مرآة النقد

«بندورة الحيَّة» و«رباعيات الفردوس» لمخلد بركات

مهدي نصيرامتزاج الأساطير وتداخل وتحوُّل شخصياتها في تمثلاتها الواقعية«بندورة الحية» للروائي والقاص مخلد بركات هي روايةٌ قصيرةٌ (نوفيلا) رعوية فلاحية صدرت عام 2010 عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، وتُطلُّ هذه الرواية عبر نوافذ المعلم الشامي لطفي على حزن القرى والفلاحين وعذاباتهم وحكاياتهم المعجونة بالخوف والأمل والترقب والحذر، يقوم هيكل النوفيلا على الأستاذ الشامي لطفي وتلاميذه والذي يفتح لهم نوافذ على تاريخهم وحكاياتهم وجذورها وأصولها مجسِّداً ذلك الصراع التاريخي بين الخير والشر عبر حكاية حمدان الحمد وزوجته هلالة وابنته الأسطورية صبحا التي اختفت في حقول القمح وذابت لتُشكِّل أسطورةً وحكايةً يحتاجها الناس في بؤسهم اليومي الذي يبحثون به عن خلاص، وعبر فلاح الحمدان الحمد أيضاً الذي ولد كبشارةٍ لحمدان وهلالة وهما في ارذل العمر، وفي هذه يتناص ويوظف مخلد بركات قصة سيدنا إبراهيم الخليل وسارة في مغازي ومرامي روايته، فلاح المتفوق والمنعزل في عليته يبحث عن معادلةٍ رياضيةٍ تُعيد إليه أخته صبحا التي اختفت في حقول القمحِ كأنها صورةٌ من صورِ عناة الكنعانية مع قلب الأسطورة لتكون عناة هي التي تختفي وبعل (فلاح) هو الذي يبحث عنها، يرافق ذلك حديث القرى وأمثالها ولغتها وتراويدها وأمثالها وتراتيلها وفُحشها وعرافيها ودجاليها عبر شخصية سلامة العراف الشرير وابنه نعمان الأعمى الذي يقود بسكليت ويُطلُّ من نافذة الأستاذ لطفي ليتهكم عليه وعلى تلاميذه،...

ومضات من رواية “تسجيلات يوناذم هرمز.. ابن قرية عراقية”

جمعة عبد الله يأخذنا المتن الروائي في أحداثه العاصفة والمؤثرة، إلى رحلة طويلة واسعة الآفاق، في التناول والطرح في رواية تجمع شمل، التاريخ والسياسة والاجتماع والاتجاه الديني وتأثيراته، في واقعية الأحداث والصور والمشاهد الحية والفعلية، في لب الصراع الدائر في أوجه المتعددة والمتنوعة، في رواية تنتهج التوثيق التاريخي، وسيرة حياة قرية (ديري/ إحدى قرى قضاء العمادية في كردستان العراق) مع السيرة الحياتية و الذاتية لبطل الرواية (يوناذم هرمز)، بما مرت هذه القرية (ديري) التي تقطنها ألاغلبية من الطائفة الاشورية، من حقب ومراحل التاريخية و سلطوية، منذ الاحتلال العثماني والانكليزي والملكي وحقب الجمهوريات المتعاقبة، حتى الاحتلال الداعشي المجرم، بعد احتلال الموصل، وسياسته الانتقامية في القتل والذبح للطوائف المسيحية ومنها الطائفة الاشورية، وهذه القرية الاشورية (ديري) شأنها شأن القرى العراقية الاخرى، سواء كانت في الجنوب او في الشمال، دفعت الثمن الباهظ لهذه الحقب التاريخية والسياسية، من تضحيات وأعمال تخريب ودمار بما فيها القصف بالطيران الحربي، فكيف يكون الحال بقرية اشورية، فقد يكون التدمير والتخريب والابادة وحالة الاضطهاد والظلم والحرمان، سيكون اضعافاً مضاعفة، هذه الحقب المتعاقبة لحالة هذه القرية الاشورية، يرويها او يسردها بطل الرواية (يوناذم هرمز) قصة كفاح طويل في الصمود والتضحية، حتى لا تصاب بالنسيان وتدفن تحت الغبار، قائلاً موجه كلامه الى الروائي بولص آدم، عبر 18 شريط من التسجيلات الكاسيت...

