مرآة الصحافة

“أغنية القيصر الأخيرة” لسعد السامرائي.. مغامرة سرديّة فريدة في فضاء الخيال العلمي

إن الحديثَ عن أدب الخيال العلمي في الأدب العربيّ قلّما يحظى بما يستحقّه من التحليل والتمحيص، وغالبًا ما يُحاط بنظرةِ ريبةٍ أو استغراب. غير أن مطالعة مجموعة "أغنية القيصر الأخيرة" للكاتب والقاصّ العراقي سعد السامرائي (الآن ناشرون وموزعون، عمّان، 2025)، تدفع القارئ إلى إعادة النظر في هذا الجنس الأدبي، بل وإلى التسليم بأنّ أدب الخيال العلمي يمكن أن يكون مرآةً صافيةً تنعكس فيها هموم البشر الحقيقيّة، ولا سيّما في عالمنا العربيّ المزدحم بصراعات الهويّة والذاكرة والمستقبل. وقد يلمس القارئ في هذه المجموعة مزيجًا دقيقًا بين الهمّ الإنساني والمعالجة التقنية، بين نزوع الروح وتوثّب العقل نحو رحابةٍ جديدةٍ لا تكتفي بمجرد تقليد أمجاد الماضي أو الارتهان لسلطة الحاضر. ولعلّ أول ما يلفتُ النظر في هذه المجموعة هو عنوانها: "أغنية القيصر الأخيرة"، بما ينطوي عليه من إشارة إلى فنّ الموسيقى، وما تمثّله من قيمةٍ جماليةٍ بالغة الرهافة، وكونها، في الوقت نفسه، عنصرًا قد يُهدّد سلطةً أو يُحرّك ثورةً أو يُغرق الأرواح. فإن كان "القيصر" هنا يشير إلى كاظم الساهر، فهو يمكن أن يكون رمزًا للقوة، أو رأسًا للأمر والنهي. لذا، تذكّرنا أغنيته الأخيرة بمصيرٍ معتم تؤول إليه محاولة السيطرة على نبض الفنّ، الذي لا يكفّ عن التمرّد والانفلات. تأتي القصة التي تحمل هذا الاسم مشحونةً بشحناتٍ رمزيّة، تؤسّس لعالمٍ مستقبليٍّ يخشى الموسيقى ويلاحقها، حتى...

“بين بوابات القدس” لصبحي فحماوي.. قصص تجسّد معاناة الفلسطينيين

يواصلُ الكاتب الأردني صبحي فحماوي انحيازه لفلسطين بوصفها قضيّة وطنية وقومية، من خلال مجموعته القصصيّة الجديدة "بين بوابات القدس"، التي ارتأى إهداءها إلى غزّة، "التي فجّرتَ دُمّلاً بحجمِ دولةٍ أسيرةٍ، فسال منه فيضٌ كبيرٌ من الصَّدِيدِ، ألهب حوله سطح الكرة الأرضية، فأعاد لها بعض صحتها". وتقدم المجموعة صورة بانورامية للحياة الاجتماعية للناس خلال العدوان الصهيوني على غزّة، وعمّا يفعله بالناس بشكلٍ مباشرٍ، بل، بما فيها من تفاصيل، غير أن العدوان الصهيوني يجعلها حياة معجونة بالمعاناة والألم والفقد، وهكذا يطلقُ فحماوي صرخته ضدّ هذا العدوان الشّرس بشكلٍ فني، وضدّ ممارساته الهمجيّة في حقّ الناس، بعيدًا عن الخطابيّة المباشرة. صدرت المجموعة مؤخراً عن «الآن ناشرون وموزعون»، في عمّان، وجاءت بعيدة عن التكلّف، لصالح قربها من اليومي والمعيش، كما تمّ توظيف الكثير من الكلمات والعبارات الدارجة على ألسنة العامة في قصص المجموعة، في حين كانت الأمثال الشعبية حاضرة بقوّة بين ثنايا المجموعة. أولى قصص المجموعة جاءت بعنوان "التوأمان"، في إحدى وعشرين صفحة، وتتحدّث عن "منير جبران"، أحد سكان مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزّة، ومعاناته في مختلف تفاصيل الحياة اليوميّة، أسوة بسكّان القطاع جميعهم، "بسبب الحصار المفروض على القطاع من جميع الجهات؛ الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، والمختوم بقُبّة سماوية تُغطي قِدْرَ القطاع الذي داخلهُ يغلي". وكان "منير" قد رُزق بمولودين توأمين: ذكر وأنثى، بعد سبع...

