يدرس الباحث خالد بن سليمان الكندي في كتابه الصادر أخيرا ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن موضوع تجديد الدرس النحوي واللساني، متكئًا على نظرية السَّبر.
يضم الكتاب تسعة مباحث حول: تعريف مادة السبر، ومشروعية النظريَّة وأدبياتها، وأنواع المسبور، وزوايا التفرقة بين المسبورات، والعلاقات والوحدات والحالات بين “أورجانون” السبر و”أورجانون” المنطق، وقضايا المصطلح وعُقَدها مع التمثيل لها من مجالس العلماء، ورفع الاشتباه بين المسبورات، بالإضافة إلى تحليل الوحدات بين نظريَّة السبر ونظريَّة العلامات، وعرض مطامح نظريَّة السبر.
يقول الكندي في مقدِّمة كتابه: “أردنا لنظريَّة السبر أن تكون الأورجانون الجديد الذي يُسهم بآليَّةٍ مختلفة في التحليل، وبجهازٍ اصطلاحي ومفهومي مغاير للمنطق ونظريَّة العلامات، فطُفْنا بعلم المنطق وعلم العلامات، ودرسنا الوجودَ الفيزيائي، لنستوعب أصنافَ الموجودات ونعيدَ النظر إليها برؤيةٍ جديدة تعتمد على ستَّة مفاهيم أساسية، هي: الوحدة، والحدث، والعلاقة، والحالة، والوجدان، والزمان”.
وتناول الكندي هذه المفاهيم مشيراً إلى أنها “تختصر كثيرًا من المفاهيم المتشعِّبة في المنطق والعلامات، وتقدمها في سداسيَّة جديدة لها آليَّتها الخاصَّة”.
وبحسب الباحث، فإن نظريَّة السبر لم تنطلق إلا من الذهن، فهي تعيد تصنيف الأشياء وفقَ تغير الرؤية الذهنيَّة نحوها، وذلك لكي تتمكَّن من النظر إليها من زوايا مختلفة تفيد في إشباع تحليلها بإدخالها في علاقات مختلفة مع أشياء أخرى في كل مرة، ولكنها ليست وليدةً لعلم الإدراك، بل هي نظريَّةٌ عربيَّة مستقلة أخذت حظًّا وافرًا من معارفَ ونظرياتٍ متعددة، وخرجت بآليَّة اشتغالٍ جديدة، ثم طبَّقتها على قضايا اصطلاحيَّة ونحويَّة، لإثبات نجاعة آليَّة اشتغالها.
ويختتم الكندي كتابه بتقديم الجوانب التي تطمح إليها نظرية السبر، ومنها: محاولة تقديم رؤيةٍ واسعة تسبق أيَّ قرارٍ، وإيجاد “ميتالغويٍّ” جديد هو التعبير عن مفاهيم العلوم بالمصطلحات السبريَّة، لأنها “أورجانونٌ” جديد يضبط التفكير عبرَ لغةٍ موحَّدة لها جهازٌ اصطلاحي ومفاهيمي جديد، إضافةً إلى حلِّ إشكالات مفاهيم المصطلحات، وفتح نوافذَ متعددةٍ للتحليل بتفعيل التعاون بين العلوم المختلفة، وتجاوُز “فتنة المصطلحات” التي لا تساعدنا على حقيقة وَحْدة الموضوعات، وكذلك وضع استراتيجيَّةٍ جديدة للتحليل صالحةٍ لكل العلوم، وإعادة النظر إلى الكون بمقولاتٍ جديدة، وتقديم آليَّة إبستمولوجيَّة جديدة للفصل الدقيق بين مفاهيمها المتداخلة.
يُذكر أن المؤلف أستاذ مشارك في جامعة السلطان قابوس، وهو حاصل على شهادة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية.