التشظي الزمني في مجموعة “النباح الأخير” لمفلح العدوان
منذر اللالافي زمن يُخاتِل فيه الحاضر، وتتقافز فيه الأزمنة كأشباح، لم تعد القصة القصيرة تكتفي بسرد الحكاية، بل صارت تميل إلى تفكيكها، وإعادة بنائها من رماد المعنى وتشظي الذاكرة. لقد تحوّل الزمن في السرد المعاصر إلى بطل خفيّ، يتقافز داخل النص لا كخلفية للأحداث، بل كمجال مضظرب للكشف والتأويل، ويتجلى هذا التوجه في مجموعة "النباح الأخير" التي تنحاز الى سرد فني يعيد ترتيب الوعي الزمني، ويعيد للقارىء أسئلته المؤجلة عن الوجود والخطيئة، والمآلات والنجاة. وقد أصاب الناقد الإيرلندي فرانك أوكونور حين قال: "إن ما يميز القصة القصيرة هو إحساس عارم بالوحشة أو بالتوحد الإنساني"، وهذا ما تؤكده قصص "النباح الأخير" للكاتب مفلح العدوان، التي تأخذ من تعريف أوكونور الميل إلى الوحشة والقلق الوجودي، وتسلك منحاهما، لتجعل المتن القصصي سائلا مُلتبسا، بقدر التباس السارد ذاته، وهناعلى القارئ ألا يطمئن، بل عليه أن يزعجه هذا الالتباس، ويوقظه ليسأل: لماذا؟ وكيف؟ وإلا تحولت القصة إلى وثيقة باردة بلا أثر أو دهشة، وفقدت سحرها الإيهامي وتحوّلت إلى دعوة تنتهي بانتهاء المعلوم منها. تشظي الزمن: تقنية تتجاوز السرد إلى الوجود: تتسم المجموعة القصصية "النباح الأخير" بتقنية التشظي الزمني التي لا تقتصر على كونها أداة سردية فحسب، بل تتجلى كموقف وجودي يعكس رؤية الكاتب العميقة للتاريخ والهوية عبر تفتيت الخط الزمني التقليدي، ومن أبرز مظاهر هذا التشظي...

