مرآة الصحافة

“كلاب برية” لعبد النبي فرج والسرد الملغّم

يصف الكاتب المصري ابن الصعيد سرده القصصي والروائي بالسرد الملغّم، الذي حال دون نشر أولى مجموعاته القصصية " جسد في ظل"، وظلت هذه الصفة ملازمة لسرده الروائي حتى في أحدث رواياته "كلاب برية" الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن. ونموذجا لسرده الملغّم ما يورده الكاتب صفحة 271، إذ يقول "لم أكن أتصور ذلك! وطلب مني أن أنضم لتنظيم سري من الشرفاء من أبناء الوطن، يديره رجل أمن كبير في الجزيرة، ورغم أنني لم تكن لدي رغبة في تعريف أحد بما أقوم به من دور وطني، لكنني وافقتُ، وجمعت الشباب الذي يعملون معي، وحضرنا اجتماعًا مع القيادة، وكان لنا دور كبير في حماية مصر من الإخوان، والشيوعيين، والشواذ، والجواسيس، والعملاء، واستطعنا مع «البلاك بلوك» قصمَ ظهورهم، وتشتيت شملهم، والعودة بمصرنا الحبيبة كما كانت". وربما سيفهم القارئ أن الحديث يدور حول الانقلاب الذي حصل في مصر سنة 2013، الذي حاولت الأطراف المشاركة فيه إظهاره على أنه ثورة شعبية. الشخصية الرئيسية في الرواية مصري الجنسية بسيط من أبناء الصعيد، يشارك في الحرب ويؤسر( لم تحدد الحرب هنا)، ثم يعود إلى بلده بعد سنوات يكون ابنه أصبح فيها شابا، ثم تدور مفارقات في حياة هذا الجندي تكشف عن واقع اجتماعي وسياسي وثقافي متخلف. تبدأ الرواية بالإشارة إلى سنة 1952، دون أن تبعها أي توضيحات، هل هي سنة أحداث الرواية، ...

كريم نايت أوسليمان يترجم “مقطوعات شعرية” للجزائري محمد ديب..

يتضمّن كتاب "مقطوعات شعرية" ترجمةً لمختارات من نصوص الأديب الجزائري الراحل محمد ديب، ترجمها من الفرنسية إلى العربية كريم نايت أوسليمان. هدفت هذه الترجمة كما يوضح أوسليمان أن تقدم قراءةً أو إعادة قراءة محمد ديب، و"التماس طريق العودة" نحو الثقافة والهويّة اللتين تعرّضتا لمحاولات تدميرهما، وهذا "أحد أصعب التحديات التي تواجه بلدان ما بعد الاستعمار وأكثرها تعقيداً". ويضيف المترجم: "لقد تمَّ انتزاع الاستقلال على حساب الدم، لكن الوضع الحالي الذي تعيشه معظم البلدان المستعمَرة سابقاً يُظهر أن الاستقلال لا يمكن أن يكون غايةً في حدّ ذاته، بل هو رحلةٌ مستمرة في درب تحرير الإنسان".تؤكد المقطوعات المختارة في الكتاب فكرةَ المقاومة التي حضرت بقوة في نصوص محمد ديب، سواء بشكل مباشر أو بشكل رمزي؛ من مثل حديثه عن لعبة "الوالبيتشاك" الشعبيّة، التي انتشرت في الجزائر خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي، ويقال إن الإدارة الفرنسية للبلديات كانت قد منعت الأطفال الجزائريين من لعب كرة القدم في الملاعب إلى جانب أطفال المستعمِرين الأوروبيين، فتمّ اختراع هذه اللُّعبة رداً على ذلك. يقول ديب في قصيدة له:  "فَلْنَذهبْ بالبيتشاكْ، تْشَاك، تْشَاك إلى حيثُ نلعب سأَجلُبُ لك الشَّعيرَ والقمح يا حجَرَ الرَّحى العظيم يا أيَّتُها القيثارةُ - النَّحلة!".وتنحاز نصوص محمد ديب للقضايا الإنسانية الكبرى، فتتحدث عن الحرّية، والحرب، والحبّ، والتهجير الذي ذاق الشاعر مرارته، إذ يقول:"يجلس...

