مرآة النقد

قراءة في رواية “أحلام مبعثرة بين عمان ويافا” لرولا عصفور

هازار محمد الدبايبةظلَّتْ الروايةُ العربيةُ -منذ وقتٍ طويل- وفيَّةً للاتجاه الواقعي؛ نتيجة الصراعات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تحكمُ الكاتبَ العربي، وتَضَعُهُ في حيِّزِ المحاولةِ الدائمة للدفاعِ عن مواقفه وبلورتها، لا سيما أنَّ هذه الصراعات لا تجدُ حلولًا منصِفة، وتتأزمُ مع مرورِ الوقت. "أحلام مبعثرة بين عمّان ويافا" هي رواية واقعية، صدرتْ في (162) صفحة، عن دار "الآن ناشرون وموزعون". العنوان يحملُ الفضاءاتِ الكُليَّةَ التي تقومُ عليها أحداثُ الرواية، ويجهِّزُنا لها قبل الدخولِ إلى بنائها، كما يفتحُ بابَ التساؤلاتِ عن ماهيةِ هذه الأحلام، وأسبابِ بعثرتِها وعدم وقوفها على أرضٍ ثابتة، فهل هي أسباب أيديولوجية سياسية، أم أسباب ذاتية تحكُمُها الصراعاتُ النفسية. تحكي الرواية قصة (رؤى) البنت الوحيدة لأمِّها وأبيها، وما تواجهه من تحدياتٍ بعد مرضِ والدتها الذي يجبرُهما على السفر من أجل علاجها، ولقائها بقيس: شاب يهودي، يختلف عنها في كلِّ شيء: في المعتقد، والانتماء، والفكر، والبيئة.. وانجرافُ مشاعرِها نحوَه -بالتزامن مع تأزُّمِ حالة أمِّها الصحية- يُمَثِّلُ الذروةَ في القصة، والذي يضعُ الكثيرين أمام صدمةِ إمكانيةِ هذه العلاقة التي لا تتوافقُ مع اعتباراتِ المجتمع، فالبطلة تعيشُ صراعًا بين أحلامِها التي تحاولُ الانعتاقَ من الأُطرِ الجغرافية والفكرية، والخوض في تجربةٍ جديدةٍ للحب بغض النظر عن اختلاف الانتماءات، وبين مبادئها التي تُجبرُها على التراجعِ والتسمُّرِ في مكانِها. تحكمُ الروايةَ رؤيةٌ سردية من الخلف؛ فالراوي الغائب يعرفُ...

بين الوثيقة والتخييل.. قراءة في رواية “تسجيلات يوناذم هرمز” لبولص آدم

مروان ياسين الدليمي ست وعشرون ساعة من التسجيلات الصوتية على أشرطة كاسيت، مضى على تسجيلها ثماني سنوات، وبصوت يوناذم هرمز، الشخصية الواقعية الذي سيتحول إلى شخصية نصيّة ينطلق منها السرد، في رواية بولص آدم "تسجيلات يوناذم هرمز.. ابن قرية عراقية"، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" نهاية عام 2024، حيث يستعيد ويفكك أزمنة مقصية من ذاكرة التاريخ، بقيت عصية على مخالب النسيان، في وجدان سكان قرية ديري، أينما حطت بهم الرحال في بلدان المنافي والشتات. أزمنة تفيض بحكايات وأغانٍ وأشجار العنب والخوخ وينابيع المياه، مثلما هي معبأة بأحداث ومرارات وتدمير وأسماء راحلين عن الحياة بلا ثمن.. والأسئلة التي ستفرض نفسها عند قراءة هذه الرواية: هل من إضافة يمكن أن تتيحها وثيقة التسجيلات الصوتية، بالشكل الذي تتيح للمؤلف أن ينفتح بالسرد على أبعاد سردية مبتكرة، لينعتق من نمطية التدوين الصوتي ووثائقيته، ليصبح التخييل خيارا استراتيجيا، يمنحه بطاقة الدخول إلى مناطق قصية في مغاور الزمن والشخصيات والأحداث، ربما تجاوزتها التسجيلات؟ أو السؤال الآخر: هل الانتقال بالسرد إلى أشكال فنية ذات أنساق انزياحية، يمكن أن تنعتق فيها الوثيقة الصوتية من نمطية استعادة الحدث الواقعي المسرود صوتيا على لسان يوناذم هرمز الواقعي، وتدفع به إلى واقع تخييلي يؤثثه سرد بديل؟ واقع سردي جديد إن المادة الخام في هذه الرواية أراد لها المؤلف أن تنفتح وبقوة على التاريخي...