فضاءات الاغتراب.. قراءة في صراع الشخوص والأمكنة في “المرتزق رقم 9”

الأستاذ الدكتور سلطان المعانيتقدم رواية «المرتزق رقم 9 من نورس الماجد إلى بهيجة العربي» لسميحة التميمي فضاءً سرديًا متشابكًا تتداخل فيه التجربة الفردية مع التكوين النفسي والوجودي للعالم، حيث يشكل السارد بؤرة مركزية تنبعث منها تيارات المعنى، وتتشكل عبرها الفضاءات السردية. تستبطن الرواية أعماق الشخصيات وهي تجاهد وسط واقع قاسٍ يمحو الهوية، ويفرض قوانين الغربة والاغتراب. يحمل النص، بأسلوبه المتشظي القارئ نحو عوالم متناقضة تتمازج فيها الرمزية مع الواقعية، مما يعزز الإحساس بمأساوية الوجود وتفكك الذات.يجيء السارد في الرواية راوٍ للأحداث، ومنظّم للبنية السردية، وموجه لدلالاتها العميقة. حيث تتجلى فاعليته في رسمه لمشاهد تعكس الفوضى الداخلية للشخصيات وتفاعلها مع الخارج، حيث تتحول الأسئلة المطروحة في النص إلى معابر لفهم القلق الإنساني، الذي يهيمن على حياة الأفراد في ظل واقع قمعي يتآمر على سحقهم. وتنقل الرواية عبر السارد إحساسًا متناميًا بالفقد والضياع، إذ تنحرف الشخصيات عن محاور إنسانيتها، متماهية مع عبثية العالم المحيط بها.يُشكِّل تيار الوعي الذي تتبناه الرواية العمود الفقري للمنظور السردي، إذ يتم من خلاله استكشاف العالم الداخلي للشخصيات، حيث تتبدد الحدود بين الماضي والحاضر، ويصبح الحنين إلى الزمن الآمن وسيلةً لمقاومة واقع ينهش المعنى. هذه التدفقات الوجدانية تنقل أفكار الشخصيات، وتعكس عجزها عن فهم ذاتها، وعن إيجاد مكان لها في عالم يهيمن عليه الحرب والموت، ويصاغ كل...

السينمائي والأجناسي في رواية العطار لنصر سامي

محمد نعيم شوشان إذا كانت وظيفة الأدب السعي وراء خلق أسئلة ومحاولة الإجابة عنها، وممارسة الولوج إلى عوالم الوجع الإنسانيّ في عصر المؤلّف؛ أي أنّها بحث دائم عن المعنى، فإنّ نصر سامي جاوز الخوض في تجربة البحث عن جوهر الموضوعات إلى التجريب في نقل هذه الأسئلة والإجابة عنها. فهو في رحلة ثورة على الواقع الأدبي بدأها بالشكل سعيا إلى رسم طريقٍ جديد في العدول و التجاوز. لذا كتب نصّا ينهل من حياض الفنون والأجناس المجاورة له، استئناساً بتقنياتها واستدعاءً لها ليكون نصّه كيمياءً من شتّى الفنون والأجناس. ولا نستغرب المزج بين الفنون والأجناس في نصّ واحد إذا اطّلعنا على سيرة الكاتب الإبداعيّة، فهو مبدع متعدّد المشارب، متشعّب المواهب، حطّم أكثر مميزات عصره فنأى و أشاح بقلمه عن الإغراق في الاختصاص ليفيد من كثير من الفنون والأجناس الأدبيّة؛ فهو الشاعر والقاصّ، والرسّام التشكيليّ والروائيّ، وصاحب محاولات في التلحين، والكاتب المسرحيّ والمتجاسر على كتابة السيناريو السينمائيّ. كلّها مواهب لاحظنا محاولة رواية "العطار" الاستفادة منها لذا حاولنا رصد تجليات بعضها في النص الروائيّ، وارتكز مجال بحثنا على السينما وحضور تقنياته وعلى تتبع حضور بعض الأجناس الأدبيّة فيه وخاصّة السيرة الذاتيّة والقصّ والشعر. 1. الرواية والسينما الدّارج أن تحوّل الرّواية إلى فلم سينمائي، أي أنَّ "السينما تستعين بالرواية" . وهو ما يؤشّر على اشتراك الجنسين الفنّيين في مجموعة من...

