مرآة النقد

قراءة في رواية “حارس خشب السكة”

بشار ادلبيمن الأمور التي لفتت انتباهي عند قراءة المذكرات الشخصية للأجانب، جرأتهم في تناول أمور حساسة جدا مروا بها في سابق زمانهم، تعجبت أحيانا من "فضائح" - على الأقل بالنسبة لنا كشرقيين- يتناولونها بأريحية تامة بلا خجل أو وجل أو حتى من تسليط الضوء على ذكرياتهم الحميمية او أمور خاصة تخصهم ومن حولهم، بعد الدهشة التي تصيبني أبحث بعمق وـحاول التأكد بداية من أن الأديب نفسه هو من كتب ما هو بين يديّ، أم أن جهة أخرى هي التي تتطوعت لمشاركتنا "حياته" بعد مماته، كما حصل مع مذكرات غادة السمان التي نشرت رسائل غسان بعد مماته. و كنت دوما ألوم نفسي ومحيطي بسبب عدم التدوين ليوميات حياتنا كفعل مقدس لغاية حفظ ذكرياتنا وكوسيلة لتفريغ ما في الصدر و"خط" لتقدير حياتنا بالطريقة الكريمة المثلى التي تستحق الإشادة بالجميل من أحداث والإشارة إلى "الصعب" من الأمور التي واجهتنا. تلقيت قبل انتهاء اجازتي في عمان رواية لم تنشر من الأستاذة غادة المعايطة، هذه الروح الممتلئة طاقة وحيوية، التي تتحفنا بجميل ما تكتب في فضاء الفيس بوك الافتراضي بشكل شبه يومي، فتُلهم من لديه الاستعداد للإقتداء بنهجها، وتقوم بنفس الوقت بمهمة استكشافية عبر "رادار" محنك بالبحث عن "مشاريع" كَتَبة تأخذ بيدهم وتشحذ من عزيمتهم بعد أن توسمت في العقل وسعة الأفق ما يفي بذلك. وما أن...

“إلى أين أيتها القصيدة؟” قراءة في سيرة الشاعر علي جعفر العــلاق الشعرية

مها العتوميبدو عنوان كتاب الشاعر والناقد الدكتور علي جعفر العلاق: "إلى أين أيتها القصيدة" وكأنه سطر شعري من قصيدة عن الشعر وعذاباته. قلت في نفسي بعد أن أتممت قراءته: كأن العلاق حلّ شراب الشعر المركز والمسكر في كتاب نثري لا يقل أهمية عن كل ما قدمه شعراً ونثراً على مر تاريخه، بل إنه أضاف حواشي قد لا يعرفها المتلقي عن حياة الشاعر وآرائه ورؤاه، وآماله وآلامه، وقال من خلال هذا الكتاب ما لا تقوله القصيدة، وما لا يتسع له النقد. والعنوان يكتظ بالدلالات على الرغم من قصره وبساطته، وإذا كانت السيرة عادة ما تطل على الماضي، والكتاب بين دفتيه تجد ذلك التاريخ الحافل بمسرات الشعر وعذاباته، إلا أن العنوان يشير إلى المستقبل، وإلى البعيد القادم الذي تشير إليه القصيدة وتطمح إلى بلوغه، وتتضافر الصورة المختارة للدكتور الشاعر علي جعفر العلاق على غلاف الكتاب مع هذا المعنى، بنظرات تشير إلى أبعد ما يطمح إليه الشاعر ويرنو إلى تحقيقه. فالكتاب عن تاريخ الشاعر وقصيدته، والعنوان عن مستقبلهما وما يحلمان به. وعادة ما يكون الشاعر مستشرفاً للمستقبل ومتنبئاً به بتلك الحساسية الشعرية وامتلاك زمام اللغة على مر تاريخه وتاريخ قصيدته. لذلك فالمتلقي لهذا الكتاب الفريد والاستثنائي، يقرأ تاريخاً حافلاً للشاعر وقصيدته، في مسيرة لا تتوقف عند حدود ذلك الماضي، بل إنها تتجاوز...