ثنائية الماء والتاريخ في رواية (عروس الغرقة) للكاتبة العُمانية أمل بنت عبد الله الصخبورية

زينب السعودمنذ ظهور أولى الروايات التي اعتمدت جانب التأريخ في سرديتها والتي يعتقد أنها رواية (وايفرلي) لوالتر سكوت والرواية التاريخية تحظى بقبول وشعبية، سيما أنها ارتبطت في أذهان القراء والمتلقين بروائع عالمية تناولت الشأن التاريخي بقلم الإبداع الأدبي المحافظ على روح الأدبية ومزج التاريخ ببعض الخيال. وهذا ما فعله ليف تولستوي في (الحرب والسلم) عندما قدم حالة اجتماعية صاخبة بالحياة وقصص الحب والخيانة واللهو والسعي وراء المال والمكانة الاجتماعية. وهذا ما فعله (الكسندر دوما) وما فعله أيضا جرجي زيدان بإفراط شديد في إعمال الخيال في التاريخ، فهل هذا ما حاولت الكاتبة أمل بنت عبد الله الصخبورية من سلطنة عمان مجاراته وتجريبه في روايتها (عروس الغرقة) الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون الأردنية ؟وإذا كان تولستوي قد حرص على التفريق بين عمل الكاتب وعمل المؤرخ فجعل ما ينقله الأديب المبدع بقلمه أهم مما يدونه المؤرخ لأسباب تتعلق بنظرته إلى دور كل منهما في نقل التاريخ وتوثيق الإنسان، وما يكتنفه من مشاعر تلازم كل مرحلة حاسمة تمر بها البشرية في بقعة ما من الكرة الأرضية، فإن أمل عبد الله تضع نفسها في خضم مواجهة مع التاريخ من زاوية معينة وكأنها تعلم أن كتابة التاريخ وحده كما هو لا يسمى أدبا، فكان المحك كبيرا وحساسا ذلك الذي امتحنت فيه قدرة قلمها وخيالها على...

“الخروبة” مشاهد وصور من العذابات والألم

سمير أديبنجح الكاتب رشيد النجاب في ترتيب أحداث الخروبة وخلْق منطق فيها، وجعلَنا -نحن القراء- أكثر معرفةً ووعياً لتاريخ ذاك الزمان، تلك هي وظيفة الفن الروائي خصوصاً في هذه المرحلة.مشهدان من الاستعراض الاستهلالي لرواية الخروبة جاءا جاذبين للمتلقي وحققا مهمة امتثال القارئ لاستكمال السرد عبر الستة عشر مشهداً التالية، التي اتسمت بالجاذبية والتشويق. ولقد أتى الراوي على مشاهد، مركزها "رشيد" بعد استدعائه للالتحاق بعسكر السلطنة العثمانية في نهاية حكمها قبل السقوط، متنقلاً من بلدة إلى أخرى، ابتداءً من جيبيا، وصولا ًإلى البقاع اللبناني، مروراً بقرى الجليل الشرقي ووادي اليرموك ثم درعا ودمشق، مدن وقرى عانقتها السهول والجبال والأودية البديعة، تتخلَّلها المباني الأثرية والحديثة، وهي مواقع جغرافية ليست منعزلة عن العناصر الفنية الأخرى.ولقد عكس الراوي مشاعر "رشيد" المتضاربة تجاه ما واجهَ من ترويع وقسوة الجنود المشرفين على التجنيد، وتحمُّله تنفيذ برامج التدريب العسكري تحت هطول المطر وغضب السماء البعلبكية، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى سطَّر صوراً من الوجع والألم الذي اعترى والدي رشيد وشقيقتيه، وهم لا يعلمون ما حلَّ بالابن وفي أي أرض يعيش.وجاءت لغة الرواية سهلة، زيَّنتها أحياناً التعابير الدارجة ذات البعد الاجتماعي، وظَّفها الكاتب في تناغم وانسجام في سياق السرد الروائي، ما عزَّز واقعيتها: "شو ماله رشيد؟"، "ابني زي ما هو ابنك"، "حاهيش"، "الجودلة"، وغيرها.وتلاحقت مشاهد الرواية...

