مرآة الصحافة

“توت أحمر” لهند سليمان.. قصائد تصور الحالة النفسية العميقة للإنسان

تتدفق في قصائد "توت أحمر" للشاعرة الأردنية هند سليمان، روح الطبيعة العذبة، فالاستعارات والصور الفنية والتشبيهات مرتبطة بالأرض ورمزيتها، بل إن الشاعرة تعلن في أولى قصائدها: "ابنة الأرض أنا/ معجونةٌ بالطين"، لذا تفوح من بين كلماتها روائح البابونج والأقحوان والزعتر بينما هي تؤكد: "أعرف - مثل الأرض - كيف أجسُّ الفصول وأصغي لصوت المطرْ قبل الهطول". كذلك، تقترب قصائد المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون"، من أجواء الطبيعة التي تشكّل ساكنيها فتكيّفهم تبعاً لمقتضياتها ويكيّفونها تبعاً لحاجاتهم، وهي تتناول حال النساء على وجه الخصوص؛ طقوسهن وممارساتهن وأعمالهن: "أمي التي قضت وقتا طويلاً أمام الطابون حمّصت لنا شبابها وقضمناه تحت أسناننا اللبنية أمي الآن تضع أسناناً مستعارة وتُبلّلنا بابتساماتها لنمضغ ما علق في أفواهنا من عمرها القديم". وفي قصيدة أخرى تكشف الشاعرة معاناة المرأة بقولها: "زوجة مزارع عتيد أنجبت خمس بنات توحَّمَت مرةً على التراب تضع حفنةً من التراب الأحمر في راحة يدها وتذيب حبّاتِه في فمها كان كلُّ همّها أن تنجب ولداً يحرث أراضي زوجها الممتدة مضى عمرٌ وأنجبت ولدَين وكانت أولَّ النساء رقوداً تحت التراب". وتستلهم الشاعرة الأسطورة والرمز للتعبير عن الحالة النفسية العميقة للإنسان، إذ تُخرج الرمزَ من دلالته الأصلية وتحمّله عبر تفاعلها مع مفرداته دلالاتٍ جديدة، فتغدو الجيوش التي انتظرتها زرقاء اليمامة أوجاعاً كثيرة تغزو قلب المرأة المتأملة حالَها عبر نافذة ضيقة: "عرفتُ زرقاء اليمامة من قصص أمي ونحن صغار حدّثَتنا عن جيشٍ من الأشجار وعن الهزيمة مقابل...

لون آخر للغروب” لهيا صالح.. بناء روائي متداخل

تقدم رواية "لون آخر للغروب" للكاتبة الأردنية هيا صالح، شكلاً تجريبياً حداثياً يقوم على بناء روائي متداخل، إذ بدا السرد الذي تنقّل بين ضمير الراوي "الأنا" في القسم الأول، وضمير الراوي كلي العلم "هو" في القسم الثاني، كأنما هو حكايتان منفصلتان، لكننا مع استمرار القراءة نلاحظ الخيوط الرقيقة التي تربط الحكايتين معاً عبر أجواء من الغرائبية والفانتازيا.تدور الحكاية الأولى في الرواية التي صدرت طبعتها الثانية مؤخراً، حول "وفاء" المرأة التي تبدأ اكتشاف ذاتها متأخراً، فتقع في حب عازفٍ هارب من الحرب، وتعيش بسبب ذلك في حالة من الارتباك النفسي، بين أن تختار أسرتها التي بنتها عبر سنوات ووفرت لها الأمن والاستقرار، وبين اختيار الرجل الذي أحبته والذي لا يمكن أن يقدم لها أرضية قوية أو مستقرة.. وهي في خضم هذه الهواجس تسائل نفسها أولاً وواقعها ثانياً حول مدى مسؤولية كلّ منهما عمّا يخططه القدر ويفرضه كواقع للعيش. تكتشف البطلة بعد رحلة صعبة تستعيد فيها ماضيها البعيد وتنظر من خلاله إلى حاضرها، أنها خرجت من إطار الزمن وحققت شرط الخلود الخاص بها، وهنا يكتشف القارئ عبر دلالات مبثوثة في النص وإشارات رمزية تربط الأحداث أن "وفاء" ليست سوى بطلة الرواية التي يكتبها كاتب مستأجَر يدعى "نجيب"، لهذا فهي بطلة خالدة على الورق وفي بطن الكتاب. تقول وفاء في جزء من الرواية: "لم...