“أنايوسف يا أبي” قراءة مشهدية للواقع… بحثا عن جيل ضاعت هويته

رشيد عبد الرحمن النجاب من أين أبدأ؟ سؤال راودني كثيرا وأنا أهم بكتابة هذه السطور عن رواية "أنا يوسف يا أبي" للكاتب د.باسم الزعبي وهي روايته الأخيرة الصادرة عام 2024 عن "الآن ناشرون وموزعون". والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال لم تكن من السهولة بمكان، حتى قبل الوصول للسرد والشروع باستطلاع تفاصيل هذه الرواية.لذلك فقد كتبت، و مسحت، ثم أعدت الكتابة مرارا وتكرارا قبل أن تبدأ معالم هذا المقال بالظهور. ذلك أن "النصوص الموازية" ، تتميز بالنسبة  لهذا العمل بالفرادة في ترابطها في ما بينها من ناحية، وصلتها مجتمعة ومنفردة بالسياق العام للسرد من ناحية أخرى، وللتوضيح؛ فلا بد من الإشارة إلى علاقة هذا العمل بقصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بعنوان "أحد عشر كوكبا" والتي يتردد فيها قول "أنا يوسف يا أبي" أكثر من مرة. وسبق أن أثار هذا النص جدلا واسعا لعلاقته بالقرآن الكريم. هذه الصلات والمعاني إذن مرتبطة ارتباطا وثيقا بعنوان الرواية "أنا يوسف يا أبي" ، بينما يشير اللون الأبيض الذي اختاره الكاتب للغلاف إلى البراءة ونقاء السريرة وهي الصفات التي ارتبطت بالنبي يوسف عليه السلام. ثم الصورة للرجل بالقميص الذي يشكل اللون الأحمر جزءا أساسيا من مكوناته وما لهذا اللون من قصة معروفة تتضمن تهمة ألصقها إخوان يوسف بالذئب. أما علاقة الرجل بالطفل في صلة الأب بابنه وسوف تتكشف...

غزالي لـ «الجريدة.»: «الشعر الكيميائي» بُعد حضاري للأدب العربي

ياسر السعديبمعادلة قد تبدو للكثيرين ـ حتى من نقاد الشعر ـ مستحيلة، في ظل اعتقادٍ ساد أزماناً طويلة بأن العلوم التجريبية تسير في وادٍ والشعر في نقيضه تماماً، دخل د. غزالي إلى عالم الكيمياء من بوابة الشعر، بعدما انفتحت أمامه خلال رحلة بحثية طويلة كوة ثقافية وعلميَّة أطل منها على عالم عجيب يلتقي فيه الخيال مع التجريب، والآداب مع العلوم. وفي حوار شكَّل الشعر عمود خيمته وأسبابها وأوتادها، قال الأستاذ المحاضر في قسم الدراسات العربية بجامعة باريس د. الهواري غزالي لـ«الجريدة» إن الشِّعر طور لديه حساسيَّة مذهلة تجاه العلوم، ليتحول لديه من مجرَّد هواية إلى وسيلته للبحث في الفكرة العاطفية قبل أن تتحوَّل تلك الفكرة إلى فلسفة، مضيفا أنه في ظل هذا العشق الشعري كان منطقيا أن تتمحور حوله دراساته من الليسانس إلى الماجستير إلى دبلوم الدِّراسات المعمَّقة إلى الدكتوراه لتعميق نظرته النقدية اللائقة به. وأضاف غزالي أنه اختار الدخول المنهجي إلى كنوز الشعر العريق من باب التَّحقيق، وهو الجهد الواعي الذي توجه بإصدار موسوعة الشِّعر الكيميائي، مبينا أن ذلك التنقيب التحقيقي أو التحقيق التنقيبي فتح له غرضاً جديداً في الشِّعر لم يتم تناوله ولا تداوله، أطلق عليه مسمى «الصَّنعويَّات»... حول تلك الرحلة ونتائجها وذلك الغرض المستحدث الذي يبشر به غزالي محبي الشعر والعلوم على السواء، كان هذا اللقاء،...

