مرآة النقد

«نينا تغني بياف» لبولص آدم

د. صالح الرزوقعن الآن ناشرون صدر لبولص آدم رواية “نينا تُغنِّي بياف” وهي عمل يتراوح بين الخيال والواقع المرئي والمعاش، تعزف الرواية على نغمة القهر السياسي الذي يقود شخصياتها إلى المنفى. وتنتمي هذه الشخصيات لعدة أجناس، من شرق روسيا وحتى غرب النمسا. ولذلك هي دائما في رحلة بحث عن الذات الحقيقية التي وأدها الاستعمار وأجهزت عليها الدكتاتوريات والعسكرتاريا. أو كما ورد في المقدمة “أبادتها حرب تولدت عنها حروب تالية”.وبين هذين القطبين يصنع بولص آدم لغته ويجتهد بصياغة عالم يعترف بالتعدد والتنوع، ويحترم الأصول والماضي بقدر احترامه للتحديث والمستقبل. ولا تنسى الرواية إعادة الاعتبار للشخصية الآشورية وما تعرضت له من مذابح وقتل وتشريد، مع لفت الانتباه لمشكلة الآشوريين الدائمة وهي قضية “الشعب” المحروم من حقه بدولة حديثة ومستقلة. ويذكرنا أسلوبها برواية “وداعا يا ماردين” للسورية المغتربة في باريس هنرييت عبودي. تضم الرواية اثني عشر فصلا تتابع كلها حياة نينا بيسكوفا الآشورية التي تتزوج في موسكو من شاب أرميني، ثم تنتقل لتعيش معه في يريفان. وتسعى بكل جهدها أن تكون مغنية من مدرسة إديث بياف الفرنسية، الملقبة بعصفورة باريس. تمتد الأحداث من مجازر الإبادة عام 1915 ونجاة جدة نينا منها، وحتى صيف عام 2022 في موسكو. وهو عام الجائحة ومحاصرة الإنسان العادي في بيته. وتعرج الرواية على خيبات الأمل التي مني بها الآشوريون من...

المفارقات الفنية والدلالية في اختيار أسماء شخصيات رواية “بقعة عمياء” لسميحة خريس

إيمان زيادةسميحة خريس  روائية أردنية ولدت في عمان في ( 16/أغسطس/ 1956)، درست المرحلة الابتدائية في قطر، ثم انتقلت إلى السودان وهناك أتمت دراستها الثانوية. تخرجت من جامعة القاهرة وحصلت على الإجازة الجامعية في الآداب، تتقن بالإضافة إلى اللغة العربية اللغة الانجليزية. عملت في مجال الصحافة والإعلام الأردنية والعربية منذ العام 1978، كتبت سيناريو النص، والسيناريو الإذاعي، والقصة، والرواية، كما ترجمت بعض أعمالها إلى الألمانية والإسبانية، ونشرت بعضها في الصحف العربية والأردنية، وحوَّلت رواياتها (شجرة الفهود، وخشخاش، ودفاتر الطوفان) إلى أعمال درامية، قدِّمت في عامي 2002 و2003 من خلال الإذاعة الأردنية. كرّمت خريس؛ تقديرًا لأعمالها الأدبية، وحصلت على العديد من الجوائز المحلية والدولية، وصدرت العديد من الكتب والدراسات النقدية التي تناولت تجربة سميحة خريس. صدرت (رواية بقعة عمياء) عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، في عام 2019م، ويمكن دراسة الرواية من منظور الواقعية الاجتماعية، حيث إنها تتناول في روايتها شخصيات من الطبقة الوسطى التي بدأت بالتلاشي في المجتمع الأردني، وقياسًا على ذلك في المجتمع العربي، وما يترتب على ذلك من سلبيات، لقد أوصلت لنا نوال فكرة تآكل الطبقة الوسطى في العاصمة عمان، فبات المجتمع مقسومًا إلى طبقتين، إحداهما الطبقة الثرية، والأخرى الطبقة الفقيرة. وهذا الخلل في التوازن المجتمعي سيؤدي إلى انهماك أفرادها في كسب لقمة العيش فقط على حساب تطورهم...