قصص “الحصان” للأديبة هند أبو الشعر.. الكتابة من الداخل

تتسم قصص مجموعة "الحصان" للأديبة الأردنية د.هند أبو الشعر بالتجريب والتجديد والتميّز الفني والجمالي. وبحسب الباحث محمود فليح القضاة في دراسته التي رصدت البناء الفني في قصص المجموعة التي صدرت طبعتها الثانية عن "الآن ناشرون وموزعون" مؤخراً، فإن الكاتبة واكبت تطور فن القصة القصيرة على الصعيد النوعي، واستخدمت تقنيات جديدة في سياق القصة الحديثة، فانتقلت كتابتها من القص التقليدي البسيط إلى التجريب والبحث عن أشكال قصصية جديدة.  فمن يقرأ مجموعة "الحصان"، وفقاً للقضاة، يجد اهتمام القاصة الواضح بالقضايا الإنسانية والاجتماعية والقومية، وبالدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع، فكان حضور المرأة كبيراً في قصص المجموعة وبدت بأكثر من صورة، حيث ظهرت بصورة الأم، والابنة، والجدة، والمحبوبة، ومن هنا يمكن القول إن هذه القصص تمثل إضافة نوعية في الكتابة القصصية في الأردن. من جهته، يؤكد الناقد سليم النجار على ارتباط القاصة هند أبو الشعر في كتاباتها عموماً بخطاب البوح والاعتراف، أو "الكتابة من الداخل"، وهي نوع من الكتابة المشغولة بهاجس الذاتية والمتصلة بسرد تفاصيل الحياة اليومية. ويضيف النجار أن قصص "الحصان" تستند إلى تكسير الجدار الفاصل بين الحقيقة والوهم، كما كسره بريخت في مسرحه الملحمي الجدلي، حيث تسرّع الكتابة منذ البداية إلى إخبار المتلقّي أن عالم القصة المقدّم إليه ليس إلّا تخييلًا في تخييل، ومن ثم فهو عالم من الفرضيات المختلفة...

الهواري غزالي يحقق “كتاب ما أتى به الوارد”

ينطلق الباحث الجزائري الهواري غزالي في تحقيقه لكتاب "ما أتى به الوارد" من أن هذا النص من أهمِّ الفصول والرَّسائل التي ألَّفها الشيخ محيي الدين بن عربي لغرض تبيان طريقة السُّلوك، بناءً على معرفته العميقة بالكيمياء القديمة. اشتمل الكتاب الصادر عن المركز المتوسطي للدراسات الأندلسية و"الآن ناشرون وموزعون"، على مقدمة، ودراسة حول المخطوطات المحققة؛ مخطوطات رسالة "كتاب ما أتى به الوارد"، ومخطوطات قصيدة "كشف الأستار لخواص الأسرار"، ومخطوطة "شرح كشف الأستار لخواص الأسرار". وأدرج المحقق لكتاب "ما أتى به الوارد" نسخاً مصورة لأول صفحة من المخطوطتين المعتمدتين؛ مخطوطة حيدر آباد، ومخطوطة دمشق. كما أدرج نسخاً مصورة لأول المخطوطات المعتمَدة لقصيدة "كشف الأستار عن خواص الأسرار"، ونسخة مصورة لأول المخطوط المعتمَد لـ"شرح قصيدة كشف الأستار لعبد الرحمن السويدي". يوضح الهواري غزالي أن هذه الرسالة المحققة تحمل عنوانين: "كتاب ما أتى به الوارد"، و"المقنع في إيضاح السَّهل الممتنع"، وأن الرِّسالة عُرفت في أغلب مخطوطاتها بالعنوان الثَّاني، وهو عنوانٌ، كما يرى، ينسجمُ مع أسلوب ابن عربي في تخصيص عناوينه بالسَّجع الدالّ، أمَّا العنوان الأوَّل الذي تصدَّر مخطوطة "كتبخانة آصفيَّة" لحيدر آباد، فيكاد يكون منسجماً مع محتوى الكتاب، إذ إنَّ ابن عربي يرى أنَّ الكيمياء يتمُّ اكتِسابُها من خلال الوارد. وضمّ الباحث إلى تحقيق هذه الرِّسالة قصيدة "كشف الأستار لخواصِّ الأسرار"، ورسالة بعنوان "شرح قصيدة كشف الأستار...