وقفة مع “لماذا يفوتنا القطار دائماً؟” لسلطان المعاني

د.مجد الدين خمش (بروفيسور علم الاجتماع والسياسات الاجتماعية)الأستاذ الدكتور سلطان المعاني، أستاذ علم الآثار والتاريخ، نائب رئيس الجامعة الهاشمية (سابقا)، وصاحب عدد من المؤلفات والدراسات حول النقوش الساميّة القديمة، والعربية المبكرة، يستقرؤها في البوادي والقفار، ليعيد توثيق الواقع العربي القديم، وارتباط الإنسان القديم ببيئته، وابتكاره لأساليب وسلوكيات مناسبة للتكيّف مع قسوتها وقلة مياهها. لكن المعاني في هذا الكتاب يستقرئ الواقع العربي المعاصر بتفاصيله وثغراته، وارتباطاته بالقوى والحضارات الأخرى من حوله وفي العالم، ويتشوّف المستقبل الذي يتجاوز ثغرات هذا الواقع التي ما فتئت تتسبب في أن يفوتنا القطار؛ قطار التنمية والتقدم. ويرى المعاني أن مزاج الألفية الثالثة يعيد التذكير بإرهاصات محاولات تحقيق العولمة التاريخية القديمة. فمنذ الإسكندر المقدوني، وأكاسرة الفرس، وخانات آسيا الوسطى، وقياصرة روما، وسيطرة العرب على طرق الحرير البرية والبحرية القديمة، جرت محاولات لتوحيد العالم ضمن إطار سياسي اقتصادي عسكري، مؤطر بهُوية ثقافية مسيطرة. تعمّقت هذه المحاولات وأصبح لها جذور في المؤسسات المدنية والعسكرية في عصر الامبراطوريات الآسيوية والأوروبية فيما بعد. لكن العولمة تعود الآن -كما يرى المؤلف- من خلال الاتفاقات التجارية سلمية الطابع، متزامنة مع سيطرة وسائل الإعلام العملاقة على الثقافة، والفنون، والأذواق، وفلسفة الحياة، ومعنى الوجود، والموت. ويتساءل المؤلف: هل أصبح العالم بالفعل "قرية كونية"، بحيث تطغى قيم الاختلاف السلمي، وتقبل الآخر، أم تسود قيم التنميط وذوبان "الآخر" في هُوية...

شاعريّة الأرشيف في سيرة علي جعفر العلّاق “إلى أين أيّتها القصيدة؟”

عامر سلمان أبومحارب (أكاديميّ وناقد أردنيّ)تطرحُ "مارلين مانوف" (Marlene Manoff) في دراستها المهمّة والمختلفة عن "نظريّات الأرشيف..."، والمعنونة بـ: (Theories of the Archive from across the Discipline) مصطلحاً مهماً هو "شعريّة الأرشيف" أو "شاعرية الأرشيف" (poetics of Archive) على أنّه لا مشاحة في الاصطلاح، وهي تشير من خلاله إلى قدرة الشعر على تأثيث أرشيف الإنسان. وفي هذا السياق يمكنُ القول: إنّ "شاعريّة الأرشيف" تمثّل المقولة المركزيّة في سيرة علي جعفر العلّاق (إلى أين أيتها القصيدة) الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2023، فالعلّاق لا يستطيع خلْع إهاب الشاعر وهو يدوّن أرشيفه السيريّ، وذلك يتبدى في مرائي الذاكرة، وأنظمة العنونة، وشعريّة اللغة، والمنظور السرديّ، فالشعر هو المادة الخامّ التي تكوِّن ماء السرد في هذه السيرة، وذلك قياساً إلى مصطلح "ماء الشعر" أو "كثرة الماء" كما يقول أبو عثمان الجاحظ (ت.255ه)، في إطار حديثه عن مائيّة الشعر وليونته، وليس من لزوم ما لا يلزم التأكيد على أنّ الماء في تجربة العلّاق النقديّة والشعريّة وفي الصناعتين معاً: السرد والشعر، ثيمة مركزيّة، وبخاصّةٍ في شعره المتدفق ماءً وليونة بمصطلح الجاحظ! يشكّل ظهور سيرة العلّاق حدثاً لافتاً ثنائيّ القطب: يسمح الأوّل للقارئ بقراءة سيرة لناقد ملأ الدنيا وشغل الناس، بعد أن كان يتقرّاها في بعضٍ أو في كثيرٍ من قصائده، ويساعد الثاني في فتح أرشيف الشاعر، الذي...