“عروس الغَرْقَة” لأمل الصخبورية.. سرد يحلّق في فضاء الثنائيّات

في واحد من الأنماط السرديّة في الرواية، يلجأ المؤلّف إلى بناء روايتين في رواية واحدة، وقد تكون إحداهما مخطوطة مثلاً، كما في "سمرقند" لأمين معلوف، و"عشاق وفونوغراف وأزمنة" للطفية الدليمي، و"البيت الأندلسي" لواسيني الأعرج، ويجد القارئ الكثير من التعاشق بين شخصيات هذه وتلك على الصعيدين النفسي والفكري، وتقوم كلتا الروايتين بدور رئيس لإيصال مقولة الروائي للقارئ، وهذا نمط من شأنه أن يوسّع فضاء السّرد بشكل كبير، ومثير أيضاً.في هذا الإطار تأتي رواية "عروس الغَرْقَة.. سيرة انتفاضة الماء" للكاتبة العُمانية أمل عبدالله الصخبورية، إذ تحكي بطلة الرواية الأساسيّة عن بطلة رواية أخرى، فرضت نفسها على الأحداث، التي يتداخل فيها الماضي والحاضر، والتي ما فتئت تؤكّد لنا دائماً أنّ "التاريخ يعيد نفسه".هي مواءمةٌ ما بين التاريخ والخيال في الوقت نفسه، إذ يتيح التاريخ نقل المشاعر الإنسانيّة وتوثيقها بأمانة، في حين يوفّر الخيال فضاءً رحباً لنمو الشخصيات وتطورها وفق مخطط مبتكر على صعيد السرد والحكي.في روايتها الجديدة، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون"، والواقعة في 244 صفحة من القطع المتوسط، تجترح الصخبورية زمنين متوازيين، لتبدو  "عروس الغرقة" نصَّين لا نصّاً، وسيرتَين لا سيرة واحدة، وعالمَين مختلفين في الظاهر: عالم "غدق" الشابة العمانية (العروس) وحياتها الجديدة في منزل سعود "الزوج"، الذي حددته الكاتبة بعام 2007، وعالم "زيانة حمد"، المولودة في زنجبار لوالد عُماني وأم...

كتاب “رجال ونساء.. قصص وطرائف”: كيف للفكاهة أن تجعل الحياة مُحتملة

"اليوم الذي لا نضحك فيه هو يوم لم نعشه.. يوم منقوصٌ من أعمارنا" (حكمة شعبية)" مَنْ كانت فيه دعابة فقد برئ من الكبر" (الجاحظ) الكتاب المَرِح يُؤنسنا، يُضحكنا وأحياناً يُبكينا، إنه ينقلنا في لمحٍ من البصَر من الحُزن إلى الفرَح، ومن الامتعاض إلى الانشراح، يطير بنا عبر الأزمنة الغابرة، ينقل إلينا أخبارَ الظرف والظرفاء، والمجُون والمتماجنين، هؤلاء الذين تُعتبر أخبارُهم وحكاياتهم وطرائفهم بمثابة عصارة فكر للإنسانية جمعاء منذ عهود غابرة. هذه الحكايات تجعلنا نحلم ونفكر، وعبرها نطل على مختلف الثقافات التي تناقلتها الأمم والأجناس قبلنا على امتداد الحِقب والأزمان. صدر حديثاً للكاتب والباحث المغربي محمد محمد الخطابي، عن "الآن ناشرون وموزعون" كتاب بعنوان "رجال ونساء.. قصص وطرائف"، جمع بين دفتيْه عشرات الحكايات والقصص، والنوادر والطرائف، والمستملحات من الشرق والغرب، تعكس مدى قدرة الإنسان على إيجاد وسائل للتسلية والتسري، وخلق فرص للضحك والفكاهة، وتوفير أسباب السعادة والانشراح من كل نوع، كل هذه الحكايات التي تمتلئ بها بطون الكتب لا بد أنها تنتزع منا ضحكاتٍ، وبسمَاتٍ في أحلك الظروف وأقساها في حياتنا اليومية الحالية الحالكة التي أمسينا نعيشها على مضض. بعض هذه القصص والطرائف وصلتنا من سديم الماضي السحيق، ثم تم تدوينها في الكتب، بدءاً بالورق المهرق، ومروراً بالقراطيس والكراريس، وصولاً إلى الورق الصقيل، وأخيراً الرقميات الإلكترونية. وتعتبر هذه المرويات اليوم جزءاً...