قراءة في رواية “أحلام مبعثرة بين عمان ويافا” لرولا عصفور

هازار محمد الدبايبةظلَّتْ الروايةُ العربيةُ -منذ وقتٍ طويل- وفيَّةً للاتجاه الواقعي؛ نتيجة الصراعات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تحكمُ الكاتبَ العربي، وتَضَعُهُ في حيِّزِ المحاولةِ الدائمة للدفاعِ عن مواقفه وبلورتها، لا سيما أنَّ هذه الصراعات لا تجدُ حلولًا منصِفة، وتتأزمُ مع مرورِ الوقت. "أحلام مبعثرة بين عمّان ويافا" هي رواية واقعية، صدرتْ في (162) صفحة، عن دار "الآن ناشرون وموزعون". العنوان يحملُ الفضاءاتِ الكُليَّةَ التي تقومُ عليها أحداثُ الرواية، ويجهِّزُنا لها قبل الدخولِ إلى بنائها، كما يفتحُ بابَ التساؤلاتِ عن ماهيةِ هذه الأحلام، وأسبابِ بعثرتِها وعدم وقوفها على أرضٍ ثابتة، فهل هي أسباب أيديولوجية سياسية، أم أسباب ذاتية تحكُمُها الصراعاتُ النفسية. تحكي الرواية قصة (رؤى) البنت الوحيدة لأمِّها وأبيها، وما تواجهه من تحدياتٍ بعد مرضِ والدتها الذي يجبرُهما على السفر من أجل علاجها، ولقائها بقيس: شاب يهودي، يختلف عنها في كلِّ شيء: في المعتقد، والانتماء، والفكر، والبيئة.. وانجرافُ مشاعرِها نحوَه -بالتزامن مع تأزُّمِ حالة أمِّها الصحية- يُمَثِّلُ الذروةَ في القصة، والذي يضعُ الكثيرين أمام صدمةِ إمكانيةِ هذه العلاقة التي لا تتوافقُ مع اعتباراتِ المجتمع، فالبطلة تعيشُ صراعًا بين أحلامِها التي تحاولُ الانعتاقَ من الأُطرِ الجغرافية والفكرية، والخوض في تجربةٍ جديدةٍ للحب بغض النظر عن اختلاف الانتماءات، وبين مبادئها التي تُجبرُها على التراجعِ والتسمُّرِ في مكانِها. تحكمُ الروايةَ رؤيةٌ سردية من الخلف؛ فالراوي الغائب يعرفُ...

بين الوثيقة والتخييل.. قراءة في رواية “تسجيلات يوناذم هرمز” لبولص آدم

مروان ياسين الدليمي ست وعشرون ساعة من التسجيلات الصوتية على أشرطة كاسيت، مضى على تسجيلها ثماني سنوات، وبصوت يوناذم هرمز، الشخصية الواقعية الذي سيتحول إلى شخصية نصيّة ينطلق منها السرد، في رواية بولص آدم "تسجيلات يوناذم هرمز.. ابن قرية عراقية"، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" نهاية عام 2024، حيث يستعيد ويفكك أزمنة مقصية من ذاكرة التاريخ، بقيت عصية على مخالب النسيان، في وجدان سكان قرية ديري، أينما حطت بهم الرحال في بلدان المنافي والشتات. أزمنة تفيض بحكايات وأغانٍ وأشجار العنب والخوخ وينابيع المياه، مثلما هي معبأة بأحداث ومرارات وتدمير وأسماء راحلين عن الحياة بلا ثمن.. والأسئلة التي ستفرض نفسها عند قراءة هذه الرواية: هل من إضافة يمكن أن تتيحها وثيقة التسجيلات الصوتية، بالشكل الذي تتيح للمؤلف أن ينفتح بالسرد على أبعاد سردية مبتكرة، لينعتق من نمطية التدوين الصوتي ووثائقيته، ليصبح التخييل خيارا استراتيجيا، يمنحه بطاقة الدخول إلى مناطق قصية في مغاور الزمن والشخصيات والأحداث، ربما تجاوزتها التسجيلات؟ أو السؤال الآخر: هل الانتقال بالسرد إلى أشكال فنية ذات أنساق انزياحية، يمكن أن تنعتق فيها الوثيقة الصوتية من نمطية استعادة الحدث الواقعي المسرود صوتيا على لسان يوناذم هرمز الواقعي، وتدفع به إلى واقع تخييلي يؤثثه سرد بديل؟ واقع سردي جديد إن المادة الخام في هذه الرواية أراد لها المؤلف أن تنفتح وبقوة على التاريخي...