تراجيديا الشعوب النائمة.. بقايا الآشوريين في قصص وروايات بولص آدم

د. صالح الرزوقيتابع العراقي بولص آدم في روايته "تسجيلات يوناذم هرمز"، وبإطار تاريخي، مخاض الشخصية الكلدانية بأطوارها المتعددة، من الماضي الآرامي وحتى الدخول في جوقة الدين المسيحي الجديد، وما نجم عنه من تفريعات ومذاهب، وذلك من خلال سيرة حياة يوناذم الابن في أميركا، وهرمز الأب في العراق.وتأتي هذه المحاولة الطموحة بعد رواية "جرما الترجمان" لمحمد سعيد علوان، و"دروز بلغراد" لربيع جابر. تضع هذه الأعمال الشرق على خط الموجة الملتهبة مع نفسه، سواء بشكل أقليات ضد أقليات أو بهيئة أعراق وهويات وطنية ناشئة تصارع نظاما دخل في النفق المظلم وهو دولة الباب العالي. ولكن اختار الثنائي علوان/ جابر خط التغريبة أو رحلة ابن المشرق إلى الغرب هربا من الطغيان والاستبداد، ثم الدخول في البوتقة الغربية واكتشاف خباياها. في حين اختار آدم خط التشريقة - حتى في محاولته الجادة للهجرة إلى أميركا يتوقف أطول فترة ممكنة في سوريا وبيروت (انظر فصل: مار نرسي يعتذر ص204، ثم: مار روفائيل بيداويد يرحب ص206، وفصل: العمل في بيروت ص210)، كذلك وهو على متن الطائرة إلى شيكاغو - على ما أفترض بأواخر الستينات وبواكير السبعينات يتذكر أحداثا مر عليها مائة عام تقريبا وبالتحديد تعود لسنة 1863 (ويسمي هذا الفصل باسم: عراق معي في الجو ص214). وعندما يتعرف على سونيا الأميركية يكتشف أنها مولودة في بغداد...

وقفة مع “أمواج ريسوت” لإشراق النهدي

محمد ناجي المنشاوي(ناقد مصري)إشراق النهدي كاتبة عمانية في القصة القصيرة، وهي ذات نشاط ثقافي واسع في الحياة الثقافية العمانية، وقد حصلت على العديد من الجوائز لقاء ذلك، وهي طبيبة صيدلانية قدمت للمكتبة العربية خمس مجموعات قصصية هي: "خرفجت"، "الأحمر"، "حائط مموج"، و"روزيشيا" و"أمواج ريسوت".وفي قصتها "أمواج ريسوت" (مجموعة "أمواج ريسوت"، الآن ناشرون وموزعون، عمّان، 2020)، نجد العنوان ذا دلالة تتسق مع الانطباع العام ووحدته من البداية حتى النهاية، فـ"أمواج" لفظة دالة على التدفق والتتابع والحيوية وكذلك الرهبة والخوف والغموض مضافة إلى "ريسوت" للتخصيص لاسم شاطئ عماني وإن كان من الممكن أن يرمز لأي شاطئ في أي موضع على ظهر البسيطة. والكاتبة تعتمد في بنائها لقصتها على "المعادل الموضوعي"، حيث تقدم لنا ثلاثة عوالم:الأول: مجموعة من البشر على تنوعهم فوق رمال الشاطئ، وهو عالم إنساني يزخر بالعمل واللهو، وهو عالم مقبل على الحياة في سعادة (رجال ونساء وصبية وعائلات وعمال)، وهذا يمثل المعادل الموضوعي لعالم لم يواجه تحديات حقيقية ولا صعابا ولا عراقيل في خضم تجربة إنسانية نوعية تعد محكا يختبر قدراته على مواجهة المخاطر واكتشاف المجهول، حيث تُعرف قيمة المعادن بخوضها في النيران، وربما بينهم من خاض التجربة ونجح فاطمأن قلبه، وربما بينهم من خاضها ففشل فآثر السلامة والاستسلام فقنع بالهزيمة ورضخ للأمر الواقع ومضى يتكيف ويتواءم معه.والثاني: نموذج من...

