شعر نثري للأديب رامي الجنيدي، صدر حديثا عن (الآن ناشرون وموزعون). عتبة العنوان جملة فعلية تتضمن العمل أو الشروع بالعمل والحركة لفعل شيء وهو الفاعل المتكلم يرى نفسه أن يقوم بعمل يخصه، وهو محاولة العبث باللون لتلك الخيول التي ذهب لونها الحقيقي الأصلي، وهذه رمزية وتورية أيضا، تكمن في فكر الشاعر وضميره في المعنى المقصود. فالديوان يعج بالرمزية والإشارات ذات المعنى، فثمة الخيول، والذئاب، والجنرال والماء والصلصال، فالشاعر رامي يختبئ وراء هذه النصوص من خلال الرمزية والتشابيه والمجازات، التي يحفل بها هذا الإصدار. وفي القصيدة الأولى من الديوان (وتمرض الذئاب): «ذئبُ خجول/ يرسم على جسد طريدته الخرساء/ حلم الذئاب/ يقبّل دمعة الغروب». في هذا الجمل النثرية الغامضة بالنسبة للمتلقي، يقف القارئ مشدوها، يحاول كشف الحقيقة والوصول إلى فك تلك الشيفرة. ماذا يقصد الشاعر بالذئب الخجول، والرسم على جسد طريدته الخرساء، هنا المعنى يُفسر بالنسبة للمتلقي تفسيرات كثيرة وهذا يحرك الفكر النقدي والمخيال الإبداعي للبحث والتخيل للوصول إلى ما في قلب الشاعر، ولكن يبقى ذلك محاولات لسبر أغوار عميقة قد لا تكون مهمة عند الشاعر، ولكنها تثير التساؤلات لدى المتلقي. القصائد مفعمة بالألفاظ والمفردات التي نراها تتكرر مثل المرايا، الذئاب، الجنرال، وهذا للتأكيد على تعلق الشاعر رامي بالمعنى الذي يشغل باله ويحرك ذهنه ووجدانه، يقول: «أيها الذئب القابع بين...

جعفر حسّان… السياسة أم الاقتصاد في الأردن؟

لو كنتَ مراقباً وصحافياً فضولياً، لرغبت في أن تكون في عمّان، في هذه الأيام، بعد الانتخابات النيابية أخيراً، ورحيل واحدة من أطول الحكومات عمراً، وأقلّها شعبية، حكومة بشر الخصاونة، ليكلّف العاهل الأردني مدير مكتبه الخمسيني، جعفر حسّان، تشكيل الحكومة. أمّا أن تكون في عمّان، فلنمائم الصالونات السياسية لذّة قلّما تشهدها في الشكل ذاته في عواصم عربية أخرى. والصالونات تلك ملتقيات سياسية موازية للعمل السياسي الرسمي في البرلمان أو الحكومة، وتضجّ اليوم بالحديث عن التشكيل الحكومي، وعن وسامة القادم الجديد إلى مقرّ رئاسة الوزراء في الدوار الرابع (في جبل عمّان)، والأصوات المعارضة، والمتحفّظة أيضاً، وعن كثيرين ممّن يدّعون معرفة الكواليس، وممّن يحذّرون من المستقبل... إلخ، لكن لرئيس الوزراء الجديد تصوّرات وشخصية سياسية مختلفة إلى حدّ ما، قد تلعب دوراً في تغييرٍ ما في قواعد اللعبة السياسة في الأردن، أو أنّه يعجز عن تجاوز تلك القواعد، فيمر كما مرّ كثيرون قبله، وهذا ما يستحقّ بعض التحليل. وجعفر حسّان من مواليد جنوب عمّان، خريبة السوق، ويُكرر محبّوه، وبعض أقاربه، أنّه أصبح أوّل رئيس للوزراء من جنوب المدينة، وفي هذا دلالات مهمّة لمدينة تقسّم نفسها دوماً على أساس طبقي بين الغرب والشرق، والشمال والجنوب، لكنّ جعفر لا يمكن أن يوصف بأنّه من هناك طبقياً، بتعليم عالٍ من أعرق الجامعات الغربية بين فرنسا والولايات المتّحدة،...