كتاب عن التربية الصحية بالمناهج الدراسية

يتضمن كتاب "الصحة والتربية الصحية في المناهج الدراسية" للدكتور سيف بن سعيد الحجي، جانباً مهماً من جوانب حياة الطالب، هو الجانب الصحي، مبيناً الأبعاد الصحية في المناهج الدراسية وما تقدمه من تربية صحية، وتأثيرها على اتجاهات الطلبة وسلوكياتهم لدعم وتعزيز الصحة.وتكمن أهمية الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في كون التربية الصحية بالمناهج الدراسة موجهة لفئة طلبة التعليم المدرسي التي تُعد من أهم الفئات العمرية بالمجتمع.يقدم الكتاب الذي جاء في مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، عدة إسهامات على المستويين النظري والتطبيقي. فعلى المستوى النظري، يلقي الباحث الضوء على أهمية التربية الصحية في المناهج الدراسية، ودورها في تعزيز السلوك والاتجاهات الصحية لدى الطلبة. أما على المستوى التطبيقي، فيوفر الكتاب وثيقة معايير مقترحة للتربية الصحية يمكن لواضعي المناهج الدراسية الاستفادة منها عند إعادة بناء المناهج، وخاصة مناهج العلوم؛ لدعم أهداف التربية الصحية، وتطوير مخرجاتها، وتعزيز الاتجاهات والسلوكيات الصحية لدى الطلبة. وتناول الباحث في الفصل الأول الذي يحمل عنوان "الصحة والتربية الصحية"، أهمية رفع المستوى الصحي للأفراد عبر تغيير سلوكهم واتجاهاتهم إلى أنواع من السلوك والاتجاهات التي تؤدي للوقاية من المرض، والمحافظة على الصحة، والعودة سريعاً إليها في حالة الوقوع في المرض، موضحاً أن المناهج الدراسية جاءت لتكون الوسيلة المثلى لتحقيق أهداف التربية الصحية لدى الطلبة، إذ يجب أن تركز المناهج على تدريس المعلومات الصحية...

صدور “الكتابة الأكاديمية: من الإملاء إلى المنهج” للدكتور شفيق النوباني

صدر مؤخرًا كتاب بعنوان "الكتابة الأكاديمية: من الإملاء إلى المنهج" للدكتور شفيق طه النوباني، أستاذ الأدب والنقد المساعد في جامعة ظفار. احتوى الكتاب الذي جاء في 160 صفحة على فصلَين، إذ ينطوي الفصل الأول على مسار يوصل القارئ إلى كتابة المقالة، أما الفصل الثاني فيسعى إلى إيصال القارئ إلى كتابة بحث علمي على وفق الأصول المتعارف عليها. ويحتوي هذا الفصل على 6 أجزاء؛ تناول الجزء الأول مفهوم الكتابة وعلاقتها بمهارات اللغة الأخرى، وتناول الجزء الثاني الضوابط الإملائية في الكتابة في العربية، أما الجزء الثالث فقد تناول تكوين الجملة في العربية من منطلق يؤسس لتمكين مهارة الكتابة، في حين تناول الجزء الرابع علامات الترقيم بما في ذلك قواعد كتابة الفقرة التي يعدّ التمكّن من صياغتها أساس الكتابة الاحترافية. وكي يؤسس الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن لممارسة كتابية أكثر شمولًا، جاء الجزء الأخير من الفصل الأول في كتابة المقالة التي تعدّ أكثر الفنون الأدبية شيوعًا وقابلية للتعامل مع الموضوعات على اختلافها وتنوعها، وقد تناول الكتاب شكلًا واحدًا من أشكال الكتابة الوظيفية التي ترتبط بقالب ثابت نسبيًا، وهو الرسائل الإدارية. أما الفصل الثاني فيحتوي على خمسة أجزاء؛ تناول الجزء الأول منها الوحدات المعنوية في النص. ووفقًا للمؤلف، على الرغم من أن تناول الفكرة العامة والأفكار الرئيسة والأفكار الفرعية والمعاني الجزئية يعد من أهم أدوات...