الإبداع في الخليج العربي

د. حسن رشيدالمبدعة الإماراتية سارة الجروان الكعبي واحدة من الأصوات الإبداعية الهامة تنثر إبداعاتها في شتى مجالات الإبداع الإنساني في مجال الرواية قدمت العديد من الروايات وحصدت من خلالها العديد من الجوائز محليًا وعربيًا؛ منها مثلاً: رواياتها.. شجن بنت القدر الحزين، أيقونة الحلم، طروس إلى مولاي السلطان وهي ملحمة إماراتية بجانب روايتها بنت نارنج الترنج وعذراء والمولى والساحر، وقدمت العديد من الأعمال إلى الإذاعة والتلفزيون عبر الدراما.. ولكن الأهم في مشوارها في تصوري نتاجها الأخير وهي كأول كاتبة تقتحم هذا المجال حيث تقترب من عوالم سيد الخلق؛ ومع أن العديد من الأقلام عبر التاريخ قد تناول سيرة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلا أن لكل كاتب وجهة نظره وفكره؛ وهي عبر فترة زمنية قامت ببحث موسوعي في أمهات الكتب والمراجع بجانب أنها تناولت في سفر آخر سيرة الإمام علي كرّم الله وجهه.. بحثًا وتنقيبًا في أمهات الكتب والمراجع والأهم من كل هذا أن المبدعة مع كل هذا العطاء والجهد في سبيل العقيدة ودون انتظار لأي مردود مادي.. وأن ثمن كل هذا العطاء في سبيل الله.. إن هذه المبدعة وعبر البيان التي أصدرته شكلت أول واقعة لكاتبة عربية حيث أهدت هذا الجهد.. أعني هذين العملين «سيرة النبي الأمين وبيعة أمير المؤمنين – علي بن أبي طالب-» خالصًا لوجهه سبحانه وتعالى «وقف...

«نينا تغني بياف» لبولص آدم

د. صالح الرزوقعن الآن ناشرون صدر لبولص آدم رواية “نينا تُغنِّي بياف” وهي عمل يتراوح بين الخيال والواقع المرئي والمعاش، تعزف الرواية على نغمة القهر السياسي الذي يقود شخصياتها إلى المنفى. وتنتمي هذه الشخصيات لعدة أجناس، من شرق روسيا وحتى غرب النمسا. ولذلك هي دائما في رحلة بحث عن الذات الحقيقية التي وأدها الاستعمار وأجهزت عليها الدكتاتوريات والعسكرتاريا. أو كما ورد في المقدمة “أبادتها حرب تولدت عنها حروب تالية”.وبين هذين القطبين يصنع بولص آدم لغته ويجتهد بصياغة عالم يعترف بالتعدد والتنوع، ويحترم الأصول والماضي بقدر احترامه للتحديث والمستقبل. ولا تنسى الرواية إعادة الاعتبار للشخصية الآشورية وما تعرضت له من مذابح وقتل وتشريد، مع لفت الانتباه لمشكلة الآشوريين الدائمة وهي قضية “الشعب” المحروم من حقه بدولة حديثة ومستقلة. ويذكرنا أسلوبها برواية “وداعا يا ماردين” للسورية المغتربة في باريس هنرييت عبودي. تضم الرواية اثني عشر فصلا تتابع كلها حياة نينا بيسكوفا الآشورية التي تتزوج في موسكو من شاب أرميني، ثم تنتقل لتعيش معه في يريفان. وتسعى بكل جهدها أن تكون مغنية من مدرسة إديث بياف الفرنسية، الملقبة بعصفورة باريس. تمتد الأحداث من مجازر الإبادة عام 1915 ونجاة جدة نينا منها، وحتى صيف عام 2022 في موسكو. وهو عام الجائحة ومحاصرة الإنسان العادي في بيته. وتعرج الرواية على خيبات الأمل التي مني بها الآشوريون من...