“اللّون العاشق” لأحمد شبلول.. ثنائيّة الفنّ والحياة

"اللّون العاشق" لأحمد شبلول.. ثنائيّة الفنّ والحياة محمد عطية محمود (كاتب وناقد مصري) في رواية "اللون العاشق" لأحمد فضل شبلول، يعكسُ السَّرد الحالة الاجتماعيّة والفكريّة المُتناقضة والمُغايرة للحالة الفنيّة الدالّة على ثراء اجتماعي ورفاهيّة تبدو للعين لتجسِّد طبقة أمام طبقة، كما يعكس حركة الزَّمن وأثره في العادات والتقاليد المتمثلة في زِيّ امرأة هذا الزَّمن، وما تخفيه زينتها من مسكوت عنه في وعي الشخصيّة الشعبيّة التي تتلاقى مع شخصيّة صانع الفن في مناخ غير مناخها، وهو من عبقريّة اللوحة الفنيّة ذاتها التي تجمع بين سموّ الفنّ، وتواضُع الطبقة الاجتماعيّة، ومدى إبراز الجمال فيها، وهي الحيلة التي تتلمَّسها الرِّواية كي تصنع المُفارقة الحياتيّة من خلال تلك الشبكة من العلاقات المتوالية أو المتوالدة، التي تدخل في حيِّز التخييل والواقع معًا ليصنعا سبيلًا للسَّرد."أريدُ أنْ أجمع في تلك اللّوحة كل مدارس الفن المصري من فرعوني وقبطي وإسلامي وحديث، أريد أن تكون الخطوط والألوان ليّنة وراقصة ووامضة مثل جسد بنت بحري، وأن يصبح رداؤها جزءًا من شخصيّتها، وكاشفًا لجمالها المختلف عن الجمال الأوروبي التقليدي".ربَّما كانت تلك فلسفة اللوحة الفنية التي تشبَّع بها وجدان الفنان محمود سعيد وهو يرسم في مخيّلته مشروع هذه القطعة الفنيّة المنشودة، بما لها من عمق ثقافي وميثولوجي ضارب في عمق الفن والتاريخ معًا، على أمل تحقيق هاجس التجاوز الفني الذي ربّما راود كل...

“دورا سلوان وادي السير وبالعكس”.. ألاجئٌ أنتَ أم نازح؟

رقية العلمي ما تاريخ القضية الفلسطينية ومسيرات شعبها إلا حروب وهجرة ، على الرغْم من ذلك ما زال الانتماء لفلسطين متجذر داخل الوجدان الفلسطيني ولم يخبُو رجاء العودة طوال ستة وسبعون سنة عمر النكبة. تتشابه السير الذاتية والمذكرات للأجئ الفلسطيني محورها نكبة 1948 وما تعرضت له العائلات من مآسي الهجرة وتبعاتها، في واقع وجد فيه الفلسطيني نفسه يعيش حياة ما خطط لها، مما عكس تلقائيًا على تذكرات اللاجئين وسير الكُتاب المدونة، معظمها يحاكي وجع الانخلاع من الأرض والسكن في مخيمات اللجوء وخوض غصبا تجربتها القاسية؛ كل ذلك كان ركيزة للأجىء السير قدمًا نحو النجاح حالة لم يغيرها لا وقت ولا زمان. السير الذاتية في مقدمة كتابها “لملمة أوراق تبعثرت” للكاتبة سلوى الجراح المولودة في حيفا عام 1946 تقول: [سأكتب عن نفسي، عن سلوى جراح، حياتها وتجاربها، نجاحاتها وخيبات أملها في رحلة امتدت من فلسطين التي ولدت فيها، ونشأت على حبها، إلى العراق]. لاجئ ونازح في آن معًا بعد قرابة عقدين من الاحتلال لفلسطين بعد تأقلم اللاجئ على الواقع الجديد، داهمته حرب ثانية، حرب حزيران 1967؛ ستسُتحل باقي فلسطين: [صار العالم يسمينا نازحين] مريد البرغوثي رأيت رام الله. فصار هناك شريحتين في المجتمع الفلسطيني اللاجئين والنازحين: الأول نتاج النكبة بينما الثاني نتاج النكسة. كذا ما عرف به نفسه الكاتب عادل بصبوص في سيرته الذاتية “دورا سلوان وادي السير وبالعكس” دار...