“جدارية الذكريات الملونة” لهيا صالح.. رواية للناشئة عن حياة اللجوء

تنسج الكاتبة الأردنية هيا صالح أحداث روايتها "جدارية الذكريات الملونة" بلغة هادئة، معاينةً قصصاً عميقة وصادقة يعيشها أبطال هذا العمل الذي تولّت الفنانة رنا حتاملة تصميم غلافه وإثراءه بالرسومات. تتناول الرواية الصادرة حديثاً عن "الآن ناشرون وموزعون" التحديات التي تواجه البشر في ظل نزوحهم بسبب الصراعات والحروب. ومنذ العتبة الأولى/ العنوان، تدفع القارئَ إلى الاشتباك مع عالم يتأرجح بين الواقع والمتخيّل، ويظل السردُ ممسكاً بطرفَي الحبل، عبر تقنيات تقوم على التذكُّر والاسترجاعات الزمنية والاستباقات، لتصوّر حالة عامة يعيشها الأطفال بمخيمات اللجوء في شتى بقاع العالم، مقتربةً من أصغر أحلامهم وأكبرها في آن؛ أن يمتلكوا بيوتاً حقيقية كالتي تركوها في بلادهم مجبَرين على ذلك. يقول بطل الرواية الموجّهة للناشئة: "رسمتُ بيتاً.. رسمتُه بقلم الرصاص على كتبي المدرسية، وعلى أوراقي، وعلى قِطَع الكرتون التي جمعتُها من الطريق، وعلى عُلَب الكبريت والمعلَّبات الفارغة، وحفرتُه بمسمارٍ مدبَّب على عمود الحديد الداخلي للخيمة التي نعيش بها في مخيَّم اللّاجئين". وجاء السرد في الرواية بضمير المتكلم، حيث يسرد الفتى "يحيى" كيف بدأ وعيُه الجديد بالتشكُّل في مخيمٍ للّجوء بعد أن غادر بلاده رغماً عنه، وخلال رحلة خروجه أصيب بمرضٍ أفقدَهُ ما حُفِظَ في ذاكرته من أحداث، لكنه استطاع امتلاك قدرة خاصة مكّنته من عبور ذكريات الآخرين، واستعارة ما فيها ليؤثّث بذلك ذاكرة جديدة تتلمّس بعضَ الماضي الذي فقده،...

“عن الكتابة والصداقة: شخصيات وذكريات”.. جديد سعيد يقطين

يمثّل كتاب "عن الكتابة والصداقة: شخصيات وذكريات" للناقد والكاتب المغربي سعيد يقطين، رسالة اعتزاز وتقدير لأصحاب القلم ممن رافقهم المؤلف أو عرفهم أو قرأ لهم أو تشاكلَ مع نصوصهم بطريقة أو بأخرى، ويتضح ذلك منذ الإهداء الذي جاء فيه: "إلى الذين أحببتُهم ولم يكن عندي الوقتُ الكافي للإفصاح أو الإعلان عن ذاك الحبّ.. فالحبّ تشريفٌ للصداقة، وتقديرٌ للكتابة". يؤكد الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون"، على مقولة أنّ الصديق "أخ لم تلده لك أمك"، وقد يجمعك مع الصديق هَمّ مشترك، أو هدف نبيل، أو علاقة إنسانية مبنية على المودة المشتركة من دون أن تكون وراءها منفعة معينة، أو قصد مُعين يريد أحد الطرفين نيله من الآخر. ويشير يقطين إلى أن بين الصداقة والكتابة علاقة قوية، ولا سيما إذا كان الكاتبان الصديقان يحترم كلٌّ منهما الآخر، وإن تعددت التوجهات وتفرقت الآراء واختلفت التصورات، موضحًا: "قد نعقد علاقة صداقة مع كتّاب لا يعيشون بيننا، إما بسبب الفارق الزمني، كأن يكونون من أزمنة موغلة في القدم، أو من أمكنة بعيدة عنا، أو يتكلمون بغير لغتنا ويدينون بخلاف معتقدنا أو ثقافتنا". ويتناول الكتاب زهاء أربعين شخصية ثقافية، عربية وغربية، تعالقَ معها المؤلف فكرًا وإبداعًا، منها إدوارد سعيد الذي قارب يقطين فكره ومصنفاته من زاويتين تتضافران معًا لتقديم دوره على مستويَي العطاء الفكري والإنساني من جهة، وما...