“ديوان الصبابة” لابن أبي حَجَلة التّلمسانيّ: النصُّ والمخطوطاتُ والأرشيفُ عامر سلمان أبومحارب (أكاديميّ وناقد أردنيّ)

(1)شکّلت ثيمة الحب موضوعة مركزيّة لعددٍ من الأعمال الكلاسيكيّة في الثقافة العربيّة الإسلاميّة في العصور الوسيطة، ولا شكّ أنّ ديوان الصبابة) لشهاب الدّين أحمد بن أبي حَجَلة التّلمسانيّ (ت.٧٧٦ هـ) يمثّل أحد أبرز الأعمال في إطار هذه البابة، وذلك إلى جانب كتاب (الزهرة) لابن داود (ت.٢٩٧هـ)، و(اعتلال القلوب) للخرائطيّ (ت.٣٢٧ه)، و(طوق الحمامة في الأُلفَةِ والأُلَّاف) لابن حزم الظاهريّ (ت.٤٥٦ه) (ينظر: ديوان الصبابة لابن أبي حَجَلة التلمسانيّ (ت.٧٧٦ هـ)، تحقيق: خالد الجبر وأحمد الشيخ، الآن ناشرون وموزعون، عمّان، 2024م).ولا نُدحة من القول: إنّ هذا الكتاب يتّخذ أهمّيته من سياق اللحظة الحضاريّة التي وضعَه مؤلفها في إطارها، فالسياق الثقافيّ والمعرفيّ للعصر المملوكيّ سياقٌ مختلفٌ عن العصور السابقة واللاحقة، حيث وسم دومًا بأنه عصر انحطاط وسقوط ثقافيّ كبير، بيد أنّ الباحثين تنبّهوا إلى أنّ هذا العصر يمثّل مكنزًا للآداب، ولعلّ أبرزهم هو محسن جاسم الموسوي، الذي اعتبر أنّ آداب العصر الوسيط كوّنت جمهورية من الآداب (ينظر: جمهوريّة الآداب في العصر الإسلاميّ الوسيط: البنية العربيّة للمعرفة لمحسن جاسم الموسويّ، ترجمة: حبيبة حسن، الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر، بيروت، 2020م)، وذلك قياسًا إلى المصطلح الشهير (الجمهوريّة العالميّة للآداب) (The World Republic of Letters) الذي طرحته المفكّرة الفرنسيّة باسكال كازانوفا ((Pascale Casanova.

“تحت سماءٍ واحدة”: رمزية الحب علاء زريفة

يحاكي الشاعر الأردني نضال برقان المرأةَ- الحياة، والمرأةَ- الوجود، والمرأةَ- الأنا في خطاب شعري تمتزج فيه الذات بفائض الكون المتبقِّي من الأسئلة الوجودية التي يحاول سبر أجوبتها ولو "ندمًا". ففي مجموعته الشعرية "تحت سماء واحدة"، الصادرة عن دار (الآن ناشرون وموزِّعون) في عمَّان 2022، تنهض لغة برقان بأعباء السؤال المُتداخل بوجوه الطبيعة تحليقًا "سماءٍ واحدة"، تلمُّ مفردات الحبِّ بطبيعته الإنسانية الأشمل محاولًا أن يحدِّق بـ"حقيقيتها" بعين قلبه أولًا. يستخدم برقان قصيدة النثر ليعبِّر عن ذاته وكأنَّه يقف وحيدًا، مستعيرًا صراخ الشاعر الفرنسي شارل بودلير في كتابه (طحال باريس): "من منَّا، في لحظات طموحه، لم يحلم بمعجزة النثر الشعري، الموسيقي، بلا إيقاع ولا قافية، مرن وقوي بما فيه الكفاية ليتكيَّف مع نبضات الروح الغنائية، وتموُّجات الخيال، سخرية من الوعي؟"."أمٌّ كونية واحدة""أعرف أنَّكِ في مكانٍ ما هناك تُغنِّين للأمل وتُحيكين ملابسَ جديدةً للحقيقة وتزرعين النجوم في حوض نعناع". اللغة الشفَّافة الممزوجة بتفاصيل الطبيعة المرئيَّة التي تتجلَّى في عنوان القصائد كـ"تعشيب في حديقة البهجة، رصاصةٌ ذهبية من السماء، احتفال من أجل حصان النشيد، وسواها"، وصورة الكون الواسع المُتجسِّد في "حبيبةٍ مُخاطَبة"، يبعث من خلالها برقان قصائده- رسائله المسكونة بالهواجس والارتياب، بالرغبة والنكران، بالحقيقة البسيطة المجرَّدة وأشباهها. لغةٌ في منتهى الشعرية تؤسِّسها الذاتية مفرطة الحساسية، يتنقَّل صوت الشاعر فيها بين النداء المرتعش والابتهال، الصراخ الجريء الباحث...

