شاعريّة الأرشيف في سيرة علي جعفر العلّاق “إلى أين أيّتها القصيدة؟”
عامر سلمان أبومحارب (أكاديميّ وناقد أردنيّ)تطرحُ "مارلين مانوف" (Marlene Manoff) في دراستها المهمّة والمختلفة عن "نظريّات الأرشيف..."، والمعنونة بـ: (Theories of the Archive from across the Discipline) مصطلحاً مهماً هو "شعريّة الأرشيف" أو "شاعرية الأرشيف" (poetics of Archive) على أنّه لا مشاحة في الاصطلاح، وهي تشير من خلاله إلى قدرة الشعر على تأثيث أرشيف الإنسان. وفي هذا السياق يمكنُ القول: إنّ "شاعريّة الأرشيف" تمثّل المقولة المركزيّة في سيرة علي جعفر العلّاق (إلى أين أيتها القصيدة) الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2023، فالعلّاق لا يستطيع خلْع إهاب الشاعر وهو يدوّن أرشيفه السيريّ، وذلك يتبدى في مرائي الذاكرة، وأنظمة العنونة، وشعريّة اللغة، والمنظور السرديّ، فالشعر هو المادة الخامّ التي تكوِّن ماء السرد في هذه السيرة، وذلك قياساً إلى مصطلح "ماء الشعر" أو "كثرة الماء" كما يقول أبو عثمان الجاحظ (ت.255ه)، في إطار حديثه عن مائيّة الشعر وليونته، وليس من لزوم ما لا يلزم التأكيد على أنّ الماء في تجربة العلّاق النقديّة والشعريّة وفي الصناعتين معاً: السرد والشعر، ثيمة مركزيّة، وبخاصّةٍ في شعره المتدفق ماءً وليونة بمصطلح الجاحظ! يشكّل ظهور سيرة العلّاق حدثاً لافتاً ثنائيّ القطب: يسمح الأوّل للقارئ بقراءة سيرة لناقد ملأ الدنيا وشغل الناس، بعد أن كان يتقرّاها في بعضٍ أو في كثيرٍ من قصائده، ويساعد الثاني في فتح أرشيف الشاعر، الذي...