” الموت يدخن أيضاً ” منجز أدبي للشاعرة ماري جليل

” الموت يدخن أيضاً ” منجز أدبي للشاعرة ماري جليل


class="inline-block portfolio-desc">portfolio

text

    وهاد النايف

     مجموعة شعرية جديدة لماري جليل عن دار الان ناشرون و موزعون، صدرت المجموعة الشعرية الثانية للشاعرة اللبنانية المغتربة ماري جليل ، وكالعادة توشحت ماري بلغتها البليغة التي تنساب عذوبتها سلسبيلا على فنون الأدب، فكانت أيقونة تتلألأ في سماء المعاني الدافئة والاحاسيس المرهفة كما عرفناها ، لها فكرها المتحرك غير الثابت والجامد وتلك هي أحدى ركائزها في عالم فلسفة الشعر المعاصر

     في مجموعتها 70 نصاً أغلبها تدور في فلك فكرة الموت، ولكن بطريقة فلسفية رومانسية تختلف عن الموروثات الشعبية المعروفة ، وهي أن نعيش الحياة هو موت أيضاً ، ان أنسنة الموت وتعريته من القدسية والهالة المخيفة التي تحيط به هي الركن الأساسي لهذه الفلسفة الساخرة بواسطة استخدام تعبير التدخين .

     من خلال النصوص نرى أن حقيقة الموت هي الحقيقة الوحيدة، بعد حقيقة الولادة، وكل ما بينهما هو العدمية ، هي تمارس فكرة اللامنتمي وفق ما يراه كولن ولسن! ، أو كما كتب عنه الكبير تولستوي ! ، بشيء يوحي بسلوك اللامنتمي الكامل نحو البشر، حين يقص علينا خرافة شرقية تدور حول رجل يتعلق بغصن يتدلى إلى هوة عميقة، لينجو من وحش مفترس في الأعلى، ومن وحش آخر في الأسفل، بينما يقرض الغصن جرذان، وبينما هو معلق هكذا ينتظر الموت، يلاحظ بعض قطرات من العسل على أوراق الغصن، فيمد لسانه إليها ويلعقها، وهذا هو الإنسان، الذي يتعلق بين احتمالي الموت العرضي العنيف، والموت الطبيعي الذي لا يمكن تجنبه، أما الأمراض “الجرذان” فإنها تسرع بالنهاية، إلا أن هذا الإنسان ما يزال يأكل، ويضحك من الممثلين الهزليين في السينما.. هذا هو الإنسان الذي يقول إن اللامنتمي عليل، لأنه لا يشتهي العسل! . وهذا ما أراه في الموت يدخن أيضا ..

    لقد ابدعت ماري جليل في اختيار عنوان مجموعتها الشعرية هذه كما ابدعت في النصوص ، حتى أنني قد اجد في العنوان فقط مايكفي عن الكثير من النقد الذي كتبه غيري من الأساتذة والمختصين في هذا المجال.

    ماري جليل عنوان مهم في صفحات الشعر المعاصر فهي التي تمتلك الادوات اللغوية والفلسفية المتمكنة و تستحق أن يشار لها بالبنان..