د. خالد الجبر … جهود مثمرة في تحقيق كتب التراث مجدي بكري – عمان عالم الثقافة

لا ينكرُ أهمّيّة التُّراث الثّقافيّ للأمّة إلّا شخصٌ جاهلٌ أو عدميٌّ أو عدوّ لنفسه، وقد يكون التُّراث العربيّ المخطوطُ من أغنى التُّراثات العالميّة؛ إذ تُقدَّر أعدادُ المخطوطات العربيّة في العالم بعشرات الآلاف إن لم تكن بمئات الآلاف، وهذا جزءٌ يسيرٌ ممّا تبقّى للبشريَّة من إسهماتِ العرب والمسلمين ضمن الحضارة العربيّة الإسلاميّة؛ فقد عُرفت في التَّاريخ حملاتُ إبادة للمكتبتات كما مارسها المغول في بغداد، ومارسها الإسبان في الأندلس، ومارسها الصليبيّون في القدس، ومارسها العرب أنفسُهم في صِداماتهم الفكريّة والفقهيّة والسّياسيّة. الأكاديمي خالد عبد الرؤوف الجبر أستاذٌ ضليع باللغة العربيّة، وباحثٌ وناقدٌ مُجِّد، وشاعرٌ مرهف، ومُثقَّفٌ واسع الاطِّلاع، وبعد تركه التَّدريس الجامعيّ، راح يُكرِّس جهداً مُميَّزاً في تحقيق كتب التُّراث ليُساهمَ إلى جانب العديد من المحقِّقين المخلِصين في إعادة إحياء تراثنا الثَّقافيّ وتقديمه للعالم والأجيال. خلال عام واحد تمكَّن الجبر من إصدار ثلاثة كتبٍ عن “الآن ناشرون وموزعون” ضمن هذا المشروع، أولها “المُنتخَب من ديوان برهان الدّين القيراطيِّ” (726-781هـ/1326-1379م)، انتخبه الشّيخُ الفاضلُ يحيى بن فهد القاسميُّ المكّيُّ؛ وبُرهان الدّين القِيراطيّ أحدُ مشاهير عصر المماليك الثّاني في الأدب، شعره ونثره، وله ديوان ضخم، وهو من شعراء المديح النّبويّ، غير أنّ العناية به وبأدبه قليلة، لهذا فات محقّقي الأدب العناية بديوانه ومختارات أشعاره؛ ويبدو أنّ السّبب في إهماله أنّ الرّجل لم يكن من أهل الدّولة...