مجموعة قصصية للكاتبة لمياء نويرة بوكيل

عمر دغرير (شاعر وناقد)صدرت في 148 صفحة من الحجم المتوسط عن "الآن ناشرون وموزعون" في العاصمة الأردنية عمان سنة 2020 هذه المجموعة تضم اثني عشر قصة قصيرة تترابط في عناوينها رغم اختلاف مضامينها. والمتأمل فيها يلاحظ تعمد الكاتبة تصديرها بمقولات ومختارات لشعراء وأدباء وكتاب إحساساً وإيماناً بالقيم الإنسانية النبيلة المشتركة معهم . ومن البداية يمكن أن نفهم بأن "قرية بوتيرو" لا توجد على أرض الواقع . والكاتبة اعتمدت هذا الإسم لتشعرنا بأنها تطرح في نصوصها مواضيع حول كل الفنون مرورا من هذا العنوان. فبوتيرو هو من أشهر الرسامين الكولومبيين , ومعروف برسومه الصامتة وبالمناظر الطبيعية, وهو يهتمّ بشكل أساسي بفن البورتريه.و تعرف رسوماته ومنحوتاته بأبعادها الضخمة وببدانة الاجسام . وفي اعتقادنا الاعتماد على مثل هذه التّصديرات ليس مجانيا وقد تعمدته الكاتبة لتشعرنا بأن النهج الذي اختارته في سردها سرياليا بامتياز رغم الواقعية السحرية والعجائبية التي لم تخلو منها أغلب النصوص. وتبقى قصة "قرية بوتيرو" هي الأطول والأوضح من حيث الموضوع . وقد جاءت في شكل حوارية فكرية ممتعة بين الرسام (بوتيرو) وراقصةٍ أسكنها إحدى لوحاته الفنية التشكيلية. وظل الحوار بينهما متصاعداً على الدوام ينثرالكثير من الجماليات في عقل ووجدان القارئ , ويمسك بكافة حواسه, ويشده إلى النهاية . يمكن توزيع هذه التصديرات إلى قسمين : قسم خاص بالمجموعة ككل . وقسم خاص بالقصص قصة...

الدكتور كايد الركيبات: قراءة انطباعية في رواية العبور على طائرة من ورق

الدكتور كايد الركيبات مثّلَ الحديث عن تأثيرات أحداث الحرب في أوكرانيا على شخصيات الرواية نقطة انطلاق السردية الروائية لرواية العبور على طائرة من ورق، للكاتبة الأردنية زينب السعود، الصادرة عن دار الآن ناشرون في العام 2023. وظفت الكاتبة حقيقة إجلاء بعض الطلبة الذين كانوا يدرسون في الجامعات الأوكرانية، على متن طائرة نقلتهم إلى الأردن، مناسبة لكشف علاقة كل شخصية روائية بالمشكلة الاجتماعية التي عانى منها. لم تكن تبعات الحرب الدائرة في أوكرانيا بحد ذاتها سبباً في وجود هذه الأمراض، فالطلبة الذين ذهبوا إلى هناك كانوا يحمِلون معهم مآسي حياتهم، وعادوا بها، لكن الكاتبة وظفت ظروف هذه العودة القسرية لتكون مدخلاً مقبولاً لكشف الأوراق بنهج سردي قريب جداً للواقعية، خلق بيئة مناسبة بشخصياتها وأحداثها، تسوغت أسباب اطلاع كل شخصية من هذه الشخصيات الروائية على خفايا وأسرار الشخصيات الأخرى بطريقة مقبولة، مع المحافظة على تماسك سردية الرواية بشكل يتوافق مع تعدد الشخصيات، وتعدد القضايا التي أثارت النقاش حولها. نكأت الرواية الكثير من الجروح المتقرحة، التي لا يمكن أن تبرأ دون التدخل العلاجي، والتثقيف الاجتماعي، مع إصرار الكاتبة في مواضع كثيرة على استحضار مشاعر الحزن والألم في السردية الروائية، عند الوقوف أمام الحلول المستحيلة، أو عند مواجهة لحظات اللا حل، وفي السياق ذاته، مثلت درجة حضور الشخصيات الروائية في السرد أهمية كل مشكلة من المشاكل...

