“الغد”
صدر للدكتور الناقد والشاعر سلطان الزغول كتاب “خطاب التخييل الذاتي في الرواية العربية” عن دار الآن ناشرون وموزعون؛ حيث جاء الكتاب في ثلاثة فصول تتناول الرواية العربية والتغيرات التي حصلت عليها.
في مقدمته للكتاب، يتحدث الزغول عن المنهجية الذي اتبعها في هذه الدراسة، وهي “أطروحة المقاصد والتأويل التي تنفتح على المقصدية والتأويلية”.
ويقدم في التمهيد لهذا الكتاب دراسته وهي بعنوان “الرواية والإنسان والعالم”، وفيه إطلالة على عالم الرواية الصاخب المتجدد والمتغير، وعلى الرواية العربية منذ أن كانت تقليدية تابعة، مرورا بمرحلة نضوجها المتمثلة بالرواية الحديثة، وحتى ظهور الرواية الجديدة التي تعمد إلى مراوغة قارئها الذي يتوه خلال تشظياتها الزمانية والمكانية، وتتابعها عبر أحلام اليقظة المستمرة.
ويؤكد الزغول أن الروائي الأردني الراحل غالب هلسا كان أبرز رواد الرواية العربية الجديدة، إن لم يكن يمتلك حق ريادتها، نظرا للتاريخ الذي خط فيه روايته الأولى “الضحك” العام 1966، واستمراره يضيف ويجدد عبر مدونته الروائية الغنية والضخمة.
الكتاب جاء في ثلاثة فصول؛ الأول بعنوان “مدونة غالب هلسا والتخييل الذاتي”، حيث يبدأ الزغول بالتركيز على مفهوم التخييل الذاتي وعلاقته بالرواية والسيرة الذاتية، ثم يوضح وجهة نظره في المفهوم، قبل أن يربط مفهوم التخييل الذاتي بنهج غالب هلسا في بناء الرواية، وهو الذي أصدر روايته الأولى قبل أن يُنحت المفهوم ويُعرف في أوروبا بسنين طويلة.
فيما يتناول الزغول في الفصل الثاني عالم غالب هلسا الروائي، متسلحا بأطروحة المقاصد والتأويل، مستكشفا علاقة هذا العالم الغني والصاخب بالتخييل الذاتي؛ حيث يقدم قراءة بانورامية مطولة لروايات هلسا، يؤكد من خلالها أن التخييل الذاتي هو مفتاح دخول عالم هلسا الروائي، وهو الكاتب الذي يقدم عبر مدونته الروائية.
يقدم الزغول في الفصل الثالث “رواية الضحك: الفسيفساء الروائية” قراءة مركزة على رواية الضحك، الرواية الأولى لغالب هلسا، وهي التي يسميها “الرواية المرآة، التي يمكن أن ترى فيها الرواية العربية الجديدة نفسها في أوضح صورة”. متمعنا في انفتاح هذه الرواية على الأشكال التعبيرية المتنوعة التي جعلتها تتماهى مع فن الفسيفساء، ومدى مساهمة هذه الأشكال في بناء المعمار الروائي في إطار التخييل الذاتي، من دون أن يغفل عن المضمون الفكري ورسالة الخطاب الثقافي في الرواية.
ويؤكد المؤلف أن تجربة غالب هلسا الروائية تشكل واحدة من أعمق التجارب الروائية العربية وأغزرها، وأكثرها مراوغة لقارئها الذي يتوه خلال تشظياتها الزمانية والمكانية، وتتابعها عبر أحلام اليقظة المستمرة. ما يدفع بها منذ أن أصدر روايته الأولى بعنوان “الضحك” العام 1970 إلى عالم الرواية العربية الجديدة.
في كلمة على غلاف الكتاب، يقول فيها الزغول “ظلت الرواية تهرب من الأسس والمواصفات الثابتة، ظلت تتجاوز نفسها وتنفتح على آفاق جديدة، كما ظلت تنفتح على أشكال التعبير الفنية المتعددة عبر العصور، فتنهل من الملحمة والشعر والمسرح والموسيقا والتشكيل، ثم من السينما، تماما كما تنهل من نبع الحياة المتدفق دون قيود، ابتداء من الأسطورة الموغلة في القدم، وليس انتهاء بوسائل التواصل الاجتماعي في القرن الحادي والعشرين”.
يذكر أن سلطان الزغول شاعر وناقد أردني يحمل درجة الدكتوراه في الأدب والنقد، وقد أصدر ثلاث مجموعات شعرية “في تشييع صديقي”، “ارتعاشات على جسد الخريف”، و”حضن الأفول”، وفي مجال النقد صدر له العديد من المؤلفات منها: “فضاء التشكيل وشعرية الرؤى: قراءات في قصة إلياس فركوح القصيرة”، “البنية الفكرية في القصيدة”، “بهاء السرد”، و”سؤال المرجعيات في الشعر الأردني”.