المفارقة الزمنية وتأسيس الموت المغاير

عادل ضرغامتتجلى شعرية ديوان (الموت يدخن أيضا) للشاعرة اللبنانية ماري عبدالجليل في منطقة غائرة بعيدة داخل الذات التي لا تكفّ عن البحث عن انسجامها المفقود، من خلال الحلم وصناعة العوالم التي تكمل النقصان الحادث. والنصوص تنتهج التأمل الهادئ والمراقبة المستمرة للذات في تجذّرها داخل سياق عام يكيّف حركتها ويوجهها، ويكسبها مساحة من الانعزال لتستلقي داخل عالم لا تقاومه، ولا تستسلم له في الآن ذاته، لأن ارتباطها به فقد كل موجبات الصراع. والذات الشاعرة في نصوص الديوان بهذا الانسحاب المفروض أو المختار، لا تتوقف عن مراقبة واستحضار وتشكيل العوالم البديلة الأخرى، وتدمجها في إطار لا ينفصل عن الإنسان، بل تعطي له وجودا أعلى، فيه نوع من التجاوز، يتخلص من تشظيه الملموس داخل عالم البشر. الانسجام صفة أساسية تلم شتات العوالم الأخرى، عوالم الطيور والحيوان، بينما يأتي التشظي والتدابر والتنافر جزئيات أساسية للوجود الإنساني. يعاين القارئ في هذه النصوص تشكيلات غائرة للذات والوجود، تصنع سمتها البسيط والهادئ الذي يحفر بعمق لا يخلو من قصدية، في اختيار الرمز الكاشف عن القلق والوجود الإنساني، فتوحّد- في ظل ذلك- بين الحياة والموت، فالموت في هذه النصوص ليس انتهاء أو خروجا من الحياة، لكنه استمرار وتجل مغاير لها، ومن ثمّ تتوالى الإشارات في النصوص الكاشفة عن الاستمرار بعد حدث الموت، سواء فيما يخص الأفراد، أو الإطارات...

“حانة فوق التراب” رحلة ابن للبحث عن الحقيقة

رشيد عبد الرحمن النجاب في الحانة رجل مسن يحمل كأسه بيد مرتجفة، يجتر الذكريات قرب نافذة صغيرة لاتفتح، ولا يدرك الناظر إلى وجهه أي تعبير، غير خطوط رسمت تعداد السنين، هذه واحدة من صور عديدة لأعداد لاتنتهي من الحانات؛ بأشكال، وألوان، ومكونات، ورواد مختلفين، حفلت بهم الروايات قديمها وحديثها، ونقلت السينما أصواتها وكادت تنقل رائحة الطعام والشراب والبشر. إلا إن حانة عايد الكهلان مختلفة جدا جدا، محض رجل أو اثنان كحد أقصى، وشجرة، وزجاجة في الهواء الطلق فوق التراب بالمعنى الحرفي للعبارة. كانت هذه الحانة وما دار فيها وما نتج عنها أحد أهم محاور رواية قاسم توفيق الصادرة في طبعتها الثانية عام 2020 عن دار "الان ناشرون وموزعون" في ما يزيد عن 400 صفحة من القطع المتوسط. أحب البدء بالنصوص الموازية قبل الخوض في هذه الرواية، والحديث عن محاورها، ومضامينها،  وشخوصها، فقد رأيت في لون الغلاف درجة من درجات ألوان التراب،  أما الأوراق المبعثرة، فهي أوراق عايد الكهلان نجم هذه الرواية الأهم، وضمت بعضا من أسرار علاقته مع المصري "أحمد" والتي شرقت الناس وغربت في شأنها  في قريته الواقعة شرق النهر، بسذاجة أحيانا كما عمل أطفال القرية وهم يتبعونة ويسومونه شتى أشكال المضايقات من جهة، ومن منطلق مشاعر كره مستديمة نحوه من ابنة عمه وزوجته "ساجدة" من جهة أخرى. وذلك الإهداء إلى...