قراءة في رواية “أحلام مبعثرة بين عمّان ويافا” لرولا عصفور

هازار محمد الدبايبة ظلَّتْ الروايةُ العربيةُ -منذ وقتٍ طويل- وفيَّةً للاتجاه الواقعي؛ نتيجة الصراعات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تحكمُ الكاتبَ العربي، وتَضَعُهُ في حيِّزِ المحاولةِ الدائمة للدفاعِ عن مواقفه وبلورتها، لا سيما أنَّ هذه الصراعات لا تجدُ حلولًا منصِفة، وتتأزمُ مع مرورِ الوقت.   "أحلام مبعثرة بين عمّان ويافا" هي رواية واقعية، صدرتْ عام ٢٠١٦، عن دار "أزمنة للنشر والتوزيع. العنوان يحملُ الفضاءاتِ الكُليَّةَ التي تقومُ عليها أحداثُ الرواية، ويجهِّزُنا لها قبل الدخولِ إلى بنائها، كما يفتحُ بابَ التساؤلاتِ عن ماهيةِ هذه الأحلام، وأسبابِ بعثرتِها وعدم وقوفها على أرضٍ ثابتة، فهل هي أسباب أيديولوجية سياسية، أم أسباب ذاتية تحكُمُها الصراعاتُ النفسية.   تحكي الرواية قصة (رؤى) البنت الوحيدة لأمِّها وأبيها، وما تواجهه من تحدياتٍ بعد مرضِ والدتها الذي يجبرُهما على السفر من أجل علاجها، ولقائها بقيس: شاب يهودي، يختلف عنها في كلِّ شيء: في المعتقد، والانتماء، والفكر، والبيئة.. وانجرافُ مشاعرِها نحوَه -بالتزامن مع تأزُّمِ حالة أمِّها الصحية- يُمَثِّلُ الذروةَ في القصة، والذي يضعُ الكثيرين أمام صدمةِ إمكانيةِ هذه العلاقة التي لا تتوافقُ مع اعتباراتِ المجتمع، فالبطلة تعيشُ صراعًا بين أحلامِها التي تحاولُ الانعتاقَ من الأُطرِ الجغرافية والفكرية، والخوض في تجربةٍ جديدةٍ للحب بغض النظر عن اختلاف الانتماءات، وبين مبادئها التي تُجبرُها على التراجعِ والتسمُّرِ في مكانِها.   تحكمُ الروايةَ رؤيةٌ سردية...

“فستق عبيد” لـسميحة خريس.. المتخيل السردي وتحولات الشخصية الروائية

د. وجدان الصائغ (كاتبة وأكاديمية/ قسم دراسات الشرق الأوسط – جامعة ميشيغان)لا يمكنك أن تقرأ رواية "فستق عبيد" للروائية سميحة خريس دون أن تستدعي ذاكرتك الأسلوب الأنيق للروائية توني مورسن في روايتها "العيون الأشد زرقة" (The Bluest Eyes) وهي تجوس بجرأتها مسكوتات شائكة في مجتمع غلفته العبودية بهالة من الصمت وتحريم الغوص في تفاصيل الوجع الإنساني الكامن خلفه.فسميحة خريس استطاعت بهذه الرواية أن تشطب على السائد المكرور لأنها فتحت بمنجزها بوابة تاريخ العبودية والرق المسكوت عنه تماما.. فهي تضعك فقط أمام حقائق تاريخية موثقة لأحداث جسام تخطف ذاكرتك باتجاه التاريخ العميق لهذا الجرح الناغر في جبين الإنسانية حين تم تشييء الإنسان وسلب كرامته، بل إنها حفرت بعيدا داخل العلاقات الاجتماعية الملتبسة التي تربط الذين وقعوا في شرك العبودية وفي إطار درامي متنامٍ متقن يتحرك على فضاء مكاني متسع تتنقل فيه كاميرا النص بين السودان والجزائر والرأس الأخضر.. إلخ، وعلى أفق زماني يستدعي تفاصيل الثورة المهدية وأيام الاتجار بالبشر واستعبادهم.هي رواية رائدة مختلفة تجعلك تطرح تساؤلات عدة منها: هل الغوص العميق في تاريخ العبودية عبر وثائق تاريخية مسكوت عنها، يستدعي إدراجها فيما يسمى "الأدب الأسود" (Black Literature) لأنها عالجت دراميا ما يضج به مجتمع أصحاب البشرة السوداء من إشكالات اجتماعية مركبة من جانب ومن جانب آخر أدانت الحيف الذي حلّ بهم؟...