الوهيبي يعاين سمات المسرح الشعري العُماني المعاصر

يتناول الباحث الدكتور سعيد بن هديب الوهيبي في كتابه "المسرح الشعري العُماني المعاصر" تاريخَ المسرح الشعري العُماني، وموضوعاته، وإرهاصاته التجريبية، مستعرضًا العوامل المؤثرة فيه، مثل: الأحوال الثقافية، ودور المعلمين العرب وغير العرب في إثراء المشهد المسرحي، وأثر المسرح الشعري الغربي فيه. ويفرد الوهيبي في كتابه الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن فصلاً لأبعاد البناء الفني للمسرحية الشعرية العُمانية من خلال عدد من النماذج. وتكشف فصول الكتاب الذي يمثل دراسة وصفية تحليلية فنية، إلى أي مدى جاء المسرح انعكاسًا للواقع، فوفقًا للباحث: "صوَّر المسرح الشعري العُماني صورة حقيقية للبيئة الاجتماعية العُمانية حينما حمل في جعبته الكثير من الملامح التراثية والمعاصرة". وسعى الكتاب إلى الكشف عن أهم تطلُّعات المسرح الشعري العُماني، وتأكيد أنه انعكاس لبيئة صانعيه، فهو لا ينفصل عن الأحداث الاجتماعية الدائرة، وهذا ما يؤكده الوهيبي بقوله: "إن توالُدَ المسرح نتيجةٌ للتلاقي والتبادل بين الناس، ذلك أن وظيفة المسرحية الكشف للمشاهد عن طبيعته الإنسانية حتى يستطيع التآلف مع الآخرين". ويرى الوهيبي أن القيم الجمالية التي يبعثها المشهد المسرحي في نفوس المشاهدين من الممكن أن تتحوَّل بعد التفاعل معها إلى "قوة فاعلة في صفوف المجتمع، أو على أقل تقدير بين أفراد الجماعة". جاء الكتاب في خمسة فصول، ومقدمة وخاتمة، ويعدّ الفصل الأول دراسة تمهيدية، وتناول الفصل الثاني مفهوم المسرح الشعري وعناصره وأغراضه وأنواعه، أما الفصل...

صدور أول موسوعة للشّعر الخيميائي

في أكثر من 800 صفحة وفي تحقيق لأكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة بيت شعري (3500)، تصدر دار الآن ناشرون بعمان بالاردن أول موسوعة لشعر الخيمياء من تحقيق الدُّكتور الهواري غزالي. وتسعى هذه الموسوعة الأدبية إلى نفض الغبار عن أهمِّ جزءٍ من التُّراث العربي الذي طاله النِّسيان وهو الخيمياء. وهو جزءٌ ستكتمل به حتمًا المكتبة العربيَّة، نظرًا للنُّقص الذي تبديه إزاء هذا العلم المهمَل. وتضمُّ هذه الموسوعة في جزئها الأوَّل ديوان شذور الذَّهب لابن أرفع رأس الجيَّاني الاندلسيِّ (المتوفَّى سنة 593 هـ - 1197 م)، وفي جزئها الثَّاني ديوان قراضة العسجد لمحيي الدِّين بن عربي (المتوفَّى سنة 638 هـ/1240 م) وديوان سلاسل النُّضار لصلاح الدِّين الكوراني (المتوفَّى سنة 1049هـ-1639م) في جزئها الثَّالث. فأمَّا بخصوص ابن أرفع رأس الجيَّاني المسمَّى بالرَّئيس، فهو يعدُّ من أهم الشُّعراء الخيميائيِّين. وهو الشَّاعر الذي قيل فيه : "ولو لم يكن للأندلسيين غير كتاب "شذور الذهب" لكفاهم دليلاً على البلاغة (...) فلم يَنْظِم أَحَدٌ في الكيمياء مثل نظمه بلاغةَ معاني، وفصاحةَ ألفاظ، وعذوبةَ تراكيب، حتى قيل فيه: إن لم يُعَلِّمْك صنعة الذَّهب علَّمك صنعة الأدب. ولقد قام، الدَّكتور الهواري غزالي، إضافةً إلى تحقيق قراضة العسجد في الجزء الثَّاني، بضمِّ قصيدة الشَّيخ الأكبر المسمَّاة كشفُ الأستار لخواصِّ الأسرار، ورسالة أخرى بعنوان شرح قصيدة كشف الأستار لخواصِّ الأسرار لعبد الرَّحمن السُّويدي،...

