فضاء السجن وقيود الحرية في رواية «العنبر الخامس» للعُمانيّة آية السيابي
موسى إبراهيم أبو رياشتمثل رواية «العنبر الخامس.. الحياة في سجن النساء» للكاتبة العُمانية آية السيابي، نموذجا لرواية سجون، تدور أحداثها في سجن نساء، وتسلط الضوء على واقع قاسٍ تحياه مجموعة من السجينات، حيث تسجل الرواية المعاناة اليومية خلف القضبان، وتغوص في عمق النفس الإنسانية، كاشفةً عن التوتر بين الألم والأمل، وعن الازدواجية بين جرم القانون وظلم المجتمع. وكل شخصية من شخصيات الرواية تحمل تاريخها الخاص وجرحها الفردي، لكنها تنصهر في بوتقة جماعية واحدة هي «العنبر الخامس»، فيتحول السجن إلى مسرح صغير يختصر معاناة كبرى. يتبدى السجن في الرواية في ثلاثة أبعاد؛ أولها البعد المادي، كفضاء قاسٍ ومظلم، حيث الجدران الرمادية، والزنازين الضيقة، والفُرُش المهترئة، والروائح الخانقة، وانعدام الخصوصية، وكل تفصيل مادي في المكان يشي بالحرمان والمهانة، عاكسا حالة انحدار إنساني، حتى الطعام والماء يبدوان كأدوات إذلال أكثر من كونهما حاجات للعيش. وثانيها، البعد النفسي، حيث ينعكس المكان على النفوس في صورة توتر دائم، وقلق وجودي، ووحدة قاسية، وخوف من المستقبل، وحنين إلى الحرية، وشعور بالفقدان واللاجدوى. في المقابل، تبتكر بعض السجينات طرائق للهروب الداخلي عبر الخيال، أو الكتابة أو خلق علاقات حميمية تخفف من وطأة العزلة. ويتجسد البعد الثالث في العلاقات البينية؛ إذ يُشكّلُّ السجن مجتمعا مصغرا قائما على التعايش القسري، له قوانينه الخاصة، تتوزع فيه الأدوار والهيبة؛ «الكبيرة» تسيطر، والضعيفات...