ثنائية الماء والتاريخ في رواية (عروس الغرقة) للكاتبة العُمانية أمل بنت عبد الله الصخبورية

زينب السعودمنذ ظهور أولى الروايات التي اعتمدت جانب التأريخ في سرديتها والتي يعتقد أنها رواية (وايفرلي) لوالتر سكوت والرواية التاريخية تحظى بقبول وشعبية، سيما أنها ارتبطت في أذهان القراء والمتلقين بروائع عالمية تناولت الشأن التاريخي بقلم الإبداع الأدبي المحافظ على روح الأدبية ومزج التاريخ ببعض الخيال. وهذا ما فعله ليف تولستوي في (الحرب والسلم) عندما قدم حالة اجتماعية صاخبة بالحياة وقصص الحب والخيانة واللهو والسعي وراء المال والمكانة الاجتماعية. وهذا ما فعله (الكسندر دوما) وما فعله أيضا جرجي زيدان بإفراط شديد في إعمال الخيال في التاريخ، فهل هذا ما حاولت الكاتبة أمل بنت عبد الله الصخبورية من سلطنة عمان مجاراته وتجريبه في روايتها (عروس الغرقة) الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون الأردنية ؟وإذا كان تولستوي قد حرص على التفريق بين عمل الكاتب وعمل المؤرخ فجعل ما ينقله الأديب المبدع بقلمه أهم مما يدونه المؤرخ لأسباب تتعلق بنظرته إلى دور كل منهما في نقل التاريخ وتوثيق الإنسان، وما يكتنفه من مشاعر تلازم كل مرحلة حاسمة تمر بها البشرية في بقعة ما من الكرة الأرضية، فإن أمل عبد الله تضع نفسها في خضم مواجهة مع التاريخ من زاوية معينة وكأنها تعلم أن كتابة التاريخ وحده كما هو لا يسمى أدبا، فكان المحك كبيرا وحساسا ذلك الذي امتحنت فيه قدرة قلمها وخيالها على...

“الخروبة” مشاهد وصور من العذابات والألم

سمير أديبنجح الكاتب رشيد النجاب في ترتيب أحداث الخروبة وخلْق منطق فيها، وجعلَنا -نحن القراء- أكثر معرفةً ووعياً لتاريخ ذاك الزمان، تلك هي وظيفة الفن الروائي خصوصاً في هذه المرحلة.مشهدان من الاستعراض الاستهلالي لرواية الخروبة جاءا جاذبين للمتلقي وحققا مهمة امتثال القارئ لاستكمال السرد عبر الستة عشر مشهداً التالية، التي اتسمت بالجاذبية والتشويق. ولقد أتى الراوي على مشاهد، مركزها "رشيد" بعد استدعائه للالتحاق بعسكر السلطنة العثمانية في نهاية حكمها قبل السقوط، متنقلاً من بلدة إلى أخرى، ابتداءً من جيبيا، وصولا ًإلى البقاع اللبناني، مروراً بقرى الجليل الشرقي ووادي اليرموك ثم درعا ودمشق، مدن وقرى عانقتها السهول والجبال والأودية البديعة، تتخلَّلها المباني الأثرية والحديثة، وهي مواقع جغرافية ليست منعزلة عن العناصر الفنية الأخرى.ولقد عكس الراوي مشاعر "رشيد" المتضاربة تجاه ما واجهَ من ترويع وقسوة الجنود المشرفين على التجنيد، وتحمُّله تنفيذ برامج التدريب العسكري تحت هطول المطر وغضب السماء البعلبكية، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى سطَّر صوراً من الوجع والألم الذي اعترى والدي رشيد وشقيقتيه، وهم لا يعلمون ما حلَّ بالابن وفي أي أرض يعيش.وجاءت لغة الرواية سهلة، زيَّنتها أحياناً التعابير الدارجة ذات البعد الاجتماعي، وظَّفها الكاتب في تناغم وانسجام في سياق السرد الروائي، ما عزَّز واقعيتها: "شو ماله رشيد؟"، "ابني زي ما هو ابنك"، "حاهيش"، "الجودلة"، وغيرها.وتلاحقت مشاهد الرواية...