الوجودية في المجموعة القصصية «مسافة كافية» للكاتب جعفر العقيلي

منى منصورالمحور الأساسي الذي تدور حوله معظم قصص المجموعة حول الوجودية ومعاناة الفرد والشعور بالارتباك في مواجهة العالم الذي يعيش فيه أو موقفه الوجودي.قصة تصفية حساب: يبدأ الكاتب بسرد حالة شعورية يتمازج ويختلط الوعي باللاوعي حيث يصف السارد (المشارك) بأسلوب سلس جزل لا يخلو من الدقة في وصف حالة التوتر والفزع التي أصابته، أجاد الكاتب تناول البعد التشكيلي للحدث. استخدم الكاتب عدد من الاسئلة التشككية لتجعل القارىء مشاركا وجدانيا في الحدث يتناوب الكاتب في استخدام السرد والمونولج الداخلي وهذا التنوع ينأى بالقارئ عن الملل ويبلور الحالة النفسية للبطل. ثم ينقلنا الكاتب تدريجيا لحالة من الواقعية السحرية بهذا القادم من فكر وضمير البطل، ليحاسبه على مدى إيمانه بحقيقة ما يكتب من منطلق "ان الكتابة رسالة". هنا يحرص الكاتب على الترميز بدلالة الرقم ثلاثة كأستباق لحدث سيأتي فيما بعد، لا يتيقن له سوى قارئ حذق. يبدع الكاتب في تكوين تراكيب لغوية وصور رائعة تبلور الحدث: «انسلخت عن السرير متلعثم الخطوات...»، «وأنا أبدو كتلة من تثاؤب، منزوع الرغبة». فهو يجنح إلى (التشيؤ) ليجعل القارئ يتلمس عمق المعنى ومصداقيته، ثم ينقلنا الكاتب للحظة التنوير فيقول: عاينت أعضائي وانفعالاتها إزاءه بوصفي «آخر» كأنني انفصلت عني. كأن ثالثا بيننا: أنا وهو أو كأنني ثالث بيني وبينه. هذا الثالوث هو محور الحدث... يتبادلون الحديث بينهم، يحتاج من القارئ التركيز لتداخل الضمائر يقول: «هم بتخطي الباب كان...

الدلالات والرؤى في رواية “كويت بغداد عمّان” لأسيد الحوتري

مصطفى القرنةعنوان رواية "كويت بغداد عمان" يحمل دلالات متعددة تعكس عمق الرواية وتفاصيلها المعقدة. يتجاوز العنوان كونه مجرد تسمية جغرافية، ليصبح جزءاً من بنية السرد والرؤية الأدبية للعمل.دلالات العنوان: الرحلة والتنوع الثقافي: _ "كويت" و"بغداد" و"عمان" تمثل ثلاث مدن ذات تاريخ وثقافات متباينة ، يعكس العنوان التنوع الثقافي والجغرافي الذي تستعرضه الرواية، حيث يتنقل الباص بين هذه العواصم ليرسم صورة شاملة عن التحديات والآمال في كل واحدة منها.البحث عن الهوية والانتماء: - العنوان يشير إلى رحلة بحث عن الهوية والانتماء عبر المدن الثلاث. كل مدينة تعكس مرحلة مختلفة في حياة البطل وتفاصيل محددة من هويته الثقافية والاجتماعية. يمثل العنوان رحلة الذات في سعيها لفهم مكانها في العالم.التحولات التاريخية والسياسية - تمثل كل من الكويت وبغداد وعمان مراحل مختلفة من التحولات السياسية والاجتماعية في العالم العربي. يشير العنوان إلى التفاعل مع هذه التحولات، وكيف تؤثر على الشخصيات والأحداث في الرواية.الذاكرة والتاريخ: - العنوان يلمح إلى أهمية الذاكرة والتاريخ في بناء الرواية. كل مدينة تحمل عبء تاريخي وذكرياتي مختلف، وينعكس ذلك في تجربة البطل وتفاعلاته مع الأماكن التي يزورها.الوحدة في التنوع؛ - بالرغم من التباين الكبير بين المدن الثلاث، فإن العنوان يشير إلى وحدة في التجربة الإنسانية. هذه الوحدة تتجلى من خلال تجارب البطل والتحديات المشتركة التي تواجهها الشخصيات عبر المدن المختلفة.الرمزية: - من خلال اختيار ثلاث مدن...