الناقد المغربي أحمد المديني يعاين رهانات السَّرد العربيِّ المعاصر

في كتابه "رهاناتُ السَّردِ العربيِّ المُعاصر: دراسات وقراءات مونوغرافية" يتابع الناقد والباحث المغربي أحمد المديني ما بدأه في آخر كتاب نقدي له "في حداثة الرواية العربية - قراءة الذائقة"، والذي قبله، أيضًا: "السرد والأهواء، من النظرية إلى النص"، بمعنى خطّ مواصلة قراءة نصوص روائيةٍ عربيةٍ مميّزةٍ باندراجها في الخط العام لتطور وتجديد السّرد التخييلي، كما كتبته الأقلام اللّاحقة وتجرب فيه بعد المتن المؤسس لأجيالِ الرّواد والمرسِّخين.يتضمن الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن (2025)، طيفاً واسعاً من الدراسات التي ركزت على الرواية العربية التي رأى الباحث أنه يمكنها أن توازي وتساوق في تعبيراتها ما بلغته الكتابة السردية في آداب العالم، وتتميز بفرادتها وخصوصيتها المحلية لغةً، وأسلوبًا، ومهاراتِ بناء، وغنى عوالمَ، وشخصياتٍ تنتمي إلى العالم وتستشرف الغد.وإذ يعتمد الباحث في تحليله على مناهج محكمة، وبتمثل لمفاهيم نقدية ونسقية ملائمة للتحليل وقراءة النصوص؛ فإنه يولي عناية خاصة للذائقة بوصفها، عنده، اداةً وغربالًا تصبح كما يوضح منهجًا للعمل واستعداداً فطرياً يُمتحن ويتغذّى باستمرار، مشيراً إلى أنها أعلى مرتبةٍ يمكن أن يصل إليها دارسُ الأدب والناقد، حين تختمر ثقافتُه فتعطي زُبدتهَا بما هو أكبرُ من النظريات وأدقُّ من رطانة المصطلحات ومهارةِ وربما حذلقةِ التنقل بين المناهج لاختبار النصوص وتقليبها على وجوهٍ ومواضعَ شتى.وقدم المديني دراسات تسجل خلاصة ملاحظات واستنتاجات من عِشرةٍ طويلة له...

“الشفهي والكتابي” ليحيى بلحسن.. دراسة في عمق الثقافة الإسلاميّة المبكّرة

يقدّم الباحث الجزائري يحيى بلحسن المقيم في مدينة ليل دراسة مستفيضة حول ظاهرة "الشفهي والكتابي"، في الثقافة الإسلامية المبكرة، في وقت لا تزال فيه الدّراسات العربية الجادّة التي اهتمّت بهذا الموضوع نادرة، إن لم تكن منعدمة.ويوضّح المؤلّف، في مقدمة الكتاب، أنّ "أيّ ثقافة إنسانيّة مرّت لا محالة بالقناة الشّفهيّة، ونعتقد أنّه حان الأوان ألّا نشكك وألّا نتوجّس من كلّ مَن حاول الاقتراب أكثر من النّصّ. إنّ إرجاع النصّ إلى الإطار الشّفهيّ الذي وُلد فيه ونما فيه أيضاً يجعلنا أقربَ إلى فهم مُراده، ومحاولة استيعاب مقصد النّصّ وغايته لا تعني أبدًا تشكيكاً أو هدمًا له."كما يلفت المؤلّف النظر، في المقدمة ذاتها، إلى أن "صِلَتُنا بالاستشراق خصوصاً والغرب عموماً ينبغي إعادة النظر فيها، فنخرج من المأزقَين معاً: مأزق نبذ الغرب مطلقاً والتقوقع على الذات، ومأزق الانبهار به غير الفعّال والذوبان كلّيّةً فيه. فليس كلّ ما طرحه الغرب من أفكار سلبيّاً، وليس كلّ ما هو موجود في تراثنا ومصادرنا إيجابيّاً".الكتاب نفسه، وقد صدر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، بالأردن، وجاء في 230 صفحة، وقد صممت غلافه م. سجود العناسوة، جاء في مقدمة وخمسة فصول، حملت العناوين الآتية: إضاءات حول "الأصل الشفهي"، الذاكرة عماد النقل الشفهي، الشفهي والكتابي في البحث العلمي، الكتابات الإسلامية الأولى، ظهور الكتاب تدريجيا.ويجمع الكاتب والباحث بلحسن خلاصة دراسته في...