السير بوعي بين ألغام التاريخ في المختارات القصصية المترجمة «حدث في الآستانة» لأسيد الحوتري

د. أسامة المجاليبطبعي أحب كل الأعمال المترجمة عن اللغة التركية إلى العربية لأهمية ذلك في تعرفنا على الأتراك واقترابنا منهم، وعلى اعتبار أن تركيا وطني الثاني بعد الأردن لدراستي الجامعية الأولى هناك في جامعة إسطنبول، ولأن اللغة التركية التي أتقنها تعدّ إحدى أهم اللغات الشرقية الإسلامية بالإضافة إلى الفارسية والأردية بعد العربية طبعاً، أما الآستانة فلطالما سحرتني «ببابها العالي» وحكاياتها الأسطورية عن السلاطين العظام، والباشوات، والإنكشارية، وجماهير الأئمة، والعلماء، والنساء في الحريم بحجابهن وخفرهن التاريخي، ثم الأسواق المغلقة والزحام المدهش لمدينة شرقية حيّة زاخرة بألف لون ولون وعرق وعرق. وذلك طبعاً قبل أن تسطو عليها ثورة الجمهورية الكمالية (الأتاتوركية) العقيمة ثقافياً ومعرفياً، حتى أن (أورهان باموق)، الكاتب التركي الحائز على جائزة نوبل للآداب، يتهم نظام (أتاتورك) بالإساءة إلى روح تركيا وإسطنبول كمدينة. إسطنبول المدينة الرائعة الحقيقية بطبقاتها المتعددة عبر الزمان الممتد وذلك من خلال إساءته للدولة العثمانية بشكل فج وساذج، حيث عملت الجمهورية على تكريس الفصام النكد بين تاريخ الأتراك ما قبل الجمهورية، وما بعد الجمهورية، وذلك بتدمير ممنهج لمظاهر الحضارة والمدنية أو تركها للإهمال والخراب: كالمساجد، والأسوار، والقصور، والأسواق، والأحياء العتيقة للمدينة، وهذه كلها تمثل واجهة الحضارة الاسلامية الشرقية بكل رومنسيتها وجلالها منذ عصورها الوسطى الهائلة وحتى بداية القرن العشرين . ومن هنا تأتي روعة وأهمية مجموعة الأستاذ أُسيد...

كتاب “في الزاوية المعتمة” لعبدالله خليفة عبدالله هذا الذعر القادم من الذكريات البعيدة

لو قُيِّضَ لي أن أختار عبارة واحدة تختزل المجموعة القصصية "في الزاوية المعتمة" للقاص العُماني عبدالله خليفة عبدالله لاخترتُ هذه العبارة الواردة في قصة "عين وحيدة": "هذا الذعرُ القادم من الذكريات البعيدة ينهش عقله وجسمه"؛ فما القصص العشر التي تتضمنها هذه المجموعة الصادرة عن الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء بالتعاون مع دار "الآن ناشرون وموزعون" الأردنية عام 2024م، إلا تنويعات على هذا الذعر من "الماضي الذي يرتطم بالحاضر فيختلطان". ذعر يسيطر على ساردٍ شاب في أغلب القصص، تظل "الذكرى تتسع وتبتلعه"، وهو "لا يريد أن يتذكر شيئا"، حتى وإن جلس في إحدى القصص على كرسي أحمر "يراجع حياته". هذه المراجعة للحياة الفائتة تفضي بأبطال "في الزاوية المعتمة" (هل أقول بطلها الوحيد؟) إلى الأخذ بنصيحة الشاعر الأمريكي ديلان جاريتي: "لا يمكنك قتل الوحش قبل أن تستعد لرؤيته في المرآة/ قبل أن تتعرف على شكله في جِلدكَ". لذا؛ فإن المرآة تحضر بكثافة في هذه القصص، سواء ذلك الحضور الفيزيقي المباشر، أو الحضور المعنوي الذي يشكّل فيه الماضي انعكاسًا مرآويًّا للحاضر المعيش. في القصة الأولى "أراه في المرآة للمرة الأخيرة" ينتاب القارئ شعور أن الشخص الواقف خلف بطل القصة ويراقبه في الوقت الراهن حيث ابنته تبكي في الغرفة المجاورة، وفي الماضي حيث يقف على حافة جرف ويطل على الهاوية السحيقة صوب الأسفل، هذا الشخص...