المفارقات الفنية والدلالية في اختيار أسماء شخصيات رواية “بقعة عمياء” لسميحة خريس

إيمان زيادةسميحة خريس  روائية أردنية ولدت في عمان في ( 16/أغسطس/ 1956)، درست المرحلة الابتدائية في قطر، ثم انتقلت إلى السودان وهناك أتمت دراستها الثانوية. تخرجت من جامعة القاهرة وحصلت على الإجازة الجامعية في الآداب، تتقن بالإضافة إلى اللغة العربية اللغة الانجليزية. عملت في مجال الصحافة والإعلام الأردنية والعربية منذ العام 1978، كتبت سيناريو النص، والسيناريو الإذاعي، والقصة، والرواية، كما ترجمت بعض أعمالها إلى الألمانية والإسبانية، ونشرت بعضها في الصحف العربية والأردنية، وحوَّلت رواياتها (شجرة الفهود، وخشخاش، ودفاتر الطوفان) إلى أعمال درامية، قدِّمت في عامي 2002 و2003 من خلال الإذاعة الأردنية. كرّمت خريس؛ تقديرًا لأعمالها الأدبية، وحصلت على العديد من الجوائز المحلية والدولية، وصدرت العديد من الكتب والدراسات النقدية التي تناولت تجربة سميحة خريس. صدرت (رواية بقعة عمياء) عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، في عام 2019م، ويمكن دراسة الرواية من منظور الواقعية الاجتماعية، حيث إنها تتناول في روايتها شخصيات من الطبقة الوسطى التي بدأت بالتلاشي في المجتمع الأردني، وقياسًا على ذلك في المجتمع العربي، وما يترتب على ذلك من سلبيات، لقد أوصلت لنا نوال فكرة تآكل الطبقة الوسطى في العاصمة عمان، فبات المجتمع مقسومًا إلى طبقتين، إحداهما الطبقة الثرية، والأخرى الطبقة الفقيرة. وهذا الخلل في التوازن المجتمعي سيؤدي إلى انهماك أفرادها في كسب لقمة العيش فقط على حساب تطورهم...

مجموعة قصصية للكاتبة لمياء نويرة بوكيل

عمر دغرير (شاعر وناقد)صدرت في 148 صفحة من الحجم المتوسط عن "الآن ناشرون وموزعون" في العاصمة الأردنية عمان سنة 2020 هذه المجموعة تضم اثني عشر قصة قصيرة تترابط في عناوينها رغم اختلاف مضامينها. والمتأمل فيها يلاحظ تعمد الكاتبة تصديرها بمقولات ومختارات لشعراء وأدباء وكتاب إحساساً وإيماناً بالقيم الإنسانية النبيلة المشتركة معهم . ومن البداية يمكن أن نفهم بأن "قرية بوتيرو" لا توجد على أرض الواقع . والكاتبة اعتمدت هذا الإسم لتشعرنا بأنها تطرح في نصوصها مواضيع حول كل الفنون مرورا من هذا العنوان. فبوتيرو هو من أشهر الرسامين الكولومبيين , ومعروف برسومه الصامتة وبالمناظر الطبيعية, وهو يهتمّ بشكل أساسي بفن البورتريه.و تعرف رسوماته ومنحوتاته بأبعادها الضخمة وببدانة الاجسام . وفي اعتقادنا الاعتماد على مثل هذه التّصديرات ليس مجانيا وقد تعمدته الكاتبة لتشعرنا بأن النهج الذي اختارته في سردها سرياليا بامتياز رغم الواقعية السحرية والعجائبية التي لم تخلو منها أغلب النصوص. وتبقى قصة "قرية بوتيرو" هي الأطول والأوضح من حيث الموضوع . وقد جاءت في شكل حوارية فكرية ممتعة بين الرسام (بوتيرو) وراقصةٍ أسكنها إحدى لوحاته الفنية التشكيلية. وظل الحوار بينهما متصاعداً على الدوام ينثرالكثير من الجماليات في عقل ووجدان القارئ , ويمسك بكافة حواسه, ويشده إلى النهاية . يمكن توزيع هذه التصديرات إلى قسمين : قسم خاص بالمجموعة ككل . وقسم خاص بالقصص قصة...