“الخَرَّوبة” لرشيد عبدالرحمن النجّاب.. بداية عهد جديد

رواية "الخَرَّوبة" لرشيد عبدالرحمن النجّاب.. تعدَّدت الأحداث والقدر واحد، إنه البطل؛ جد الراوي والمجنَّد.. وأشياء أخرى.. هذا هو ما يحكيه رشيد عبدالرحمن النجاب، الذي كتب سيرة حياة جده، في الفترة الواقعة بين عهدين يؤرخ لهما، أو لجده بينهما، فكم هي قاسية أحياناً، قاتلة أحياناً أخرى تجربة التجنيد الإلزامي، لا سيما في فترات الحروب.ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 112 صفحة من القطع المتوسط، ويضم سبعة عشر فصلاً لكلٍّ منها عنوان مستقل، يأتي وكأنه استشراف لما هو قادم من أحداث، وتبدأ القصة منذ السطور الأولى بالفصل الأول المعنون "ذات صباح"، إذ يبدأ رشيد عبدالرحمن النجّاب، مصطحباً قراءه في حالة من الاستحضار الروحي لكل ما يحكي عنه، حتى إننا منذ العبارة الأولى نحيا مع "مِصِلحة" حالة القلق والتوتر التي حرمتها النوم، غارقين مثلها تماماً في دوائر التساؤلات، يقول النجَّاب: "لم يكن ذلك الصباح مثل كل صباح بالنسبة لمِصِلحة (أم رشيد)، هاجس غريب عبث بخدر الجسم، وأبعد عن العينين سكينتهما، بات الفراش غريباً، يتنكَّر لمهمته كمكان تستمد منه بعض الطاقة للغد بمهامه المتجددة واللانهائية، ابتداءً من خطوط الفجر الأولى وحتى غياب الشمس، فما الذي استجد في هذه الليلة؟! ولماذا لم تدرك من ليلها نوماً يمكن أن يمدَّها بهذه الطاقة؟ أي شيء استجدَّ فعبث بإغفاءة تنسيها ما كان...

“أَرَانِي أُعِيدُ لخُيُولِي بَيَاضَهَا”.. أنشودة المغني وأسطورة الذئاب

المجموعة الشعرية "أَرَانِي أُعِيدُ لخُيُولِي بَيَاضَهَا" للشاعر والكاتب الأردني رامي عبدالله الجنيدي تستجلي هويَّة الشاعر وذاته التي يرمز إليها كثيراً بـ"المغني".ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 92 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 23 قصيدة، تدور جميعها في فلك نفس الشاعر وعلاقته بذاته وهويته ووطنه وأبيه، والكائنات من حوله، لا سيمة الطبيعة ومفرداتها.يقول رامي عبدالله الجنيدي من قصيدته "وتمرض الذئاب"، وكأنه ينادي ذاته التي يسقط عليها صفات الذئب في كثير من مواضع المجموعة، وكأنه يحاكي بين النفس الإنسانية والجسد الذي تنتمي إليه وبين الأرض والذئاب التي تدب بين جنباتها:"أيُّها الذئبُ القابعُ بينَ المراياحَطِّمْ مراياك واتبعْ طريدَتَكَنحوَ دروبِ البرتقال،وقُل لظِلالِكَ المكسورةِكلُّ ما في الأمرِأنَّني سرقتُ مِنَ الطريقِ سِيرتهَا،كَمَا تَمَرضُ الذئاب مِنْ سِيرَةِ النَّرجِسِتَمْرَضُ الحقول حِينَ تَهجرُها ذِئَابُهُا".فما الذئب الذي يناجيه الشاعر سوى نفسه التي يرغب لو أنها تكسر القيود التي تكبلها وتتبع حلمها ناجية من العقبات.وفي قصيدة "لدغة لا مفر منها"، يتساءل رامي عبدالله الجنيدي أسئلة وجودية لا ينتظر لها جواباً وكأنما يبرز كم التناقض القابع في النفس البشرية:"مَنْ قالَ لكِ أيَّتُها المراياأنَّني تعلَّمْتُمِنْ لدغةِ الأفعى؟فأنا كُلَّما لدغتني بِسُمِّهاجِئْتُها أَسعى.لماذا أَيَّتُهَا المراياكُلَّما سألتُذاتَ السُّؤالِ للدُّنياتُشيحُ بوجهِهَا عنِّي؟".ومن قصيدة "قصة شعب من العنب" يقول رامي عبدالله الجنيدي عن المغنِّي؛ الذي يرمز إليه هو نفسه في مواضع...