“حرب رمضان ” كتاب جديد لـ”معن العداسي”

يقدم كتاب "حرب رمضان والشرق الأوسط الجديد.. الضرورة والمآلات" للكاتب معن عبد الرحمن العداسي الصادر حديثا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن جملة من الحقائق التي غيّبها الإعلام العربي تحت سطوة السياسة، وقدم خلالها أيام الحرب مشهدا غير واقعي، ونصرا لم يدم طويلا. ويرصد الباحث الوثائق والتصريحات وما نشر في الصحف والمذكرات عن حرب العاشر من رمضان، أو حرب 6 أكتوبر، أو حرب تشرين، أو حرب يوم الغفران، أو حرب كيبور، سواء في الداخل العربي أو الاسرائيلي أو في الوثائق والمذكرات الامريكية والسوفيتية وأوراق القادة والضباط الذين شاركوا في تلك الحرب ويومياتهم واعترافاتهم ورسائلهم، وتفسيراتهم لما حدث وما كان ينبغي أن يحدث، ليقدم نتائج جديدة ومفاهيم مختلفة ومغايرة لتلك التي رسخت في أذهاننا عن تلك الحرب وأيامها. وصدَّر الكاتب معن عبد الرحمن العداسي مقدمة كتابه بتنويه مهم مفاده أن إسرائيل قد أعلنت بتاريخ 8/9/2023 "عن الإفراج شبه الكامل عن أرشيفها حول حرب «يوم الغفران»، ولكن باللغة العبرية، ولهذا، حين القيام بهذا البحث كانت المصادر محدودة باللغة العربية، وسيُحدَّث هذا الكتيب حال توافر المصادر والترجمات الجديدة للوثائق العسكرية التي افرج عنها حيث أصبح كل شيء عن الحرب متاحًا للجمهور الإسرائيلي بلا حذف أو إضافة. ويضيف العداسي في معرض تقديمه إلى أنه أثناء تجهيز الكتاب للطباعة قامت وزارة الدفاع المصرية في شهر فبراير 2024...

“ماذا بعد؟ قياس الأثر الاجتماعي وإدارته” لخلود هندية.. التنمية المستدامة وطرق قياس وإدارة الأثر الاجتماعي

يشمل كتاب "ماذا بعد؟ قياس الأثر الاجتماعي وإدارته" للباحثة خلود هندية عدداً من المحاور والمفاهيم حول موضوع التنمية المستدامة وقياس الأثر الاجتماعي وإدارته، مع تفصيل الخطوات العملية لقياس الأثر، عبر رحلة عمل مليئة بالتحديات. يأتي الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن في 192 صفحة، ويضم مقدمة حول تعريف التنمية المستدامة، والأهداف العالمية للتنمية المستدامة وخطوات تأسيس استراتيجية الاستدامة، والميزة التنافسية لتبني نهج مستدام ضمن أعمال المؤسسات. ثم تتحدث المؤلفة عن أسباب عدم التمكن من تحقيق أهداف الاستدامة، منها عدم فهم وتحليل أثر البرامج والمشاريع على المجتمع والبيئة، من هنا تنتقل المؤلفة لشرح المفاهيم والتعريفات المرتبطة بالأثر الاجتماعي والأبعاد الخمسة للأثر والمبادئ والمعايير العالمية لقياسه، وبعدها يتم تفصيل خطوات قياس الأثر وإدارته مع تقديم عدد من النماذج والأمثلة الواقعية والأخطاء الشائعة التي تسهل من عملية فهم وحساب الأثر الاجتماعي لكافة البرامج والمشاريع. وتقول المؤلفة حول أهمية تبني هذا المفهوم: "تقوم العديد من المؤسسات من جميع القطاعات والأحجام بالاستثمار وتنفيذ عدد من المبادرات والمشاريع بهدف حماية الموارد البيئية والاجتماعية تحت شعار "تحقيق التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية". لكنّ الإحصاءات العالمية تشير إلى أنه على الرغم من تلك الجهود، فلن نتمكن من تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة (التي أطلقتها الأمم المتحدة عام 2015 ليتم تنفيذها بحلول عام 2030) قبل عام 2082، بالإضافة إلى...