“أنايوسف يا أبي”.. قراءة مشهدية للواقع …بحثا عن جيل ضاعت هويته

رشيد عبد الرحمن النجاب من أين أبدأ ؟ ....سؤال راودني كثيرا وأنا أهم بكتابة هذه السطور عن رواية "أنا يوسف يا أبي" للكاتب د.باسم الزعبي وهي روايته الأخيرة الصادرة عام 2024 عن دار "الآن ناشرون وموزعون" والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال لم تكن من السهولة بمكان، حتى قبل  الوصول للسرد والشروع باستطلاع تفاصيل هذه الرواية.لذلك فقد كتبت، و مسحت، ثم أعدت الكتابة مرارا وتكرارا قبل أن تبدأ معالم هذا المقال بالظهور. ذلك أن "النصوص الموازية" ، تتميز بالنسبة  لهذا العمل بالفرادة في ترابطها في ما بينها من ناحية، وصلتها مجتمعة ومنفردة بالسياق العام للسرد من ناحية أخرى، وللتوضيح؛ فلا بد من الإشارة إلى علاقة هذا العمل بقصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بعنوان "أحد عشر كوكبا" والتي يتردد فيها قول "أنا يوسف يا أبي" أكثر من مرة. وسبق أن أثار هذا النص جدلا واسعا لعلاقته بالقرآن الكريم. هذه الصلات والمعاني إذن مرتبطة ارتباطا وثيقا بعنوان الرواية "أنا يوسف يا أبي" ، بينما يشير اللون الأبيض الذي اختاره الكاتب للغلاف إلى البراءة ونقاء السريرة وهي الصفات التي ارتبطت بالنبي يوسف عليه السلام. ثم الصورة للرجل بالقميص الذي يشكل اللون الأحمر جزءا أساسيا من مكوناته وما لهذا اللون من قصة معروفة تتضمن تهمة ألصقها إخوان يوسف بالذئب. أما علاقة الرجل بالطفل في صلة...

“أدب الحرب إبداعًا ونقدًا”

مغامرة الكتابة عن الراهن في رواية «الحرب التي أحرقت تولستوي»موسى إبراهيم أبو رياش الحرب ظالمة، لا أخلاقية، لا إنسانية، تستهدف أمان الناس ومصالحهم وحياتهم. معظم الحروب نشبت لأسباب تافهة تعبيرًا عن عجز القادة عن الحوار والتفاهم وتعظيم المشتركات، والتقليل من شأن الخلافات. والحرب عمياء لا تفرق بين عسكري أو مدني، كبير أو صغير، رجل أو امرأة، فالكل مستهدف دون تمييز. كانت الحرب في الماضي أقل وحشية؛ يلتقي الجيشان، ويتقاتلان، وتنتهي الحرب في الميدان، وقليلًا ما يتبعها أذى للسكان، ويبدو أنه كلما ازداد الإنسان حضارة ازداد حقارة وقذارة!! في رواية «الحرب التي أحرقت تولستوي» لزينب السعود، الصادرة في عمّان عن الآن ناشرون، في 240 صفحة، ثمة محاور كثيرة يمكن الحديث عنها، وستتناول هذه المقالة مغامرة الكتابة عن الأحداث الراهنة، والكتابة عن الآخر، ورمزية استحضار تولستوي، ومقارنة بين عمل المراسل التلفزيوني وعمل الكاتبة في هذه الرواية. مغامرة الكتابة عن الأحداث الراهنة: تشكل الكتابة عن الأحداث الراهنة بما فيها الراهن المعيش أو الحروب والقلاقل والعواصف السياسية والأوبئة والكوارث الطبيعية وغيرها مغامرة كبيرة؛ لأنّ الراهن متحرك، متغير، متقلب، متجدد، وهذا يضع الكاتب في أتون مغامرة قد تودي بكتابته إن لم يحسن الاقتناص والتوظيف والبناء الفني. الحدث الراهن تحت الضوء، وربما يعرف المتابع العادي أكثر من الكاتب، وتتكفل التغطيات الإعلامية والصحفية بالتفاصيل التي لا تترك شيئًا للكاتب. ولكن المبدع لا...