“راهنية السيميائيات”.. قراءة في الفكر السيميائي المغربي تأصيلاً وتأسيسًا

يقدّم كتاب "راهنية السيميائيات.. قراءة في الفكر السيميائي المغربي تأصيلاً وتأسيسًا" قراءات في أعمال السيميائيين المغاربة، تقف وقفاتٍ نقديةً، علميًا ومنهجيًا، فاحصةً تلك الأعمال، وممحّصةً تلك الجهود، بغيةَ اكتشاف معالمها، والكشف عن غررها، والتعرف على مفاهيمها وفقه مناهجها.يضُمّ الكتاب بين دفتيه بحوثاً نظرية وتطبيقية، يتناول بعضُها علاقاتِ السيميائيات بعلوم أخرى كاللسانيات والتأويليات وعلوم التفسير، ويركّز بعضها الآخر على التعريف بنماذج من السيميائيين المغاربة الرواد ودراساتهم في هذا المجال، أما الصنف الثالث من بحوث هذا الكتاب، فَيُركز على دراسات تطبيقية تم فيها تطبيق السيميائيات في تحليل خطابات أدبية؛ شعرية وروائية، وكذا تحليل خطابات إشهارية، في شَقَّيها اللفظي والبصري.الكتاب نفسه، وقد صدر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون"، في الأردن (2025)، شارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين، ينتمون جميعًا إلى سبع مؤسسات جامعية وأكاديمية مغربيّة، وهو من إعداد وتنسيق: د. مصطفى العادل، ود. زكرياء وجيط، ومراجعة وتدقيق وتقديم أ. د. محمد أزهري.وخلال تقديمه للكتاب يتوقف أ. د. محمد أزهري وقفة قصيرة عند مصطلحَيْ التأسيس والتأصيل، فيقول: (هناك تداخل وتكامل بين المصطلحين. وهو ما نستشفه من خلال عودتنا إلى المعاجم اللغوية والاصطلاحية القديمة والحديثة على حد سواء.والتأسيس المراد في السيميائيات، باعتبارها علما، هو بناء قواعد هذا العلم وترسيخها على أرض صلبة حتى لا تنهدَّ.والمراد بالتأصيل في السيميائيات، باعتبارها علما هو إرجاعها إلى مصادرها...

“ينابيع المعرفة” لرشيدة القدميري.. قصص تربوية موجهة للطفل

في مجموعتها "ينابيع المعرفة" الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون"، الأردن (2025)، تقدم الكاتبة المغربية رشيدة القدميري خمس قصص موجهة لفئة الطفولة (10-12 سنة) تنطوي على العديد من الأهداف التربوية الخاصة بهذه الفئة، وتؤكد على مجموعة من القيم والسلوكات والأخلاق الإيجابية.ففي قصتها "اسق البذرة كي تنمو" تركز الكاتبة على أهمية القراءة في صقل الموهبة وتطويرها، وذلك عبر أحداث تعيشها شخصيتان هما أيمن ونجيبة، حيث يمتلك كل منها موهبة غير خافية في الكتابة، لكن أيمن بمرور الوقت يعزف عن القراءة بسبب غرور أصابه جعله يعتقد أنه الكاتب الأول ولا يمكن لأحد أن ينافسه في هذا الميدان، بينما تجتهد نجيبة في تطوير موهبتها عبر القراءة والمتابعة لإيمانها أن الموهبة مثل البذور التي تحتاج إلى الرعاية لتكبر، وخلال منافسة كبيرة بين الطلبة تفوز نجيبة بالمركز الأول بينما يتراجع أيمن للمراكز المتأخرة، ويدرك حينها الخطأ الذي وقع فيه حين سمح للغرور أن يملأ نفسه ليعترف أخيراً:"غُرُورِي بِمَوْهِبَتِي الَّتِي حَسِبْتُهَا نَادِرَةً، لاَ تَحْتَاجُ لِلتَّحْسِينِ وَالصَّقْلِ جَعَلَنِي أُهْمِلُ الْقِرَاءةَ، وَلَا أَهْتَمُّ بِالنَّصِيحَةِ، وَهَا هِيَ النَّتِيجَةُ، كَمَا تَرَيْنَ، حَصَلْتُ عَلَى إِحْدَى الْمَرَاتِبِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمُسَابَقَةِ، بَعْدَ أَنْ كُنْتُ الْأَحْسَنَ وَالْأفْضَلَ بَيْنَ زُمَلَائِي. رَدَّتْ نَجِيبَةُ مُحَاوِلَةً التَّخْفِيفَ عَنْهُ: آسِفَةٌ لِأَجْلِكَ، لَكِنْ، مَازَالَتِ الْفُرْصَةُ أَمَامَكَ، اِبْدَأْ مِنَ الْآنَ بِالْقِرَاءَةِ، وَعَوِّضْ مَا فَاتَكَ، وَإِنْ شَاءَ اللهُ سَتَفُوزُ بِالْجَائِزَةِ فِي الْمَوْسِمِ...