“قوس قزح… فوق غزة” قصص قصيرة للدكتور أحمد زياد محبك.. لقطات حية من الأرض المحتلة

"قوس قزح فوق غزة" قصص قصيرة للدكتور أحمد زياد محبك من قلب الأحداث الجارية في غزة، واصفاً ما يجري بدقة شديدة، وكأنه يرسم بريشة فنان مشاهد حية معبِّرة عن الوضع المأزوم.ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 152 صفحة من القطع المتوسط، ويضم مفتتحاً، وسبعاً وعشرين قصة قصيرة.من قصة "تدمير عمارة الحاج عمر" يقول الدكتور أحمد زياد محبك ملخِّصاً أحد المشاهد المتكرِّرة في الأرض المحتلة: "في حي المنارة بخان يونس حفرة، كأنها قبرٌ فُتِح لاستقبال آلاف الشهداء، حفرة يبلغ قطرها نحو عشرين متراً، ويصل عمقها إلى ثلاثة أمتار، لا يمكن أن تعرف أي قذائف من طائرات متوحشة قد أحدثتها، كل المباني حولها دُمِّرت، بدائرة قطرها مئة متر، كان هنا مسجد، كان هنا مستشفى، كان هنا مدرسة، كان هنا عمارات، كان هنا أطفال ورجال ونساء وشيوخ، كانت هنا حياة دافئة".ومن قصة "نزهة.. في سماء غزة" يقول الدكتور أحمد زياد محبك على لسان جندي إسرائيلي يتلذَّذ بالقتل: "ما أجمل حربنا مع العدو! هي حقيقة نزهة، السماء من فوق كلُّها لي، والأرض من تحت كلُّها لي، لا شيء في الفضاء من حولي، هذه هي العمارات المهدَّمة تحتي، لم يبقَ شيء، ليس أمامي سوى أربع عمارات، أدمِّرها وأعود، لا يهمني إن كانت خالية، أو كانت آهلة، بل أتمنَّى...

المُتلقّي المُذعن”.. كتاب جديد للأكاديمي والباحث زياد الزعبي

يقدم كتاب "المتلقي المذعن" للأكاديمي والباحث الأردني زياد صالح الزعبي قراءة ناقدة لعدد من النصوص وطروحاتها وأفكارها، منها ما يمثل مرجعية يصعب التشكيك فيها أو محاورتها أو نقضها.وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" مؤخراً، في ستة فصول، ناقش الفصل الأول "المتلقي المذعن عند حازم القرطاجني"، وفيه يرى الباحث أن المتلقي يحتل بوصفه هدفاً لفعل الشعر مكانة محورية ﰲ النظرية الشعرية عند القرطاجني الذي أقام نظريته ﰲ التأثير الشعري على فاعلية التخييل السيكولوجية المؤسَّسة على جدل العلاقة بين النّص الشعري المخيل ومتلقيه، إذ يظهر النّص الشعري ﰲ إطار هذه العلاقة طرفاً مستبداً يمارس سطوته على متلقٍّ لا يملك إلا أن "يذعن" لما يريده، فينفره مما يريده النّص أن ينفر منه، ويقبل على ما يريده النّص أن يقبل عليه، استناداً إلى القاعدة السيكولوجية التي ترى أن "الناس يتبعون تخيلاتهم أكثر مما يتبعون علمهم وظنّهم".أما الفصل الثاني فخصصه الزعبي للسيميائية وناقش فيه آراء "دي سوسير" التي غدت تصوراً ونظراً مرجعيّاً تقبّله الباحثون في الثقافة الغربية، واستلمه الباحثون العرب تقبُّلَ إذعانٍ في معظم الأحيان، وذهبوا إلى بناء رؤاهم حول الأسلوبية والبنيوية والسيميائية استناداً إلى إعجاب وتصديق مطلق لما قرأوا، وهو فعلٌ ثبت من خلال المراجعة العلمية أنه لا يصمد أمام قراءة ناقدة مسائلة، فقد ذهبت بعض الدراسات الأوروبية الحديثة إلى أنّ ما...

“وقرّبناه نجيّاً”… لسندس مريّان.. هالات الابتهالات

كتاب "وقرّبناه نجيّاً (خلاص ابتهالات التوحيدي من كتاب «الإشارات الإلهية»)" لسندس مريّان، جمعت فيه المؤلفة ابتهالات التوحيدي في محاولة للوصول إلى الهدوء النفسي والروحي.ويأتي الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 154 صفحة، ويضم فقرات منفصلة متصلة.وتقول سندس مريان في سبب تأليفها للكتاب: "فَلَمّا كانَ وَصلُ الدُّعاءِ بلسانٍ فَصلٍ أَشْفَى وأندَى مِنْ وَصْلِهِ بلسانٍ بَتر؛ كانَ هَذا الكِتابُ، وهوَ حصيلةُ ابتهالاتِ أَبي حَيّان التَّوْحيديّ مِنْ كِتابِهِ "الإِشارات الإلهيَّة" الَّذي خاضَ فيهِ مَنْ خاضَ، وارْتاب فيهِ مَنْ ارْتاب لِما فيهِ مِنْ شَطحاتٍ وإيغالاتٍ حالَتْ دونَ بِرِّ التَّأْويل.هذا كِتابُ «وَقَرَّبْناهُ نَجيّاً» مُحاوَلةٌ في خَلاصِ صافي القَطْرِ مِنْ غائِر البَحْرِ. عَسَى أَنْ يَنْفَعَ اللهُ بِه نَفْساً ضاقَتْ ودَعوَةً حارَتْ، واَلله أعلَمُ بِما في الصُّدورِ وَالهادي لأقصَد السَّبيل".وتعرف بالتوحيدي صاحب كتاب "الإشارات الإلهية" في مقدمة الكتاب، فتقول: "أَبو حَيَّان التَّوْحيدي (310 – 414هـ / 922 - 1023م) فيلسوف مُتَصوِّف وأديب بارِع، مِن أَعلام القرْن الرَّابع الهجْري، لُقِّبَ بـ«فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة»، وبـ«الجاحظ الثاني» لرفعة أسلوبه ومداد قلمه.وُلِد علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي، المُكّنّى «أَبو حَيَّان»، في بَغْداد، وَعاش أَكثَر أَيامِه فيها، وامْتاز بِسعة الثَّقافة ودِقَّة التَّعْبير البلاغيِّ وجَمال الأسلوب، وله مُؤلَّفات عَديدَة أشْهرها: «الإمْتاع والمُؤانَسة»، و«البَصائر والذَّخائر»، و«الصَّداقة والصَّديق»، و«المُقابسات»، و«الإشارات الإلهيَّة» الَّذي اقتُبِسَ مِنهُ هَذا الكِتاب".وتتابع سندس...

