نظرية الفوضى في الشعر العباسي.. مقاربة نصيّة في شعر أبي نواس وأبي تمام والمتنبي
يعد كتاب "نظرية الفوضى في الشعر العباسي.. من التمرد إلى الجمال" (2025) للدكتورة نهال غرايبة رحلة تأمُّل في صميم الشعر العربي، حين يخلخل نسقه ويعيد ترتيب عناصره بوعي وجودي وثقافي جديد. ويمثّل الكتاب محاولة علمية وجمالية لقراءة الشعر العباسي من منظور جديد، يزاوج بين النقد الأدبي الكلاسيكي ومناهج العلوم الحديثة، ولا سيما نظرية الفوضى (Chaos Theory) بوصفها أفقا معرفيًا لفهم العلاقات غير الخطّية في النصوص الشعرية. وينطلق الكتاب من فرضية مفادها أن الفوضى ليست نقيض النظام في الشعر، بل مولِّدة له، وأنّ ما يبدو تشتّتًا أو اضطرابًا في البنية اللغوية أو الدلالية إنما يخفي نظامًا داخليا دقيقًا يعيد تشكيل الجمال وفق منطق غير خطّي ومتغير. وقد اختير كل من أبي نواس وأبي تمام والمتنبي بوصفهم 3 من أبرز شعراء العصر العباسي الذين تجاوزوا بنى القصيدة التقليدية، ولكونهم يمثلون نماذج شعرية متميزة في الخروج على إستراتيجيات الشكل والمضمون للقصيدة العربية، كلٌّ بطريقته، وكلٌّ بفوضاه الخاصة التي لا تُعدّ خللًا، بل نظامًا جديدا يولد من قلب التمرد والانزياح، ويشكّل بؤرًا جمالية تحمل خصائص النص الحداثي. وفي ضوء ذلك، تتأسس فرضية هذا الكتاب على أن "الفوضى" ليست نقيضا للجمال، بل أحد مصادره العميقة، وأن ما يُعرف في النص باسم "بلاغة التشويش" لا يدل على غياب المعنى، بل على تكثيفه وتشظيه وإعادة بنائه بشكل غير تقليدي، وقد...