تراجيديا الشعوب النائمة.. بقايا الآشوريين في قصص وروايات بولص آدم

د. صالح الرزوقيتابع العراقي بولص آدم في روايته "تسجيلات يوناذم هرمز"، وبإطار تاريخي، مخاض الشخصية الكلدانية بأطوارها المتعددة، من الماضي الآرامي وحتى الدخول في جوقة الدين المسيحي الجديد، وما نجم عنه من تفريعات ومذاهب، وذلك من خلال سيرة حياة يوناذم الابن في أميركا، وهرمز الأب في العراق.وتأتي هذه المحاولة الطموحة بعد رواية "جرما الترجمان" لمحمد سعيد علوان، و"دروز بلغراد" لربيع جابر. تضع هذه الأعمال الشرق على خط الموجة الملتهبة مع نفسه، سواء بشكل أقليات ضد أقليات أو بهيئة أعراق وهويات وطنية ناشئة تصارع نظاما دخل في النفق المظلم وهو دولة الباب العالي. ولكن اختار الثنائي علوان/ جابر خط التغريبة أو رحلة ابن المشرق إلى الغرب هربا من الطغيان والاستبداد، ثم الدخول في البوتقة الغربية واكتشاف خباياها. في حين اختار آدم خط التشريقة - حتى في محاولته الجادة للهجرة إلى أميركا يتوقف أطول فترة ممكنة في سوريا وبيروت (انظر فصل: مار نرسي يعتذر ص204، ثم: مار روفائيل بيداويد يرحب ص206، وفصل: العمل في بيروت ص210)، كذلك وهو على متن الطائرة إلى شيكاغو - على ما أفترض بأواخر الستينات وبواكير السبعينات يتذكر أحداثا مر عليها مائة عام تقريبا وبالتحديد تعود لسنة 1863 (ويسمي هذا الفصل باسم: عراق معي في الجو ص214). وعندما يتعرف على سونيا الأميركية يكتشف أنها مولودة في بغداد...

وقفة مع “أمواج ريسوت” لإشراق النهدي

محمد ناجي المنشاوي(ناقد مصري)إشراق النهدي كاتبة عمانية في القصة القصيرة، وهي ذات نشاط ثقافي واسع في الحياة الثقافية العمانية، وقد حصلت على العديد من الجوائز لقاء ذلك، وهي طبيبة صيدلانية قدمت للمكتبة العربية خمس مجموعات قصصية هي: "خرفجت"، "الأحمر"، "حائط مموج"، و"روزيشيا" و"أمواج ريسوت".وفي قصتها "أمواج ريسوت" (مجموعة "أمواج ريسوت"، الآن ناشرون وموزعون، عمّان، 2020)، نجد العنوان ذا دلالة تتسق مع الانطباع العام ووحدته من البداية حتى النهاية، فـ"أمواج" لفظة دالة على التدفق والتتابع والحيوية وكذلك الرهبة والخوف والغموض مضافة إلى "ريسوت" للتخصيص لاسم شاطئ عماني وإن كان من الممكن أن يرمز لأي شاطئ في أي موضع على ظهر البسيطة. والكاتبة تعتمد في بنائها لقصتها على "المعادل الموضوعي"، حيث تقدم لنا ثلاثة عوالم:الأول: مجموعة من البشر على تنوعهم فوق رمال الشاطئ، وهو عالم إنساني يزخر بالعمل واللهو، وهو عالم مقبل على الحياة في سعادة (رجال ونساء وصبية وعائلات وعمال)، وهذا يمثل المعادل الموضوعي لعالم لم يواجه تحديات حقيقية ولا صعابا ولا عراقيل في خضم تجربة إنسانية نوعية تعد محكا يختبر قدراته على مواجهة المخاطر واكتشاف المجهول، حيث تُعرف قيمة المعادن بخوضها في النيران، وربما بينهم من خاض التجربة ونجح فاطمأن قلبه، وربما بينهم من خاضها ففشل فآثر السلامة والاستسلام فقنع بالهزيمة ورضخ للأمر الواقع ومضى يتكيف ويتواءم معه.والثاني: نموذج من...