“آنستُ ظلًّا” للشاعرة رقيَّة الحارثيّة.. قصائد تخاطب الذات وتنحاز للإنسانية

تتلمَّس الشاعرة رقية بنت عليّ الحارثية في مجموعتها الأخيرة "آنستُ ظلًّا"الصادرة حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" خُطى الروح، فتمزج قصائدُها بين الحب والتجليات الصوفية في العلاقات الإنسانية مع المحيط والعالم الخارجي. وتبدأ الحارثيّة في المجموعة التي جاءت في 142 صفحة،بخطاب إلى الذات في محاولة للتصالح معها، والاحتفاء بالطفولة التي ما زالت تسكنها رغم السنين. وتقول: "إلى رُقيَّة الذاكِرة المُصابَة بالحَنينْ روزنة الأحلام الطِّفلة التي ملأتْ قَفيرَ فَرْحتها منْ حاراتِ القابلِ ذاتَ قَيْظ". وتأتي مفردة الحب في الديوان ذات دلالات متعددة، ففي نص بعنوان "تقلُّص" نقرأ للشاعرة: "وكُنَّا نرى في الحُبِّ خُوذَةَ فارِسٍ بِهِ نتَّقي الخِذْلانَ جُرْحاً مُنقَّبا!". وفي نصّ آخر بعنوان "سحَّارة" تقول: "محشوَّةٌ بالحُبِّ لمْ يُغْرزْ بِها رغمَ الشظايا رعْشَةُ الخَيباتِ لا شيءَ يحتَطِبُ الشُّعورَ تواتَرَتْ لُغةُ الصَّفاءِ العذبِ كالآياتِ سَحَّارةُ الحُبِّ المُزيَّنِ بالعَطا قلبٌ يمدُّ الحَقْلَ في الحُجُراتِ". وتتنوَّع أشكال الرمز في المجموعة لتشمل ما يتصل بالوطن والتضحية والموت والغياب وأسئلة الوجود، ففي قصيدة "البكاء الأخير" تقول الشاعرة: "يقولُ: سَيَمْضي هذا العَراءُ الكثيفُ سيَمْضي هذا العَناءُ العنيدُ سيَمْضي سألبَسُ أنْبوبةَ الغازِ وحْدي وأبْتَكِرُ الأغنياتِ الجميلةَ تسْقُطُ في أضْلعي واحدةً واحِدةْ سأخْبِرُ كلَّ الرِّفاقِ عنِ الوَطَنِ الحُرِّ فوقَ السَّماءِ وعنْ نوْرَسٍ قد غَفا مُطمئِنًّا على كَتفيّ صَحا فجأةً لكي يَنْقُرَ الأمنياتِ الكثيرة ويَصْنَعَ مِنْ ضِحْكَتي مائِدةْ!". وتتناول الحارثية في قصائدها الاحتلالَ ومقاومته، إذ نقرأ في قصيدة "انتظار دائري": "ودونَ اكْتِراثٍ مرَّ بالقُدْسِ غادِرٌ تعرَّى من المعْنى وأزْهَقَ ملْمَحَهْ! يُلوِّثُها بالليْلِ يحرثُ حقْلها رصَاصًا فيأتيهِ الشَّهيدُ ليفْضَحهْ!". كما تصب الشاعرة اهتمامها على البعد الإنساني انطلاقاً من الشعور...