“ذكريات حب سيأتي” للشاعر حسن بوعجب.. قصائد عن الهم الإنساني

تطوف قصائد "ذكريات حب سيأتي" لبشاعر المغربي حسن بوعجب في العديد من الموضوعات التي تلامس الهم الإنساني، وتسائل الوجود بكل ما ينطوي عليه من غموض وأسرار.ولا يبدو الشاعر في مجموعته الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن (2025)، باحثاً عن إجابات بقدر ما هو مهتم بطرح السؤال تلو الآخر، وكأنما حالة الوجود البشري بأسرها تقوم على السؤال وحسب.ولعل هذا التوجه ما وسم عدداً من قصائد بوعجب بالتكرار، إذ نقرأ مثلا في قصيدته "الإصبع السادس":"أنام أنام كالصغير في حجر الكلماتأكف عن أسئلتي أنساها ولو لبضع لحظاتقبل أن يصفق الحارس ويوقظني وأودع حبيبتيثم أعود أعود إلى سجني سجن المشكلاتأكف عن أسئلتي أنساها ولو لبضع لحظاتولو لبضع لحظات ُتُشذّبُ أورام السرطانولو لبضع لحظات تُقترض البسمة من بنك الآتيات والذكرياتولو لبضع لحظات تُستضاف الفرحة تتألق واجهتيولو ببضع ومضاتو يُضمد الأصبع بنزيفه بشحمه بزهر الكلمات.بعد ما حكم القاضي برفع الكماماتواندفعت في الناي الزفراتبعدما عمِلت بوصية الناي إذ أوصىأن أبقي أناملي دوما على بعض الفُوّهاتبعدما عملت بها وعلِمت إذ علمنيكيف يُغني كيف يحيا المرء وإن ماتكيف الأمر يُسلم إلى الآيات والنغماتوكيف أن زهر الكلمات لا شيء بلا نغمات لا شيء بلا نسمات".وتضمنت المجموعة ما يزيد على الخمسين قصيدة، بعضها كتب منذ أكثر من عشر سنوات بحسب التاريخ المثبت أسفلها، وفيها يقدم بوعجب صوراً ثرية بالمعاني ومفتوحة على التأويل،...

“السؤال المفتوح والجواب الحتمي”.. كتاب عن نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات

يدعو كتاب "السؤال المفتوح والجواب الحتمي: نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات" للألماني هانس روبيرت ياوس، ترجمة الباحث المغربي د.رضــوان ضــاوي، إلى تجديد وظائف العلوم الإنسانية التي تنفرد بها، والتي تساهم بقدرتها المنهجية في عملية تكوين التخصصات العلمية، وفي إعادة تعريف العلوم الإنسانية وفق ما أتى به مشروع إصلاح الجامعة للفيلسوف الألماني "هامبولدت" القائم على فكرة الوحدة والترابط والتكامل بين البحث العلمي والتعليم.يتضمن الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن (2025)، جملة من العناوين التي حافظ المترجم على ترتيبها وفقاً للتقسيم الذي ارتآه المؤلف، حيث العنوان الرئيسي: "نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات"، ويندرج تحته العناوين: "النموذجية التكاملية للعلوم الإنسانية"، و"الوحدة الحوارية في صراع الكليات الجديدة"، ثم "وظيفة العلوم الإنسانية المتجاوزة للحدود: أداة للبحث المتداخل الثقافات وللبحث الأنثربولوجي". كما ذيّلت كل فقرة  بهوامش تعريفية وتوضيحية عامة على شكل شروح أو تعريفات أو إشارات.ويركز موضوع "النموذجية التكاملية للعلوم الإنسانية" على أن الفكر الذي يزوّد معرفتنا عن الأشياء ويضيف إليها آراء جديدة، هو نفسه الفكر الذي يكمل أيضاً كيفية الفهم الأفضل لكمّها المتنامي، بواسطة إجراءات مختصرة، وأنه بمقدور فكر البحث العلمي الحديث تحقيق الوظيفتين التاليتين: توسيع دائم ومستمر لدائرة المعرفة، وفي الوقت نفسه تحقيق وسائل جديدة والتغلب مرّة أخرى على الغموض الذي يهدّدها.ويؤكد الباحث أن الفيلسوف والشاعر فونتنيله، أحد روّاد عصر...