المكون اللغوي في رواية “ظل مريم”

زينب السعود روائية وكاتبة أردنيةنحن الذين فهمنا كل شيء مبكرا نحتاج إلى كرة أرضية أخرى نستريح عليها بعيدا عن صراعات من لم يفهموا بعد) بهذا الاقتباس للعالمي غابرييل غارسيا ماركيز تخطى الكاتب السوري عامر محمد درويش العتبة الأولى لروايته ( ظل مريم ) ووجه أنظار القارئ إلى حجم ما ينتظره من مقولات عن أولئك الذين وقفوا أمام الحياة بوجوه عارية تماما تتأهب دائما للصفعة القادمة التي ترجهم وتبعثرهم وتشتتهم ولكنهم في كل مرة يحاولون لملمة ما تبعثر ويسيرون عبر طريقهم لا يبحثون عن كثير من الانتصارات بل تغريهم ظلال هنا او هناك للوقوف تحتها والتقاط انفاس يجترونها بصعوبة ويسحبون حصتهم من الأكسجين - وإن تلوث- عنوة ليواصلوا مسيرهم. قدم الكاتب عامر محمد درويش سيرة بطلة روايته (مريم) السورية الفلسطينية التي تتقاطع بها الحياة مع لبنان تارة وبغداد أخرى في وعاء لغوي أنيق يجذبك وهجه منذ الوهلة الأولى للدخول في عالم القراءة لظل مريم. في عمله الروائي الأول لم يبخل الكاتب السوري ابن مدينة حلب عامر محمد درويش بلغته ولم يخف براعته اللغوية وتمكنه من صياغة الجملة الإبداعية بمهارة واقتدار . ولعل طواعية اللغة في يده هو ما لفت نظري منذ القراءة الأولى وحمسني للكتابة عن هذا الجانب الهام في الأعمال الأدبية .فمن المعروف أن اللغة هي المنوط بحمل المعاني التي تختزن في...

رواية كويت بغداد عمّان.. تذوق الماضي بنكهة الحاضر

إيمان أبوطربوش " .. فجأة، ومن بين صفحات الرواية المفتوحة على مصراعيها والملقاة على الأرض يتجلّى ثقب أسود يهدرُ منه تيار قوي نزاع للشوى يبتلع كل الدخان، فينقشع الغول الأبيض، ويختفي معه كل ما كان في المشهد. لعنة ما حلت علي، طنين حاد في كلتا أذنَيَّ صداع يكاد أن يفتك بجمجمتي،حجاب أسود أسدل على عيني فما عدت أسمع ولا أرى! تنهار قواي تتلقفني الروح بين ذراعيها، تضمُّني بشدة وتسحبني إلى داخل الرواية، تدور بي كالأفعوانية ثم تقذفُ بي في بحر من الظلمات حيث استقر وحيدا مغشيا علي َّ." هكذا وصف الكاتب الحوتري في روايته ما سيعبر تماما عن سياق ما ستقرأه . وكأنه انتزع الوصف منك كقارىء ، و استهّل به الرواية لتعود أدراجك لكل كلمة مفعما بالأحداث و المعاني الكثيرة التي انطلقت منها . تمازج الرواية و تشابه أحداثها بين ما عشناه في تلك الحِقبة من الذكريات ،و بين ما يسرده على لسان الشخصية في الرواية " سعيد البحتري" سيجعلك تبتسم لأنك هنا وجدت بوصلة تأخذك للماضي الذي تعرفه ، و أنت في الحاضر الذي تجد نفسك فيه أمام صفحات كتاب إمتاز ب فن الرواية و السرد المشوق و فن السيرة الذاتية لربما للكاتب و لك انت ،و ستجد السرد التاريخي الذي وُثقت أحداثه بعناية . رواية ستجعلك تتذوق نكهة"اصابع الكيت كات " و تعود طفلا...